المرصاد نت - متابعات
“منذ حوالي أربع سنوات وأنا أعيش بعيدا عن أهلي ولم التقِ أحدا منهم” بمرارة تتحدث سمية علي وهي ناشطة حقوقية يمنية مقيمة في هولندا عن غربتها القسرية الى خارج اليمن بسبب الحرب هناك “أوضاع الحرب وما خلفته من تشدد وتزمت وغياب للأمن وحقوق الإنسان خلقت عصابات وجماعات أقل ما توصف به انها إرهابية”. تشير أسماء إلى أن ظهور تنظيمات متطرفة في المنطقة التي تنحدر منها في محافظة تعز أجبرها على مغادرة اليمن عقب تلقيها تهديدات بسبب كتاباتها وبعد تعرض منزلها للقصف.
غادرت سمية في العام 2015م وتقول إنها لم تحاول منذ ذلك الحين اللقاء بأسرتها بعد أن وصلتها تحذيرات بتصفيتهم إذا لم تتوقف عن الكتابة ضد الفصائل المسلحة الموالية للتحالف وحكومة هادي والتي نشأت في تعز خلال الحرب على اليمن كما لاحقتها التهديدات إلى خارج البلاد وتضيف “أقضي حياتي وحيدة وغريبة حياتي ببساطة شنطة سفر”.
يعيش اليمنيون داخل بلادهم مظاهر اغتراب لم يألفوها من قبل بدءاً بالنزوح القسري وانتهاءً بالهجرة إلى الخارج بحثا عن فرص للعمل والحياة الكريمة أو هربا من التهديدات الأمنية... فالعدوان والحرب تسببت بتقسيم العوائل وأجبرت أعداداً غير قليلة من اليمنيين على العيش بعيداً عن أسرهم..
في أواخر العام 2014م ومع سيطرة جماعة الحوثيين على صنعاء وهروب هادي وحكومته إلى عدن ثم التصعيد الواسع مع بدء تدخل التحالف العسكري السعودي في مارس/آذار 2015م وقد أجبرت الحرب الهجينة التي يشنها تحالف العدوان السعودي وما رافقها من ظروف أمنية وسياسية العديد من اليمنيين واليمنيات على المغادرة إلى خارج البلاد أو إلى محافظات بعيدة عن مقر إقامتهم المعتاد ولم يكن هناك من يتصور في الغالب أن هذا الابتعاد سيطول أمده سنوات.
وتتعدد صور التفرقة القسرية للأسر في اليمن بين من ابتعدوا عن أهاليهم كأفراد يقيمون في الخارج أو ممن تمكنوا من اصطحاب زوجاتهم وأطفالهم معهم ولكنهم ابتعدوا عن بقية أفراد الأسرة الكبيرة (الأم والأب والإخوة) والشاهد الذي يجمع الغالبية من الحالات هي أن أياً منهم لم يكن يتوقع مفارقة أسرته كل هذه السنوات في حين لا تزال التحديات في طريق العودة ذاتها لم تتغير.
في العام 2015 م ومع الأسبوع الأول لبدء التحالف العسكري السعودي قصفه لليمن تحت مايسمى “عاصفة الحزم” غادر عصام محمد (40 عاماً) صنعاء.. كانت المرة الأولى التي يستهدف القصف الجوي صنعاء وقد اختار أن يتوجه إلى الخليج فيما غادرت زوجته وأطفاله الثلاثة إلى مسقط رأسه في محافظة إب وكان يتوقع آنذاك أن العدوان والحرب لن تستمر سوى أسابيع أو شهور على أبعد تقدير.
قضى عصام شهوراً تلو الأخرى بعيداً عن عائلته قبل أن يتمكن من إدخال زوجته وأولاده أواخر العام 2015م إلى السعودية لكنه مع ذلك يعيش حتى اليوم بعيداً عن أسرته الكبيرة وبات أبناؤه الذين غادروا قبل أربع سنوات أطفالا شباناً في حين تمكن من انتزاع لقاء بأبيه وأمه بعد أن رتب لسفرهم إلى إحدى المحافظات الجنوبية خلال العام 2018.
