المرصاد نت - متابعات
يُنظر إلى انتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة الأمريكي بشعور متقلب من قبل النظام السعودي العميل العربي الأول لواشنطن
فمن ناحية هناك تهديدات خاصة فيما يخص الانعزال الاقتصادي للولايات المتحدة الأمريكية ومن ناحية أخرى تأمل الرياض في دعم أمريكي ضد إيران لكن طالما بقيت مواقف ترامب متناقضة فان الشعور بعدم الأمان لدى السعوديين يظل كبيراً.
يعتبر دونالد ترامب معلما في الاستفزاز وعلى السعودية اليوم خوض التجربة معه فبالرغم من أن السعودية تعتبر منذ عقود أهم عميل للولايات المتحدة الأمريكية في العالم العربي غير أن تصريحات ترامب أثناء حملته الانتخابية لرئاسة الولايات المتحدة الأمريكية في شهر مارس 2016 حول المستقبل المحتمل في العلاقات مع المملكة السعودية أرعد فرائص السعوديين حين قال: “لقد عملت الولايات المتحدة الأمريكية في حماية السعودية لفترة طويلة رغم أن المملكة هي اليوم في ظاهرة “نشوة ثراء” لولانا ولولا حمايتنا لم يكن للسعودية وجود غير أن خدماتنا هذه لم تلقى التشريف المناسب من قبل الجانب السعودي لذلك يريد ترامب التخلي عن استيراد النفط السعودي حيث تعتبر السعودية ثاني أهم مصدر للنفط بعد الولايات المتحدة الأمريكية إلى كندا بحصة تقدر ب 11%. لقد كانت كلمات أثارت مسامع السعودية وهو ما جعل أيضا وزير الطاقة السعودي يطأطئ رأسه قائلاً في شهر نوفمبر 2016 “إن إيقاف وأرادت النفط السعودي إلى الولايات المتحدة الأمريكية من قبل ترامب أمر غير صحيح ولذالك فان ردود الفعل في السعودية حول فوز ترامب يعتريها خوف مصحوب بالرجاء.
من ناحية ثانية رحب السعوديون بخطاب ترامب المناهض لإيران فهو يعتبر إيران كأكبر تهديد في الشرق الأوسط والأدنى واستنكر بشدة الاتفاقية التي شارك في صنعها خلفه باراك اوباما حول البرنامج النووي الإيراني وتخفيف العقوبات التي أعقبت ذلك الاتفاق. تصريحات ترامب تلك لقيت رضا كبيرا من الحكومة السعودية. فالسعودية تعتبر أنها محاصرة من قبل الأعداء الإيرانيين – في اليمن والبحرين وفي سوريا.
السياسة الخارجية للسعودية في ظل حكم سلمان هي ذات دوافع عدوانية وقد دخلت في حرب فاشلة وكارثية على اليمن إن أي توجه لترامب ضد إيران يصب في مصلحة السعوديين وقد يحسن في الوقت نفسه من العلاقة مع الولايات المتحدة الأمريكية التي اهتزت مخلفة صورة عدائية بين الطرفين ليس فقط بسبب سياسة اوباما تجاه إيران بل أيضا تخلي اوباما السريع عن الحليف المقرب للسعودية الرئيس المخلوع حسني مبارك في العام 2011 وكذلك المشاركة الجزئية لواشنطن في سوريا ضد عدو السعودية بشار الأسد كل ذلك أدى إلى برود العلاقة بين واشنطن والرياض في الأعوام الأخيرة.
سياسة التناقضات:
بالتأكيد وكما هو الحال في مجالات أخرى كثيرة هناك تناقضات تعتري تصريحات ترامب. فمن ناحية يعتبر ترامب أن إيران عدو للولايات المتحدة الأمريكية. ومن ناحية ثانية يؤيد ترامب التعاون مع الأسد وروسيا ضد “الدولة الإسلامية”. ففي كل مرة يعبر ترامب عن عزمه في اقتلاع الأصولية الإسلامية المتشددة من على وجه الأرض. كما أكد ذلك في خطاب التنصيب حديثا. غير أن هذا الإجراء يتناقض مع عقليته في تقويض إيران. فإيران مازالت دائما الحليف الأقرب للأسد بالتالي فان خطط ترامب تجاه سوريا محيرة للسعوديين كون التعاون الأمريكي مع الرئيس السوري وروسيا سوف يقوي من عضد الخصم اللدود للسعودية إيران. لذلك وصفت الصحفية رغيده درغام رئاسة ترامب أنها “غامضة” :لا احد يعلم حقيقة ما يخطط له ترامب حقيقة حتى السعوديين”.
