المرصاد نت - متابعات
لم يكد تصعيد البالونات المتفجّرة ينتهي إلى تجديد المنحة القطرية وتقديم «تسهيلات» إسرائيلية حتى عمد جيش العدو إلى ارتكاب جريمة جديدة على حدود القطاع حيث نكّلت إحدى جرّافاته بجثمان شهيد سقط بينما كان في مهمة على الحدود وسرقته. وعلى رغم محاولة الوسيط القطري ثني المقاومة عن الردّ على الجريمة إلا أن الردّ سرعان ما جاء بقصف جنوب فلسطين المحتلة، ولا سيما مدينة عسقلان قبل أن يعمد العدو إلى استهداف مواقع في غزة من دون أن يرسل إشارات إلى نيته الدخول في تصعيد واسع.
بخلاف توقعات العدو الإسرائيلي في أعقاب جريمة التنكيل بجثمان أحد عناصر المقاومة الفلسطينية التابعين لـ«سرايا القدس» الذراع العسكرية لحركة «الجهاد الإسلامي» على الحدود الشرقية لمدينة خانيونس جنوب قطاع غزة صباح أمس ردّت المقاومة بإطلاق عشرات الصواريخ على جنوب فلسطين المحتلة ولا سيما مدينة عسقلان.
وجاء القصف بعد مضيّ وقت قصير على مغادرة المندوب القطري محمد العمادي القطاع الذي جاء إليه لشراء الهدوء بصرف مساعدات للفئات الفقيرة وهو ما يمثّل إشارة إلى رفض المقاومة أن تكون التحسينات الاقتصادية ثمناً للسكوت على اعتداءات الاحتلال. وكانت مشاهد تنكيل جرافة عسكرية إسرائيلية بجثمان الشهيد محمد علي الناعم (27 عاماً) قد أثارت غضباً واسعاً في أوساط الفلسطينيين، إذ تقدّمت الجرافة إلى ما بعد الشريط الحدودي للقطاع وسحبت الشاب الذي قضى إثر قصف استهدفه مع شخص آخر فيما أخفقت محاولات عدد من الشبّان والمزارعين انتشاله نتيجة إطلاق النار باتجاههم، فضلاً عن إصابة اثنين منهم. وحاول سائق الجرافة الإسرائيلي غرس كفّ الآلية (المقدّمة الحادة) في جسد الشهيد مرّات عدة وجرفه عن الأرض، إلى أن تمكّن من رفعه مُعلَّقاً، فيما أطلقت قوات العدو المتمركزة على الشريط الحدودي النار نحو الشبان، وهو ما أدى إلى قطع أجزاء من جثمان الشهيد.
وعلى رغم محاولات العدو امتصاص الغضب الفلسطيني وإعلانه عبر صحيفة «هآرتس» العبرية التخطيط لسلسلة «تسهيلات» إضافية للقطاع، أطلقت المقاومة ثلاث رشقات صاروخية من 21 صاروخاً باتجاه مستوطنات «غلاف غزة» وعسقلان، تبعتها رشقة أخرى بعد ساعات، أفاد شهود عيان بأن دويّها كان كبيراً. وأخفقت منظومة «القبة الحديدية» الإسرائيلية، وفق ما أظهرته مقاطع مصوّرة، في التصدّي لكثير من الصواريخ، على رغم تعزيز المنظومة وزيادة عددها في المدن المركزية ومنطقة الغلاف بعد ساعات من حادثة خانيونس.
مع ذلك أعلن جيش العدو اعتراضه عشرة صواريخ، فيما فُتحت الملاجئ في المستوطنات وعسقلان مع إلغاء «الأنشطة المدنية» كافة. وسرعان ما أعلن رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو عقد جلسة «مشاورات أمنية» مع قيادة الجيش وأجهزة الاستخبارات في مقرّ وزارة الأمن (الكرياه) من دون إعلان نتائج، قبل أن تشنّ طائرات الاحتلال مساءً غارات على مواقع وأهداف متفرّقة في غزة، قال المتحدث باسم جيش العدو، أفيخاي أدرعي، إنها «أهداف تابعة لمنظمة الجهاد الإسلامي». وفي وقت لاحق، أفادت وزارة الصحة في القطاع عن إصابة 4 فلسطينيين في الغارات.
وكانت «الجهاد» قد باركت ردّ المقاومة من دون أن تتبنّاه رسمياً، مؤكدة أنها في «حالة استنفار في حال تمادي الاحتلال في توسيع عدوانه»، وأنها «مستعدّة للردّ عليه». وبعد ساعات من ذلك، صدر بيان عن «سرايا القدس» أعلنت فيه صراحة «مسؤوليتها عن قصف المغتصبات الصهيونية مساء اليوم (أمس)، ردّاً على اغتيال الشهيد المجاهد محمد الناعم والتنكيل بجسده... سنردّ على أيّ عدوان، وإن عدتم عدنا».
