المرصاد نت - لقمان عبدالله
تواصل السعودية والإمارات مساعيهما للملمة ذيول أحداث عدن الأخيرة وإعادة ترتيب صفوف حلفائهما بمواجهة الجيش واللجان الشعبية مساعٍ يتهددها الاحتقان المتزايد بين الأطراف المتنافسين في الجنوب والذي ينذر بتجدد المعارك في أي وقت.
تتحاشى السعودية والإمارات تظهير أي تمايز أو اختلاف بينهما في الأهداف والمسارات العملية في اليمن. تكمن من وراء ذلك الخشية من تهدّد التفاهمات المشتركة في ملفات كثيرة، وتزعزع ما يسمى «التحالف العربي». لا يعني هذا التمويه إلى جانب سيل المديح المتبادل بين مسؤولي البلدين ووسائل إعلامهما أن مصالحهما متطابقة على الساحة اليمنية كما لا يعني أن ليس ثمة تباينات بل وأجندات مختلفة لكن يتطلع الطرفان إلى تركيز جهودها على مواجهة «أنصار الله»، وما يعتبرانه «خطراً إيرانياً» في اليمن.
خلال الأسبوع الأخير حرصت الدولتان على إظهار متانة العلاقة بينهما وصبغها بالطابع الاستراتيجي وحتى «الأبدي». فبعد تأكيد أنور قرقاش أن «الموقف الإماراتي مرآة للتوجه السعودي» و«(أننا) نبني شراكة استراتيجية تشمل أزمة اليمن وتتجاوزها» غرّد السفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر مشدداً على «متانة العلاقات بين السعودية والإمارات»، واصفاً تحالفهما في اليمن بـ«تحالف الإخوة» كذلك أفردت وسائل إعلام البلدين مساحات واسعة للتحدث عن «عمق العلاقة التاريخية والاستراتيجية» بين البلدين.
وتأتي تلك المواقف والتصريحات في وقت تبذل فيه الرياض وأبو ظبي جهوداً لتنحية الخلافات الداخلية لحلفائهما جانباً لمصلحة القتال ضد «أنصار الله» وتسعيان إلى إنشاء هياكل عسكرية وسياسية جديدة في هذا السبيل. ويبدو أن النتيجة الأبرز لمعركة عدن هي خروج «المجلس الانتقالي الجنوبي» بلسان رئيسه عيدروس الزبيدي عن تردده السابق وإعلانه دعمه نجل شقيق الرئيس الراحل طارق محمد عبد الله صالح في قيادة إحدى جبهات الشمال والتي يرجّح أن تكون جبهة مريس في محافظة الضالع. توجه لمّحت السعودية إلى دعمها له عبر تأكيد السفير السعودي لدى اليمن أن هدف بلاده احتضان أتباع الرئيس اليمني السابق علي صالح بعدما «رفضوا إيران وأعلنوا السلام».
بالتوازي مع ذلك تواصل اللجنة السعودية ــ الإماراتية العمل على إزالة رواسب الأحداث الأخيرة في عدن بالتعاون مع اللجنة التي تشكلت من ثلاث شخصيات سلفية هي: رائد العبهي قائد اللواء الأول ــ عمالقة وحمدي شكري قائد اللواء الثاني ــ عمالقة ولؤي الزامكي قائد لواء باب المندب.
وعلى مدار الأيام الماضية عقدت هذه اللجنة لقاءات مع قيادات من الطرفين المتنازعين خلصت على إثرها إلى تقرير حاول إمساك العصا من وسطها محمّلاً الجانبين مسؤولية اندلاع المعارك الأخيرة مع التمسك بـماتسمي شرعية هادي والتشديد على عدم الخروج عنها وهو ما لا يتعارض مع الحديث عن تغيير في هيكل الحكومة لا يطال هادي كون الأخير لا يشكل أي تهديد لمصلحة قيادة «التحالف».
ومن هنا تأتي المساعدات السعودية المستمرة لسلطة هادي والتي كان آخرها توقيع مذكرة تفاهم في الرياض لتمويل وتركيب أربع رافعات في موانئ عدن والمكلا والمخا ضمن ما يسمى «خطة العمليات الإنسانية الشاملة في اليمن». ويندرج توقيع تلك المذكرة في إطار الوعود التي أطلقها أخيراً سفير السعودية لدى اليمن أثناء تفقده ميناء عدن.
لكن على الرغم من كل هذه التحركات إلا أنها لم تؤدِّ إلى إنهاء التوتر في محافظة عدن والمحافظات المجاورة لها إذ إن الانقسام اتخذ بعداً مناطقياً واضحاً بين محافظة أبين التي ينتمي إليها الرئيس المستقيل ووزير داخليته أحمد الميسري ومحافظة الضالع التي ينتمي إليها عيدروس الزبيدي ومدير أمن عدن شلال علي شائع، فضلاً عن مناطق ردفان ويافع التي تنحدر منها جلّ قيادات «الحزام الأمني» المدعومة بشكل مباشر من قبل الإمارات.
كذلك يتولد حالياً توتر مجتمعي جديد بين أهالي يافع وأبناء عدن المنحدرين من أصول تعزية والمشهورين بلقب «جباليا». وإلى جانب ما تقدم يأتي رفض قوى عديدة في مقدمها حزب «الإصلاح» لمشروع تأهيل أقرباء صالح الأمر الذي يهدد بتجدّد موجات القتال بين الطرفين خصوصاً في ظل الاحتقان المستمر على أكثر من مستوى.
الأسلحة السعودية لا تجد من يُشغلها.. وأمريكا لن تدخل حرباً لأجل المملكة
السعودية وبعد عدوانها المُدمر على اليمن باتت تخطط وكما تقول وثائق أمريكية نُشرت مؤخراً على الإنترنت لشراء أنظمة للدفاع الجوي من مضادات الصواريخ وأقمار صناعية متطورة للتجسس بالإضافة لأنظمة جديدة وأنظمة توجيه القوات ووفقا للخبراء الروس فإن الرياض وبعد عدوانها على اليمن تعلمت الكثير من الدروس العسكرية في هذا البلد، وتعمل الآن على إعداد نفسها لمواجهة الجمهورية الإسلامية الإيرانية وفقاً لصحيفة "جازيتا رو".
اليمن.. وصفقة الـ 110 مليار
وتُضيف الصحيفة إنّه تمّ الاتفاق على تفاصيل الاتفاق وكيفية نقل الأسلحة العسكرية إلى السعودية، وذلك خلال زيارة الرئيس ترامب إلى الرياض، وسربت وسائل الإعلام الأمريكية وثائق ذات صلة بهذا الموضوع حيث يشمل اتفاق التسليح جزءً كبيراً من مجموعة العقود الموقعة والتي بلغت قيمتها الإجمالية 110 مليار دولار بين الرياض وواشنطن، وتنص الاتفاقيات على تسليم منظومات الدفاع المضادة للصواريخ بالإضافة لأنظمة الدفاع المضادة للطائرات والأقمار الصناعية الخاصة بالاستخبارات بالإضافة لأنظمة اتصالات حديثة وأنظمة توجيه القوات.
وتؤكد الوثائق المسرّبة أنّ السعودية طلبت شراء تلك المعدّات العسكرية لتعزيز قدرات الدفاع الجوي في المملكة وذلك بهدف حمايتها من صواريخ الجو-جو بالإضافة إلى أنّ أنظمة الاتصالات وأنظمة توجيه القوات التي اشترتها السعودية هي أحدث الأنظمة الموجودة حالياً والمتاحة فقط لعدد معين من جيوش عدّة بلدان.
