المرصاد نت - علي حيدر
لم ينبع تباهي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأن الموضوع الفلسطيني لم يحظ بأكثر من ربع ساعة خلال لقائه الأخير مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب في واشنطن من فراغ
بل هدف من وراء ذلك إلى القول للداخل والخارج إن القضية الفلسطينية ليست قضية خلافية بين واشنطن وتل أبيب وإن مواقفه المتشددة في ما يتعلق بالتسوية على المسار الفلسطيني لم يترتب عليها أي أثمان سياسية وغير سياسية.
كل ذلك قد برز في كلام نتنياهو مزهواً بأن ترامب لم يعرض عليه أي مسودة لـ«صفقة القرن» فضلاً عن أنه لم يُحدد أي أفق زمني لمثل هذه التسوية بل الذي حدث أن الإدارة الأميركية تبنت السقف الإسرائيلي لهذا المسار الذي تتطور في ظله العلاقات الثنائية وصولاً إلى استعداد الجيش الأميركي لخوض مواجهات كبرى إلى جانب نظيره الإسرائيلي من دون أي شروط سياسية تتصل بهذا المسار أو ذاك. وهو ما ظهر في موقف الرئيس الأميركي الذي تبنى السردية الإسرائيلية للتحديات التي تواجه التسوية وآفاقها، محملاً أيضاً المسؤولية على الطرف الفلسطيني عن الطريق المسدود الذي انتهت إليه «أوسلو» ومؤكداً أنه «إذا لم يرغب الفلسطينيون في التسوية فلن تكون هناك تسوية».
ومع أن نتنياهو وجّه رسالة باتجاهات متعددة، مثل أن القضية الفلسطينية لم تعد تتصدر أولويات الطرفين الأميركي والإسرائيلي مقابل التهديد الذي تشكله الجمهورية الإسلامية في إيران فإنه يدرك أن مفاعيل مواجهة التقدم الذي يحققه محور المقاومة سيكون تثميرها النهائي في الساحة الفلسطينية سلباً أو إيجاباً وخاصة أن المراحل التي مر بها الصراع على أرض فلسطين وتحديداً في العقود الأخيرة أكدت لصناع القرار في تل أبيب أن عنصر الإرادة متوفر في أعلى درجاته لدى الشعب الفلسطيني وأن ما ينقص الأخير العمق الاستراتيجي بدلاً من الطوق المضروب حوله منعاً لتواصله مع بيئته الإقليمية الحاضنة التي لديها الإرادة التامة لتوفير عناصر القوة كافة من أجل أن يجسد إرادته في المقاومة والتحرير.
صحيح أن مواقف الثنائي، ترامب ــ نتنياهو، توحي بأن الرهان على إمرار «صفقة القرن» بصيغتها التي كان يُروّج لها بات بعيد المنال بعد إجماع الفصائل الفلسطينية كافة على رفضها. لكن ما ينبغي استحضاره أن هذه الصفقة لها بعدان: الأول متصل بالصيغة التي يُعمل على فرضها، والثاني يتصل بالطرف السعودي والإقليمي.
ويعود تراجع الشق الأول من الصفقة إلى فشل مجمل الضغوط الدولية والإقليمية حتى الآن ومن ضمنها محاولات بن سلمان انتزاع موافقة الرئيس الفلسطيني محمود عباس على قبول أبو ديس عاصمة للدولة الفلسطينية. وما عزَّز الموقف الفلسطيني حتى الآن حالة الالتفاف الشعبي والسياسي حول موقف الرفض. مع ذلك فإن فرض صيغة حل على الشعب الفلسطيني وفصائله السياسية والمقاومة هو هدف ووسيلة في آنٍ؛ الهدف تصفية القضية الفلسطينية، بوجود بيئة تسمح لأطراف إقليمية عربية، الرياض أولاً بالانتقال إلى مرحلة التحالف العلني مع إسرائيل لمواجهة محور المقاومة. ويعود الاهتمام بهذا المسار إلى أن فرض صيغة حل هو في الواقع «رفع للحرج» عن أنظمة «الاعتدال العربي» أمام شعوبهم نتيجة انخراطهم العلني في هذا التحالف والمدى الذي يمكن أن يبلغه.
لكن السؤال المحوري الذي بات المطلوب الإجابة عنه: هل ستكون لفرملة طرح صيغة حل مفروضة على الطرف الفلسطيني أو على الأقل إخفاق مثل هذا الطرح في «تصفية» القضية، آثار سلبية في مخطط الانتقال إلى مرحلة التحالف العلني. بالتأكيد الجواب سلبي؛ بمعنى أن هذه الأنظمة سوف تتجاوز لاحقاً هذا الاعتبار وتحديداً عندما يقرر الأميركي أنه آن الأوان لهذه القفزة حتى لو لم يتوفر شرطها الفلسطيني.
وما يعزز هذا التقدير هو العبر التي استخلصها الأميركي والإسرائيلي من ردود الفعل الرسمية العربية على قرار إعلان القدس «عاصمة لإسرائيل» الأمر الذي سيشجع تل أبيب وواشنطن على مزيد من الخطوات الدراماتيكية. وينبغي الإقرار أيضاً بأن محدودية رد فعل الشارع العربي سوف تطمئن المتربصين في الرياض ومن ستجرهم وراءها الذين يرصدون حركة الرأي العام في بلادهم وخارجها تمهيداً للجهر بخيارات لم تعد مفاجئة والانتقال إلى مستويات متقدمة من التحالف مع الكيان الإسرائيلي. ويندرج في السياق التمهيدي لهذا المسار الخطوات التطبيعية التصاعدية التي يتبعها النظام السعودي بمعزل عن حركة التسوية مثل اللقاءات الثنائية بين ممثلين سعوديين وإسرائيليين، وزيارة وفد سعودي الأراضي الفلسطينية المحتلة... والسماح للطائرات بعبور الأجواء السعودية باتجاه الكيان الإسرائيلي.