ويروي محمد أنه يعيش غريباً حياة المجبر الذي يرى طريق العودة موصداً ومحفوفاً بالأخطار ويفتقد إلى ما كان يمثل بالنسبة إليه الكثير في حياته الأسرية والمهنية خصوصاً ما يتعلق إخوته وبقية أفراد الأسرة إلى جانب مجتمع الأصدقاء الذي بناه على مدى ما يقرب من 20 عاماً في صنعاء.
وفقاً لأحدث إحصائيات مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فإن هناك في اليمن منذ العام 2015 ما يقرب من 3.65 مليون نازح منذ تصاعد العدوان والحرب على اليمن أغلبهم أجبروا على مغادرة منازلهم إلى مناطق داخل البلاد في حين تُقدر المنظمة عدد من تمكنوا من العودة إلى ديارهم (من مناطق كانت محور للمواجهات سابقاً وهدأت في وقت لاحق) ما يصل إلى نحو 1.28 مليون نسمة ثلثهم تقريباً وهو ما يعني أن ما يزيد عن مليوني يمني يعيشون “في ظروف صعبة بعيداً عن منازلهم”.
وفي ظل المأساة التي خلقها العدوان والحرب الهمجية على اليمن وأثرت على الغالبية العظمى من سكان البلاد لم تستثن أضرارها مظاهر انقسام الأسر ومختلف الفئات الاجتماعية ومع ذلك فإن الإعلاميين ومن ارتبطت حياتهم بمواقف سياسية أو أدوار ذات علاقة بهذا الطرف في الأزمة أو ذاك يمثلون إحدى أبرز الشرائح المتضررة بالابتعاد القسري عن أسرهم إذ أن أمل علي وهي مذيعة تلفزيونية رزقت بطفلها الأول بعيدا عن اليمن حيث تقيم وتعمل بقناة “بلقيس” التي تبث من تركيا والتي تعتبر مقربة من الإخوان المسلمين وتقول إن فكرة العودة إلى حيث تعيش والدتها وإخواتها في صنعاء لاتفارق أسرتها الصغيرة (زوجها وطفلها).
وتوضح علي أنها”غادرت صنعاء في منتصف يناير 2015م عند التحاقها للعمل في قناة بلقيس في مقرها الرئيسي في إسطنبول لصعوبة فتح قنوات في صنعاء نتيجة الأوضاع السياسية والأمنية آنذاك بعد ما تصفه بـ”الانقلاب ودخول البلد أعتاب حرب همجية” وتشرح أنه ” خالجها الكثير من الخوف والقلق من المجهول ومن المستقبل القريب خاصة في ظل الخطاب العدائي ضد الصحافة والإعلام والتضييق على الحريات العامة والخاصة وحرية الرأي والتعبير”.
تتابع علي “باتت فكرة العودة مسيطرة علينا طوال خمس سنوات الغربة الماضية ولم تفارقنا للحظة حتى أصبحت أكبر أمانينا وأحلامنا وما أقساها أن يصبح أكبر أحلامك مجرد العودة إلى بلدك ولقاء أهلك.. وما أقسى أن تعيش منفياً مبعداً قسراً.. تعيش حالة انتظار لا يبدو أن لها نهاية على المدى القريب”.
من جانبه يقول حسن الفقيه وهو صحفي يعيش بعيداً عن أسرته منذ سنوات إن الحرب تسببت “في نزوحي كصحفي يمني كحال عشرات الصحفيين الذين أجُبروا على النزوح القسري الداخلي والخارجي” ويضيف أنه “لم يكن يدر في خلدي أن أغادر قريتي التي تكون عادة في موسم الصيف أكثر خضرة ونضارة (في محافظة ريمة غرب صنعاء) وأغادر منزلي في القرية الذي يجمعني بعائلتي والأصعب من هذا الشتات والنزوح أنه لايزال مفتوحا حيث لا أستطيع التكهن بنهايته”.