الخبير في القضايا العسكرية ورئيس تحرير مجلة "تصدير الاسلحة" الروسية "اندريه فرولوف" أكد لصحيفة "جازيتا رو" إنه وفقاً للقرارات العسكرية التي صدرت في واشنطن؛ يمكن أن نستنتج أن السعودية تشعر بقلق بالغ إزاء التهديدات الصاروخية، يقول فرولوف: "إن تحديث أنظمة الدفاع المضادة للصواريخ الموجودة حالياً لدى الرياض؛ ناتج عن الدروس المستفادة من العمليات العسكرية للمملكة وحلفائها في اليمن حيث تعرضت السعودية لأول مرة لضربات صاروخية ولم تكن أنظمتها الدفاعية ناجحة بما فيه الكفاية للتعامل مع مثل هذه الهجمات وكان نجاح الضربات العسكرية الحوثية صدمة كبيرة للشعب السعودي وترك لها تأثير كبير على السياسة الداخلية للبلاد".
طلبات الشراء السعودية من الولايات المتحدة وبحسب تأكيد فرولوف هو استثمار سعودي لمواجهة إيران في المستقبل، وأضاف فرولوف: "المسؤولون السعوديون شاهدوا صواريخ جديدة في العرض العسكري الأخير الذي أُقيم في كوريا الشمالية وهم الآن يُدركون جيداً أن هذه الأسلحة من المحتمل أن تكون موجودة في إيران لذلك يريدون إعداد أنفسهم لأي احتمالات مستقبلية وذلك من خلال تعزيز القدرات الدفاعية المضادة للصواريخ وهي موجّهة بالضبط ضد إيران".
ويرى فرولوف أنّ الأنظمة التي تم شراؤها حديثاً من الولايات المتحدة تمنح الرياض الفرصة لاستخدام قواتهم العسكرية على نحو أكثر فعالية مشيراً إلى أن السعودية لم تكن تملك نظاماً لتوجيه القوات على الإطلاق والآن يمكن للمسؤولين العسكريين الجلوس عند نقطة الصفر للحرب وقيادة الجيش في البلاد في مختلف مناطق الحرب.
بدوره أكد المستشرق والأستاذ بكلية التاريخ والسياسة في جامعة موسكو الحكومية "غريغوري كوساش" أن السعودية تواجه تحديات أخرى إلى جانب التحدي الإيراني حيث تعتبر الأقلية الشيعية والموجودة في الجزء الشرقي من البلاد منافساً محليا رئيسياً لسلطات الرياض وهي قضية أمنية خطيرة بالنسبة للأسرة الحاكمة، وفي الوقت نفسه؛ تسببت عودة إرهابيي تنظيم داعش إلى الجزيرة العربية بعدد من المشاكل في البلاد ولهذا السبب تحتاج قوات الأمن السعودية والقوات البرية إلى معدات حديثة لمواجهة هذه التحديات.
وأضاف إن سباق التسلح الجديد بدأ في منطقة الخليج بشكل عام وإن السعودية تحاول تجاوز إيران في هذا السباق لضمان أمنها عند تدهور الأوضاع.
السعودية غير قادرة على المواجهة
نائب رئيس معهد موسكو للتحليل السياسي والعسكري "ألكسندر خرامتشيخين" أكد أن العقد السعودي والبالغ 110 مليار دولار لا ينبغي أن يعتبر قضية غير متوقعة؛ حيث أن العسكريين السعوديين وبشكل عام على دراية بالأسلحة العسكرية الأمريكية كما أنّ المملكة واحدة من أكبر مشتري الأسلحة الأمريكية كما أنّ الكميّة الكبيرة للأسلحة ليس دليلاً على التحضير للحرب مع إيران.
فيكتور موراكوفسكي رئيس تحرير مجلة ترسانة الوطن أكد أنّ القوات المسلحة السعودية؛ وعلى الرغم من أنها مزودة بأسلحة عسكرية أمريكية منذ عدّة سنوات؛ غير أنّها لا تتمتع بالاستعدادات القتالية العالية لا في الحروب البرية ولا حرب العصابات، ناهيك عن المعارك الجوية والبحرية التي تتطلب خبرة فنية عالية واستعداد كبير.
وأكد الخبير الروسي فيما يتعلق بإمكانية الحرب السعودية مع إيران أن الرياض سواءً بمفردها أو حتى بمشاركة حلفائها في العالم العربي؛ ليس لديها القدرة على مواجهة قوة إيران العسكرية.
وبرأي موراكوفسكي لا يمكن للسعودية أن تنجح مواجهة إيران إلّا بدعم مباشر من الولايات المتحدة مؤكداً أن زيارة دونالد ترامب إلى الرياض وعقد صفقة أسلحة كبيرة كانت مجرد حملة دعائية كبيرة للجمهور الأمريكي بالإضافة لأنها دعم كبير للصناعة العسكرية الأمريكية.
المزيد في هذا القسم:
- مصرع العشرات من مرتزقة العدوان بكوفل بقصف صاروخي المرصاد نت - مأرب لقي عدد من مرتزقة العدوان مصرعهم اليوم الجمعة في كوفل بمحافظة مارب وأفاد المصدر بأن القوة الصاروخية للجيش واللجان الشعبية استهدفت تجمعا لهم ...
- مجزرة غيرنيكا ومجازر اليمن التي لم يرسمها أحد ؟ المرصاد نت - سليمان ناجي أغا أين هو (بيكاسو) ليرسم لوحة تختصر بعض هذه المجازر والنزف غير المسبوق الذي العدوان السعودي الأمريكي على اليمن نريد رسامين يمنيين ...
- من المهرة إلى عدن ثورة ضد العدوان: يمن الثائرين في وجه الغزاة المحتلين المرصاد نت - متابعات النتيجة الطبيعية للوعي الارتزاقي الزائف لبعض القيادات الحراكية المندمجة مع شرعية العمالة هي من جعل المحافظات الجنوبية والشرقية فريسة لكل ...
- من يحكم الجنوب..؟ المرصاد نت - يمنات باتت قوات تحالف العدوان السعودي صاحبة الأمر و النهي في محافظات الجنوب و هي صاحبة السلطة الفعلية في تلك المحافظات و كل شيء يمر عبرها. و ي...
- إزالة كافة الحواجز الإسمنتية من أمام السفارة الأمريكية والرئاسة أعادت أمانة العاصمة صنعاء واللجنة الثورية العليا اليوم فتح الطرق المؤدية لجسر ونفق دار الرئاسة بشارع الستين، كما تم إزالة كافة الحواجز الإسمنتية من أمام السفا...
- الشرعية" المُتآكلة بعد "اتفاق السويد" ! المرصاد نت - علي حسين على طول الأسبوعين الفائتين اللذين أعقبا "مشاورات السويد"، شنّ سياسيون وكتّاب محسوبون على طرف "هادي" و"الرياض" حملات تحريض مُكثّفة ضد الم...
- محادثات الكويت لم توقف المعارك والغارات العدائية المرصاد نت - محافظات واصل العدوان الأمريكي السعودي ومرتزقته خروقاتهم في عدد من المحافظات اليمنية رغم بدء محادثات الكويت بعد تقديم ضمانات من قبل الأمم المتحد...
- صنعاء : مؤتمر صحفي لتيار اليسار الوطني اليمني حول مشاورات الكويت المرصاد نت - صنعاء عقد صباح الخميس بصنعاء مؤتمرا صحفيا نظمه تيار اليسار الوطني اليمني وسط حضور لافت من المهتمين ومشاركة واسعة لوسائل اعلام محلية وعربية وفي ...
- تفاهمات السويد: فاتحة انهزام «تحالف العدوان» المرصاد نت - لقمان عبدالله حقّقت مشاورات السويد الحدّ الأقصى المُمكِن إنجازه والأقرب إلى انعكاس التوازنات الحالية إذ لم يكن لأي طرف من الأطراف القدرة على تحقي...
- وجه الحديدة المنكوب: شبح الكارثة يخيم على كل اليمن المرصاد نت - رشيد الحداد حظيت المواجهات التي تدور في جبهة الساحل الغربي باهتمامات محلية وإقليمية ولكن لم تحظ تداعياتها الإنسانية بأي اهتمامات تذكر في محافظة ت...