المرصاد نت
حربٌ وحشية تلك التي تدفع بلدًا بأكمله إلى شفا هاوية سحيقة من الجوع والفقر والمرض والخراب، أطفال يتحول مهدهم إلى كفنٍ، يقضون مرحلة الطفولة في بطون المقابر لا بين أحضان ذويهم، صرخات الألم تعتصر قلوب صغار رُضَّع أصابتهم أمراض مميتة؛ لا يستطيعون الفكاك من الكوليرا، فيجدون الحصبة تنهش في أجسادهم الضئيلة، ولا يلبثون أن تخنقهم الدفتيريا، فتقضي على أنفاسهم بلا رحمة، بل بقسوة تقتلع أرواحهم فتصعد إلى بارئها، تلعن كل من تسبب في هذه الحرب العدمية على أرض اليمن أينما ثقفوا.
ليس أطفال اليمن وحدهم الذين يئنون تحت وطأة القصف الذين يأتيهم من حيث لا يعلمون ليسوا بمفردهم أولئك الذين يفزعون في بيوتهم على أصوات أزيز الطائرات التي ترسل قذائفها مصحوبة بالأكفان؛ فالشباب وكبار السن والنساء وجميع فئات المجتمع اليمني، يُعانون الأمرَّين من هذه الحرب، ولا غرابة أن جميع الأطراف مُلطخة أيديهم بدماء الأبرياء؛ فالتحالف - بقيادة السعودية - وجماعة أنصار الله وقوات الحكومة المعترف بها دوليا وكل من تورط في هذه الحرب العبثية يتحمل مسؤولية الأرواح التي تُزهق والبيوت التي تُهدم على رؤوس قاطنيها، وهم أيضا من يتحملون مسؤولية إنهاء هذه الحرب ووقف شلال الدماء هناك.
نواقيس الخطر دقتها الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة عشرات المرات لتصرخ بأن الآلاف يموتون ويُقتلون بلا جريرة، ولكن هيهات هيهات.. والجميع يسأل: بأي ذنب قتلت؟!
الأمم المتحدة تُؤكد أن أطفال اليمن يموتون من الجوع والمرض، في ظل منع الأطراف المتناحرة مرورَ الشاحنات المحملة بالإمدادات المنقذة للحياة في ميناء الحديدة فيصف جيرت كابيلير المدير الإقليمي للشرق الأوسط بمنظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف"، حجم المشاهد "المفجعة" لأطفال هزيلة في مستشفيات مدينة الحديدة الساحلية والعاصمة صنعاء -الخاضعتين لسيطرة جماعة أنصار الله. ويقول كابيلير -الذي يتواجد في الحديدة- "لدينا اليوم في اليمن أدلة على أن طفلا دون سن الخامسة يموت كل 10 دقائق بسبب أمراض يمكن الوقاية منها، وسوء التغذية الحاد". وتقول الأمم المتحدة إن نصف سكان اليمن - البالغ عددهم نحو 14 مليون نسمة - ربما يُصبحون قريبا على شفا المجاعة في كارثة من صُنع الإنسان.
كابيلير يضيف أن 1.8 مليون طفل يمني يعانون من سوء التغذية، وأن منهم ما يربو على 400 ألف يعانون من سوء التغذية الحاد، وهي حالة تهدد الحياة وتتركهم هياكل عظمية تعاني من هزال العضلات. ويتابع: "لكن هناك المزيد. يموت كثير من الأطفال بسبب أمراض يمكن الوقاية منها بالتطعيمات. اليوم، لا يتم تطعيم أكثر من 40 في المئة من الأطفال في كل أنحاء اليمن".
وقد بات بالفعل في ظل هذه الحرب المستعرة أن يموت طفل من الحصبة أو الكوليرا أو الدفتيريا لا سيما الأطفال دون سن الخامسة علاوة على أن هذه الأمراض تتفاقم مع سوء التغذية. ويمضي المسؤول الأممي يقول: "بسبب هذه الحرب الوحشية وبسبب وضع العقبات والعراقيل؛ للأسف لا يمكن القيام بأكثر من ذلك بكثير". ويزيد: "قد لا نكون حتى الآن عند مستوى المجاعة لكن يجب ألا ننتظر حتى نعلن عن مجاعة للتقدم وللضغط على أطراف الصراع لوقف هذه الحرب عديمة المعنى".
جُهود إحلال السلام لا تتوقف لكنها لا تجد صدى من أي من الأطراف المتورطة في الحرب؛ فمبعوث الأمم المتحدة لليمن مارتن جريفيث يسعى لإجراء محادثات سلام خلال الفترة المقبلة؛ بهدف وقف إطلاق النار في هذه الحرب التي انطلقت قبل أربع سنوات.