مبدئيا تعتبر الرياض فوز ترامب تحول في السياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط والأدنى: حيث يحرص الرئيس الجديد على اتخاذ سياسة انعزالية وحماية يمكن للنظام السعودي الاستبدادي استغلاله في تحقيق مصالحه وهنا يأمل آل سعود في أن يعزز ترامب دعم واشنطن للرئيس المصري عبدالفتاح السيسي الذي لم يكن له أهميه في عهد باراك اوباما.
لقد كانت مصر في عهد الرئيس السابق مبارك تتصرف كضامن عسكري لأمن السعودية ولكن في السنوات الأخيرة بردت أيضا هذه العلاقة. فالحاكم الجديد لمصر عبد الفتاح السيسي رفض طلب السعودية بإرسال قوات للمشاركة في الحرب في كلا البلدين اليمن وسوريا وتحول إلى المحور الداعم للأسد. كلا البلدان يعتبران شوكة في حلق السعودية رغم ذلك لا تنفك المساعدات المالية السعودية في التدفق إلى جارتها المريضة مصر تأمل السعودية في عهد الرئيس الأمريكي المنتخب حديثا ترامب إعادة مصر إلى “مسارها” الأول.
الانعزالية والحماية:
تخشى السعودية أيضا من سياسة ترامب الانعزالية. ففي حال تم اخذ كلامه على محمل الجد في التخلي عن النفط السعودي فسيكون لهذا النهج عواقب وخيمة على الاقتصاد السعودي. فالسعودية تعاني منذ فترة قريبة من تراجع أسعار النفط ومشاكل اجتماعية واقتصادية مثل ضعف القطاع الخاص وارتفاع نسبة البطالة بين الشباب وتراجع الاحتياطي الأجنبي. كما إن إيقاف صادرات النفط إلى الولايات المتحدة يمكن أن يفاقم الأزمة الاقتصادية وهذا يشكل بالتالي خطرا على استقرار البلاط الملكي السعودي. بالإضافة إلى ذلك، فإن نقل السفارة الأمريكية في إسرائيل من تل أبيب إلى القدس تعتبره الرياض لأسباب إيديولوجية أمراً غير مقبول. فالسعودية تعتبر نفسها خادمة للحرمين الشريفين” مكة المكرمة والمدينة المنورة وهي بذلك تعتبر نموذجا يحتذى به من قبل جميع المسلمين وللفلسطينيين أيضا. في هذا السياق فان مثل هكذا تصرف يعتبر إهانة من قبل ترامب المملكة السعودية التي تستمد شرعيتها إلى حد كبير من صورتها كزعيم ديني لا يمكن أيضا القبول بخطابات ترامب المعادية للإسلام كون مثل هذه الانتقادات للتخويف من الدين الإسلامي موجه- على الأقل بشكل غير مباشر– ضد سياسة التبشير السعودية التي تمارسها خاصة في العقود الأخيرة. فالجمعيات الخيرية السعودية مازالت تمول المؤسسات ورجال الدين الحاملين للأفكار المتطرفة في جميع أنحاء العالم. كثير منهم يلقى دعماً مباشر من قبل العائلة المالكة في السعودية. الفكر الوهابي الذي يعتبر عقيدة سنية تؤمن بالعنف والتي نشأت منذ المهد في المملكة السعودية وتلقى رعاية من قبل البلاط الملكي السعودي تعتبر المصدر الملهم لعدد كبير من التنظيمات الجهادية من بينها أيضا الدولة الإسلامية داعش. إن عدد 15 من أصل 19 إرهابي من منفذي اعتداءات 11 من سبتمبر يحملون الجنسية السعودية. حتى أسامة بن لادن كان من مواليد السعودية. لذلك تعتبر السعودية للكثيرين “منبع الإرهاب الجهادي” واستناداً لقانون العدالة ضد رعاة الإرهاب “جاستا” تم إصدار تشريع أمريكي يمكن ضحايا 11/9 في رفع دعاوى ضد الحكومة السعودية على خلفية ضلوعها المحتمل في الاعتداءات وقد فشلت محاولات باراك أوباما في منع صدور هكذا قانون لحماية الشريك الاستراتيجي السعودي. أما ترامب فقد صرح بكل وضوح خلال الحملة الانتخابية انه يعتبر استخدام أوباما لحق النقض الرئاسي خطأ وانه سوف يصادق على القانون هذا التوجه لترامب من شأنه أن يشكل ضربه في عنق الأسرة الملكية السعودية وضربة عميقة للعلاقات السعودية الأمريكية.
