المرصاد نت - متابعات
"تطبيع العلاقات مع إسرائيل يمثل خطا أحمر" كلام لطالما ردده وتغنى به الرئيس السوداني عمر البشير ولكن اليوم على مايبدو فان الحكومة السودانية أصيبت بعمى الألوان وأصبحت ترى اللون أخضرا
فبعد أن كان السودان داعما رئيسيا لحركات المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال أصبح بفضل "بركات" المال السعودي يدعو وعلى لسان أحد الوزراء علناً الى التطبيع مع الاحتلال، دون الحديث حتى عن الوصول الى "عملية سلام" كما يحلو للمطبعين عادة الحديث.
ففي حوار اجرته فضائية سودانية دعا نائب رئيس الوزراء السوداني وزير الاستثمار مبارك الفاضل إلى التطبيع مع الكيان الإسرائيلي زاعماً أن التطبيع سيحقق مصالح البلاد، معتبراً في الوقت ذاته أن القضية الفلسطينية أخّرت العالم العربي وأن هناك بعض الأنظمة استغلتها كذريعة وتاجرت بها واضاف الوزير إن الفلسطينيين طبعوا العلاقات مع إسرائيل، بل حتى حركة حماس تتحدث مع إسرائيل على حد تعبيره والفلسطينيون يتلقون أموال الضرائب من إسرائيل ويجلسون ويتحدثون مع الإسرائيليين ولديهم خلافات، لكنهم يجلسون معًا.
الدعوة العلنية للتطبيع بين السودان و"اسرائيل" قوبلت بصمت حكومي كامل ولا سيما أن الوزير في الأساس انضم للحكومة ضمن الحقائب المخصصة للقوى المعارضة التي شاركت في الحوار واكتفى وزير الإعلام السوداني أحمد بلال بالقول إن موقف الوزير "رأي شخصي يخصه وحده ولا يعبر عن الموقف الرسمي للحكومة أو البلاد".
كيف تحول التطبيع من جريمة الى تنافس بين المسؤولين السودانيين؟
تصريحات الفاضل التي اعتبرها السودانيون معجونة بطينة الخيانة والعمالة لم تكن سابقة تسجل باسمه، أو كما يوصف ليست من خارج السرب والنهج الحكومي، اذ سبق تلك الدعوة، دعوة مماثلة من رئيس الدبلوماسية السودانية، وزير الخارجية إبراهيم غندور، والذي تحدث ايضا عن إمكانية تطبيع السودان مع الكيان الصهيوني، حيث قال غندور في وقت سابق ان بلاده لا تمانع في دراسة إمكانية التطبيع مع إسرائيل، وإن السودان "لا يرهن علاقته بدولة على حساب أخرى"، مخاطبا ودّ واشنطن بالقول أن الصلات مع امريكا ظلت متأرجحة على مر الحكومات،
كذلك فقد صدرت دعوات التطبيع من قبل سياسيين في حزب المؤتمر الوطني الحاكم وآخرين ورجال دين، حيث صرح الداعية السوداني ورئيس حزب الوسط يوسف الكودة بالدعوة للتطبيع وأفتى فيها دينياً، مما يشكل تراجعاً واضحاً عن المبادئ التي تبنتها الحكومة السودانية في مواقفها المعادية للكيان الاسرائيلي ودعمها لحركات المقاومة بشكل متواصل.
الاستجداء السوداني للتطبيع مع اسرائيل وامريكا لم يكن مفضوحا رغم أنه كان موجود، اذا سرب موقع ويكيليكس منذ فترة برقية للسفارة الأمريكية في الخرطوم، تعود لأكثر من 9 أعوام وتضمنت حواراً بين مساعد الرئيس السوداني حينذاك مصطفى عثمان إسماعيل، ومسؤول شؤون أفريقيا في الخارجية الأميركية ألبرتو فرنانديز، طلب فيها المسؤول السوداني مساعدة واشنطن لتسهل التطبيع مع الكيان الإسرائيلي في حال اكتمال التطبيع مع أمريكا نفسها، وهو أمر سارع إسماعيل وقتها لنفيه تماما.
فتش عن دور المال السعودي
تحول الخط الحكومي (وليس الشعبي) في السودان من موقف معين بحجم قضية التطبيع الى النقيض أثار تساؤلات كثيرة حول التوقيت وأهمية هذه الموضوع، اذ كانت الخرطوم تعاقب مجرد الكلام في موضوع التطبيع، ليصبح الأمر فيما بعد بان يقوم وزراء بالدعوة الی التطبیع، وفسّر بعض المراقبين للسياسية الحكومية الحالية في الخرطوم، بأن هذا الأمر ماهو الا مبادرة سودانية بايعاز سعودي، حیث بات على أي سياسي سوداني ان اراد منصب مهم في بلاده أن يكسب رضا السعودية أولا، وبالتالي يكسب بطبيعة الحال رضا الرئيس السوداني عمر البشير الذي نقّل منذ بداية العدوان السعودي على اليمن، البندقية من كتف الى كتف طمعا ببعض الملايين السعودية، واعلن بشكل واضح خروج من محور المقاومة وانتقاله لمحور البترودولار و قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران بدعم ومباركة من قبل الادارة الامريكية، التي رفعت وبشكل جزئي عن الخرطوم منذ بداية العام الحالي بعض العقوبات الاقتصادية المفروضة على الخرطوم.
اسرائيل هللت لكلام الوزير السوداني، ودعا وزير الاتصالات الإسرائيلي أيوب قرا، وزير الاستثمار السوداني إلى زيارة الكيان الإسرائيلي من أجل ما اسماها "الترويج للسلام"، في حين احتفت صحيفة "هآرتس" بهذه التصريحات ووصفتها بأنها غير اعتيادية بالنسبة لوزير رفيع في الحكومة السودانية التي لا تعترف بإسرائيل ولا تقيم معها علاقات دبلوماسية.
وبعد أن كانت اجهزة الاستخبارات الاسرائيلية مجبرة على الخوف من السودان ونشاط حركات المقاومة هناك التي كانت حتى وقت قريب بمثابة مستودعا لتهريب الأسلحة إلى قطاع غزة، اضف الى وجود مصانع أسلحة تمد تلك الحركات بما تحتاجه لمقاومة الاحتلال، أصبحت تل أبيب مطمئنة البال بعد تغيير حكومة البشير لدفة السفينة والسباحة في الحضن السعودي المطبع طمعا بفتات الدولارات، وهنا نتذكر بالمناسبة كيف حلقت الطائرات الاسرائيلية، لمدة أربع ساعات للوصول الى جنوب البحر الأحمر، للوصول الى منطقة ام درمان، غرب الخرطوم، من أجل قصف معمل "اليرموك" لتصنيع الاسلحة و الصواريخ بعيدة المدى، أما الأن فان حكومة الخرطوم ترفض حتى استقبال قيادات من حركة حماس التي كانت حتى فترة ليست بالبعيدة من أقرب المقربين ايديولوجياً وعقائدياً لحكومة البشير.
المزيد في هذا القسم:
- 11 عاما على انتصار تموز.. موازين القوى اليوم المرصاد نت - متابعات حرب لم تلبث أن اشتعلت حتى بدأت التصريحات عالية النبرة تحدد أهداف كثيرة واستراتيجية قد يكون أهونها نزع سلاح حزب الله لتصل إلى مستوى الإعلان...
- أسعار النفط تنخفض دون 100 دولار للبرميل للمرة الأولى منذ أوائل مايو المرصاد-متابعات للمرة الأولى منذ ما يقرب من شهرين، انخفضت إلى ما دون 100 دولار للبرميل، مما يعكس مخاوف المستثمرين المتزايدة بشأن الركود الاقتصادي في الولايات ...
- الاستثمار وأسواق المال العالمية تحت مرمى حرب الناقلات بالخليج! المرصاد نت - متابعات يسيطر القلق والخوف من مخاطر حروب الناقلات النفطية في منطقة الخليج على أسواق المال العالمية والخليجية ليحاصر المستثمرين في أنحاء العالم. و...
- العراق : «المرجعية» تدفع بـ«الحل السياسي» وحَسمُ التصويت غداً المرصاد نت - متابعات «غداً الأحد هو موعدٌ ثابتٌ للتصويت على الحقائب الوزارية الشاغرة». هذا ما تؤكّده مصادر مطّلعة على سير المفاوضات بين الكتل السي...
- معهد عبري: الاستعدادات جارية للتطبيع مع السعودية.. وموت سلمان يمهد الطريق المرصاد-متابعات قال يوئيل جوزانسكي الباحث بمعهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي إن إسرائيل تحرص على إبرام اتفاقية تطبيع مع السعودية لأهمية ذلك اقتصاديًا وسياس...
- اعلاميون مصريون يهددون قطر بفضائح "جنسية"! المرصاد نت - متابعات هدد اعلاميون مصريون بعرض مقاطع فيديو قالوا انها تخص افراد في الاسرة الحاكمة لقطر وسخروا من جيشها وهددوها بالحرب وذلك ردا على فيلم تعتزم ق...
- مكافأة إسرائيلية للسودان على.. "اعتداله" ! المرصاد نت - الاخبار كل من يعادي إيران والمقاومة أو يبتعد عنهما ويقترب من الفلك السعودي فإنه يدخل في حظيرة المرضي عنهم إسرائيلياً ويستحق تبعاً لذلك أن تتوس...
- حرب طرابلس بلا انفراجة: حسم مفقود وجهود سياسية معطّلة! المرصاد نت - متابعات لا تشير الأوضاع الميدانية المتشابكة بالجانب السياسي إلى انفراجة قريبة للأوضاع في العاصمة الليبية طرابلس فمقابل عجز اللواء المتقاعد خليفة ...
- ماذا يفعل الجبير في واشنطن ..وهل تغيرت الأولويات السعودية؟ المرصاد نت - رآي اليوم تشعر السلطات السعودية بحالة من القلق من جراء فوز دونالد ترامب في انتخابات الرئاسة الامريكية الأخيرة لان الرجل اظهر اثناء حملته الانتخاب...
- الحكومة الفنزويلية تمضي في محاسبة الانقلابيين: وبولتون يستهدف حلفاء كاراكاس! المرصاد نت - متابعات في خطوة تصبّ في سياق محاسبة الضالعين في الانقلاب الفاشل الذي نفّذته المعارضة الفنزويلية المدعومة أميركياً في أواخر نيسان/ أبريل الماضي ضد...