كتب: د. ياسين الشيباني
السياسي ، أو من يعمل في مجال السياسية ، محكوم بالتوجيهات او التعليمات او الأوامر التي تصدر له وعليه تنفيذها .
ذلك أن السياسي – دائما – جزء من قوة منظمة لها مشروعها السياسي ، ونقصد بالمشروع السياسي هنا : الإطار العام للأهداف والمصالح التي تسعى تلك القوة المُنظمة الى تحقيقها في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وربما العقائدية ، بصرف النظر عن مدى اتفاق هذا الإطار السياسي أو عدم اتفاقه مع المصالح الوطنية والإجتماعية العامة .
فالسياسي ، بوصفه - في التحليل الأخير - موظفا ، ليس أمامه أي خيار آخر غير تنفيذ الأوامر الصادرة اليه ، وأقصى ما يملكه – إذا كان ضمن المستويات العليا ويتمتع بالثقة المطلقة – هو أن يكون له هامش مُعين في التقدير، سواء فيما يتعلق باختيار توقيت القرارات ، أو في الكيفية التي يتم تنفيذها بها ، مادام ذلك سيؤدي – في النهاية - الى تحقيق الأهداف والمصالح السياسية المرسومة للقوى التي ينتمي اليها هذا السياسي أو يعمل في خدمتها .
إذن فالسياسيون ، كموظفين ، مثلهم مثل الجنود ، تتغيّر مهامهم ومواقعهم باستمرار تبعا لمتطلبات المعارك السياسية والخصوم السياسيين في كل مرحلة . ويتم استخدامهم من قبل القوى التي يتبعونها تبعا لقدراتهم ومهاراتهم ، وبالطبع ، فإن بعضهم ينجحون في أداء ادوارهم فيكافئون ويرقون ، وبعضهم يفشلون ، فشلا كليا أو جزئيا ، فيستبعدون مؤقتا أو بشكل دائم .
أما المثقف ، بوصفه صاحب رؤية أو فكرة ، فهو محكوم برؤيته وقناعاته قبل كل شيء وليس بالأوامر والتعليمات . لهذا يفشل المثقفون فشلا ذريعا حين يعملون في السياسة ، حتى في تلك الحالات التي يعمل فيها المثقف ضمن حزب أو قوى سياسية يجمعه معها إطار عام مشترك .
وتُشكل مجموعة القيم والمبادئ التي يؤمن بها المُثقف مرجعيته العليا ، وبصرف النظر عن صحة أو واقعية ما يؤمن به ، إلا أن مطالبته بالعمل خارج إطار تلك الرؤية ( بدعوى المرونة أو الواقعية كما يفعل السياسيون ) يصبح ضربا من المستحيل ، لأن ذلك يُشكل – من وجهة نظره – إعتداء على كينونته ذاتها ، وهذا يُفسر لنا كيف أن رؤية بعض المثقفين تتحوّل ، بالنسبة لهم ، الى أيدولوجيا ، وبالتالي يعطونها قيمة مقدسة ، وتصبح حياتهم بلا معنى إذا لم يعيشوها وفقا للقناعات التي يؤمنون بها .
لذلك كله ،
يفشل المثقفون في فهم وتبرير سلوك السياسيين ، كما يفشل السياسيون في فهم وتفسير مواقف المثقفين .*
من صفحته على الفيسبوك.
المزيد في هذا القسم:
- رسالة الغضب يجب ان تقرأ جيدا وبمسئولية! ثمة رسالة واضحة وقوية بعثها المتظاهرون صباح امس الثلاثاء في الذكرى الثالثة لثورة 11فبراير المغدورة وهي بدرجة رئيسية موجهة الى كل من الرئيس هادي وحكومة المبا...
- معركة الحديدة والساحل وصفقة القرن ! المرصاد نت العملية البحرية النوعية الكبيرة التي نفذها أبطال القوة البحرية على ميناء المخا المحتل أمس الأول ستكون لها نتائجها المباشرة في قادم الأيام .نظرا لظر...
- من دولة الوحدة الى الدولة الفدرالية اختلف اليمانيون مجددا كعادتهم سواءً بالرفض او بالإتفاق على تعدد الأقاليم للدولة الفدرالية القادمة. هذا الإختلاف المستمر يسقط دائماً في خانة المصال...
- نحن العبيد اخوة مروان الغفوري ! بقلم : فارس العليي المرصاد نت كيف يمكن لأخ حر السماح بأن يصبح اخوته عبيدا ؟ ثم ياللغرابة العائلية “يتنابزهم” بالعير والسخرية !ليس فقط مروان الغفوري وحده ممن دأبوا...
- ضعف الوعي يبرز الحساسيات المناطقية والقوميه بروز الحساسية المناطقية والقومية عند عامةاليمنيين المقاومين للعدوان السعودي الامريكي مشكلة كبيرة يجب ان نلتقت اليها جميعا واتمنى ان يهتم الجميع بمعالجة هذه المش...
- ﻧﻬﻢ .. ﺳﺘﺎﻟﻴﻨﺠﺮﺍﺩ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﻭﺍﻟﻌﺸﺮﻭﻥ ! بقلم : صدام حسين عمير المرصاد نت ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﺩة ﻣﺎ ﻳﻀﺮﺏ ﺍﻟﻤﺜﻞ ﺑﻤﻨﺎﻃﻖ أﻭ ﻣﺪﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺴﺮﺣﺎ لأﺣﺪﺍﺙ عظيمة ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ البسيطة ﻭ ﺍﻟﺘﻲ ﺑﺪﻭﺭﻫﺎ ﺗﻜﻮﻥ سببا في ﺍﻓﻮﻝ حقبة معينة ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﻭﺑﺰﻭﻉ ﻋﻬﺪ ﺟﺪﻳﺪ....
- إتفاق الرياض 2019م من استعادة الدولة إلى الوصاية! المرصاد نت بدون اهداء : إلى مرتزقة الكلام الرخيص والرقيع الذين لا يفهمون حتي من التكرار‘ مرتزقة الأجر المدفوع ‘ ممن اعتادوا العيش بالسحت وبدون كرامة شخصية ول...
- إنها الوحدة .. العنوا الشيطان ! بقلم : عبدالله الصعفاني المرصاد نت ما من بهجة أروع من تلك البهجة التي يصنعها واقفون تحت الشمس غير مبالين بسخونة الصيف ولا بسماء مفخخة بقنابل الصوت الطامعة في إشاعة الخوف. وجم...
- الخديعه الذكيه وسياسة المدى البعيدة في محاولة إبتلاع اليمن ... بقلم : الشيخ مجاهد حيدر كيف أستطاع بن سعود أن يجعل القيادات اليمنيه تعمل بكل عزيمه وإخلاص على تدمير وأضعاف وطنها اليمن ليكون لقمه صايغه يبتلعه في الوقت المناسب. تلك القيادات التي اختا...
- إتفاق الرياض .. تهشيم أصابع اليمن! المرصاد نت تُفضي التفاهمات السياسية في اليمن حيال إعادة صياغة السلطة إلى اندلاع دورات الصراع المحلية، إذ يكاد يكون ذلك نمطاً واضحاً، حيث تأتي هذه الاتفاقيات ب...