وفي وقت سابق دعت السرايا عناصرها إلى «الاستعداد للقتال» مُحمّلة الاحتلال مسؤولية الجريمة، كما جاء على لسان المتحدث باسمها، أبو حمزة الذي قال إن «الاختراق والتوغل لآليات العدو واستهدافها لأحد مجاهدي السرايا داخل غزة بشكل وحشي عدوان واضح يجب على العدو أن يتحمّل نتائجه». من جهته وصف المتحدث باسم «حماس»، فوزي برهوم «تعمّد الاحتلال قتل الشاب الأعزل... والتنكيل بجثته تحت سمع العالم أجمع وبصره» بأنه «جريمة بشعة تضاف إلى سجل جرائمه الأسود».
مصادر في الفصائل قالت أن اتصالات أجراها العمادي معها تحت عنوان «تفويت الفرصة على العدو للاستمرار في تحسين الواقع الإنساني والاقتصادي» بما في ذلك جملة المساعدات القطرية التي أعلنها، بالإضافة إلى تحسينات تتعلق بواقع الكهرباء خلال أيام لكن الفصائل ردّت عليه بأن «ما جرى تجاوز خطير من الاحتلال لا يمكن تمريره أو السكوت عليه» وخصوصاً أن عملية التنكيل بالشهيد أثارت غضباً كبيراً في الشارع الذي خرجت فيه مسيرات تطالب بالردّ على رغم صعوبة الأوضاع في غزة فيما رأت المقاومة أن العملية «محاولة لفرض معادلات جديدة في واقع الصراع» مشددة على أنها «ملتزمة الدفاع عن أبناء شعبنا ولجم الاحتلال عن جرائمه وعدوانه».
في المقابل أشاد وزير الأمن الإسرائيلي، نفتالي بينِت، بتنكيل جيشه بجثمان الشهيد الناعم. وقال بينت، في حسابه في «تويتر» أمس: «هكذا ينبغي وهكذا سنفعل. وسنعمل بقوة ضدّ المخربين» مضيفاً: «سئمنا الانتقادات المنافقة لليسار (الإسرائيلي) ضدّ انعدام الإنسانية باستخدام جرافة من أجل إحضار جثة المخرب إلينا»، علماً بأن هذا الأسلوب ليس جديداً على الجيش الإسرائيلي لكن لا يجري تصويره دائماً. يشار إلى أن بينت قال في تصريحات، خلال الأسابيع الأخيرة إنه منذ تعيينه وزيراً للأمن في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي يجري «قطف الحمساويين لمصلحة بطاقات مساومة... نخزّن جثث مخربين لكي نوجع ونمارس ضغطاً على الجانب الآخر» بهدف تسريع عملية تبادل من دون إطلاق سراح أسرى فلسطينيين في السجون والاكتفاء بتبادل الجثامين.
من جهته توعّد وزير الداخلية الإسرائيلي أرييه درعي فصائل المقاومة بالردّ على إطلاق الصواريخ قائلاً إن «حماس ستتلقى رداً مناسباً... إذا كانت تسعى إلى التصعيد فسوف تتلقى تصعيداً»، على رغم أن التقديرات لدى المقاومة هي أنه مهما كان حجم القصف الإسرائيلي فلن يتدحرج إلى مواجهة واسعة إلا إذا قرّر الاحتلال بدء «مغامرة كبيرة» قبيل الانتخابات كاسراً بذلك المعادلات الداخلية كافة.
وفي شأن آخر أعلن وزير الأمن بينِت خلال تدشينه بؤرة استيطانية جديدة باسم «نوفي كراميم» أمس في مدينة الخليل المحتلة جنوب الضفة المحتلة أنه صدّق على تخطيط مشروع المصعد في الحرم الإبراهيمي في المدينة. ويقتضي المشروع مصادرة أراضٍ فلسطينية في الخليل، لإقامة طريق لمرور زوار الحرم من اليهود ذوي الاحتياجات الخاصة فضلاً عن إقامة مصعد لهم.
التنافس الانتخابي يفضح زيارة رئيس «الموساد» إلى قطر
تَسبّب التنافس السياسي والانتخابي في إسرائيل في الكشف عن زيارة سرّية لرئيس جهاز «الموساد» يوسي كوهين إلى قطر مطلع الشهر الجاري إذ إن من تولّى ذلك لم يكن إلا وزير الأمن الأسبق أفيغدور ليبرمان الذي بادر إلى هذه الخطوة على مسافة أيام من الانتخابات العامة وهو ما أدّى إلى تبادل اتهامات بينه وبين رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الخارجية إسرائيل كاتس.
وفي مقابلة مع «القناة الـ12» في التلفزيون الإسرائيلي قدّم ليبرمان زيارة كوهين على أنها «توسّل» للقطريين للاستمرار في دعمهم غزة مالياً بعدما أعلنت الدوحة وقف هذا الدعم بدءاً من نهاية الشهر المقبل. ولذا وصف رئيس حزب «إسرائيل بيتنا» خطوة نتنياهو بأنها تعبّر عن «رضوخه للإرهاب» وبرّر مخالفته قرار حظر النشر الذي فرضته السلطات الإسرائيلية على الزيارة بكون القرار «استخداماً للرقابة بشكل فجّ وسياسي هدفه التستّر على الخضوع للإرهاب وشراء الهدوء إلى حين الانتخابات، مع التخلّي عن أمن السكان والجنود على المدى الطويل وعن مواطنينا وجنودنا الموجودين في أسر (حركة) حماس» قائلاً إن «لدى نتنياهو كلّ شيء سياسي، والأمن وسيلة لأغراضه الشخصية».
في البعد الداخلي تُثبت خطوة ليبرمان أن الزعماء الإسرائيليين لا يكاد يوفر بعضهم وسيلة ضدّ البعض الآخر إلا ويستخدمها، حتى ولو تعارض ذلك مع ما يُفترض أنه «مصالح الدولة». وهو ما لا يُعدّ جديداً على الساحة السياسية الإسرائيلية إذ سبق في أكثر من محطة أن تعارضت المواقف على خلفية التنافس السياسي والانتخابي وتحديداً في الشؤون المتصلة بالقضية الفلسطينية. ولعلّ هذا هو ما أشار إليه ليبرمان في ردّه على الاتهامات المُوجّهة إليه عندما قال: «لا توجد شخصية سَرّبت معلومات أمنية لأغراض سياسية أكثر من نتنياهو من وثيقة تاوبر إلى طريقة العرض في جلسة الكابنيت خلال عملية الجرف الصلب (حرب 2014 على غزة) وصولاً إلى إلغاء سياسة الغموض المعتمدة منذ قيام الدولة». لكن ما تقدّم لا ينفي أن ثمة خطوطاً حمراً لا يمكن تجاوزها ضمن مساحة الإجماع التي تتّصل بقضايا الأمن القومي.
من جهة أخرى يسلّط فضح الزيارة الضوء على ما يجري بعيداً عن الإعلام بين الدول الخليجية وإسرائيل من نسجِ متسارع لعلاقات تطبيعية. كما يؤكد أن ما يتباهى به نتنياهو في هذا الإطار يستند إلى وقائع فعلية وإن كانت الأطراف العرب المُطبّعون يحرصون على إخفائه. نموذج من ذلك ما يقول به النظام السعودي الذي لا يزال يتحاشى تظهير العلاقات مع العدو لكن مواقفه في ما يتّصل بالقضايا الإقليمية ومدى تطابقها مع الأولويات والسياسات الإسرائيلية إضافة إلى التلميحات التي تصدر عن نتنياهو في شأن الرياض كلّها تؤشر إلى المدى البعيد الذي قطعه التنسيق بين الطرفين والذي لن يكون مفاجئاً الكشف عنه لاحقاً، علماً بأن كوهين تحديداً هو مَن يتولى إدارة العلاقات مع الدول التي لا توجد علاقات رسمية بينها وبين إسرائيل.
من جهة ثالثة وفي ما يتعلّق بحدود الضغط الإسرائيلي على غزة، قدّم ليبرمان، نتنياهو، كَمَن يحاول شراء الهدوء مع القطاع ولو عبر سعيه إلى منع حدوث انهيار تامّ هناك وهو ما أراد ليبرمان تسليط الضوء عليه لكونه يظهر إسرائيل كـ«دولة مردوعة» في ظلّ قيادة نتنياهو وسياساته. وتظهر زيارة رئيس «الموساد» إلى قطر الأداء «الدقيق» لحكومة نتنياهو إزاء غزة ومخاوفها من أن تؤدّي سياسة الخنق إلى تدهور كبير ينعكس على الداخل الإسرائيلي.
وانطلاقاً من تلك الاعتبارات عبّر نتنياهو عن دهشته ممّا وصفه «مسّاً بأمن الدولة لأغراض سياسية» من قِبَل ليبرمان، ورأى أن «هذا الشخص قرّر أن يفعل كلّ شيء من أجل إسقاطي والليكود من الحكم». وفي الإطار نفسه أتى انتقاد وزير الخارجية، الذي اعتبر أن كلام وزير الأمن الأسبق يعبّر عن «استهتاره بمصالح إسرائيل»، مُذكّراً بأن الاتصالات مع الدوحة جرت أيضاً عندما كان ليبرمان وزير أمن وفي أمور «أكثر عمقاً لها علاقة بالفلسطينيين لا أستطيع أن أفصّلها». وبرّر كاتس إخفاء الزيارة بأنه لم تكن هناك حاجة إلى الإعلان عن سفر كوهين وقائد المنطقة الجنوبية اللواء هرتسي هليفي إلى قطر لأنه «ليس هناك سرّ». وقال: «قطر هي الدولة الأقلّ ترشّحاً لتوقيع اتفاق عدم القتال مع إسرائيل الذي أعمل عليه مع دول الخليج إضافة إلى أنها وسيط ما بحكم علاقاتها مع الفلسطينيين... علاقاتها لم تبدأ بعد أن ترك ليبرمان وزارة الأمن بل كانت عميقة والموساد هو مَن يقيم علاقات مع دول ليست لدينا علاقات دبلوماسية معها».
المزيد في هذا القسم:
- مقتل طيار بتحطم مقاتلة إسرائيلية بعد قصفها غزة المرصاد نت - متابعات أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي الأربعاء مقتل طيار وإصابة آخر بتحطم مقاتلة إسرائيلية من طراز "إف 16" في صحراء النقب بعد قصفها لقطاع غزة. ...
- السلطات البحرينية تسقط الجنسية عن آية الله الشيخ عيسى قاسم المرصاد نت - متابعات أسقطت السلطات البحرينية الجنسية عن عالم الدين البحريني آية الله الشيخ عيسى قاسم بحسب ما أوردت وكالة الانباء البحرينية.واوردت الوكالة ا...
- ملف المصالحة يجمع الفصائل الفلسطينية في موسكو! المرصاد نت - متابعات تصل وفود 10فصائل فلسطينية اليوم إلى موسكو للمشاركة غداً في مؤتمر ينظمه معهد الاستشراق الروسي التابع لوزارة الخارجية الروسية لبحث مستجدات ...
- روسيا تسلم سوريا جهازا جديدا يخترق الغبار وطائرة مساعدات انسانية المرصاد نت - دمشق سلمت روسيا الجيش العربي السوري جهازا استخباراتيا جديدا ـ”فاري-1″ أى المصابيح وهو جهاز يعمل نهارا لتتبع وتدمير العدو في ...
- مصر: سائقو الأجرة يتمردون... ضدّ تعريفة الحكومة المرصاد نت - متابعات في وقت تزيد الحكومة المصرية من أسعار المواصلات العامة بغية «تقليل الخسائر» فإنّها ترفض عبر السلطات المحلية التي تمثّلها زيادة...
- دفاعٌ جمهوريُ «خجول» عن ترامب: ليس باليد حيلة! المرصاد نت - متابعات في الوقت الذي تعمل فيه إدارة دونالد ترامب على شدّ العصب الجمهوري في مواجهة إجراءات العزل التي يقوم بها الديموقراطيون يبدو أن المشرّعين ال...
- تونس تحبط مخططاً إرهابياً يستهدف مقرات أمنية وعسكرية جنوب البلاد المرصاد نت - متابعات أكّد الناطق الرسمي باسم القطب القضائي لمكافحة الإرهاب سفيان السليطي أن الوحدة الوطنية للأبحاث في جرائم الإرهاب تمكنت إثر عمل استخباراتي و...
- إيزنكوت لموقع "إيلاف" السعودي: توافق تام ومصالح مشتركة بين إسرائيل والسعودية المرصاد نت - متابعات في سابقة في الإعلام العربي والسعودي تحديداً أجرى موقع صحيفة "إيلاف" السعودي مقابلة مع رئيس أركان الجيش الإسرائيلي غادي إيزنكوت. المقاب...
- بن سلمان انفعالي متهور قاد بلاده لمغامرات خطيرة وورّط واشنطن في حروب المنطقة المرصاد نت - متابعات وصف آرون ديفيد ميللر من مركز ويلسون للباحثين وريتشارد سوكلسكي من وقفية كارنيغي للسلام العالمي ولي العهد السعودي الجديد بالشخص العاجز المت...
- الصين تدفع المليارات: استثمار «غير مشروط» في أفريقيا المرصاد نت - متابعات انطلقت أول أمس القمة الصينية - الأفريقية السابعة في ظلّ اهتمام صيني بالغ بتعزيز حضور بكين في القارة السمراء وهو ما بات يثير قلقاً متزايدا...