المرصاد نت - متابعات
عبثاً يحاول الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تجميل المسرحية الانتخابية بـ«منافس» تتم التضحية به في التراجيديا الهزلية التي باتت سمة الاستحقاق الرئاسي بعد إبعاد الفريق أحمد شفيق طوعاً والفريق سامي عنان عنوة عن المشهد وخروج مرشح القوى الثورية خالد علي من المنافسة بأقل الأضرار.
اكتمال المشهد الانتخابي لم يكن ينقصه سوى «محرم» أو «محلل» رئاسي على غرار ما قام به الرئيس السابق حسني مبارك في انتخابات عام 2005. ويبدو أن «حزب الوفد»، أعرق الأحزاب المصرية قرر أن يأخذ على عاتقه تقديم الشخصية الهزلية التي ستقوم بتمثيل هذا الدور.
على هذا الأساس تقدم رئيس «حزب الوفد» السيد البدوي بطلب للجان المتخصصة ليقوم بالفحص الطبي اللازم للترشح للانتخابات الرئاسية بالتزامن مع اقتراب إغلاق باب الترشح، بعد غد الاثنين فيما ظهر اسمه للمرة الأولى في التوكيلات الشعبية يوم أمس في مكاتب «الشهر العقاري» التي استقبلت ما يزيد على مليون و900 ألف توكيل للرئيس عبد الفتاح السيسي.
وعقد «حزب الوفد» اجتماعاً لهيئته العليا على مدار اليومين الماضيين بناءً على تعليمات من جهات سيادية طلبت الدفع بمرشح صوري أمام السيسي لخلق انتخابات تعددية ولكي لا تتحول انتخابات آذار إلى استفتاء على شعبية السيسي الذي يلزمه في حال خوضه السباق منفرداً الحصول على ثلاثة ملايين صوت مؤيد من إجمالي عدد الناخبين وإلا اضطرت لجنة الانتخابات إلى الدعوة إلى جولة إعادة بغضون أسبوعين استجابة للنصوص الدستورية.
وفي ظل ضيق الوقت المتبقي للترشح والذي يجعل من الصعب تأمين التوكيلات الشعبية اللازمة يجد «حزب الوفد» ــ أو بالأصح الجهات السيادية ــ صعوبة في تأمين التوكيلات البرلمانية من 20 نائباً كإجراء بديل لضمان قبول الترشيح.
علاوة على ذلك فإن «حزب الوفد» الذي يضم بحسب تصريحات عضو هيئته العليا محمد فؤاد، أكثر من 300 ألف عضو لن يستطيع على الأرجح جمع التوكيلات الشعبية التي نص عليها الدستور بـ 25 ألف توقيع من 15 محافظة مختلفة حتى وإن اتسع الوقت أمامه لذلك. فبرغم أقدمية «الوفد» إلا أن وجوده في الشارع محدود للغاية كما أن معظم نوابه طلبوا من ناخبيهم في دوائرهم أن يحرروا التوكيلات لمصلحة السيسي.
يضاف إلى ما سبق صعوبة تأمين توقيعات 20 نائباً من أصل النواب التسعة والأربعين الذين لم يحرّروا توكيلاتهم للسيسي. ولعلّ ما يضفي المزيد من عناصر الكوميديا السوداء على المشهد الانتخابي هو أن نواب «الوفد» أنفسهم، لن يكونوا قادرين على ترشيح رئيس حزبهم، بعدما كانوا من بين النواب المتبارين لتأييد الرئيس السيسي. هذا الأمر دفع بالسيسي إلى توبيخ عدد من مسؤولي الأجهزة السيادية الذين دعموا التوكيلات الزائدة وعديمة الجدوى.
ومع ذلك فمن المرجح أن تمارس الجهات السيادية ضغوطاً على النواب غير المبايعين للسيسي في إطار المساعي المبذولة لإضفاء صيغة أفضل شكلاً من الناحية الدستورية على الانتخابات فالدفع بالسيد البدوي كمرشح خاسر سلفاً ــ وهو سبق أن أعلن دعمه للسيسي ــ يشبه ما حدث في انتخابات عام 2005 مع حسني مبارك عندما رشّح رئيس «حزب الأمة» أحمد الصباحي للانتخابات الرئاسية وكان حينها أحد الداعمين لمبارك لا بل إن أنشطته الانتخابية كانت تدعو إلى تجديد البيعة للرئيس!