ولعلَّ المشهد الأكثر صدمة أن سبع شاحنات تحمل معدات طبية وأدوية منقذة للحياة، تقف عالقة في ميناء الحديدة منذ أسبوعين بانتظار التصريح بعد تفريغها وتتساءل منظمات الإغاثة عن طبيعة التصريحات التي تتطلبها شحنات أدوية ومعدات طبية لعلاج أناس تفصلهم خطوات عن الموت.
وفي الأثناء من دائرة الحرب الشرسة دَعَا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش لإنهاء الحرب في اليمن وحدد خطوات يتعيَّن على أطراف الصراع اتخاذها لتحقيق تقدم ومحذرا في الوقت نفسه من أن استمرار القتال سيُؤدي لأسوأ مجاعة في البلاد منذ عقد. ورغم هذه المآسي يبدي أعلى مسؤول أممي بعضا من التفاؤل بما يجري من تطورات سياسية مؤخرا ويأمل أن يجد فيها إشارات على وجود أمل في التوصل لتسوية وحث الأطراف المتحاربة على وقف العنف، خاصة حول المدن والمرافق الحيوية.
الأيام المقبلة وحدها كفيلة بإيضاح مدى جدية الأطراف المنخرطة في الحرب؛ لإيجاد تسوية وحل وإنقاذ أوراح الآلاف من اليمنيين الذين إنْ لم يموتوا بنيران المدافع والصواريخ فسيلقون حتفهم بأمراض فتاكة لا تُبقي ولا تذَر.
صحيفة الرؤية العمانية
المزيد في هذا القسم:
- النظام السعودي وسياسة هدم الآثار اليمنية! المرصاد نت في حين تحتفل دول العالم باليوم العالمي للسياحة تمر السياحة في اليمن باسوأ مراحلها نتيجة العدوان والحصار وفقا لتقرير حكومي فقد ألحق العدوان اضراراً ...
- ! شبح وباء الكوليرا يأبي مغادرة اليمن المرصاد نت يأبى شبح وباء الكوليرا مغادرة اليمن معقّدًا بذلك أزمة ملايين المدنيين المغلوب على أمرهم والذين يفتقدون أبسط مقومات الحياة الإنسانية وباتوا فريسة سه...
- أسرى الحرب أمانة وانتهاكها جريمة وخيانة! المرصاد نت القانون الدولي الإنساني يسعى لحماية الإنسان أثناء الحروب ويحد من قتل الانسان لذلك وسع الفئات المحمية الذي يستوجب حمايتهم أثناء الحروب فلم تتوقف الح...
- منطقة حداء لودر تستنجد بالمسؤولين ..فهل من مجيب؟ قرية حداء إحدى قرى مديرية لودر محافظة أبين، يبلغ عدد سكانها حوالي "800" نسمة وهذه القرية تعاني الحرمان من أبسط مقومات الحياة في الجانب الخدمي وخصوصاً من الماء ا...
- البابا يتعهد بتوفير العدالة لضحايا الاعتداء الجنسي من قبل رجال الدين المرصاد-متابعات تعهد البابا فرنسيس، اليوم الجمعة، بتوفير العدالة لضحايا الاعتداء الجنسي من قبل رجال الدين، مؤكدا أن الكنيسة تواصل استشراف المستقبل فيما يتعلق ب...
- عـــــــــاجل : الأمن القومي يعتقل الناشط الحقوقي علي حسين الديلمي اعتقل رئيس منظمة "يمن للدفاع عن الحقوق والحريات" الناشط الحقوقي علي حسين الديلمي بالاضافة الى الناشطة الحقوقية هناء الأديمي في مطار صنعاء الساعة الواحده...
- مستشفى الثورة العام بالحديدة يطلق نداء استغاثة بسبب انقطاع التيار الكهربائي المرصاد نت - الحديدة أطلقت هيئة مستشفى الثورة العام بمدينة الحديدة نداء استغاثة لإنقاذ جميع المرضى بسبب انقطاع التيار الكهربائي جراء الحصار الجائر والعدوان...
- إرتفاع الإيرادات الزكوية بصنعاء خلال يونيو الماضي إلى أكثر من 167 مليون ريال المرصاد نت - متابعات إرتفعت الإيرادات الزكوية بمحافظة صنعاء خلال يونيو الماضي إلى 167 مليون و615 ألف ريال بنسبة زيادة 308 بالمائة عن يونيو 2015م. وأوضح مدي...
- نساء اليمن .. جثث تحت الركام ! المرصاد نت ربما لا تريد المرأة اليمنية شيئا من حقوقها سوى حقها في الحياة الذي سلبه إياها العدوان السعودي ووحشية غاراته التي تزهق ارواح الابرياء والنساء تحديدا...
- 99 حالة وفاة بالحديدة نتيجة انقطاع الكهرباء المرصاد نت - وكالة خبر كشفت إحصائيات عن وفاة 99 شخصاً في شهر مايو/ آيار المنصرم أغلبهم من الأطفال وحديثي الولادة ممن كانوا في الحاضنات في مستشفى الثورة بمح...