المرصاد نت - خليل كوثراني
يجيد اليمنيون استخدام السلاح البعض يقول إنهم خلقوا للقتال والرماية والمناجزة لكن هذا الشعب يحترف التعامل مع الأسلحة وليس فقط من باب الصلابة الفردية لليمني بدنياً ونفسياً
هو يبدي احترافاً منقطع النظير لجهة القتال بصورة جماعية تكتيكاً وخططاً وعمليات وتنسيق.
لعلّ القبلية المتجذّرة في هذا المجتمع تمنحه خاصّية فريدة لجهة نجاحه في القتال ضمن تشكيلات منتظمة في الحرب الأخيرة أضاف اليمنيون إلى تميّزهم القتالي خصلتين تسجّلان لمصلحتهم.
الأولى تمكّنهم من استخدام تكنولوجيا عسكرية حديثة، غير تقليدية، بشكل يحقّق أهدافاً تليق بقيمة السلاح وخصائصه وأيضاً تكلفته العالية مثل الصواريخ البالستية وسلاح الكورنيت المضادّ للدروع وذلك قبالة إخفاق سعودي مهين، تجلّى خصوصاً في استعمال دبابات «آبرامز» الأميركية.
الثانية تمثّلها الدعاية الحربية بوسائل متواضعة وغير متكلّفة إنما بمردود هائل سرّه منسوب عالٍ من الصدقية التي لا تقبل غالباً التشكيك كيف وأن عدسات الإعلام الحربي اليمني توثّق مشاهد الانتصارات خلف الحدود الشمالية بالصوت والصورة.
بعد ثيمة «سلّم نفسك يا سعودي» شمالاً سجّل المقاتل اليمني غرباً، لوحة أسطورية ثانية ستبقى راسخة في أذهان أجيال اليمنيين وأعدائهم على السواء من ينسى عبارة «في عرض البحر… أنظروا إليها تحترق»، لقائد المقاومة اللبنانية حسن نصر الله، في حرب 2006؟ اليوم، تخلق مفاجأة استهداف السفينة الحربية الغربية «سويفت» المستأجرة من القوّات المسلّحة الإماراتية رموزاً عسكرية ومعنوية تزيد من تشابك «العقدة اليمنية» أمام الغزاة ماضياً وحاضراً ومستقبلاً.
ومرّة جديدة يهان السلاح الأميركي في يد الحلفاء فعلتها فجر السبت الماضي ثلّة من المقاومين أصحاب الأرض المحاصرين بحراً وجوّاً وبرّاً. فعلها شعب متروك لمصيره لا يكتفي العالم بإدارة الظهر لقضيته بل يتواطأ ويشترك في العدوان عليه منذ أكثر من 500 يوم، تسليحاً وتغطية سياسية وإسناداً ميدانياً ولوجستياً وتجاهلاً إعلامياً.
«سويفت» هذه شاركت في غزوة أميركية مباشرة لبلادنا قبل عهد حروب الوكلاء حدث ذلك مع احتلال العراق يومها كانت السفينة الحربية العملاقة في «نزهة»، وأدّت دوراً لا بأس به في الغزو، من دون أن تتعرّض لأي أذى. في المعلومات المتداولة فإن «سويفت» سفينة عسكرية الأغراض يتصدّر مهماتها تقديم الدعم اللوجستي وتتمتع القطعة البحرية المصنّعة في الأصل في أستراليا والمنضمة للأسطول الخامس الأميركي لمصلحة برنامج «JHSV»، بخصائص وفيرة تجعل من مشاركتها في المهمات الهجومية ذات أهمية عالية فبمستطاع القطعة المسلحة بأربعة مدافع M2 براوننغ من عيار 50 ملم، نقل عشرات الجنود المشاة مع أسلحتهم ومركباتهم، ويمكنها استقبال الطائرات المروحية على سطحها، للهبوط أو الانطلاق فضلاً عن حمل مئات الأطنان (حوالى 600 طن) من المدافع البحرية والمعدّات والآليات العسكرية، كما تحمل زورقاً وغوّاصة آلية لكشف الألغام، إذ إنها تعمل ككاسحة ألغام بحرية أيضاً والمميّز في خصائص «سويفت» سرعتها الفائقة على الرغم من ضخامتها (حجم الإزاحة 1695 طنّاً، بطول 98 متراً، وعرض 27 متراً) وسرّ رشاقتها يكمن في تصنيعها من مادة الألمينيوم. أما سرعتها، فتصل إلى 122 كلم بالساعة مع مدى إبحار يزيد على ستة آلاف كلم.