وبالرغم من أن العديد من كوادر «الوفد» تعارض المشاركة في العملية الانتخابية وتحويل الحزب العريق الذي اسسه سعد زغلول إلى ديكور للعملية الانتخابية إلا أن البدوي قد يجد في الترشح للانتخابات فرصة إنهاء لأزمات عدة تواجهه كشخص ولا سيما أن من شأن هذه الخطوة أن تعيد علاقته بـ«الأجهزة» التي تأثرت كثيراً خلال الفترة الماضية.
وعقد البدوي خلال اليومين الماضيين سلسلة اجتماعات مع عدد من مؤيدي موقفه وطالبهم بالترويج إعلامياً لأسباب ترشحه للانتخابات الرئاسية مؤكداً على أن الهدف الوحيد هو دعم الدولة المصرية في مواجهة محاولات التشكيك بالعملية الانتخابية بعد انسحاب المرشحين كافة.
ومن المتوقع أن يعقد «الوفد» مؤتمراً في القاهرة لشرح الخطوة وتبريراتها للرأي العام في وقت صدرت فيه توجيهات للمحطات الإعلامية من الجهات السيادية بدعم الحزب إعلامياً والتأكيد على حقه في ممارسة دوره السياسي في الدفع بمرشح رئاسي.
لكن البدوي قد يواجه مشكلات قانونية عدة تمنعه رسمياً من الترشح أبرزها الأحكام القضائية التي صدرت بحقه بالسجن ولم يتم تنفيذها بسبب شيكات من دون رصيد بالإضافة إلى المشكلات التي تواجه مجموعة شركاته.
في هذا الوقت خرج نائب رئيس الجمهورية الأسبق محمد البرادعي عن صمته إذ كتب عبر «تويتر» تعليقاً على ما يحدث في «الوفد» أن «من الأكرم ألا نتمسح في طقوس الديموقراطية ونحوّلها الى مسخ طالما لا نفهم معناها ولا نؤمن بها كنظام حكم» معتبراً أن «استئجار (دوبلير) لمحاولة إقناع الجمهور بأنهم يشاركون في مشهد ديموقراطى سيؤدي فقط إلى المزيد من السخرية من الأداء والإخراج سواء داخل صالة العرض أو خارجها. الصدق أفضل للجميع».
سامي عنان يبحث عن «باب الخروج»
مع تلاشي الرهانات على وساطات خارجية لإطلاق سراحه لا يزال سامي عنان يحاول البحث عن السبل الكفيلة بإنهاء أزمته سواء بثغرة دستورية تسحب ملفه من القضاء العسكري إلى المدني أو بتسوية قد تبعده نهائياً عن المشهد السياسي
لا يزال مصير الفريق سامي عنان مجهولاً. رئيس الأركان المصري الأسبق الذي تجرأ على منافسة الرئيس عبد الفتاح السيسي في انتخابات الرئاسة لا يزال قابعاً في أحد مراكز التوقيف العسكرية منذ أربعة أيام ولا بيانات رسمية تشير من قريب أو بعيد إلى وضعه القانوني أو التهم الموجّهة إليه وذلك بعد توقيفه وإخراجه عنوةً من استحقاق كان من المأمول أن يكون سباقاً رئاسياً.
وفي الوقت الذي يواصل فيه المدعي العسكري التحقيق مع عنان رشحت تسريبات وساطة قانونية تؤدي إلى إنهاء القضية في القضاء العسكري وسط تسوية تضمن تحييده عن سباق الرئاسة مقابل تجنّبه المحاسبة التي يتوقع أن تكون قاسية إذا تمّ تطبيق القانون العسكري بحذافيره.
مع ذلك كل التسويات المرتبطة بملف سامي عنان تبدو صعبة فالتدخل الخارجي لم يعد مطروحاً وخصوصاً أن موقفه من جزيرتي تيران وصنافير جعله عملياً بعيداً عن الخليج فيما لم يتبدّ أي مؤشر على إمكانية استفادته من ضغط كان متوقعاً من الولايات المتحدة أو غيرها من الدول الغربية.
