عدن تضيق ذرعاً بانتهاكات «المدعومين إماراتياً»: الشارع هو الحل؟

المرصاد نت - متابعات

لم تمر واقعة قتل الشاهد الرئيسي في قضصة اغتصاب «طفل المعلا» الشاب رأفت دنبع مرور الكرام في الجنوب عامة وعدن على وجه التحديد.الحادثة التي أتت بمثابة النقطة التيAden Poepals2019.3.10 أفاضت كأس التجاوزات الإمارات والمجموعات المسلّحة التابعة لها بحق الجنوبيين أدّت إلى حالة غليان شعبي لم تهدأ تداعياته بعد.

فقد تواصلت الاحتجاجات الشعبية على شكل تظاهرات شعبية عارمة شهدتها منطقة المنصورة هذه المرة كمحطة ضمن سلسلة الاحتجاجات التي شهدتها المدن والمناطق الجنوبية  بعد مقتل دنبع الذي كان شاهداً رئيسياً في قضية اغتصاب «طفل المعلا» على أيدي أفراد من قوة «مكافحة الإرهاب» التابعة لإدارة أمن عدن المدعومة  من الإمارات وشهدت الأيام الماضية سلسلة احتجاجات في مناطق مختلفة من عدن شملت كريتر والقلوعة والتواهي، فضلاً عن احتجاجات في المنصورة وخور مكسر والشيخ عثمان.

وتحت الضغط الشعبي أصدر وزير الداخلية في حكومة هادي أحمد الميسري قراراً بتشكيل لجنة تحقيق بحادثة مقتل دنبع يوم السبت الماضي. وبعد يوم واحد من تشكيلها خرج رئيس لجنة التحقيق وكيل وزارة الداخلية اللواء محمد الأمير ليعلن أن القوة الأمنية المسؤولة عن الحادثة سلمت قائد المهمة المسؤول عن قتل الشاب كأول قضية ينجح الرأي العام خلالها في إجبار الجهات المعنية على تسليم أحد المسؤولين عن جريمة قتل في مدينة ارتكبت فيها مئات حوادث الاغتيال الغامضة في السنوات الأخيرة.

وتوقف المراقبون والمتابعون للشأن الجنوبي عند ردة الفعل الشعبية السريعة والغاضبة. ورأى الكثير منهم أن الغضب الشعبي الذي تفجّر أتى نتيجة للغحتقان الكبير الذي سبّبته الانتهاكات الفاضحة والمتواصلة التي ترتكبها المجموعات المسلحة المدعومة من الإمارات والتي تتضمن أعمال القتل والاختطاف والإخفاء في السجون السرية فضلاً عن انتهاك حقوق السجناء وتعذيبهم.

حادثتا الاغتصاب والقتل الأخيرتان سلّطتا الأضواء على الوضع الأمني في عدن الذي تتخذها حكومة هادي عاصمة مؤقتة لها. الأمر الذي يطرح تساؤلات عمّا إذا كان ثمّة من يعبث بالأمن تنفيذاً لأجندات تخدم هدف إضعاف ماتسمي ب«الشرعية» خصوصاً وأن اللواء شلال علي شائع أحد أبرز أذرع «المجلس الانتقالي الجنوبي» الذي تدعمه الإمارات هو من يدير الأمن في المدينة التي تتمتع فيها قوات «الحزام الأمني» المدعومة إماراتياً أيضاً بنفوذ واسع.

متابعون للوضع الأمني في عدن يربطون بين هذه الوقائع وما يقولوان إنها «المساعي الحثيثة لأتباع الإمارات في عدن لإفشال تجربة ماتسمي بالشرعية في إدارة الحكم». ويعتبر هؤلاء أن «التناقض الكبير بين أجندة ماتسمي بالشرعية المدعومة من الرياض والداعية إلى حلّ للأزمة اليمنية يقوم على أساس الأقاليم الستة الذي يرى المجلس الانتقالي أنه لا يعطي الجنوب حق الانفصال وتشكيل دولة مستقلة عن الشمال».

يتهم المنادون بانفصال الجنوب هادي بأنه «يعرقل حل الدولتين لأنه يؤدي إلى خروجه من السلطة» فيما يتهم مؤيدو هادي «المجلس الإنتقالي وأدواته المدعومة من الإمارات» بأنها  «تعرقلة قيام حكومة هادي بواجباتها على أرض الواقع وتقوّض نفوذ السلطة تنفيذاً لأجندات خارجية تتصل بالصراع على اليمن».

وللمرة الأولى نجح رد الفعل الشعبي الغاضب في مدينة عدن في انتزاع قرار بتسليم القتلة المسؤولين عن استهداف دنبع إذ أصدر وزير الداخلية أحمد الميسري الذي يواجه هو الآخر تحديات بممارسة مهامه في ظل تبعية العديد من الأجهزة والتشكيلات الأمنية لأبوظبي قراراً بتشكيل لجنة تحقيق بحادثة مقتل الشباب يوم السبت الماضي. وبعد يوم واحد من تشكيلها خرج رئيس لجنة التحقيق وكيل وزارة الداخلية اللواء محمد الأمير ليعلن أن القوة الأمنية المسؤولة عن الحادثة سلمت قائد المهمة المسؤول عن قتل الشاب كأول قضية ينجح الرأي العام خلالها في إجبار الجهات المعنية على تسليم أحد المسؤولين عن جريمة قتل في مدينة ارتكبت فيها مئات حوادث الاغتيال الغامضة في السنوات الأخيرة.