أمل في تحالف الأقوياء:
إن تحققت التخوفات السعودية فيمكن أن تكثف السعودية من سياستها الخارجية العدوانية المستمرة حتى الآن. أما العواقب فيمكن أن تتسبب في تنامي التحرر من “الأخ الأكبر” الولايات المتحدة الأمريكية، وتكثيف الصراع مع إيران، وتحول أكثر في المسار السعودي باتجاه الصين مع مواصلة الحرب في اليمن غير أن الرياض مازالت تأمل في إحياء التحالف القديم مع الولايات المتحدة وتشكيل تحالف “الأقوياء” سلمان- ترامب. فهذا الأخير مازال يصرح دائماً: “إن السعوديون يشترون الشقق مني. لقد انفقوا 40 إلى 50 مليون دولار امريكى هل اعجز من إيلامهم؟ لكن بالتأكيد، فأنا أحبهم كثيرا”.
سبستيان سونس - صحيفة “ذا اروبن” الألمانية - ترجمة: هاشم المطري
المزيد في هذا القسم:
- كل عام واليمن ينتصر …وجبهات الحدود أتلفت أعصاب النظام السعودي المرصاد نت - متابعات عام يمضى تلو عام واليمن الصامد ينتصر فيزداد قوّه وحيويه و يتوج ملك حرب منتصر كل عام على عرش انتصاراته العظيمة ويثبت للعالم أجمع أنه قادر ...
- “واشنطن بوست”: الحرب على اليمن وصمة عار في سياسة أمريكا الخارجية! المرصاد نت - متابعات رأى الدبلوماسي الأمريكي السابق وليام بيرنز في مقالة نشرتها صحيفة “واشنطن بوست” أن الحرب على اليمن هو وصمة عار في سجل السياسة الخارجية الأ...
- هل دخلت صراعات تحالف العدوان السعودي في تعز مرحلة اللاعودة؟ المرصاد نت - متابعات عاد الصراع المسلح مرة أخرى إلى مدينة تعز بين فصيل جماعة أبو العباس السلفية الموالية للإمارات وفصائل حزب التجمع اليمني للإصلاح "الإخوان ال...
- السعودية تستعيض عن هزيمتها في اليمن بفتح حروب جانبية المرصاد نت - لقمان عبدالله من حين إعلان ولي عهد السعودية محمد بن سلمان قرارَه مواصلة الحرب على اليمن وتوقّف المبادرة الجديدة التي كان مبعوث الأمم المتحدة إسما...
- إستمرار إغلاق مطار صنعاء حصار اليمنيين ومعاناة إنسانية قاسية! المرصاد نت - متابعات تسبب إغلاق التحالف العسكري السعودي لمطار صنعاء الدولي منذ ثلاث سنوات وفرض حصار خانق بري وجوي وبحري على اليمن بأزمة إنسانية ومعيشية قاسية ...
- العيد في اليمن تحت وطأة غارات العدوان السعودي الأمريكي وحصاره المستمر المرصاد نت متابعات حل عيد الفطر المبارك على اليمن للعام الثاني تحت وطأة غارات العدوان السعودي وحصاره المستمر منذ 16 شهرآ والذي انعكس سلبا على ظروف الحياة ا...
- قلب السعودية يحترق .. اليمن يهزّ عالم البترودولار! المرصاد نت - الأخبار لم تبدأ الحرب أول من أمس مع ضربة منشأتي «أرامكو» شرق الجزيرة العربية. إلا أن الهجوم الأضخم ولئن كان يشكّل علامة على مآلات السنوات الماضية...
- حكومة هادي للأميركيين: أرضنا مستباحة لإنزالاتكم المرصاد نت - متابعات لم تمكنت قوات تحالف العدوان السعودي من تحقيق أي اختراق في جبهة المخا أوأن تبلغ هدفها المتمثل في السيطرة على المدينة والانطلاق منها نحو بق...
- تقرير أمريكي: النظام السعودي مهزوم في حدوده وأمريكا ستحارب مع القاعدة في الحديدة المرصاد نت - متابعات أشارت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى أنها ستزيد من دعمها لتحالف العدوان السعودي ضد اليمن. العدوان الذي تقوده السعودية وا...
- اللجنة الثورية : نحن بصدد البدء في إجراءات ترتيب سلطات الدولة وستكون إجراءات وخطوات وطنية ... اللجنة الثوريةأكدت اللجنة الثورية أنها بصدد الإعلان في الأيام القريبة القادمة عن البدء في إجراءات ترتيب أوضاع السلطة التي يتم الإعداد لها. وقالت اللجنة الثور...