وطبقاً لمصادر في القضاء العسكري ثمة حالة من السرية مفروضة على التحقيقات مع الفريق وقد أبلغ محامو دفاعه الذين حضروا معه التحقيقات ضرورة أن يلتزموا الصمت، وألا يتطرقوا إلى أي تفاصيل عن القضية إلى وسائل الإعلام تجنباً لإحراج موكلهم وضماناً لسير القضية التي تشهد تداخل عدة أطراف في الوقت الراهن. يأتي ذلك في وقت كلّفت فيه الدولة المصرية «هيئة الاستعلامات» العمل على الترويج للمواد القانونية التي تم بموجبها احتجاز عنان وإحالته إلى المحاكمة وتأكيد أن الدولة المصرية تلتزم القوانين.
أمّا «الهيئة الوطنية للانتخابات» فسارعت إلى التطبيق المباشر للإجراءات التي أرادتها الأجهزة الأمنية فشطبت اسم عنان من جداول الناخبين وأوقفت كل التوكيلات الشعبية التي صدرت باسمه عقب توقيفه وهو قرار يتفق الخبراء القانونيون على اعتباره مخالفاً للقوانين المنظمة للعملية الانتخابية التي تحظر إضافة أو حذف أسماء من جداول الناخبين بعد دعوتهم إلى الاقتراع وإعلان مواعيد الانتخابات. تلك المخالفة دافعت عنها الهيئة بنص آخر يحظر إدراج أسماء العسكريين في جدول بيانات الناخبين.
وكانت «هيئة الانتخابات» قد كشفت للمرة الأولى عن تفاصيل القاعدة القانونية الاستثنائية التي صدرت إبان حكم المجلس العسكري خلال المرحلة الانتقالية التي أعقبت «ثورة 25 يناير» والتي أُدرجت في المرسوم بقانون رقم 133 لسنة 2011 وتنص على تطبيق الاستدعاء كأثر مباشر بمجرد خلع البزة العسكرية لجميع أعضاء المجلس الموجودين في السلطة آنذاك.
والمرسوم واحد من ستة قرارات صدرت بعد أحداث ماسبيرو ومحمد محمود في 2011، وقد اتهم فيها الجيش المصري بالتسبب في قتل المتظاهرين. وكان الهدف من المرسوم الذي أصدره المجلس آنذاك برئاسة المشير حسين طنطاوي ونائبه الفريق عنان تحصين الجنرالات من المحاكمة أمام القضاء بعد تسليم السلطة التشريعية لمجلس النواب الذي كان يجرى انتخابه وخاصة أنه سيطرت على أغلب مقاعده جماعة «الإخوان المسلمون». والأخيرة كانت قد تعهدت وفق تصريحات قادتها بمحاسبة المسؤولين كافة عن إراقة الدم المصري ومن بينهم المجلس العسكري الذي كان في عضويته عبد الفتاح السيسي مديراً للمخابرات الحربية آنذاك.
في غضون ذلك كشفت مصادر أن عنان كان داعماً بقوة للمرسوم الذي يحاكم بموجبه الآن والذي كان يستهدف توفير محاكمة لائقة للجنرالات أمام القضاء العسكري في حال تصعيد الأمور بعد تسليم الحكم لرئيس مدني. والمفارقة أن المرسوم المذكور لم ينشر في الجريدة الرسمية ما يعني أنه غير قانوني وفق قرارات المحكمة الدستورية التي أصدرت في وقت سابق، قراراً ببطلان القوانين والمراسيم والقرارات التي تصدر عن السلطة التنفيذية ولا تنشر في الجريدة الرسمية التي تعتبر مرجعاً قانونياً لكل التشريعات وتعديلاتها.
على هذا الأساس تحدثت مصادر قانونية عن احتمال لجوء محامي عنان إلى الطعن بدستورية المادة الخاصة باستدعاء أعضاء المجلس العسكري فور خلعهم البزة العسكرية أمام القضاء العسكري لكنها أشارت إلى أن هذا الأمر سيستغرق وقتاً طويلاً بالإضافة إلى كونه سيجعل عنان مواطناً عادياً بعد تقاعده ما يعني أنه سيمكن التحقيق معه في النيابة العامة المدنية وليس العسكرية في أي جرائم أو مخالفات خلال المدة التي كان يعمل فيها داخل القوات المسلحة بما في ذلك قتل المتظاهرين.