ويتابع الفقيه؛ “تواجهني وتحاصرني شخصيا أسئلة أطفالي الصغار تقول رؤوفة ذات السبعة أعوام: لماذا لا نرجع عند جدتي في القرية؟ لماذا اخترت أن تكون صحفيا؟ ولماذا اليمن يتعرض لحرب من أشقاءه العرب؟ أسئلة مشرعة من الصعب أن تقنع طفلك بكلامك أو أن يلم بمثل هكذا إجابات”.
تقرير : صفية مهدي
المزيد في هذا القسم:
- انسحاب 10 آلاف جندي سوداني من اليمن! المرصاد نت - متابعات أكد نائب رئيس مجلس السيادة في السودان قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو عودة عشرة آلاف فرد من قواته في اليمن إلى بلادهم بعد ان...
- المرصاد ينفرد بتفاصيل ميدانية لمعارك اليوم,, وانصار الله يسيطرون على آخر منزل لأولاد الأحم... عمران - خاص تمكن ثوار محافظة عمران فجر اليوم من السيطرة على منزل اولاد عبدالله الاحمر الواقع في وسط مدينة عمران والذي كانتالميليشيات التابعة لحزب الاصلا...
- منتدى شباب اليمن يدين الاعتداء على مقر انصار الله ادان منتدى شباب اليمن الاعتداء الذي اقدمت عليه وزارة الداخلية ومجاميع تكفيرية صباح السبت على مقر المجلس السياسي لأنصار الله في حي الجراف واصدر بيانا لادانة العد...
- تفتيت اليمن: الاقتصاد يتشرذم على 4 سلطات بعد معارك عدن! المرصاد نت - فاروق الكمالي يتجه الاقتصاد اليمني نحو مزيد من الانقسام والتشظي بعد سيطرة المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات على العاصمة المؤقتة عدن (ج...
- كيف ساهمت أمريكا وبريطانيا بشكل مباشر في تدمير اليمن! المرصاد نت - متابعات قال كلٌّ من مشعل هاشم وجيمس ألين في مقال لهما على موقع «ذا نيشن»: «إن شركات السلاح الأمريكية ساهمت مساهمة مباشرة في تدمير اليمن بعد أن با...
- الجسر الطبي يعزف الموت البطيء لليمنيين! المرصاد نت - متابعات أرواحاً مزروعة بـ أجسادٍ تفتكها أمراض خبيثة أجساد توشك الروح على أن تنوح منها وعلى خط المطار تطيرُ الطيور وينظروا لها المرضى بـ أعينهم...
- شهداء وجرحى في غارات لطيران العدوان على مديرية باقم بصعدة المرصاد نت - متابعات استشهد واصيب عدد من المواطنين ودمرت5 سيارات اليوم الاثنين 13 رجب 1438 هـ، في غارات لطيران العدوان الامريكي السعودي على مديرية باقم بصعدة....
- في ظل الأنفلات الأمني :انفجار سيارة مفخخة في عدن وسقوط قتلى وجرحى المرصاد نت - متابعات هزّ انفجار عنيف بسيارة مفخخة صباح اليوم الثلاثاء 13 مارس/آذار مقراً أمنياً في حي المنصورة شمالي مدينة عدن . وأفادت مصادر إعلامية...
- صراع نفوذ جديد بين الإمارات والسعودية في اليمن! المرصاد نت - متابعات عادت مؤخراً إلى واجهة الأخبار معطيات جديدة تفيد عن تجدد الخلافات بين كل من السعودية والإمارات في اليمن بحيث تحاول كل دولة العمل على محاول...
- يوم ثانٍ من اجتماعات الحديدة: لا بوادر اتفاق ! المرصاد نت - متابعات استُكملت أمس جولة المحادثات الخاصة بمدينة الحديدة، والتي استؤنفت الأحد على متن قارب أممي في رصيف ميناء الحديدة. وخُصّص اجتماعا الإثنين (أ...