حوالى ثلاث دقائق ونصف دقيقة هي مدة الشريط «التاريخي» الذي وزعه الإعلام الحربي اليمني ويتضمن مشاهد لعملية رصد السفينة الحربية الإماراتية، يعقبها استهداف بصاروخ قبل أن تشتعل النيران بداخلها صدمة وتخبط منقطعا النظير سيطرا على تحالف العدوان السعودي وفق ما تبيّن ردود الفعل على العملية. تصدر القوات المسلحة الإماراتية بياناً في البداية، تقول فيه إن حادثاً تعرّضت له إحدى سفنها والتحقيق جار لمعرفة ملابساته. تخرج صور الإعلام الحربي لتقول للإماراتيين إنه لا حاجة للتحقيق نحن من ضرب سفينتكم البحرية. وبعدما صار الأمر واضحاً وموثّقاً بالصور، أمست السفينة العسكرية سفينة «إمدادات إنسانية» للشعب اليمني بحسب تعقيب التحالف! ولأن «الإنقلابيين حرموا شعبهم المكرمات الإنسانية» الخليجية، قام السلاح الجوّي للعدوان بالانتقام منهم بسلسلة غارات، كان اللافت أنها شملت ضرب مبنى الكلّية الحربية للقوّات اليمنية في صنعاء، وما تيسّر من زوارق مدنية موجودة قرب سواحل البلاد.
عنصران من الحادثة لا يزالان طيّ الغموض حتّى الآن ليست سردية الأهداف المدنية الإغاثية لـ«سويفت» منهما طبعاً الأوّل وجهة السفينة الإماراتية المقتربة من ميناء المخا وهل كانت بالفعل متوجهة إلى عدن عبر باب المندب مثلما قال «التحالف»؟ أم كان لديها مهمة لوجستية على جبهة تعز وفق ما أكدت «أنصار الله»؟ الثاني السلاح الذي استخدم في العملية والذي تضاربت المعلومات حول نوعيته وهل أطلق الصاروخ عن اليابسة؟
بأي حال حقق الجيش اليمني و«أنصار الله» هدفهما الحربي الأدسم من بين سبع ضربات تلقّتها القطع البحرية لقوى العدوان خلال ما يزيد على عام ونصف عام من الحرب وفي وقت تتلهى فيه دول العدوان بشيطنة اليمنيين والاستدلال بالعملية النوعية لتسويق لازمة «تهديد الانقلابيين للملاحة الدولية في باب المندب»، باتت في يد صنعاء ورقة عسكرية رابحة تسمح بتحييد السلاح البحري الخليجي المراهن عليه لدعم أطماع وأدوار غير مؤقّتة في بحر العرب وإيجاد موطئ قدم استراتيجي ثابت في مياهه وجزره مستقبلاً يثبت اليمنيون للسعوديين وحلفائهم اليوم، كما أثبتت المقاومة في لبنان لإسرائيل غداة ضرب البارجة «ساعر 5» في حرب تموز 2006، جدارة قتالية تفضح خطأ الحسابات في قدرة ومقدّرات القوّة العسكرية للعدو وربما تشتمل هذه الضربة على عنصر مفاجأة أكبر إذ إنها تأتي بعد مئات الأيام من القتال لا في الساعات الأولى للحرب مكرّسة معادلة «النفس الطويل» التي يردّدها اليمنيون ومبرزة براعتهم في الاحتفاظ بعنصر المفاجأة والصدم، والإصرار الاستثنائي على ردع المعتدين سواء كان ذلك من خلال امتلاك أسلحة جديدة أثناء الحرب (وهو ممكن ووارد) أو التريّث في رمي الأوراق الموجودة واستخدامها بذكاء في الوقت المناسب وفي الحالتين لا خيار أمام السعودي في حال إصراره على مواصلة العدوان سوى جني المزيد من الهزائم وتلقّي المفاجآت تلو الأخرى والتي لن تكون عملية المخاء بالتأكيد آخرها.
