المرصاد نت - متابعات
تجارة السلاح الدولية واحدة من أهم التجارات في العالم التي تدرّ أرباحا وعائدات هائلة على المصنعين وخاصة الكبار منهم رغم ضخامتها تبقى حقيقة هذه التجارة خفية في ظل الحديث الشائع عن الأسواق السوداء لبيع السلاح
وكأن مطوّري ومصنّعي السلاح في العالم وتجاره يعيشون في عالم خاص بهم تحت الأرض أو في الفضاء. كلاّ يا كرام الحقيقة أن هذه التجارة يتربع على عرشها تطويرا وتصنيعا وتسويقا أكبر دولة ديمقراطية في العالم وأقصد بها أمريكا.
سنحاول في معرض مقالنا هذا إزاحة الستار عن بعض الحقائق التي وإن تمّ البناء على مقتضاها لكانت أمريكا أولى الدول الملاحقة في محكمة العدل الدولية، المحكمة التي عُطّل قصدا أي آلية فيها يمكن لها أن تطال الأمريكي أو تحاسبه.
الأكيد أن صناعة السلاح الأمريكية هي واحدة من أهم الصناعات في بلاد العم سام، وهي محمية ومدعومة من قبل اللوبيات الاقتصادية والشركات العابرة للقارات التي تتخذ من أمريكا مركزا لها ولذلك لم يفلح إلى اليوم أي حراك مدني وحتى سياسي في الداخل بالتأثير قيد أنملة على سياسات الحماية لهذه الصناعات.
بطبيعة الحال فإن أسواق هذه الصناعة هي مناطق التوتر والصراع في العالم، كالشرق الأوسط وبعض النقاط الأخرى التي تشهد حروبا ومجازر، إضافة إلى الأنظمة الحليفة لأمريكا والتي تنتهج القمع سياسة بحق شعوبها. اللافت في الأمر أن الأمريكي لم يتدخل عسكريا في مكان أو يرسل سلاحه إلى سوق ما إلاّ وازدادت الأزمة وتفاقمت، وبالتالي ازداد استيراد السلاح وتدفقه. (حلقة ملعونة يُبدع مصنعوا السلاح في إيجادها: تبدأ بالتدخل والدعم التسليحي لإنهاء الأزمة عسكريا، فتتطور مع تصاعد العنف، فتصبح النتيجة حاجة لسلاح إضافي، فيتزايد الطلب وتتزايد أرباح المصنعين والتجار وهلمّ جرّا).
أرقام الصادرات الأمريكية للسلاح تشير إلى زيادة غير مسبوقة في بيع السلاح الأمريكي للسعودية خلال السنوات الأخيرة أما الأرقام العالمية لبيع السلاح والجزء الأكبر منه أمريكي فهناك ارتفاع عام بنسبة 86% بين فترتي (2007-2011) والفترة الممتدة بين (2012-2016) وهي البرهة التي احترقت فيها منطقتنا بنيران الأزمة السورية ومن ثم العراقية. تشير الأرقام إلى أن 29% من كل هذه التجارة استقطبتها منطقتنا.
وحدها السعودية التي احتلت المرتبة الثانية من حيث واردات السلاح بين أعوام 2012-2016 اشترت ما قيمته 9.3 مليار دولار عام 2015 استخدمت لدعم الجماعات المسلحة في سوريا وللعدوان على الشعب اليمني.
المهم هنا أن هذا السلاح جلّه أمريكي، وبذلك فإن الأخيرة شريكة مباشرة في الجريمة المستمرة بحق الشعب اليمني، وهي لا تسمح للمنظمات الدولية بملاحقة السعودية على جرائمها التي ترتكبها بسلاح أمريكي. ومن الجدير أن نلفت إلى أن قاسما مشتركا يجمع أمريكا وكيان آل سعود وهو أن كلا النظامين لم يوقعا على اتفاقية حظر السلاح العنقودي.
انطلاقا من السلاح العنقودي يمكن الإشارة هنا إلى مسألة مهمة جدا بخصوص تجارة السلاح الأمريكية وهي أنها لا تقتصر على الأسلحة الغير ممنوعة بل تتعداها إلى أسلحة محرمة دوليا.
وحول هذه الأسلحة كتبت في وقت سابق صحيفة واشنطن بست الأمريكية مقالا تؤكد فيه أن السعودية تستخدم قنابل فوسفور أبيض في اليمن، وهي قنابل محرمة دوليا وفتاكة. إضافة إلى وجود أدلة تؤكد استخدام السعودية قنابل تحوي فوسفور مستنفذ. هذه التقارير جعلت الأمم المتحدة ومجلس الأمن يطلب من أمريكا وبريطانيا وقف تزويد السعودية بأسلحة محرّمة في تأكيد للتقارير الميدانية عن الاستخدام المتكرّر لمثل هذه الأسلحة.
طبعا الأسلحة الغير ممنوعة ليست أقل فتكا وتدميرا فعندما يوقع رئيس جمهورية أكبر ديمقراطية في العالم عقودا بمئات المليارات لتسليح السعودية، في خضم العدوان السعودي على اليمن هو بمثابة تأكيد المشاركة المباشرة في عمليات القتل والتهجير الحاصل في اليمن وفي سوريا والعراق أيضا كون السعودية تضخ السلاح لجماعات مسلحة هناك.
خلاصة الحديث أمريكا تستخدم هذه التجارة من أجل أهداف عسكرية واقتصادية وسياسية كثيرة، ومن خلال هذه التجارة تمكنت إلى اليوم من تثبيت تربعها على عرش السلطة المطلقة في العالم. حيث لا تستطيع أمريكا الدخول بشكل مباشر في المواجهة فإن سلاحها جاهز للبيع وفتاك بالحدّ الكافي للتأزيم ودخول حلقة العنف والعنف المقابل وتزايد الطلب على السلاح. أبسط القواعد الدولية منسوفة أيضا حيث لا تفريق بين سلاح ممنوع وآخر محرّم، المهم هو تحقيق الغاية منه، الغاية التي تبرّر كافة الوسائل مشروعة وغر مشروعة.
المزيد في هذا القسم:
- كيماوي الغوطة : هكذا امتلكت ثلاثة فصائل مسلحة أسلحة كيميائيّة منذ سنوات المرصاد نت - صهيب عنجريني قبل ثلاثة أعوام "وتحديداً صبيحة 21 آب 2013" ضجّ العالمُ بأنباء مجزرة الغوطة الكيماويّة. قالت روايات المعارضة إنّ المجزرة حصدت قرا...
- ما الذي تُريده أبو ظبي من كل هذا العبث والتدخل في الدول العربية؟ المرصاد نت - متابعات ما الذي تُريده أبو ظبي من كل هذا العبث؟ سؤال بدأ يتردد كثيراً في الآونة الأخيرة خصوصاً مع توسع رقعة المغامرات الإماراتية وانتشارها من الج...
- “لوكرا” الفرنسية: السعودية وتنظيم “داعش” يتشاركون في العقيدة والفكر المرصاد نت - متابعات أظهرت التفجيرات التي هزت المملكة السعودية في الـ 5 من يوليو من الشهر الجاري في المدن السعودية الثلاث: المدينة المنورة وجدة والقطيف، أن تن...
- النظام السياسي الفلسطيني في مخاض التحوّلات الكبرى ! المرصاد نت - متابعات لا شك أبداً في نوايا الداعين إلى الحوار والوحدة وإنهاء الانقسام فطالما كانت هذه الدعوات تنمّ عن حرص وغيرة بل عن حزن وألم شديدين على الحال...
- البشير يبحث عن «مخرج» اقتصادي: خريطة طريق المعارضة تتبلور ! المرصاد نت - متابعات من دون أن تُترجم مساعيه على الأرض، يحاول الرئيس عمر البشير سحب فتيل الأزمة الاقتصادية التي أشعلت الاحتجاجات المستمرة للشهر الثاني ع...
- أردوغان: أقولها علنا.. سياسات الغرب تجاه روسيا ليست صائبة وهم يرسلون خردة إلى أوكرانيا المرصاد-متابعات اتّهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان -خلال زيارة إلى بلغراد اليوم الأربعاء- الدول الغربية بـ"اتباع سياسة تقوم على استفزاز" روسيا. وردا على سؤال...
- من بلفور إلى صفقة القرن.. "الربيع العربي" هو الأخطر! المرصاد نت - متابعات أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الثلاثاء الماضي، عن بنود ما يُسمى "صفقة القرن" التي يريد لها أن تساعده على تصفية القضية الفلسطينية وهو...
- فنزويلا : اعتقال مدير مكتب غوايدو يثير غضب واشنطن ! المرصاد نت - متابعات في خطوة تتحدى التهديدات الأميركية بالمساس برجلها في فنزويلا رئيس البرلمان الانقلابي خوان غوايدو أقدمت السلطات في كاراكاس على اعتقال مدير ...
- تطبيق ToTOK الإماراتي ساهم إسرائيليون في تصميمه! المرصاد نت - متابعات كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" أن شركة "دارك ماتر" الاستخباراتية التي تضم موظفين إسرائيليين، صممت تطبيق المراسلة "ToTok" لمراقبة المستخدمين س...
- الأسرى والشهداء والجرحى... مقاومون لا إرهابيون المرصاد نت - محمد بدير قبل نحو عقدين قال جوزف سماحة إن «لمن المستحيل الجلوس في أحضان واشنطن وارتضاء القيود الأميركية ومقاومة إسرائيل فعلاً». لو...