المرصاد نت - متابعات
في السنوات الأخيرة ومع تدهور صحة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة كانت الصراعات تولد وتختفي في الساحة السياسية الجزائرية بين يوم وليلة فيتغير الأشخاص في السلطة وداخلها بسبب هذه الصراعات
والتي دائماً ما يتم خوضها تحت شعارات المحافظة على الأمن والاستقرار والأموال العامة. وها هو اليوم الوزير الأول عبد المجيد تبون، يفتح سجالاً جديداً يستهدف أكثر رجال الأعمال قرباً من الرئاسة: علي حداد
تشهد الساحة السياسية الجزائرية في الأيام الأخيرة مشاحنات، وتصريحات «نارية» متبادلة بين الوزير الأول (رئيس الحكومة) عبد المجيد تبون، الذي تمّ تعيينه في منصبه قبل أقل من شهرين خلفاً لعبد المالك سلال، وبين بعض رجال المال، على رأسهم علي حداد، المُقرّب من رأس السلطة (الرئاسة)، وذلك على خلفية قرارات الحكومة الجديدة حول ضرورة تسليم العديد من المقاولين لمشاريع حكومية تمّ التأخر في تسليمها.
ويُعدُّ علي حداد (1965) رجل أعمال جزائري، وصاحب مجمع لأشغال الطرقات والعمران والسدود ورئيس «منتدى رؤساء المؤسسات» منذ 2014 حين تمّ ترشيح اسمه وحيداً من دون منافس. وهو يملك عقارات وفنادق داخل الجزائر وخارجها، وأيضاً نادي «اتحاد العاصمة» لكرة القدم الشهير. وقد ظهر اسمه بقوة في أواسط العشرية الأولى من هذه الألفية، وعُرف عنه قُربه من سعيد بوتفليقة (أخ الرئيس عبد العزيز بوتفليقة)، والوزير الأول السابق عبد المالك سلال.
وقد بدأت المسألة حين صرّح الوزير الأول عبد المجيد تبون، أثناء عرض بيان مخطط الحكومة في البرلمان، عن تجميد قرارات كان قد اتخذها سلفه عبد المالك سلال (2012-2017)، تخص قطاع الفلاحة (الزراعة) والصحة، ولم يُفوّت الفرصة ليضع سطراً تحت شعار «فصل المال عن السلطة». وقد بدا إثر ذلك أنّ هذه الرسالة كانت موجّهة بالخصوص إلى علي حداد.
رد الفعل لم يكن من قِبل رئيس المنتدى علي حداد فقط، بل أيضاً من عبد المجيد سيدي سعيد، وهو الأمين العام للاتحاد العام للعمال الجزائريين. وهما اعتبرا أنّ تصريحات مماثلة تمسّ بسيرورة قوانين ومشاريع كاملة، تمّ الاتفاق والمصادقة عليها من قبل الرئيس والبرلمان في السنوات الأخيرة. وبدا من هذا الجو أنّ المسألة تأخذ بُعداً آخر، وفق العديد من المحللين، أخرجها من دائرة شبه الصراع الدائر بين الحكومة ورجال المال، ليدخل فيها عبد المجيد سيدي سعيد، ويتخّذ دوراً مخالفاً لواجبه الأساسي. فبدلاً من أن يدافع عن العمال، صار يدافع عن رؤساء المؤسسات، خاصة بعد كل الحروب التي خاضها اتحاد العمال الجزائريين ضد النقابات المستقلة في قطاعات التعليم والصحة خلال الموسم الماضي، لإجهاض مطالبهم وإيقاف إضراباتهم.
الوزير الأول كان ردّه حاضراً أيضاً، وقد بدأت الصحافة تُسرّب تصريحات عن موقف الرئاسة ودعمها له في «حربه ضد الفساد» في المال والإدارة. وقد بدا ذلك جلياً بعدما نشرت صفحة الوزير الأول تبون، على «فايسبوك»، منشوراً ورد فيه على لسان الرئيس بوتفليقة: «أنت الوزير الأول ولك كافة صلاحيات التحرّك... مهمتك واضحة ومحدّدة ومهما كان الثمن وعُنوانها، يجب أن تُرجع الدولة للدولة».
أمام تصريحات مماثلة، يجد المتتبع للشأن السياسي الجزائري نفسه أمام تساؤلات وشكوك كثيرة، إذ إنّ الجميع يتكلّم باسم رئيس الجمهورية، والمصلحة العليا للدولة، والحفاظ على الأمن والاستقرار، لكن لا شيء ملموساً على أرض الواقع. ولعلّ المسألة اليوم لم تعد تدور حول من يحكم فعلاً، أو هل رئيس الجمهورية خلف كل هذه القرارات أم لا: التنحية الفجائية لعبد المالك سلال، الذي خدم في أصعب فترة لحكم عبد العزيز بوتفليقة (بالإضافة لكونه مدير حملته الانتخابية)، تقول الكثير بشأن دور الرئيس وصلاحياته المُطلقة وكيفية تغيير المسؤولين والمناصب.
