الفشل والتهور الإماراتي في إدارة مشاريعها التوسعية في اليمن !

المرصاد نت - متابعات

في إبريل/نيسان الماضي تكللت جهود حثيثة امتدت لسنوات بانعقاد البرلمان في مناطق سيطرة حكومة هادي والتحالف للمرة الأولى ولطالما كان نفوذ الإمارات وحلفائها بحسب ما يقول Aden Pen2019.7.23برلمانيون العقبة الأولى في طريق هذا الالتئام ومجدداً يعود الحديث حول الأزمة على الرغم من إعلان أبوظبي عن تقليص وجودها العسكري وبالتالي من المفترض تقليص تدخلاتها التي تقوض مؤسسات الدولة اليمنية. مع العلم أن جلسات إبريل الماضي في سيئون شرقي البلاد كانت محدودة ورمزية وجرى خلالها اختيار رئاسة جديدة لمجلس النواب بدلاً من تلك المقيمة في مناطق سلطة صنعاء .

 ومنذ اللحظات الأولى للعدوان والحرب على اليمن في عام 2015م بدأت المعركة في انتزاع شرعية البرلمان من قبل أطراف الصراع وقامت بعمليات استقطاب حتى أسنطاعت حكومة هادي الدعوة  للانعقاد إلا أن الإمارات وحلفاءها النافذين في عدن منعوا انعقاد المجلس مراراً وتكراراً قبل أن ينعقد في سيئون ويتم رفع الجلسات على أن تستأنف بعد عيد الفطر (مطلع شهر يونيو/حزيران الماضي) إلا أنه لم يحصل.

وتشير أحدث المعلومات والتسريبات من البرلمانيين اليمنيين إلى أن الإمارات استخدمت مجدداً "الفيتو" بمنع انعقاد البرلمان وفي سبيل حل الأزمة اضطر سلطان البركاني للقيام بزيارة إلى أبوظبي وحمل معه رسائل تطمئن الإماراتيين وصورة قديمة تجمعه بمؤسس الإمارات الشيخ زايد بن سلطان لكن يبدو أن الصورة والرسائل التي حملها لم تكن كافية لإقناع أبنائه بالسماح بانعقاد البرلمان في عدن. الأمر الذي يثير التساؤلات مجدداً حول ما وراء الحرص الإماراتي على تقويض مؤسسات الدولة اليمنية وهي الدولة العضو الثاني في تحالف يقول إنه جاء لدعم "الشرعية".

حكومة هادي تتأثر يوماً بعد يوم بترهل أداء مسؤوليها وبقاء الغالبية منهم بمن فيهم هادي خارج البلاد وليس خافياً على أحد أن الإمارات هي من يملك القرار الأمني الأول في عدن وهذا ما أكده حرفياً رئيس الوزراء السابق أحمد عبيد بن دغر وبالتالي فإنها مسؤولة بصورة مباشرة عن مآلات الوضع الكارثية وسينعقد البرلمان اليوم أو غداً لكن الفارق في أن مزيداً من التهور الإماراتي يعني المزيد من الانكشاف في اليمن، وكلها فاتورة مؤجلة. ​

إنعاش "ميناء عدن"... مخاطر وعراقيل

إلى ذلك أستعاد ميناء عدن عافيته نسبياً كما يشهد حالياً وبعد نحو 4 سنوات انتعاشاً تجارياً كان تصاعد تدريجاً منذ عام 2016م وتُوّج بارتفاع غير مسبوق في معدّل مناولة الحاويات وبقية البضائع عام 2018م وكذلك في النصف الأول من العام الجاري.إلا أن الميناء لا يعمل بطاقته القصوى بعد، وبالإمكان زيادة نشاطه لولا المخاطر التي يواجهها حالياً وفي صدارتها صعوبة النقل البرّي بسبب استمرار الحرب وارتفاع أعباء التأمين.

فقد استطاع ميناء عدن بدرجة عالية تجاوز أضرار العدوان والحرب حيث خلّفت الحرب خسائر مادية تجاوزت 90 مليون دولار بحسب إدارة الميناء، قبل أن يُعاد تأهيله ليصبح جاهزاً لاستقبال السفن عقب تحرير المدينة وهو يحتاج حالياً إلى تجاوز المخاطر والمعوقات التي أنتجتها الصراعات ليحصد انتعاشاً تجارياً مستمراً وأكيداً.

إدارة هذا المرفق الحيوي تؤكد انقباض حركته منذُ شن الحرب على اليمن في مارس/آذار 2015م إلى أن بدأت حركة السفن والحاويات والبضائع تشهد نمواً مطرداً بعدما أصبح الميناء الرئيسي في اليمن منذ مطلع 2018م نتيجة انحسار نشاط ميناء الحديدة المطل على البحر الأحمر غرباً على خلفية معارك الساحل الغربي.

