باريس وصنعاء هناك فرق

حادثتان إرهابيتان وقعتا في وقت متزامن تقريبا في صباح يوم السابع من يناير ٢٠١٥ في كلٍ من باريس وصنعاء. في ALHBESHالاولى حصدت إثني عشر قتيلاً وعدد كبير من الجرحى، وفي الثانية  حصدت أكثر من خمسة وثلاثين شهيداً وعشرات من الجرحى. 

قبل ساعات من الحادثتين كانت فكرة هذا المقال تنحصر حول نتائج الزيارة التي قام بها مستشارو الرئيس عبدربه منصور هادي للسيد عبدالملك بدر الدين الحوثي قائد جماعة أنصار الله/ الحوثيين في صعدة، وبما ان نشر هذا المقال هو يوم السبت القادم اي بعد ثلاثة ايام من كتابته وهو موعد إصدار صحيفة اليقين الغراء تكون قد إستجدت في الأمور الكثير  مما قد يجعل هذه المادة قديمة ويكون قد طواها النسيان بفعل أحداث جديدة أخرى  في ظل تسارع مخيف للأحداث في العالم لا سيما في اليمن، الأمر الذي يمنع الصحافي او الكاتب او السياسي من إلتقاط أنفاسه حتى يجد نفسه امام حالة او حالات اخرى جديدة لابد من ان يتعامل معها.

وهذا يعني ان انتقال المعلومة السريع والمتزامن مع الحدث انعكس على وتيرة الحياة نفسها مما حدا بكبريات الصحف العالمية على سبيل المثال ان تتخلى عن نسختها الورقية لصالح تجدد ومواكبة موادها وأخبارها مع الإيقاع السريع للأحداث إلكترونياً التي تسبق رصدها على الورق فضلا ً عن طباعتها وتوزيعا وبيعها.  

خلال أقل من يوم واحد في باريس تم الكشف عن الجناة الذين ارتكبوا الجريمة المذكورة أعلاه والقبض عن بعضهم ومواصلة البحث عن البقية. في صنعاء، ليس فقط انه يتم الكشف عن الجريمة المتزامنة مع الاولى التي حدثت في باريس، بل انه لم يتم الكشف عن الجناة لجرائم ما قبل ٣٦ عاماً، ولم يتم القبض على مجرم واحد من قبل السلطات الرسمية ناهيك حتى عن وجود اي فكرة للبدء بمتابعة الجريمة.

تداعى كل الفرنسيون والعالم ضد جريمة باريس ووقفوا صفاً واحداً ضد الجريمة ومرتكبيها وأعلنت الحكومة الفرنسية حداداً رسمياً حزناً على القتلى بينما من ندعوهم نحن شهداء اتهمناهم نحن بقتل انفسهم وبدلا ً من التركيز ومتابعة الجاني قمنا بإتهام الضحية لتبرير اي عمل قد يمكن للسلطات المعنية ان تقوم بواجبها في البحث عن القاتل. 

باريس، تمتلك دولة قوية ومتماسكة وفرنسا لها شعب من إثنيات وأقليات وأعراق مختلفة الا ان الجميع وقفوا وتضامنوا مع الضحية وادانوا المجرم بينما صنعاء مازالت تعيش في مرحلة ماقبل الدولة بل ان وظائف الدولة الوهمية توهب كمنح للمقربين من مراكز القوى او تؤجر  لمن يدفع المقابل للإسترزاق وإبتزاز المواطن وليس لخدمته.

من قاموا بزيارة السيد عبدالملك لم يكن سعيهم لشد أزره في مكافحة الفساد والإرهاب وعرض مساعدتهم للشراكة المعنوية والمادية والفنية واللوجستية لرفع مستوى المواجهة ضد هذه الآفات التي تكتسح وتسيطر على اليمن منذ أمد بعيد، بل كان هدف الزيارة للمناورة والمداورة والمقايضة والإبتزاز  ضد ما يقوم به هذا السيد وجماعته لرفع منظومة السُخرة المفروضة على الشعب اليمني التي يمارسها هؤلاء، وعندما فشلوا في تحقيق مبتغاهم او بعضه؛ كان الرد الغادر والجبان والمفلس المباشر ضد أبناء الشعب اليمني ودمهم المسفوح في بوابة كلية الشرطة.

وأخيراً ليس بآخر، قيمة الإنسان في باريس مرتفعة جداً ولا تقدر بثمن ويمكن من أجل إنقاذ إنسان تحرك جيوش هذا البلد لإحتلال بلدان أخرى لإنقاذه لأنه في عرف ومفاهيم الدول ان النظام والقانون والجيش والأمن وبقية مؤسسات الدولة وُجدت أساساً لخدمة ورعاية وعزة ورفاهية إنسانهم بينما في صنعاء التصور هو العكس ولذا عندما قتل أكثر من خمسة وثلاثين إنسان وغيرهم منذ أكثر من ثلاثة عقود لم يهتم حتى الإعلام المحلي الرسمي الذي يمتلكه هذا الإنسان المذبوح حتى بالقيام بذكره.  

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

المزيد في هذا القسم:

  • أحزاب في كنف (الإمامة) ! المرصاد نت اللقاء الموسع الذي جمع الأحزاب والمكونات السياسية يوم أمس اكتسب أكثر من دلالة فإلى جانب أنه قد منح الشراكة الوطنية مظلة أوسع حين التأمت الأحزاب في ... كتبــوا
  • الشباب اليمني إلى أين؟ المرصاد نت الشباب اليمني، سواء في الداخل أو الخارج، وأخص بالذكر، الصحافيين زملاء المهنة والكتاب والمثقفين والنخبة، والذين كنا نعول عليهم في ترميم النسيج الاجت... كتبــوا