المزيد في هذا القسم:
- الكشف عن معسكر تدريبي جديد لتنظيم القاعدة في أبين المرصاد-متابعات كشف الإعلامي في “المجلس الانتقالي الجنوبي”، التابع للإمارات، صلاح بن لغبر، اليوم الأربعاء، عن وصول تعزيزات عسكرية سعودية إلى أيادي تنظيم ما ي...
- عملية "نصر من الله".. رسائل القوة وسقوط الأوهام! المرصاد نت - نور الدين إسكندر لم تشكّل تطوّرات الميدان اليمني في اليومين الأخيرين صفعة للسعودية فحسب بل إنها أتت بحجمها ونوعها هائلة بدلالاتها الاستراتيجية قبل...
- الأنتصارالعسكري اليمني.. أنتصار لم يتوّقعه بن سلمان في أسوأ كوابيسه المرصاد نت - متابعات من أنتصر؟ سؤال لا يبدو ملحاً ومشروعاً اثناء وبعد هذه الحرب ولا يُسأل عادة بخواتيم وما بعد هذه الحرب فنتائجها العسكرية واضحة تتجلى خواتيمه...
- الخارجية الأمريكية تقلص عدد موظفيها في السفارة الأمريكية وتدعو رعاياها إلى مغادرة اليمن السفارة الأمريكيةأعلنت وزارة الخارجية الأمريكية إنها خفضت عدد الموظفين الأمريكيين في السفارة الأمريكية في اليمن بسبب ما اسمته تدهور الوضع الامني في البلاد. وأش...
- الإمارات وصناعة الفوضى في اليمن: حرب ضد الدولة وتفريخ المليشيات! المرصاد نت - متابعات يمثّل التدخّل العسكري الإماراتي في اليمن أحد أبرز العناوين والملفات التي تصدّرت تحوّلات البلاد منذ سنوات في ظل الدور البارز الذي لعبته أب...
- الأميركيون في الخطوط الخلفية: معركة الحديدة في انتظار جولات تصعيدية المرصاد نت - رشيد الحداد تتابع الإمارات ومن خلفها التحالف السعودي ومن أمامها ميليشياتها المحلية الحملة العسكرية المتجددة في الحديدة. حملة بات واضحاً أنها تهدف...
- رسائل متتالية من صنعاء إلى الرياض: السلم أو انتظار الأسوأ! المرصاد نت - متابعات أكثر من رسالة بعثت بها صنعاء خلال اليومين الماضيين إلى الرياض بتحذيرها من تفويت الفرصة الأخيرة لإنقاذ ما تبقّى لها من مكانة اقتصادية بعدم...
- موقع الحرب الأمريكي : حقائق لا تقال في الغرب حول حرب اليمن المرصاد نت - متابعات ما يقال في التقارير الإخبارية السائدة والمحطات ومعظم ما يتناوله ويقال في الغرب عن الحرب في اليمن ليس هو تماماً ما يحدث في الواقع على الأرض...
- معادلة الجيش واللجان الشعبية...الأمر لي؟ المرصاد نت - عبدالرحمن الأهنومي • الثابت والمتغير في سياق المعركة التي يخوضها الجيش واللجان الشعبية أنه منع تحالف العدوان من تحقيق أهدافه التي اعلنه...
- طرد الإصلاح من التحالف ومساعي أمريكية بريطانية لتسليم الراية لـ”الانتقالي”! المرصاد نت - متابعات لا يبدو أن تهديدات حكومة “هادي” بالتحرك دولياً ضد الإمارات ستقابل بالجدية من قبل المجتمع الدولي الذي تؤكد الوقائع أنه ترك قضية اليمن في ي...