وشهدت حركة الحاويات المتداولة تزايداً ملحوظاً من عام إلى آخر في الأعوام الثلاثة الماضية حيث قاربت العام الماضي 399 ألف حاوية مكافئة وهذا يعتبر أكبر مستوى في الميناء حتى في مرحلة ما قبل العدوان والحرب  كما حقق الربع الأول من العام الجاري مستوى كبيراً حيث تعدّت الحاويات 110 آلاف.

موقع إستراتيجي... وأداء دون الطموح

يُعتبر ميناء عدن أحد الموانئ البحرية الرئيسية المهمة في منطقة خليج عدن وهو من أكبر الموانئ الطبيعية في العالم ويقول مسؤولوه إنه واحد من أفضل 5 موانئ طبيعية على مستوى العالم، وإنه يتمتع بموقع جغرافي إستراتيجي فريد يربط الشرق بالغرب. وتبلغ مساحته الإجمالية 131 كيلومتراً مربعاً وطاقته التصميمية القصوى الإجمالية لتداول البضائع 5.5 ملايين طن سنوياً.

لكن إدارة الميناء ترى أن نمو نشاطه لا يزال دون المستوى المأمول وتؤكد أن الفرصة متاحة لتعزيز أدائه أكثر إلا أن هناك قيوداً تحول دون تحقيق ذلك. وتوضح "مؤسسة موانئ خليج عدن" أنها تتابع تخفيف القيود حتى يتحقق النمو المنشود. في السياق يؤكد خبراء الاقتصاد والنقل البحري الحاجة الماسة لرفع كفاءة خدمات النقل عبر ميناء عدن ويوضحون أهمية تطويره بما يتلاءم مع الدور الجديد الذي يؤديه من خلال دعمه بالمعدات وإعادة بناء ما دمّرته الحرب.

وتعود القيود التي تعيق زيادة نشاط الميناء إلى الحرب وتداعياتها حيث أعلنت شركات الشحن العالمية الموانئ اليمنية ضمن "مناطق حرب" ونتيجة لذلك فرضت الخطوط الملاحية العالمية تأميناً بحرياً إضافياً على الشحنات المتوجهة الى الموانئ اليمنية وهو ما تشير التقديرات إلى أنه كلف النشاط التجاري في ميناء عدن فقط نحو 150 مليون دولار عام 2018م وقد وجد كثير من التجار ضالتهم للهروب من هذه الكلفة الإضافية في إرسال شحناتهم إلى صلالة وشحنها براً إلى اليمن.

وتعاني تجارة اليمن جرّاء الارتفاع المستمر في رسوم الشحن البحري إلى الموانئ اليمنية، حيث أقرّت خطوط الملاحة فرض رسوم جديدة تحت بند "مخاطر الحرب"، كما فرضت رسوم ازدحام على الشحنات إلى ميناء عدن، فيما يدفع اليمنيون الثمن عبر زيادة أسعار السلع الأساسية.

وبدأت شركات مثل "هاباغ لويد" تطبيق رسوم إضافية على مخاطر الحرب بسبب زيادة خطر الشحن وزيادة تكلفة التأمين، وأعلنت فرض رسوم إضافية بمعدل 450 دولاراً عن كل حاوية نمطية، وقالت في تعميم إن الرسوم الإضافية بدأ تنفيذها في 28 يناير/كانون الثاني 2018 على جميع الشحنات إلى ميناء عدن.كما أقرت مجموعة "سي.إم.إيه- سي.جي.إم" (CMA CGM) الفرنسية ثالث أكبر مجموعة لنقل الحاويات في العالم، فرض رسوم إضافية بسبب الازدحام في ميناء عدن وقالت في بيان اطلعت عليه "العربي الجديد"، إنها ستطبق رسوماً إضافية للشحنات من جميع الموانئ في العالم إلى ميناء عدن، ابتداء من مطلع سنة 2018.

وحددت المجموعة العملاقة رسوم الازدحام الإضافية بمبلغ 300 دولار أميركي لكل حاوية سعة 20 قدماً، و600 دولار لكل حاوية سعة 40 قدماً، وأكدت أنه قد يتم تطبيق رسوم إضافية متعلقة بشحنات الوقود، ورسوم إضافية متعلقة بالأمن، ورسوم أُخرى مثل رسوم الطوارئ والرسوم المحلية.

ويُعاني ميناء عدن من سياسة المرور عبر موانئ وسيطة لسفن نقل الحاويات. فقد أثر فرض سياسة مرور سفن الحاويات عبر موانئ وسيطة مثل الموانئ السعودية وميناء جيبوتي لغرض التفتيش تأثيراً مباشراً على اقتصاديات النقل البحري متسبباً بكلفة إضافية على المستورد وتأخيراً لاستلام الشحنة في ميناء عدن.

ومرة أخرى استفاد ميناء صلالة من هذا الإجراء بشكل مباشر. فبدلاً من دفع مبلغ 2500 دولارعلى سبيل المثال لتكلفة نقل حاوية إلى عدن يدفع التاجر 700 دولار لإرسال نفس الحاوية إلى صلالة ومن ثم يشحنها براً إلى اليمن مع تجنب دفع رسوم تأمين مخاطر الحرب. وترى إدارة ميناء عدن أن معالجة هذه الإشكالية يتطلب السماح لسفن الحاويات بارتياد ميناء عدن مباشرة من دون فرض إجراءات تقتضي أن يتم تفريغ شحنتها في ميناء وسيط من أجل عمليات التفتيش، حيث يمكن أن تتم هذه الإجراءات في ميناء عدن نفسه.