انطلاقاً من القراءة الإسرائيلية لخلفيات الموقف الرسمي السعودي، ومعه بقية أنظمة «الاعتدال» التي باتت تعامل مع القضية الفلسطينية على أنها عبء ينبغي التخفف منه بهدف التفرغ لأولويات تتصل بنفوذهم وطموحاتهم كأنظمة وزعامات، فإن جوهر الرهان الإسرائيلي هو أن تصلب تل أبيب في القضية الفلسطينية سيدفع الطرف العربي المقابل إلى التراجع مجدداً وقبول ما يطرحه اليمين الإسرائيلي. وهو يستند في هذا الرهان إلى تاريخ طويل من التنازلات ولذلك لا تُستبعد مبادرة النظام السعودي إلى خيارات أكثر دراماتيكية باتجاه إسرائيل في أي مرحلة مقبلة.
أما على الساحة الفلسطينية فإن البديل الذي يبدو أن الطرفين الأميركي والإسرائيلي يعملان عليه هو كيفية حصر أولويات الشعب الفلسطيني في همومه اليومية وطرح صيغ سياسية تكرس الواقع القائم انطلاقاً من أنه الحد الأقصى الممكن. في المقابل، يبقى التحدي أمام المقاومة الفلسطينية في مواصلة جهودها لرفع حالة الاستنهاض على طريق صناعة الخيار البديل من استمرار الواقع القائم والطروحات التسووية التي ثبت عقمها.
المزيد في هذا القسم:
- قائمة أكبر مشتري الأسلحة الأمريكية المرصاد نت - متابعات تعتبر الولايات المتحدة هي المصدر الأكبر للأسلحة في العالم فما هي الأطراف المتلقية لهذه الأسلحة ؟ ذكرت شبكة “سي آن آن” الإخ...
- فرحة جنونية لحظة إعلان الحكم بـ"مصرية" تيران وصنافير المرصاد نت - متابعات أصدرت المحكمة الإدارية المصرية العليا اليوم الاثنين 16 كانون الثاني "حكماً تاريخياً" أكدت فيه سيادة مصر على جزيرتي تيران وصنا...
- الرئيس عون: الحريري محتجز في السعودية ونعتبر ذلك عملاً عدائياً ضدّ لبنان المرصاد نت - متابعات أكد الرئيس اللبناني العماد ميشال عون أنّ رئيس مجلس الوزراء اللبناني سعد الحريري "محتجز" في السعودية معتبراً ذلك "عملاً عدائياً" ضدّ لبنان...
- بيان مفاجئ للبرلمان المصري يرفض أي تدخلات عسكرية خارجية في اليمن ويدعو لوقف الحرب المرصاد نت - متابعات أصدر البرلمان المصري بيانا بشأن اليمن وتضمن إعلانا مفاجئا يرفض أي تدخل عسكري خارجي في اليمن رغم أن مصر عضو في تحالف العدوان السعودي الذي ...
- هونغ كونغ ساحة حرب صينية - أميركية: الاتفاق التجاري مُهدَّد! المرصاد نت - متابعات عادت الاحتجاجات إلى شوارع هونغ كونغ بعد هدوء نسبي شهدته المدينة الصينية خلال فترة تنظيم انتخابات محلية في الرابع والعشرين من تشرين الثاني...
- هل تزوّد واشنطن فصائلها المسلحة بـ 'مضاد للطائرات ' ؟ المرصاد نت - متابعات كثرت التسريبات الإعلامية حول الأمر في الأيام الأخيرة والمعلومات ما زالت تشير الى «إمكان وجود نيّة» لفعل ذلك.. لماذا عاد ال...
- فلسطين : اتفاق التهدئة «على نار هادئة»: العقدة في ملف الأسرى المرصاد نت - هاني إبراهيم بالتوازي مع اللقاءات المكوكية التي يجريها قادة جهاز «المخابرات العامة» المصرية مع حركة «حماس» ووفود الفصائل ...
- الأميركيين ينسحبون من حلب والرقة ..والفرنسيين من الحسكة! المرصاد نت - متابعات أكدت مصادر مطلعه انسحاب القوات الأميركية الموجودة بمحافظتي حلب والرقة بالكامل وقالت المصادر أن القوات الأميركية انسحبت بـ60 آلية وش...
- فيتو أوباما سقط بطريقة مخجلة في مجلسي الشيوخ والنواب.. والحليف السعودي تحول الى “عدو” المرصاد نت - راي اليوم لم يفاجئنا التصويت الكاسح في مجلسي الشيوخ والنواب الذي أطاح بـ”فيتو” الرئيس الأمريكي باراك أوباما ضد تشريع يتيح لأقارب ضحايا...
- احتجاجات مطلبيّة في تشيلي: تدابير حكومية لـ«احتواء» الشارع! المرصاد نت - متابعات تظاهر مئات الآلاف من الأشخاص مجدداً في أنحاء متفرقة من تشيلي احتجاجاً على عدم المساواة، وذلك رغم إعلان الرئيس سيباستيان بينيرا عن حزمة إص...