المرصاد نت
إنها الذكرى الثامنة لـ«ثورة 11 فبراير» ومعها تشتعل الجدالات في الوسط الاجتماعي عامة وعالم التواصل الاجتماعي بشكل رئيسي وفي كل مرة تتكرر تلك الجدالات العقيمة يحضر معها تبادل الإتهامات والتخوين ونقل الصراعات السياسية من عالمها إلى الواقع الإجتماعي بدلاً من أن تكون مجالا للدراسة والتمحيص والتحليل عند الشباب لفرض أجندة جديدة على المشهد السياسي وبآليات جديدة وهي الفرصة التي يفترض بها أن تبلور تيارات سياسية مختلفة واكثر انفتاحا وديمقراطية عن التيارات السياسية التي تعودت التبعية وتحولت إلى نماذج مصغرة من ديكتاتوريات الأنظمة.
إن الثورات الحقيقة لا تقدم وعوداً ولا تكتب شيكاً على بياض ولا تنذر النذور وتقدم القرابين إنها فعل جماهيري له مبرراته المنطقية والموضوعية وهذا الفعل الجماهيري لا ينهض عبثاً ولا تلبية لمطالب شخصية ضيقة، فالتأريخ يقول إن الثورات فعل مستمر لا تتوقف لحظاته وإن بدا في أوقات ما ساكناً لعين المراقب لكن لحظات السكون تلك - وهي التي ينعدم فيها الفعل الثوري الجماعي لأسباب مختلفة وعادة ما يكون ذلك مرتبطاً بوجود سلطة قمعية- فإنها تكون لحظات اكتساب زخم جديد وهي تراكم ببطء احتقاناً جديداً لدى المجتمع الذي غالباً ما يكون المحبطون فيه يرفعون أصواتهم بالولولة واللوم وجلد الذات والثورة وهم الذين كانوا يؤملون المكاسب المباشرة المحتملة التي قد تعود عليهم بوقوفهم إلى جانب الثورة خاصة على حياتهم الشخصية بشكل مباشر وكانوا «يتطلعون إلى تغيير مفاجئ كبير في اوضاعهم المعيشية» كما يقول ايريك هوفر في كتابه المؤمن الصادق.
وما لا يعلمه هؤلاء أن ذلك الإحباط هو وقود جديد تراكمه الثورة التي ينعونها لتغذية فكرتها لدى جيل جديد من الثوريين يتألم لذلك الإحباط ويطور آلياته للثورة ليخطو بها خطوة أخرى مستفيداً من تجارب السابقين له ثم تتقارب تلك الخطوات عندما تصير الثورة ذاتها وافكارها هي التي تحكم مؤسسات دولة حقيقية وتنتصر لها وتطبقها وهنا تكون أكثر رقابة على تطبيق السلطة للمبادئ التي حملتها الثورة فهي عبارة عن فعل جماهيري قد يتكرر في حياة الجيل الواحد ليتحول إلى فعل للتقويم المستمر للحفاظ على المكتسبات للثورة تعود وتتباعد خطواتها لتكون كعملية صيانة ومراجعة وتجديد لما حققته وصونا لها من أية انحرافات قد تطرأ مع الزمن.
فالثورات في حد ذاتها هي مجموعة من الأفكار والقيم التي تتطلب فعلاً جماهيرياً يحملها إلى ارض الواقع ويفرضها بحسب الأدوات المتاحة له وإمكانيات الزمان والمكان وتلك الأفكار تظل تنتقل من جيل إلى جيل بشكل أكثر قداسة وأكثر حدة مع السلطة التي تنتهك تلك المسلمات.
