قيام الجمهورية الأمريكية الثانية

كتب: عبدالباسط الحبيشي

 

 

بعد الفشل الذريع الذي حدث في السادس من هذا الشهر في تنفيذ الإجراءات وفقاً لنصوص الدستور الأمريكي بالنظر الى حالة التزوير التي تمت خلال الإنتخابات الرئاسية الأمريكية بحسب ماجاء في مقالنا السابق بعنوان (ماذا سيحدث في السادس من يناير في الكونجرس) ورفض قيادات الكونجرس الإستماع الى الإعتراضات من قِبل بعض النواب والشيوخ مما جعل مبنى الكونجرس عُرضة للإنتهاك من قِبل بعض المتظاهرين بوازع من عناصر تابعة لليسار الشيوعي المتطرف المنخرط في الحزب الديموقراطي سيتغير تاريخ نقل السلطة في أمريكا من عشرين يناير الى ربما الرابع من مارس القادم الذي سيشهد بداية تغيرات جذرية في الواقع الرسمي الأمريكي.

من هذا المنطلق سيقف العالم من الآن وصاعداً امام مشاهد تحدث لأول مرة منذُ 1776 على طريق متغيرات شاملة في الولايات المتحدة الأمريكية مما سينعكس لاحقاً على أمريكا نفسها وبالتأكيد على طبيعة العلاقات الدولية الراهنة والنظام العالمي برمته. وهنا يقول المثل (لا تستطيع ان تُعَلِم الناس الحقيقة .. بل اجعلهم يشاهدونها) وهذا مايجري منذُ اربعة اعوام في الولايات المتحدة الأمريكية وحتى الثلث الأخير من الشهر الجاري الأمر الذي سنح للشعب الأمريكي أن يرى حقيقة الأوضاع السياسية والإقتصادية في بلاده والكشف عن قوى الدولة العميقة او (المستنقع) ، كما يسميها الرئيس ترمب، التي تقوم بإستغلال الشعب الأمريكي لصالح قوى عالمية تحكم العالم بإسم بلاده وعلى حسابه. ولذلك لا غرو ان نجد الفضائيات الإعلامية العالمية المملوكة لهذه القوى تستميت حالياً في الكذب والتضليل على العالم وتقوم بالتعتيم على حقيقة ما يحدث بل انهم قاموا بإغلاق منصات التواصل الإجتماعي امام العديد من النشطاء وايضاً على الرئيس الامريكي نفسه وضد كل من ينبس بشفة عن حقيقة ما يحدث ليس عقاباً لهم بل خوفاً مما يصدر عنهم. لكن الحقيقة الساطعة التي تغيب عن الكثيرين هي ان الجني قد خرج من القمقم ومن الصعب إرجاعه. وبالمناسبة فقد تم حجب موقع المرصاد خلال الأيام الماضية لنفس السبب. لذا فإن السؤال الذي يفرض نفسه هل من الديمقراطية تكميم الأفواه ومنع حرية التعبير التي نصت عليها المادة الأولى من الدستور الأمريكي؟

المشكلة بالنسبة لعالمنا العربي والإسلامي ان الناس تعمل على تقييم الأمور من خلال مواقفها الشخصية والعاطفية والعصبية فقط او بالأخص من خلال الإعلام الموجه من قِبل القوى الدولية ولذلك نجدهم لا يرون الا من منظار مااعتادوا على رؤيته داخل عتمة الصندوق الذي تضرب عليه الفضائيات المزوره او أنظمتهم التابعة لمؤسسات النظام العالمي المتهالك أقفالها الغليظة.

وعلى سبيل المثال فإن اخواننا فيما يسمون انفسهم بقيادات "محور المقاومة" يعتقدون انهم يحسنون صُنعاً بالتغطية على اعينهم وأعين الناس معهم عن حقيقة مايجري او باستمرارهم الرقص على نفس ايقاع الطبلة ولحن المزمار الذي لم يتغير منذُ ٧٠ عاماً. يتحدثون عن المقاومة ويستخدمون اعلى طبقات الجعجعة الخاصة بالحبال الصوتية التي تؤثر على نفسية الإنسان العربي بينما إسرائيل التي يدّعون مقاومتها تتقدم في كل أنحاء الوطن العربي وتكاد تسيطر ليس من النيل الى الفرات وحسب بل وحتى البحر العربي الى جزيرة سقطرى اليمنية دون رادع.

ومن الجدير بالذكر ان المذكرة التي اصدرها وزير الخارجية الامريكي يوم أمس المعبرة عن نيته وضع جماعة انصار الله او الحوثيين على قائمة الإرهاب ليست مسألة شخصية بالنسبة له ولا بالنسبة لنظامه ولكنها من المقتضيات السياسية البحتة وربما لا يتم البت فيها بالتصويت من قِبل الكونجرس في ١٩ من الشهر الحالي ليس لأن النواب سيرفضون التصويت عليها بل لربما انه لن تكون ثمة جلسة للنواب اصلاً في هذا التوقيت من اليوم الأخير من ايام الجمهورية الأولى وبداية الجمهورية الثانية في اليوم الذي يليه. وبالتالي فإن مذكرة الوزير بومبيو لن تكون الا بمثابة رسالة لجس نبض ردود الفعل ليتحدد من هو معَ ،، ومن هو ضد لأن العالم سينقسم بعد هذا التاريخ الى قسمين وعلى كل جهة ان تُحدد موقع معسكرها من الإعراب ،، إما مع العالم الحُر الذي يؤمن بحرية التعبير وحرية العقيدة او مع عالم الرِق والعبودية الذي يقوم على مصادرة كل انواع الحريات.

المزيد في هذا القسم: