المرصاد نت - رشيد الحداد
بعد عامٍ من سيطرة مرتزقة تحالف العدوان السعودي على عدن يبدو أن المدينة لن تتخلص قريباً من الفوضى على مستوى الأمن والخدمات
في وقت تفاقمت فيه أزمة انقطاع الكهرباء، ما دفع إلى «صدام» بين أبناء المدينة وحكومة هادي المتهمة بالفشل في عدن في وقتٍ كانت فيه الأحزاب والتيارات الموالية للفارهادي تتبادل التهاني مع دول التحالف السعودي بمناسبة مرور عام على «إحتلال عدن»، لا تزال المدينة الجنوبية التي أعلنتها حكومة هادي «عاصمةً مؤقتة» قبل عام ترزح تحت نكبةٍ بكل المقاييس.
تنعدم في عدن أدنى الخدمات الأساسية من مياه وكهرباء وصحة، في ظلّ تصاعد ظاهرة الاغتيالات التي حصدت أرواح العشرات. وتنامت في السنة الأخيرة العمليات الانتحارية والتخريبية، مع ارتفاع نسبة الجريمة المنظمة وتفشي ظاهرة السطو على أموال الدولة والمواطنين وممتلكاتهم، إلى جانب ارتفاع انتهاكات حقوق الإنسان.
فسلطة هادي التي اعتبرت «تحرير عدن» أو سيطرة قوات «التحالف» عليها بعد عملية «السهم الذهبي»، بدايةً للسيطرة على مختلف المحافظات الجنوبية والشمالية، فشلت في فرض نفسها كدولة نظام وقانون، وسلمت «عاصمتها المؤقتة» للجماعات المسلحة وللفوضى الأمنية.
كذلك فإن الحكومة التي وعدت بتطبيع الأوضاع وبإعادة الأمن وتحسين الخدمات العامة وإعادة الإعمار، فشلت في مهماتها حتى الآن في المدينة التي تحوّلت إلى ساحة مفتوحة للجماعات المسلحة المتعددة الولاءات والأيديولوجيات التي تخوض من الحين إلى الآخر صراع نفوذ مع القوات الموالية لهادي أو الجماعات المماثلة الموالية لـ«العدوان». ورغم وجود قوات إماراتية وسعودية وسودانية في المدينة، إلا أنه لا تتجاوز سيطرة هؤلاء نطاق قصر المعاشيق الرئاسي وبعض المواقع، مقابل اتساع سيطرة الجماعات المسلحة المتطرفة، بما فيها «القاعدة» و«داعش» التي نفذت عشرات العمليات ضد القوات الموالية لهادي، بالإضافة إلى تعاظم دور الجماعات السلفية المسلحة الموالية للإمارات التي باتت تفرض سيطرتها الأمنية على معظم مديريات عدن وعلى مداخل المدينة ومخارجها تحت مسميات وتشكيلات عسكرية مختلفة.
وعلى مدى عام من تاريخ خروج الجيش و«اللجان الشعبية»، انعدمت مظاهر الاستقرار الأمني وتعرض عدد كبير من المقارّ العسكرية والأمنية لعمليات انتحارية وإرهابية من قبل «القاعدة» و«داعش»، كان آخرها اقتحام معسكر الصولبان صبيحة يوم عيد الفطر وتفجير سيارتين من قبل «القاعدة» ما أدى إلى مقتل وإصابة العشرات من الجنود الموالين لهادي. وأجبر الانفلات الأمني السلطات المحلية إلى إغلاق مطار عدن وتحويل مسار الملاحة الجوية إلى مطار سيئون الأسبوع الماضي بسبب تصاعد التهديدات الإرهابية في المدينة.
نموذج الفوضى هذا عرّض هادي و«التحالف» لانتقادات واسعة من قبل الموالين لـ«العدوان» الذين طالبوا حكومته بالعودة إلى عدن الأمر الذي لبّته حكومة بن دغر المعيّن أخيراً والتي عادت مطلع الشهر الماضي إلى المدينة بحماية «العدوان». إلا أن الحكومة وجدت نفسها أمام انتقادات شعبية واسعة تصاعدت حدتها في خلال الذكرى الأولى لـ«الاحتلال»، وتحولت إلى احتجاجات غاضبة في شوارع عدن نظمها المئات من سكان المدينة الذين يتهمون إدارة هادي بالفشل الذريع في توفير وتأمين أبسط الخدمات والمتطلبات الإنسانية العامة في المدينة.
