المرصاد نت
تعكس الساحة اليمنية اليوم صورة خاصة عن تماشي وتنافر غريمين يتظاهران بالود والمماشات في حين أن الواقع يؤكد أن محمد بن سلمان ومحمد بن زايد يبتعدان شيئاً فشيئا عن بعضهما البعض بل أن كل وأحد منهما يريد أن يجعل الآخر آلة لتحقيق مصالحه.
والأميران قد بدءا العدوان على اليمن قبل أكثر من ثلاثة أعوام بنواياهما الخاصة لكن كل واحد منهما كان يطمح لتحقيق أهدافه المبيتة عسى أن يتمكنا وتحت غطاء إعادة ما أسمياه بـ "الشرعية" للرئيس المستعفي الهارب هادي لكن الحقيقة المبيتة كانت شيئاً آخر.
ففي الحقيقة كان محمد بن سلمان يحلم بالسيطرة على اليمن فيما كان ينسج بن زايد أحلام السيطرة على غرب السواحل اليمنية بنفس الفكرة الإستعمارية البرتغالية للقرون الماضية. فالأمير الأول كان يحلم بإستعمار الأرض والسيطرة على السلطة وثروات اليمن الطبيعية فيما كان الآخر يحلم بالسيطرة على الموانئ اليمنية والتحكم بمضيق باب المندب الإستراتيجي.
ومن الطبيعي أن تلك الفترة كانت علاقاتهم ودية والمواكبة كانت تطغى على التنافس والتناحر بين الأميرين لأنهما لم يختلفا على المصالح والنتائج الناجمة عن الحرب في اليمن لكن مضي الأيام وخاصة الأشهر الأخيرة أظهرت أن بن سلمان بسياساته الاصلاحية داخل البلاد وزياراته الباهظة الثمن للدول الغربية لضمان إستلامه السلطة في القريب العاجل وتأكيده على نبش الخلافات الحدودية مع دول الجوار وبالتالي ظهور بوادر طموحه لإستلام قيادة العالم الإسلامي أثارت حفيظة محمد بن زايد ودفعته للإبتعاد عنه كي لايسجل هزائم اليمن بإسم الإمارات.
ولم تكن هناك أي ضمانة لعدم تدهور مصير دولة الإمارات كما حدث لبعض جاراتها إذا ما استلم بن سلمان سدة الحكم في السعودية وهذا ما دفع "بن زايد" للتفكير بمصالحه بعيدا عن بن سلمان. والحؤول دو دخول هادي إلى عدن لفترة لم تكن قصيرة واللجوء لقبول هدنة فيها دون أي ذكر لإسم هادي الذي تسميه السعودية "رئيس الحكومة اليمنية" للتمهيد لعزله بشكل ذكي، وتنامي وتيرة الإغتيالات والأعمال الإرهابية فيها كلها مؤشرات تدل على أن شهر العسل بين المحمدين بن سلمان وبن زايد قد أنتهى الى غير رجعة.
وبعيداً عن حق المرأة في قيادة السيارات بقيت قائمة إصلاحات بن سلمان داخل السعودية حبراً على ورق بل أصبح النشطاء السياسيون والشخصيات الدينية وأصحاب الفتاوى الذين هم أكثر الشخصيات وفاء للسلطة باتوا ينقادون الواحد تلو الآخر للسجون إرضاء للشباب والتيار العلماني الذي يصوره بن سلمان وكأنه هو التيار المسلم في البلاد. لكن هذه السياسة التي تجد الأبواب مؤصدة أمامها في الداخل السعودي عكست فشل سياسات الامير السعودي حيث كان آخرها فشله أمام كندا التي أمر بقطع العلاقات معها.
فما تكشفه الأوضاع السائدة أن بن زايد قرر أن لايقاتل تحت لواء بن سلمان ووصول بن زايد لهذه النتيجة وإن جاء متأخرا بعض الشيئ إلا أن إنهيار وفشل إثني عشر كتيبة من قوات العملاء التي استجمعتهم الإمارات في السيطرة على السواحل الغربية لليمن كان السبب الرئيس لإيصال بن زايد لهذه النتيجة كي لاتسجل هزيمة قوات صالح عفاش وعمالقة في إحتلال الحديدة بإسم الإمارات وهي من تدبير السعودية أساساً.
أضف الى ذلك كشف حقيقة السجون الإماراتية في عدن وتفشي الإغتيالات فيها حتى أصبح الملف الإماراتي أسوأ من اي وقت آخر بحيث دفع سكان جنوب اليمن للإحتجاج على الوجود الإماراتي قبل الإحتجاج على الإحتلال السعودي إلى أن ظهر تقرير وكالة الأسوشويتد برس ليضع النقاط على الحروف ويكشف عن التوطؤ السعودي الاماراتي في التعاون مع القاعدة في اليمن حتى أصبحت هذه الفضيحة القشة التي قسمت ظهر البعير.