وفق المصادر نفسها فإن ملفات عنان موجودة بالكامل لدى القضاء العسكري ومحامو الفريق يدركون جيداً صعوبة موقفه من الناحية القانونية والعقوبات المشددة التي تنتظره والتي تفوق بمراحل عقوبة السجن المشدد لست سنوات أي التي حكم بها على العقيد أحمد قنصوة على خلفية إعلان الأخير اعتزامه الترشح للانتخابات الرئاسية بالبزة العسكرية.
المزيد في هذا القسم:
- بعد حديث بن سلمان عن ناصر والخميني: ثقافة المقاومة في مواجهة ثقافة الصَهينة! المرصاد نت - متابعات قبل أيام نشرت صحيفة "جوريزاليم بوست" الإسرائيلية تصريحاً لرئيس وفد الإنجيليين الأميركيين جويل روزنبرغ، بعد اجتماعه مع وليّ العهد السعودي ...
- استئناف المفاوضات بين "طالبان" وواشنطن في الدوحة اليوم! المرصاد نت - متابعات قال المتحدث باسم المكتب السياسي لحركة "طالبان" الأفغانية محمد سهيل شاهين إن جولة جديدة من المفاوضات بين الحركة والولايات المتحدة ستبدأ ال...
- خطأ بايدن الأكبر في أوكرانيا! المرصاد-متابعات صرّح مستشار أمريكي سابق بأن السعي إلى دفع الناتو للتوسع نحو الحدود الغربية لروسيا قد يكون أكبر خطأ في السياسة الخارجية ارتكبته الولايات ا...
- العقوبات على "حزب الله": نهاية الهدنة أم مجرد رسالة؟ المرصاد نت - متابعات منذ ظهور نتائج الإنتخابات النيابية التي أفرزت تقدم قوى الثامن من آذار و"التيار الوطني الحر" على قوى الرابع عشر من آذار بدأت الحركة ا...
- كيان العدو يغلق بوابات المسجد الأقصى وتوتر شديد يسود مدينة القدس بعد تهديد صهيوني باقتحام ... ساد محيط حرم المسجد الأقصى بالعاصمة الفلسطينية مدينة القدس اليوم الاثنين توتراً شديداً بعد اطلاق دعوات من علماء فلسطين للنفير العام لحماية المسجد الأقصى بعد تهد...
- السعودية وإيران: هل آن أوان التفاوض والحوار؟ المرصاد نت - متابعات في مقابلةٍ بُثَّت الأحد الفائِت أقرَّ وليّ العهد السعودي محمّد بن سلمان لبرنامج "60 دقيقة" المُذاع عبر شبكة "سي بي إس" الأميركية أنّ الحر...
- الجزائر تتحضّر لانتخابات الغد: أحكام بالسجن على رجال بوتفليقة! المرصاد نت - محمد العيد لم يكن أحد في الجزائر يتوقع المصير الذي آل إليه رموز حكم فترة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة وهم الذين كانوا مرشحين في السابق لخلاف...
- فرنسا: عين على لبنان وعين على الرياض المرصاد نت - متابعات لا تزال السياسة الفرنسية تتخبط تجاه منطقة الشرق الأوسط ولبنان ضمناً. فرغم المسارعة الفرنسية لاحتواء أزمة استقالة الرئيس سعد الحريري وعقد ...
- كتاب تاريخ في السعودية يصف المقاومة ضد "الإحتلال" بـ"الإرهاب"! المرصاد نت - متابعات أقرت وزارة التعليم السعودية، الثلاثاء بوجود كتاب تاريخ تعتمده بعض المدارس في المملكة يصف أعمال المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي...
- المعادلة الذهبية هي درع لبنان الحصين أمام الصهاينة والتكفيريين المرصاد نت - شفقنا تنظيم “داعش” الذي حاول القاء الخوف والرعب في قلوب الناس من خلال توثيق ممارساته الوحشية بحق الابرياء بالصوت والصورة وهي ممارسات ...