إن ما يتوجب على الثوريين المؤمنين بثورتهم من «شباب 11 فبراير» هو تسليط الضوء على الصورة الحقيقية للمرحلة التي ولدت فيها الأفكار الثورية وحيثيات ومسببات الثورة، وطبيعة الديكتاتور ونظامه، والتركة التي تحتاج لعشرات السنين من العمل الجاد ليتجنبوا الضغط والاستسلام للوم الإجتماعي في مجتمع لا يؤمن بالفردانية وتغيب فيه الحريات الفردية السياسية وذلك لتقليل فترة الزخم التي يشنها ما تبقى من النظام السابق وهي ردة فعل طبيعية ومؤقتة يطلقها أنصاره كتنهدات على المصالح التي فقدوها بسبب الثورة فهم يتذكرونها في قرارة انفسهم باعتبارها حسنات تخصهم لكنهم يفعلون ذلك بطريقة التباكي على المصالح العامة كونها منجزات لصالح الشعب لكسب مزيد من المتعاطفين المحبطين لكيل اللوم على فكرة التغيير اساساً وغالبا ما يكون المحبطون الذين يستجيبون لذلك التباكي وهم الذين التحقوا بالثورة معتقدين بأنها ستحقق أهدافها من اليوم التالي وأنها ستلبي طموحاتهم الشخصية وحتى أحلامهم الثورية بشكل سحري.
كتب : هشام محمد
المزيد في هذا القسم:
- اتفاق السويد خطوة إلى الأمام ! المرصاد نت هكذا يفسر هذا الاتفاق من وجهة النظر الوطنية لذلك حرص الجانب الوطني ممثلاً في كل هيئات الدولة بدءً بقيادة الثورة ورئاسة المجلس السياسي الأعلى ومرورا...
- هادي ما الذي تنتظره !؟ المطالب واضحة وسهلة وبيدك تحقيقها وهو الخيار الافضل والخطة الثورية البديلة لتحقيقها محددة ايضا ومعلنة ومزمنة ولا مجال للتراجع عنها !نعم ما الذي تنتظره يارئيس ها...
- التفخيخ المزدوج ! بقلم : صارم الدين مفضل المرصاد نت كانت عناصر ما تسمى القاعدة وداعش تستخدم حزام ناسف او مفخخة واحدة لتنفيذ عملية انتحارية ضد هدف معين كما في السابق الا انها بعد ارتفاع حالة الوعي لدى...
- مَن هو عدوكم الحقيقي ؟! بقلم : صالح مقبل فارع المرصاد نت ماذا عملنا بكم يا جنوبيون..؟! لماذا ذهبتم إلى نجران لتقاتلوا مع السعودية ضدنا ؟بعتم ضمائركم ووطنيتكم ليش..؟!لماذا لا تُخلّوا بيننا وبين السعودية...
- واقع الإعلام اليمني في ظل العدوان ! بقلم : أ . إبراهيم الديلمي* المرصاد نت تتعرض اليمن لحرب عسكرية وأمنية وسياسية شرسة من قبل تحالف دولي تتصدره السعودية والولايات المتحدة الأمريكية ويحظى بدعم من دول عدة في العالم. ويرافق ه...
- العمليات العسكرية المتنامية لمراكز القيادة والسيطرة التكفيرية في اليمن مع العمليات التي اصبحت تمثل تلك الخطورة على مستقبل البلد وحاضرة والمتمثل فيها تنظيم ما يسمى (القاعدة)، في الآونة الاخيرة ضد قيادات الجيش وأركانة ومجندية ،و...
- الدور النضالي للنقابات العمالية بين الأمس واليوم المرصاد نت تلعب النقابات العمالية ومنظمات المجتمع المدني عامة دورا هاما وأساسيا في الارتقاء بحياة المجتمع وصناعة مستقبله المشرق بما يلبي آمال وتطلعات الجماهير...
- يا حكومة الانقاذ .... استحوا ! بقلم : حامد البخيتي المرصاد نت يا حكومة الانقاذ إذا لم يعد الخوف من الله رادع لكم لتستوعبوا مسؤوليتكم ومهمتكم ودوركم كممثلين لإرادة شعبية وليدة حرة ترفض الوصاية الخارجية التي سعى...
- عدن والذكرى السنوية الأولى لاحتلالها ! بقلم : أ٠د .عبدالعزيز صالح بن حبتور المرصاد نت غادرت مدينة عدن قبل عام تقريباً في أثناء بدء الاجتياح الغاشم لها من قبل قوات المملكة السعودية والإمارات وفيلق الجنجويد من السودان والشركة الأمنية ا...
- رئيس الفانتازيا الأمريكية كتب: عبدالباسط الحبيشي هرولت العديد من الأنظمة ومليشياتها العربية وغير العربية وادواتها الإعلامية بالتعاطي مع الرئيس الأمريكي الغير شرعي جو بايدن وكأ...