أزمة الكهرباء تتفاقم
في تلك الاحتجاجات، طالب المئات في مدينة عدن حكومة بن دغر بالرحيل محمّلين هادي وحكومته المسؤولية الكاملة عمّا يحدث من تدهور في الخدمات الأساسية، ولا سيما الكهرباء وكانت حكومة بن دغر قد أعلنت عجزها عن توفير الكهرباء، مطالبةً المواطنين بتسديد الفواتير لشراء المازوت والديزل، كذلك اتهم المحتجون دولة الإمارات بعدم الوفاء بالتزاماتها التي أعلنتها في توفير الكهرباء للمدينة الشهر الماضي.
طالب المحتجون في عدن برحيل حكومة بن دغر بسبب أزمة الكهرباء
الحراك الجنوبي من جهته أعلن تنظيم موجة تحركات لمطالبة حكومة بن دغر بتوفير الخدمات العامة، ومنها الكهرباء المنقطعة بسبب انعدام الدعم المالي وتراجع الصيانة الدورية ونفاذ المشتقات النفطية الأمر الذي سبّب أزمات إنسانية في عدن بخلال أيار الماضي أودت بحياة سبعة مواطنين بسبب موجة الحر الشديدة. هذا الواقع دفع المدير العام لكهرباء عدن مجيب الشعبي، إلى تقديم استقالته محملاً الحكومة المسؤولية الكاملة عن تردي أوضاع الكهرباء في المدينة.
على الأثر، عقدت حكومة هادي عدداً من الاجتماعات في الرياض لمناقشة أوضاع الكهرباء في عدن والحديدة، وسارعت باتهام «أنصار الله» بالوقوف وراء الأزمة واتهمتها بحجز مخصصات الصيانة لكهرباء عدن. ووجهت عدداً من النداءات والمناشدات للسعودية لدعمها بالديزل، إلا أن الأخيرة قابلت تلك المناشدات بالتجاهل فيما اكتفت الإمارات بإرسال 15 ألف طن فقط من مادة الديزل لتشغيل محطات الكهرباء في عدن.
وأمام حالة الاحتقان الشعبي الناتج من غياب الخدمات العامة ومنها الكهرباء، أصدر بن دغر بياناً توضيحياً السبت أكد فيه عدم تحمل حكومته المسؤولية كاملة عمّا لحق بالبلاد من دمار أنتجته سنوات طويلة من سوء الإدارة، وفساد السياسات الاقتصادية التي ألحقت أضراراً كبيرة بالبنى التحتية من (كهرباء ومياه وصحة وتعليم وطرقات). وأشار إلى أن السلطة المحلية الحالية لا تتحمل تبعات التراكمات التي أحدثت الأزمة، محملاً صنعاء المسؤولية.
وحول أزمة المشتقات النفطية وعجز حكومته عن توفير المشتقات النفطية لعدن، قال بن دغر إن توفيرها يتطلب مليار ريال يومياً، مؤكداً أن حكومته لا تمتلك أي نفقات تشغيلية واعتبرها من اختصاص البنك المركزي الخارج عن سيطرة حكومة هادي منذ آذار 2015. واتهم بن دغر المصرف بعدم إرسال النفقات التشغيلية لكهرباء عدن.
ولجأت الحكومة أخيراً إلى تعطيل دور شركة النفط ومصافي عدن في استيراد النفط وتوفيره في الأسواق بالأسعار الرسمية، حيث منحت شركة «العيسي» المحسوبة على اللواء علي محسن الأحمر والشريك الرئيسي لجلال هادي ابن الرئيس المستقيل حق استيراد المشتقات النفطية وتوفيره في أسواق عدن من دون تحديد سعر رسمي. ووفق مصادر محلية في عدن، ارتفع سعر البنزين من 3000 ريال لـ20 ليتراً إلى 3700 ريال أخيراً.
