تقرير إسرائيلى: العرب يأكلون أنفسهم .. وعلينا فقط أن نتفرج

المرصاد نت - متابعات

لست خائفًا من مليارات العرب التى ينفقونها على شراء الأسلحة لكنى سأصاب بالرعب فى حال وقفوا طابورًا حين يركبون الحافلة.arab Israil2016.9.17


تلك عبارة لوزير الحرب الإسرائيلى «موشيه ديان»، تكشف بجلاء عن عمق الأزمة العربية، وتشخص مرض هذه الأمة، المتمثل فى الفوضوية والغوغائية أو بعبارة أخرى البعد عن التحضر فى إدارة أزماتهم ما يحيل إلى الذهن مقولة شاعرنا الراحل نزار قبانى: «نحن قبيلة بين القبائل».. هذا بغض النظر عما يمكن أن يقال بشأن المقولة من تحفظات.
الواضح أن عبارة مجرم الحرب دايان مازالت صالحة لتحليل اللحظة التاريخية الراهنة فالفوضى مازالت «منا وفينا» الأمر الذى يُسعد أعداءنا ويرفع عن كاهلهم عبء الانشغال بحياكة المؤامرات لنا، وفقا لتقرير نشرته الأسبوع الماضى صحيفة «يسرائيل هيوم» تحت عنوان «تقسيم الشرق الأوسط» يقول إن إسرائيل ليست فى حاجة إلى «تضييع وقتها بالعرب» أو إنفاق الجهد على خطط تقسيمه فما يفعله العرب بأنفسهم، يكفى وزيادة، وليس على إسرائيل إلا أن تعمل بمقولة: «دعهم يتصارعون دعهم يسقطون».
التقرير تطرق إلى الخطة التى رسم ملامحها المستعرب الصهيونى «برنارد لويس» منذ بداية الثمانينيات واعتمدتها لجنة فى الكونجرس الأمريكى آنذاك سريًا متسائلا عن الجدوى من وراء إنفاق المال والجهد الاستخباراتى على تصميم حروب طائفية أو عمليات إرهابية فى منطقة «تتبرع بأكل نفسها ذاتيًا»، نافيًا ما وصفه بالادعاءات العربية بتورط إسرائيل والولايات المتحدة فى مخططات تقسيم المنطقة.
ونقل التقرير عن باحثين إسرائيليين قولهم «إن المنطقة العربية صارت قاب قوسين أو أدنى من التقسيم فالمرحلة تشهد إعادة ترسيم الحدود العربية والمؤكد أن كيانات جديدة سوف تُخلق».
لم يخل التقرير المثير من غمز ولمز للعرب واتهامات بأنهم ظواهر صوتية «دأبوا على تحميل خيبتهم إلى إسرائيل» لم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل إن التقرير تساءل فى صيغة «تهكمية» عن مدى تماسك العرب الذين أخرجت ثورات الربيع العربى منهم «أسوأ ما فيهم» فإذا بهم يتصارعون ويتناحرون قائلا: «الواضح أن الخلافات بين المعسكرين الشيعى والسنى أكبر من الخلافات بين العرب وإسرائيل.. فلماذا ننشغل بهم إذا كانوا هم مستغرقيون فى صراعاتهم مع بعضهم البعض؟».
إلى جانب الخلافات الطائفية هناك الصراعات بين العلمانيين والمتدينين، وبين التقليديين والمجددين وبين الأكراد والعرب، والإيرانيين والعرب وهناك دعاوى انفصال فى أكثر من قطر عربى، وعواصم عربية تنفق مليارات من أجل تمزيق عواصم أخرى.. ما يعنى أن الدور المطلوب من إسرائيل هو أن تتفرج على المشهد.
إذن.. فالعرب ليسوا جديرين بالانشغال بهم، وعلينا أن ننتظر المشهد الدرامى الحتمى، ألا وهو مشهد انقسام دول عربية كبرى إلى دويلات.. كما يقول التقرير الذى اعتمد على تحليل مضمون ما يُكتب على وسائل التواصل الاجتماعى، وكذلك الخطاب الإعلامى الرسمى، قائلة «هناك فجوة واسعة بين ما يطمح إليه المدونون وما يروج له الخطاب الرسمى هذا يوسع الفجوة ويجعل الغضب ككرة ثلج تتدحرج، والقادم سيكون كارثيًا لا محالة».
غير أن الصحيفة رغم ما تجزم به، رأت أن الأمور تتطلب شيئًا من التروى فالمنطقة حبلى بتغيرات دراماتيكية قد تأخذها إلى اتجاهات أخرى.
وكالعادة اهتم التقرير بصفة خاصة بالشأن المصرى قائلا: إن عزل محمد مرسى ساهم فى تأجيج صراعات بين أنصار الإسلام السياسى والعلمانيين فى حين وصفت الأقباط بأنهم يعانون من الخوف جراء تنامى دعوات الكراهية.
وزعم التقرير أن شبه جزيرة سيناء فى وضع سيئ جراء انتشار المتطرفين، بالتوازى مع عمليات النزوح إلى خارجها، مشيرًا إلى أن «سيناء أصبحت ثكنة عسكرية، يطارد الجيش فيها ميليشيات أنصار بيت المقدس».
فى تحليل ليس مفهومًا ولا منطقيًا قال التقرير: إن الأقباط سينزحون إلى مطروح شمال غرب مصر ليعيشوا هناك وهو الأمر الذى لا يمكن استساغته نظرًا لطبيعة المنطقة القبلية التى يتمتع التيار السلفى فيها بشعبية كاسحة.
 انقسام ليبيا
ورجحت الصحيفة انقسام ليبيا إلى ثلاثة كيانات تتمثل فى أنصار ثورة 17 فبراير، الذين قتلوا «الديكتاتور» معمر القذافى، وهؤلاء سيسيطرون على غرب الدولة، أما حلفاء الجنرال «خليفة حفتر»، الذين يحاربون قوى الإسلام الراديكيالى، فسوف يسيطرون على شرق الدولة، فيما سيخضع الجنوب إلى القبائل البدوية.
أما لبنان الذى شكل جنوبه مصدر قلق للصهاينة، فقد رأت الصحيفة أنه صار مقسمًا بالفعل، وأصبح مصابًا بالشلل وأكدت أن إيران التى تدعم «حزب الله» لن تسمح بوصول مسيحى مارونى إلى الرئاسة.. فالمسار الحتمى أن يصبح جنوب لبنان فى قبضة «دولة الميليشيات الشيعية».
وسيظل «الدروز» على حالهم منذ قرون أى يسيرون شئون حياتهم الخاصة فى الجبال أما المسيحيون فسيعيشون على رقعة من الأرض تمتد من شرق «بيروت» إلى «طرابلس».. فى حين ستقع العاصمة «بيروت» وبعض المناطق المجاورة تحت قبضة السنة. ولن تخرج سورية من محنتها الراهنة إلا مفتتة فأنصار الشيعة لن يتخلوا عن تأسيس دولتهم وسيعيش السنة فى حلب والأكراد فى الشمال بعد تأسيس جمهورية «كردستان» التى ستخوض تركيا حربًا شرسة لمنع قيامها لكن الدعم الغربى سيؤدى إلى إحباط مساعى أنقرة.
ورغم انقسام السودان إلى دولتى الشمال والجنوب فإن هناك احتمالا لقيام دولة ثالثة بينما ستنهار الوحدة بين اليمن الجنوبى والشمالى بعد إعادة الإلتئام قبل 26 سنة.
 ليس مفاجئًا
ويقول الخبير الاستراتيجى والمستشار بأكاديمية ناصر العسكرية العليا اللواء أركان حرب الدكتور «طلعت موسى»: إن ما ورد فى التقرير ليس مفاجئًا فقد قدم «برنارد لويس» هذا المشروع للكونجرس عام 1983 فى جلسة سرية، وأقرها الكونجرس آنذاك لتنفيذها اعتبارا من العام الماضى.
وأكد أن الولايات المتحدة لدى اندلاع ثورات الربيع العربى وقفت حائرة بين خيارين الأول : تأييد الذين قاموا بالثورة أى قوى الشباب الذى كانوا من دون قيادة، أم تنحاز إلى جماعة الإخوان باعتبارها تنظيما متماسكًا، فاختارت الأمر الثانى خاصة مع تعهد الإخوان بالحفاظ على أمن إسرائيل واعترف الخبير الاستراتيجى بصحة التقرير فيما يتعلق بأن الأمة العربية تمزق نفسها بنفسها قائلا: «الحكومة الإسرائيلية أصبحت فى حالة سكون نسبى إلى أن يكتمل التقسيم ومن بعده تتحرك دولة الاحتلال للهيمنة على المنطقة بالكامل مضيفًا أن إسرائيل التى تبلغ مساحتها 20 ألف كيلو متر مربع لا ينفع من وجهة نظرها أن يكون بجوارها كيانات عملاقة مثل «مصر» كما يجب عليها استكمال مخطط تقسيم باقى الدول مثل «الجزائر»، والتى تبلغ مساحتها 2.7 مليون كيلومتر مربع، و«المملكة السعودية»، التى تبلغ مساحتها 2.8 مليون كيلومتر مربع لعدة دويلات لكى تستطيع فرض السيطرة عليهم وأيضاً تفتيت الجيوش العربية. وقال: «نجح الصهاينة فى تنفيذ حوالى 70 % من المخطط بالنسبة للعراق وسوريا وليبيا واليمن لكن مخططهم باء بالفشل فى مصر بعد 30 يونيو.
وأكد أن إشعال الفتنة والتفرقة والصراعات بداخل الدول العربية هو تهديد قائم ومستمر وسيستمر عبر حروب الجيل الرابع التى توجه إلى الشباب ..

 

آلاء شوقي _ مجلة روز اليوسف

المزيد في هذا القسم:

المزيد من: الأخبار العربية والعالمية