المرصاد نت - متابعات
ترى.. لماذا تتهرب السعودية وقطر من قول الحقيقة للرأي العام في مسألة النزاع الدائر في مجلس التعاون الخليجي. أشهد أن الظروف جعلتني أطلع على بعض الحقائق المتصلة بحقيقة الصراع الدائر حاليا بين قطر وشركائها في الخليج برعاية السعودية وكان ذلك قبل 45 سنة تقريبا.
1– في خريف 1971 زار الجزائر المرحوم عبد الله الطريقي، وزير البترول السعودي الأسبق، في خضم تأميم الجزائر للبترول في 24 فيفري 1971. كان الطريقي يؤيد ما قامت به الجزائر، وكانت السعودية آنذاك متحفظة… أجريت معه حديثا صحفيا نشر في أسبوعية “المجاهد” وكان موضوعا افتتاحيا.. وعلى هامش الحديث قال لي الطريقي إنه يتوجب علينا كصحافة عربية أن ندعم استقلال الإمارات الخليجية ضد الأطماع الخليجية من الجيران خاصة إيران والعراق والسعودية وقد بدأت هذه الأطماع تعلن عن نفسها بعد قرار بريطانيا الانسحاب من الإمارات الخليجية الست سنة 1972 والشاه كان يريد أن يأخذ حصته مما تتركه بريطانيا في الخليج… والسعودية تريد هي الأخرى أخذ قطر… والعراق عينه على الكويت وغير الكويت.
2 – انسحبت بريطانيا في جانفي 1972 من الإمارات الخليجية.. وظهرت فكرة اتحاد هذه الإمارات تحت لواء دولة واحدة وخرجت قطر عن الفكرة بتشجيع من السعودية لأن السعودية كانت عينها عليها. فتشكلت الإمارات العربية المتحدة من دون قطر… ونشبت عداوة مستترة بين قطر والإمارات بسبب هذا الموقف القطري… لكن سرعان ما تحوّل موضوع حماية السعودية لقطر من الذوبان في الإمارات إلى شبه وصاية وأطماع حقيقية في ضمها إلى المملكة السعودية، خاصة وأن قطر لها منفذا وحيدا على البر مع السعودية. وبدأت المسألة من إعلان السعودية عن مطالب لها في تراب قطر ادعت أن الإنجليز كانوا يحتلونه… تماما مثلما حدث الأمر مع المغرب والجزائر بعد انسحاب الفرنسيين. وظلت مسألة الحدود تهدد استقلال قطر من السعوديين وظلت مسألة عدم الانضمام القطري إلى الإمارات تؤرق العلاقات مع الإمارات.
3 – رأى حكام قطر أن صون أمنهم لا يتأتى إلا بالاستعانة بالأمريكان… فكانت قاعدة “عديد” الأمريكية التي كانت موجهة أساسا إلى لجم الأطماع السعودية وليس أطماع إيران… لأن أمن قطر كان دائما مهددا بالسعودية أكثر من التهديد الإيراني، كما أن قطر اتبعت سياسة مستقلة عن السعودية والإمارات في علاقاتها مع إيران وأمريكا، وهو ما أزعج السعودية والإمارات بلجم أطماعهما في قطر.. وهذا هو أصل المشكل.
4 – عندما تولى الرئيس الأمريكي ترامب أمور البيت الأبيض وجد ملف حماية قطر من طرف أمريكا مكلفا وتدفع أمريكا أكثر مما تجني من تواجدها في قطر فقرر أن يبيع الملف للسعودية، فكان لقاء الرياض الأخير الذي لوّح فيه ترامب بالتخلي عن قطر مقابل ثمن تدفعه السعودية ودول الخليج فكان له ما أراد.. لكن قطر دولت القضية من خلال البحث عن حامي حماها جديد فكانت تركيا وحكاية القاعدة العسكرية. ويكون ترامب قد لعب بالسعودية كما لعب رامسفيلد وبوش الأب بصدام، فقال ترامب للسعودية بإمكانك أن تتصرفي مع قطر كما يريحك.. تماما مثلما قال بوش عبر سفيرته في بغداد لصدام بإمكانك أن تأخذ الكويت!
5 – ما يؤكد هذا الأمر هو أن مطالب السعودية لقطر تتجاوز مطالب دولة لدولة إلى مطالب دولة تمارس بالفعل السيادة على الدولة الأخرى… فالمطالب بينت بأن السعودية تعتبر قطر إمارة تتمتع بالحكم الذاتي ليس لها الحق في سياسة خارجية أو دفاعية خارج رضى السعودية وكذلك الإعلام.