وخلال بيان بن دغر التوضيحي لمّح إلى تخلي «العدوان» عن حكومته الذي قال إنها أرسلت نداءات إغاثة عاجلة عديدة لـ«الأشقاء» لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، كذلك أشار إلى أن هادي أرسل هو الآخر رسائل استغاثة إلى «الأشقاء» في محاولة منه للتخفيف من المعاناة.
المزيد في هذا القسم:
- عندما يتدخّل مجلس الأمن لإنقاذ الحديدة.. فمن يفسد هدنتها؟ المرصاد نت - متابعات نعم استبشر البعض خيراً بمشاورات ستوكهولم لإنهاء الاعتداء؛ ليس لمصداقية ظهرت في أفق الممارسات ولكن لجدّية لمسها الجميع من جانب الأمم المتح...
- برعاية الأمم المتحدة .. إتفاق الحديدة يدخل حيّز التنفيذ فعلياً! المرصاد نت - رشيد الحداد دخل اتفاق استوكهولم في شأن مدينة الحديدة حيّز التنفيذ فعلياً بعد قرابة عام من توقيعه بين حكومة صنعاء وحكومة هادي برعاية الأمم المتحدة...
- الخارجية الأمريكية تضرب الرياض في مقتل.. الحوثيون ليسوا إرهابيين المرصاد نت - متابعات قال جاستين سايبيريل منسق مكافحة الإرهاب في وزارة الخارجية الأمريكية خلال مؤتمر صحفي أن “الولايات المتحدة لا تعتبر الحوثيين...
- القوات السعودية تستكمل سحب أخر وحداتها العسكرية من مأرب المرصاد-متابعات غادرت القوات السعودية، اليوم الإثنين، بشكل شبه نهائي محافظة مأرب بعد استكمال سحب كافة قواتها العسكرية وجنودها من مدينة مأرب. وقالت مصا...
- الرئيس هادي يعين شملان والارياني محافظان لعمران وإب ويبعث دماج والحجري الى مجلس الشورى صدرت اليوم ثلاثة قرارات جمهورية بتعيين محافظين لمحافظتي عمران و إب، و تعيين المحافظين السابقين، عضوين في مجلس الشورى. حيث قضى القرار الجمهوري رقم (33) لسنة 201...
- حراك إماراتي في عدن: نحو تعزيز الهدنة مع حكومة هادي المرصاد نت - متابعات أنبأت الزيارة التي قامت بها أمس وزيرة إماراتية إلى عدن بأن ثمة توجّهاً لدى أبو ظبي للحفاظ على الهدنة التي فرضها إعلان معركة الحديدة بما ي...
- ماكغولدريك: عدد المحتاجين إلى مساعدات إنسانية في اليمن ارتفع إلى 20 مليون شخص المرصاد نت - متابعات قال منسق الشئون الإنسانية في اليمن الممثل المقيم للأمم المتحدة جيمي ماكغولدريك اليوم "إن عدد المحتاجين إلى مساعدات إنسانية في اليمن...
- مصدر للمرصاد :اللقاء المشترك يتفكك في موفنبيك .. اكد مصدر خاص للمرصاد مساء اليوم نشبت خلافات كبيرة بين الإشتراكي والبعث والقوى الشعبية والحق من جهة وبين الناصري والإصلاح من جهة أخرى على خلفية عدم التوحد بشأن ر...
- أبرز التطورات الميدانية والعسكرية في المشهد اليمني ! المرصاد نت - متابعات حقق الجيش واللجان الشعبية انتصارات في مواجهة العدو السعودي ومرتزقته في جبهات الدفاع عن الوطن خلال الـ 24 ساعة الماضية. وأفاد مصدر عسكري أ...
- باحث أمريكي يكشف المستور: الإمارات تسرق آثار اليمن وتنسبها إليها! المرصاد نت - متابعات كشف باحث أمريكي متخصص في شئون الآثار عن سرقة الإمارات آثار اليمن وتهريبها بغرض بيعها إلى دول مثل الولايات المتحدة الأمريكية بعد نسبها إلي...