ووفقاً لمصادر فإن ردة الفعل الشعبية التي تخللها قطع شوارع واحتجاجات يومية طوال الأيام الماضية لم تكن لتنفجر على هذا النحو وتؤدي إلى كل ما حصل إلا لكونها أتت بعد سلسلة من الانتهاكات وأعمال البلطجة التي تمارسها التشكيلات الأمنية والمليشيات المدعومة إماراتياً والتي تتضمن أعمال القتل والاختطاف والإخفاء في السجون السرية فضلاً عن انتهاك حقوق السجناء وتعذيبهم.

وقبل أيامٍ فقط من الغليان في عدن كانت المدينة على موعدٍ مع فتح أحد الملفات السوداء ويتمثل بسلسلة الاغتيالات التي استهدفت خطباء مساجد ودعاة في الأعوام الأخيرة من خلال لقاء رعاه نائب رئيس الوزراء – وزير الداخلية أحمد الميسري وتحدث بصراحة خلال اللقاء عن أن خطباء عدن تعرضوا لحملة استهداف منظمة وأعلن استكمال التحقيقات بشأنها داعياً إلى كشف المعلومات حولها للرأي العام.Aden Uae2019.3.10

من جهته سبق أن كشف تحقيق أعدته وكالة أسوشييتد برس في إبريل/ نيسان 2018 عن مقتل ما لا يقل عن 25 من رجال الدين والأئمة منذ عام 2016 في عدن والمقاطعات الجنوبية. كما أدت عمليات الاغتيال الممنهجة إلى إجبار أكثر من 50 رجل دين على مغادرة اليمن.

كذلك سبق أن نشر موقع “بازفيد” في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي تقريراً مطولاً عن ضلوع مرتزقة أميركيين كانوا يعملون سابقاً في أجهزة استخبارات بلدهم أو في الجيش في عمليات اغتيالات لخصوم الإمارات في اليمن. وذكر الموقع يومها أنه لأشهر عمل جنود أميركيون مدربون عالياً على مهمة يشوب مدى قانونيتها كثير من الضبابية وهي قتل رجال دين بارزين وشخصيات تنتمي لأحزاب إسلامية وأهمها حزب “الإصلاح” الذي تعتبره الإمارات فرع “الإخوان المسلمين” في اليمن.

من زاوية أخرى تسلّط الاحتجاجات المتصاعدة في عدن الضوء على الوضع الأمني المختل الذي تعيشه المدينة الموصوفة بـ”العاصمة المؤقتة”. ويقود اللواء شلال علي شائع وهو أحد أبرز أذرع “المجلس الانتقالي الجنوبي” الانفصالي الذي تدعمه الإمارات إدارة الأمن في المدينة. كما تتمتع “قوات الحزام الأمني” وهي ذراع أبوظبي في عدن ومحيطها بنفوذ واسع.

ولم تقتصر الشكاوى من ممارساتها على عموم السكان بل إن حكومة هادي أكدت في رسالة إلى مجلس الأمن الدولي العام الماضي أن هذه القوات تمثل تهديداً للأمن والاستقرار، وترتكب الانتهاكات من السجون السرية، واضعة ممارساتها في إطار عرقلة قيام الحكومة الشرعية بواجباتها على أرض الواقع. كذلك لم يغفل أحدث تقرير أعدّه فريق الخبراء التابع لمجلس الأمن الدولي حول اليمن أواخر يناير/ كانون الثاني الماضي وسرب إلى الإعلام خلال شهر فبراير/ شباط الماضي خطورة الأدوار التي تؤديها الإمارات في تقويض نفوذ سلطة هادي. وركز التقرير على الأدوار التي يؤديها “المجلس الانتقالي الجنوبي” الانفصالي الذي شُكّل عام 2017 بدعم من الإمارات إلى جانب وحدات قوات الحزام الأمني وقوات النخبة الحضرمية وقوات النخبة الشبوانية ومسؤولين حكوميين محليين (جميعهم تدعمهم الإمارات) في عرقلة ممارسة حكومة هادي لسلطتها وواجباتها ومسؤولياتها في المناطق الجنوبية.

ولم تعد تكتفي الإمارات ووكلاؤها بإعاقة وجود حكومة هادي وتقويض نفوذها ولا حتى باستهداف المعارضين لأبوظبي سواء عبر منع عودتهم إلى عدن أو ملاحقتهم وتدبير محاولات لاغتيالهم كما أكدت تقارير عدة بل يمتد الأمر لمحاولات إسكات أي صوت معارض لها حتى لو كان في الخارج على غرار استخدام الإمارات لنفوذها لدى النظام المصري في الأيام الأخيرة لمنع عقد المؤتمر الأول للائتلاف الوطني الجنوبي الداعم لحكومة هادي والذي كان يعوّل عليه لأن يكون كياناً موازياً لـ”المجلس الانتقالي الجنوبي” الانفصالي المدعوم من أبوظبي.

المزيد في هذا القسم: