المرصاد نت - الأخبار
تحرص كل من السعودية والإمارات على إظهار التفاهم في الملف اليمني فيما تشدد الأخيرة حين الحديث عن السعودية على وصفها «الشقيقة الكبرى»
مع أنه صدر في العام الماضي بعض الآراء الفكرية عن كتّاب إماراتيين يتهمون فيها الفكر الوهابي بأنه المدد الفكري للإرهاب في العالم، لكن سرعان ما توقفت تلك الحملات، من دون أن يخفي ذلك بعض أوجه الخلاف.
يبدو واضحاً أن الإمارات تتصرف على أنها ستكون الطرف المترجم لرغبة الغرب في مواجهة خطر الفكر الوهابي وتجلى ذلك في الدور الرئيسي الذي لعبته في تنظيم مؤتمر غروزني لتحديد من هم أهل السنّة والجماعة وما أسفر عنه المؤتمر من نتائج أخرج بموجبها الفكر الوهابي من القائمة وذلك في سياق هدفه خلق مرجعية سنيّة بعيداً عن السعودية علماً بأن «مؤسسة طابة الصوفية» (مقرّها أبو ظبي ومؤسّسها الداعية الحبيب علي الجفري) قد لعبت دوراً مركزياً في المؤتمر. يضاف إلى ذلك العلاقات الوثيقة بين رئيس جمهورية الشيشان رمضان قديروف وهو المستضيف الرسمي للمؤتمر وولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، فضلاً عن الشكوك في إيعاز ابن زايد إلى علماء الأزهر المصريين بالمشاركة الكبيرة في المؤتمر ثم جاء الانزعاج والسخط السعوديين على بيانه ومقرراته.
أما في اليمن فيتشارك الطرفان السعودي والإمارتي هدف مواجهة «حركة أنصار الله» لكنهما يتباعدان في إدارة الصراع الداخلي إذ تحاول كل دولة العمل على محاولة إقصاء الطرف الآخر. ويستخدم الطرفان في صراعهما على مسك الورقة اليمنية خصوصاً الجنوب كل الوسائل المتاحة بما فيها المحرمة، مع استعار للحرب الإعلامية بينهما عبر إعلام «الأدوات». فمن جانبها تحتضن السعودية حزب «الإصلاح» الإسلامي («الإخوان المسلمون») وهو عدو الإمارات التاريخي فتدعمه مالياً وتوفر له تسهيلات ميدانية وتمكّنه من بسط النفوذ والسيطرة في الجنوب كما أنها تؤمّن لقادته ملاذاً آمناً على أراضيها ومنطلقاً لممارسة نشاطهم إضافة إلى ضغوطها لإشراكه في رأس السلطة عبر تنصيب علي محسن الأحمر نائباً لهادي وذلك بعد إقالة النائب خالد بحاح المحسوب على الإمارات وتوزير أعضاء الحزب في الحكومة ولا سيما الوزارات السيادية وأبرزها الداخلية التي يرأسها حسين عرب كذلك تمارس السعودية الضغوط الناجحة على هادي من أجل فتح مساحات واسعة من النشاط والحركة لـ«الإصلاح».
في المقابل ينشط جهاز الاستخبارات الإماراتي في جنوب اليمن ويبذل جهداً مركّزاً على اختراق «الإصلاح» مع عمل مباشر هدفه إضعاف التنظيم الإخواني وإقصاؤه عن المشهد السياسي والعسكري. كذلك تبين أن إدراج وزارة الخزانة الأميركية لعدد من الشخصيات اليمنية القريبة من الحزب على لائحة الإرهاب ثم إضافة شركة «العمقي للصيرفة» إلى القائمة إنما كان جزءاً من حرب الإمارات على «الإخوان» اليمنيين وفي المعلومات أن هناك لوائح قدمت من الإماراتيين إلى الأميركيين للعمل على إصدار قائمة جديدة.
وحالياً يعمل الطاقم الإماراتي الاستخباراتي في كل من البريقة غرباً ومطار الريان القريب من المكلا عاصمة حضرموت شرقاً فيما يحرص الطرفان (الإماراتي والأميركي) على بناء قواعدهما المشتركة على شاطئ البحر لسهولة الإمداد ولتحاشي المرور بالأماكن السكنية أيضاً تعمل الاستخبارات الإماراتية على تجنيد واسع في صفوف تنظيم «القاعدة» فيما يستمر عمل الاستخبارات الأميركية على ضرب ما يعرف بـ«الجناح العقائدي في القاعدة» علماً بأنهم لا يقتربون من كوادر التنظيم المحسوبين على السعودية.
وتأتي عملية الإنزال الأميركية في البيضاء وسط اليمن ضمن استراتيجية واشنطن الجديدة في تفعيل الدور الإماراتي الذي بدا أكثر استجابة ورشاقة في الانسجام مع المصالح الأميركية وظهر في الشهور الأخيرة أن أبو ظبي تتقدم على ما سواها من دول الخليج وأنها أكثر التصاقاً بواشنطن كذلك أظهرت الولايات المتحدة مؤشرات على انقلاب سياستها في مقاربة العلاقة مع «جماعة الإخوان المسلمين» نحو العداء والميل إلى وضعهم على لائحة الإرهاب الأميركية الأمر الذي يتوافق مع سياسة الإمارات التي ترى «الإخوان» عدواً تاريخياً وتعمل على استئصالهم.
في هذا السياق جاءت عملية الإنزال فجر الأحد الماضي التي أدت إلى مقتل ثلاثة من تنظيم «القاعدة» أبرزهم الشيخ القبلي الموالي للتنظيم عبد الرؤوف الذهب بالإضافة إلى سقوط عدد آخر من الضحايا المدنيين لكنّ سلطة هادي وأطرافها المتعددة وقعت في الإرباك والعشوائية في كيفية التعاطي مع الإنزال على خلفية أن قادة «القاعدة» المستهدفين كانوا قبل يومين في زيارة لقادة ما يسمى «الجيش الوطني» الموالي لهادي في مأرب المحسوبين على نائبه علي محسن الأحمر وحزب «الإصلاح» الإخواني وتسلموا دعماً مالياً وعسكرياً وفق مصادر إعلامية بل كان هناك مشروع يعد لتوسعة عمل «القاعدة» في البيضاء تحت مسمى «المقاومة المحسوبة على الشرعية».
تجدر الإشارة إلى أنه في بداية الحرب على اليمن قاتلت «القاعدة» إلى جانب قوات تحالف العدوان في عدد من الجبهات تحت اسم «القاعدة» أو «أنصار الشريعة» وآنذاك توقفت الطائرات الأميركية عن ملاحقة قياديي التنظيم. كذلك صدر عدد من التقارير الغربية تُظهر «القاعدة» إلى جانب قوات هادي يُقاتل العدوّ المشترك الجيش واللجان الشعبية إلى أن صارت قوته وتمدده يشكلان عبئاً على قوى التحالف بالإضافة إلى دخول تنظيم «داعش» على الساحة، مستفيداً من الجغرافيا والبيئة ليشكل تهديداً غير متوقع.
جراء ذلك كله اضطرت قوى تحالف العدوان إلى عقد صفقة مع «القاعدة» تترك بموجبها الجغرافيا والمناطق السكنية وتحديداً (المدن والأحياء)، وفي أيام قليلة اختفى التنظيم عن السيطرة العلنية عن المناطق الجغرافية والسكانية التي كان يسيطر عليها في عدن ولحج وأبين وحضرموت وانتقل إلى الجبال والمديريات النائية، مع العلم بأن إخراج تلك الصفقة كان علنياً ومكشوفاً وفاضحاً منذ ذلك اليوم (منتصف آيار الماضي) بدأ التنظيم مرحلة العمل السري وبناء البنية التحتية مدركاً طبيعة الظروف المستجدة.
في غضون ذلك يثبت التباين في كيفية مقاربة عملية الإنزال الأميركي أن الأطراف اليمنية التي تتعاون مع التحالف وعمدت إلى تسليمه كل أوراقها، حتى صار يتدلل في اختيار ما يراه مناسباً لمصلحة القوات الخليجية وبالتحديد السعودية والإمارات من دون أي انتباه إلى مصلحة الجنوب اليمني.
تعرف الأطراف الجنوبية المتعاونة ذلك أو لا تعرفه لأن علمها بالأمر من عدمه ليس من أهمية في مكان، خاصة أن تبعيتها تلك هي تبعية غير مباشرة للوكيل الحصري والأصيل (الأميركي) الذي يتحاشى التعامل المباشر مع تلك الجهات اليمنية ويوكل المهمة إلى تابعين أكثر التصاقاً وولاءً.
وهؤلاء هم من الصنف الأول يقدمون خدماتهم إليه بالمجان، بل يتحملون مسؤولية التكلفة المادية والمعنوية للتابع الثاني أي (الأطراف اليمنية الجنوبية المتعاونة مع التحالف) مع الإشارة إلى أن تلك الأكلاف والأثمان التي يوزعها الخليج على هذه الأطراف لا يعود فيئها إلى تنمية البلاد والعباد، ولم يعد خافياً على كل ذي نظر أن الجنوب اليمني يعيش اليوم أسوأ الظروف الاقتصادية والأمنية منذ عقود.
تقديم الخدمات على حساب اليمن لا يتوقف على الأطراف اليمنية الجنوبية المتعاونة مع التحالف بل إن الصراع على الوكالة الحصرية وحيازة التصنيف الأول أميركياً في الجزيرة العربية هو في أوج قوته بين أطراف «التحالف» ورغم أن السعودية تجهد للبقاء في المصنف الأول وإبقاء الحصرية للمصالح الأميركية في الخليج عموماً والجزيرة العربية خصوصاً وهذا الجهد أكده أمس عمدة نيويورك السابق رودي جولياني بقوله في تغريدة على «تويتر» إن «السعودية أقرب إلينا اليوم ولإسرائيل من أي وقت مضى».
رغم ذلك تحاول واشنطن إيجاد وكيل خليجي بديل يعفيها من الإحراجات التي سبّبتها الرياض أمام الرأي العام العالمي في مسألتي المجازر بحق المدنيين اليمنيين وتهمة دعم الإرهاب وإن كان السبب الأساسي هو الضعف والفشل في إدارة المملكة معارك أميركا في سوريا والعراق واليمن ومن ثم عجزها عن أداء الدور المطلوب وهنا صار على واشنطن التفاعل أكثر مع أبو ظبي.
المزيد في هذا القسم:
- القوات اليمنية المشتركة تعد الإمارات بالهزيمة في الحديدة المرصاد نت - متابعات في محاولة لهزم سلطات صنعاء نفسياً وإعلامياً أعلنت الإمارات انتهاء المهلة الممنوحة للجهد السياسي توازياً مع الدفع بتعزيزات ضخمة إلى جنوب م...
- حكومتي هادي والحوثي يتصارعان على "جثة" البرلمان الهامدة منذ 16 عاماً! المرصاد نت - محمد الشبيري ما عاد كثير من اليمنيين يتذكرون مشاركتهم في آخر انتخابات نيابية إذ يُعد برلمان بلادهم الذي دخل عمره الـ(16) عاماً هو الأطول سناً الع...
- سقطرى .. نجت من الحرب وسقطت في أطماع الإمارات المرصاد نت - متابعات كشف تقرير رفعه ناشطون يمنيون إلى الرئيس هادي أن محافظة سقطرى المكونة من 6 جزر والوقعة بالمحيط الهندي باتت تحت سيطرة تامة لدولة الإمارات ا...
- أشتعال الجبهات الحدودية بعد رضوخ الأمم المتحدة للرياض المرصاد نت - متابعات في ظل انسداد أفق أي تسوية سياسية وبعد رضوخ الأمم المتحدة للضغوط السعودية مرة أخرى وتعديل قرار التحقيق الدولي في الانتهاكات في اليمن حقّق ...
- عبد السلام يلتقي بالفريق الإعلامي المرافق للوفد الوطني بعد أجتمع مع سفراء الدول دائمة الع... المرصاد نت - الكويت اجتمع الناطق الرسمي لأنصار الله محمد عبد السلام اليوم الإثنين مع الفريق الاعلامي المرافق للمشاورات اليمنية في الكويت بفندق شيراتون بالع...
- قائد الثورة : الإماراتيون هم أصحاب القرار في الجنوب المرصاد نت - خاص أكد قائد ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي اليوم الأحد أن الإماراتيين هم أصحاب القرار في جنوب البلاد. وقال ال...
- هيومن رايتس ووتش: "تحالف العدوان" الى "قائمة العار"! المرصاد نت - متابعات يستمر "تحالف العدوان" بقيادة السعودية بانتهاك القوانين والاعراف الدولية في اليمن حيث طالبت منظمة "هيومن رايتس ووتش" مجدداً إعادة تحالف ال...
- ناشنال انترست تكشف مصالح إسرائيل من دعم انفصال جنوب اليمن المرصاد-متابعات ذكرت مجلة “ناشيونال انترست” أمس الأربعاء، في تقرير سلطت فيه الضوء على مصالح إسرائيل من الحرب على اليمن ودعمها للمجلس الانتقالي الجنوبي ...
- أخطر ما كشفه تفجير المكلا الارهابي ! المرصاد نت - عبدالعزيز ظافر معياد كشف بيان قيادة المنطقة العسكرية الثانية 13/5 حول حادثة استهداف معسكر الدفاع الساحلي في المكلا بسيارة مفخخة الخميس وتبناه ت...
- حضرموت .. السعودية تعود لحلمها القديم وتنعي عاصفة “الحزم” المرصاد نت - إبراهيم الوادعي بنفس الطريقة التي دخلت بها عناصر القاعدة مدينة المكلا ذات الطريقة خرجت بها من المدينة بعد عام من السيطرة على معظم محافظة حضرمو...