إلا أنّ التقلّبات التي تشهدها الساحة السياسية بين يوم وليلة تترك المراقبين يتساءلون عن منطق تسيير الأشياء. علي حداد مثلاً، والذي ترأس قبل سنتين تحديداً وفداً رافق الوزير الأول السابق إلى إسبانيا لعقد صفقات اقتصادية، والذي كان قد شارك بشكل أو بآخر في الحملة الرئاسية الأخيرة للرئيس بوتفليقة، يجد نفسه اليوم موضع اتهام.
ضمن هذا المشهد، وبعيداً عن العناوين العريضة للصحافة التي تُحاول أن تصنع الحدث من أدنى تصريح أو حادثة، خاصة بعد الادعاءات التي طالت مشاريع مؤسسات علي حداد وحجم القروض التي أخذها من الدولة الجزائرية والتي قد تصل إلى مئات ملايين الدولارات، فإنّ ثمة من يجتمع على طرح واحد، يفيد بالآتي: حتى لو صحّت هذه الادعاءات، فهي تُدين الدولة الجزائرية، والطاقم الحكومي السابق والحالي، قبل أن تُدين رئيس «منتدى رؤساء المؤسسات» نفسه، وهي تُعمّق من التساؤلات بشأن منطق تسيير القرارات وأمور الدولة، بل ومن عملية صُنع القرار داخل هذه الدولة.
صلاح باديس
المزيد في هذا القسم:
- لوموند الفرنسية: السعودية تهدد قطر بعمل عسكري والسبب! المرصاد نت - متابعات كشفت صحيفة “لوموند” الفرنسية امس الجمعة أن السعودية طلبت في رسالة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الضغط على قطر ومنعها من ا...
- موجة الإعتقالات في السعودية..حرب مع "تميم" أم نزاع "مُحمَّدَين" المرصاد نت - متابعات شهد اليومين أو الثلاث الماضيين ضجة إعلامية كبيرة في وسائل التواصل الإجتماعي في السعودية بعد إعتقال الشخصيات الدينية البارزة في البلاد. ...
- الاستراتيجية الدولية والإقليمية... ما هي استراتيجية محور المقاومة؟ المرصاد نت - الأخبار الكتابة حول هذا الموضوع المهم، بل الأهم بالنسبة إلى الأمّة العربية تحتاج الآن وأكثر من أي وقتٍ مضى وظرفٍ خلا إلى قاموسٍ باردٍ الأعصاب ولا ...
- لبنان يحيي العيد الماسي للاستقلال وسط استمرار الأزمة السياسية! المرصاد نت - متابعات أحيي لبنان العيد الـ75 للاستقلال بإحتفال مركزي في وسط العاصمة بيروت في ظل استمرار الأزمة السياسية التي تحول دون تأليف الحكومة العتيدة. وت...
- الامارات تبيح جريمتي الزنا وشرب الخمر رسمياً المرصاد-متابعات اعتمدت الإمارات عدة تعديلات قانونية سمحت لغير المتزوجين بالإقامة معا، وعدم تجريم محاولات الانتحار، وتشديد ملاحقة المتحرشين بالنساء، وإلغاء أي...
- الجنوب السوري: معركة تحديد المصير يرسمها الجيش المرصاد نت - متابعات بعد الغوطة الشرقية أصبح لزاماً على الدولة السورية أن تتجه نحو الجنوب فلهذا ضرورة عسكرية وسياسية أهمّها مسألة إزالة الخطر كلياً عن العاصمة...
- بريطانيا تتهم روسيا بالتدخل في انتخاباتها عام 2019! المرصاد نت - متابعات اتهمت الحكومةُ البريطانية جهاتٍ روسيةً بالسعي للتدخلِ في الانتخاباتِ العامةِ لعامِ 2019 من خلالِ تسريبِ وثائقَ حكومية، مشيرةً لحصولِ تلك ا...
- قمة بوتين ـــ كيم: لا حلّ بغير ضمانات دولية لبيونغ يانغ ! المرصاد نت - متابعات بعد نحو شهرين على قمته مع دونالد ترامب التي تُوّجت بالفشل اجتمع كيم جونغ أون أمس مع فلاديمير بوتين في لقاءٍ هو الأول من نوعه بين الرجلين ...
- مسيرات مليونية للشعب الايراني بذكرى انتصار الثورة ! المرصاد نت - متابعات خرج الملايين من الإيرانيين في مسيرات ضخمة جابت شوارع كافة المحتفظات الإيرانية ومدنها وقراها وكذا في العاصمة الإيرانية طهران احتفالا بالذك...
- هل تريد واشنطن ملء فراغ "داعش" في العراق؟! المرصاد نت - متابعات على امتداد هذا الشرق لن تجد مصيبة أو حرب إلا وخلفها الولايات المتحدة الامريكية هذه الدولة التي تقتات على مصائب الشعوب حيث لا يمكنها العيش...