فقد اكد التقرير تواطؤ السعودية والإمارات ودفعهما اموالا طائلة للقاعدة لتنسحب من المواقع التي تسيطر عليها ليصبح الأميران المنتصرين في الحرب على الإرهاب ويحتفلا بهذا الإنتصار المزيف.
فبالرغم من تراجع حضور عادل الجبير ومحمد بن سلمان في وسائل الإعلام وإيكال الملف اليمني في الظاهر لمحمد بن زايد إلا أن الأخير أعقل من أن يقع في هذا الفخ لأنه إستلم رسالة وصول الطائرات المسيرة لأجواء مطار أبوظبي، الذي لابعد سوى 120 كيلومترا عن مطار دبي حيث بإمكانها بث الخوف والهلع في هذا المركز الإقتصادي الدولي الذي قد تفر منه رؤوس الأموال وتعيد الإمارات الى ما كانت عليه قبل أربعة عقود. ومع الأخذ بنظر الإعتبار كل هذه التطورات يبدو أن تراجع حضور بن زايد في مقامرات بن سلمان يعود للتنافس المتنامي بين المحمدين وأن الرقابة طغت على الصداقة فيما بينهما خاصة في قضية اليمن والأيام القادمة ستكشف المزيد من ذلك.
كتب : أبو رضا صالح
المزيد في هذا القسم:
- ماهو المؤتمر الشعبي العام ؟ بقلم : أ.عبدالباسط الحبيشي المرصاد نت لابد أن يعرف الجميع بأنه عندما نتحدث عن (المؤتمر الشعبي العام) فنحن نتحدث عن مؤتمر الشعب اليمني الموجود في الذاكرة الشعبية الذي وضع مداميكه...
- تفكيك تحالف ما اسموه "الاشتراملكي "! هناك مخطط واضح ومعمول عليه لايجاد قطيعة بين الاشتراكي وانصار الله واصحاب هذا المشروع يهدفون الى ما يلي - حرمان انصار الله من اي امتداد وطني وصبغهم باللون ا...
- ليس مصادفة أو وليد اللحظة ما يجرى في عدن لتهجير أبناء الشمال ! بقلم : عبدالجبار الحاج المرصاد نت كانت عدن قد تشكلت بجمالها وحب الناس لها . من ذلك التآلف والتعايش البالغ حد الاندماج الكلي لسكانها المتعدد المتنوع الثراء من ديانات مختلفة تعايش...
- الحكاية كلها هكذا: تمت الموافقة كليا على معظم مطالب "الحوثيين"..وما يحدث الآن، وهو ما فركش المفاوضات حتى اللحظة، هو أن الطرف الآخر بيحاول يكسب شي على هامش المكسب الحوثي، والحوثيين...
- الــهــاربـون مـن دنــان … الـُمهـنـجـمـيـن عـلــى بـائـع الـفـنـجـان الباعة المتجولين في سوق الحصبة و أصحاب البسطات الذين يبحثون عن لقمة عيش لأبنائهم لا يعلم الكثير من الناس ما الذي يعانونه .. يمر آلاف المواطنين من أمامهم لكنهم...
- إشكالية السياسي والمُثقف .. ( محاولة للفهم ) بقلم د. ياسين الشيباني السياسي ، محكومٌ بالتوجيهات او التعليمات او الأوامر التي تصدر له وعليه تنفيذها . ذلك أن السياسي – دائما – جزء من قوة منظمة لها مشروعها السياسي ، ونقصد بالمشر...
- إلى أولاد الأحمر إحفظوا ما تبقى من ماء وجيهكم.. اولاد عبدالله الاحمر المقبور لوعرفوا حقيقة تاريخ مكانتهم مارتكبوا الحماقات يمين ويسار الامام قطع رأس جدهم حسين الاحمر ورأس عمهم حميد الاحمر لوجود توقيعا...
- حقائق نقولها لمارك تونر القائم بالاعمال الناطق باسم الخارجية الامريكية المرصاد نت نبدأ بماقاله القائم بأعمال الناطق باسم الخارجية الامريكية ، مارك تونر: قال ( لقد أفزعتنا الجرائم التي ارتكبها داعش ضد الأفراد من مختلف الأديان...
- صناعة القداسة ! بقلم: أ. عبدالباسط الحبيشي المرصاد نت لست من المهتمين بمشاهدة الفضائيات الا فيما ندر لاسيما تلك الفضائيات المعادية لليمن والمساندة للعدوان وبالأخص تلك الفضائيات اليمنية التابعة للإصلاح ...
- اليمن بإختصار شديد (١) أقول تبرأة للذمة أمام الله وأمام الشعب اليمني شمالاً وجنوباً. اتفق العربان والغربان على تقسيم اليمن والتحاصص (التقاسم) فيما بينهم جميعاً بعد تدميره بالكامل كل ب...