6 – ترامب أوقع السعودية في حباله بقضية إحياء أطماعها في قطر، وحكاية تهديدها بالقانون الخاص بحق ضحايا 11 سبتمبر أن يرفعوا دعاوى تعويضات على السعودية.. والمبالغ تكون في هذه الحالة مهولة، فقضية لوكربي دفع فيها القذافي 4 مليارات دولار مقابل 200 ضحية، فكم يكون تعويض السعودية لما يقارب 3500 ضحية في أحداث سبتمبر. لكن ترامب جمّد العمل بالقانون التعويضي مثلما جمّد حكاية سحب الحماية العسكرية لقطر! وهو ما وضع السعودية في حرج.. خاصة وأن قطر سارعت إلى شراء 72 طائرة حربية “ف 15” من الجيش الأمريكي بمبلغ 12 مليار دولار. قطر بالفعل وضعت السعودية في الزاوية من خلال إدخال إيران وتركيا عضو الناتو في أتون الصراع التوازني لكن الخاسر الأكبر بعد السعودية هو مصر.. فقد أصبحت تركيا وإيران من اللاعبين الأساسيين في المنطقة، و«كش” دور مصر وأصبح ذيليا خلف السعودية.. فولى الزمن الذي كانت فيه مصر تبطل حلف بغداد في وجه تركيا وإيران، فأصبحت تقبل بأن يحط الناتو رحاله في قطر عبر قاعدة تركية… إنه الهوان العربي.
- سعد بوعقبة - كاتب جزائري
المزيد في هذا القسم:
- إسرائيل : كما وعد بلفور ... لا ردّ فعل عربياً المرصاد نت - يحيى دبوق لم تفاجئ التصريحات والمواقف الرسمية العربية تل أبيب. ردّ فعل العواصم العربية على قرار الرئيس الأميركي الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل جاء...
- إيران تسخر من «فقاعة» ماكرون: لا تفاوض على اتفاق جديد المرصاد نت - متابعات لم يأت الرد الإيراني على قمة البيت الأبيض بغير المتوقع بالنسبة لطهران لا تفاوض على أي ملف تكميلي فضلاً عن الاتفاق نفسه. وسط هذا التعقي...
- كباش دولي حول العملية التركية: موسكو وواشنطن لا تعارضانها! المرصاد نت - متابعات شنّ نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد هجوماً عنيفاً ضد «قوات سوريا الديموقراطية» التي تدعمها واشنطن قائلاً إنها «خانت بلادها» واتهمه...
- الجزائر : حرب بين أكبر حزبين... حول «تركة الرئيس»؟ المرصاد نت - محمد العيد يخوض مسؤولو أكبر حزبين في صفوف الموالاة في الجزائر، «جبهة التحرير الوطني» و«التجمع الوطني الديموقراطي»، حرب تص...
- بكين ترفض دعوة أمريكية لتوقيع معاهدة نووية ثلاثية! المرصاد نت - متابعات نفت الصين ما أشيع عن وجود خطط أميركية لبحث إمكانية عقد اتفاق ثلاثي بين روسيا والصين والولايات المتحدة في شأن حظر الأسلحة النووية قائلة إن...
- "كفريا والفوعة" مأساة مغيبة إعلامياً..مقابل ضجيج الغوطة المسيّس المرصاد نت - متابعات تعيش بلدتي الفوعة وكفرية المحاصرتين من قبل إرهابيي جبهة النصرة وغيرها من التنظيمات المسلحة في ريف ادلب الشمالي أوضاعاً إنسانية مأساوية و...
- صحيفة روسية: ثماني دول في أوروبا الوسطى تغذي الحرب في اليمن و سوريا المرصاد نت - متابعات تناولت صحيفة “كوميرسانت” مصادر حصول الإرهابيين على الأسلحة مشيرة إلى أن نتائج التحقيقات أظهرت أنها بلدان أوروبا الشرقية. و...
- غزة تحت الضغط: تهديدات إسرائيلية وترقّب للرد الفتحاوي المرصاد نت - هاني إبراهيم مع صعوبة انتزاع تعهد من المقاومة بمنع إطلاق الطائرات والبالونات الحارقة عبر الإسرائيليين بالمواجهة، والمصريين بالوساطة زاد العدو مست...
- ماذا يفعل أبناء زايد بالإمارات ..احتلال وإرهاب وجريمة (2)؟ المرصاد نت - إبراهيم الأمين لم يكن ينقص الإمارات سوى دور البلطجي. لكن يبدو الأمر محبَّباً وسهلاً عند محمد بن زايد ورجاله من أبناء الدولة أو المرتزقة العاملين ب...
- ميدل ايست: هكذا يعيش أبناء العوامية في السعودية بعد مجيء "بن سلمان" المرصاد نت - متابعات قال موقع ميدل ايست البريطاني عندما اقتحمت قوات الأمن السعودية بلدة العوامية وهي بلدة ذات أغلبية شيعية في محافظة القطيف الشرقية في فبراير ...