وقالت إدارة الميناء إنها على تواصل وتنسيق دائم مع قيادة قوات التحالف منذ بداية العدوان والحرب في عدن والمرحلة التي تلتها وأوضحت أنها لمست تحسناً كبيراً في إجراءات تسريع منح تراخيص دخول السفن إلا أنها تتطلع إلى تخفيف القيود المُشار إليها.

وكان رئيس مجلس إدارة موانئ عدن محمد علوي امزربه طلب في الآونة الأخيرة من وزارة النقل أن تكون مناطق التفتيش على السفن بخاصة سفن الحاويات في مساحة المنطقة الحرة لعدن أو أي منطقة مناسبة للتحالف العسكري السعودي في العاصمة اليمنية الموقتة بدلاً من مناطق التفتيش الحالية في موانئ جدة ودبي وجيبوتي. وقال امزربه في بيان إن "ميناء عدن هو الميناء المحوري والرئيسي لصادرات الجمهورية اليمنية بشكل عام وإن نقل مناطق التفتيش المتواجدة في عدة دول إلى مدينة عدن سيخفف المعاناة على التجار والمستوردين وعلى المستهلك اليمني، وسيسهم في تحسين وإنعاش ميناء عدن بشكل أفضل".

يعاني جمرك المنطقة الحرة من ازدحام مستمر كونه لم يكن جاهزاً لمناولة النشاط المتزايد الذي فرضه "وضع الحرب" لا سيما مع انتقال نشاط ميناء الحديدة إليه وقالت إدارة الميناء إنها خاطبت المنظمات الأممية من أجل توسيع قدراته، إلا أن الاستجابة لم تكن إيجابية.

وتؤكد إدارة الميناء أن رئيس الوزراء، في زيارته الأخيرة للميناء في 12 يوليو/تموز الجاري وجّه مؤسسة الموانئ ومصلحة الجمارك في البدء بتنفيذ مشروع توسيع الطريق الرابط بين ميناء الحاويات والجمارك لتخفيف حدة الازدحام المستمر في هذا المعبر المهم.

كما يعاني النشاط الملاحي في ميناء عدن من وجود سفن تنتظر دخول الأرصفة المكتظة أصلاً، وبالتالي يترتب على فترة البقاء غرامات على المستوردين المحليين وهذا ما يجعل الميناء في وضع غير جاذب ما يستدعي سرعة تفريغ السفن من خلال استحداث عمليات تفريغ أكثر فاعلية من تلك القائمة حالياً، وهذا يمكن بلوغه باستخدام معدات حديثة بحسب إدارة الميناء.

كذلك يكابد الميناء مشكلات أُخرى منها قائمة البضائع غير المسموح باستيرادها حيث منع التحالف استيراد عدد من السلع عبر ميناء عدن وهو ما تسبب في تحول العديد من التجار لاستيراد هذه البضائع عبر ميناء صلالة العُماني ومن ثم نقلها براً إلى اليمن. وقد انتعش ميناء صلالة نتيجة لذلك واغتنم الجانب العُماني هذه الميزة من خلال توفير بيئة تجارية جاذبة للتجار اليمنيين وتخصيص منطقة حرة يمارسون فيها عملهم التجاري بينما كان بالإمكان أن يستفيد ميناء عدن ومنطقته الحرة من ذلك.

وتتأثر الحركة في ميناء عدن بالآلية التي اعتمدها البنك المركزي فيما يخص الاعتمادات المستندية لتجار الواردات حيث تدخل "المركزي" حديثاً لتغطية واردات المواد الغذائية الأساسية لكنه لا يغطي جميع الواردات في حين ترى إدارة ميناء عدن أن هذا الأمر يعتبر أحد أهم العراقيل، حيث لا تتوافر سيولة كافية من العملة الصعبة ويُطلب أن يكون الدولار من طبعة عام 2009 وما بعدها. كما أضافت قضية عدم تسهيل فتح الاعتمادات البنكية تعقيداً أكبر ومزيداً من المخاطر التجارية على المستوردين.

وتأثر نشاط ميناء عدن بالمعارك الدائرة في مدينتي الضالع وقعطبة وسط اليمن على خلفية إغلاق الطريق الرئيسية التي تربط عدن بالعاصمة صنعاء منذ أبريل/نيسان الماضي وتسبب ذلك في إجبار شاحنات نقل البضائع القادمة من ميناء عدن على سلوك طرق طويلة أو وعرة منها التوجه نحو الطريق الساحلي (عدن- المخا- الجراحي- إب) وهو ما يكبد القطاع التجاري الواقع تحت سلطة صنعاء مزيداً من الخسائر المالية ويتسبب في رفع أسعار السلع.

المزيد في هذا القسم: