المرصاد نت - علي مراد
مجدداً وكما دأبت الإدارات الأمريكية المتعاقبة، أعلنت وزارة الخزانة الأميركية أمس الأربعاء عن فرض عقوبات جديدة على قيادة حزب الله. العقوبات الأميركية ليست بجديدة لكن اللافت كان إعلان السعودية – وبعد دقائق من الاعلان الأميركي – عن فرض العقوبات نفسها على القيادات أنفسهم الذين وردت أسماؤهم في بيان وزارة الخزانة الأميركية ولاحقاً تبيّن أن كل الدول الخليجية جزء من الإعلان.
ليس من قبيل الصدفة هذا التزامن المتكرّر مؤخراً، لكنه مؤشّر على حجم الاستعداد السعودي (الخليجي) لمزيد من الانخراط في مشروع مواجهة المقاومة في لبنان والمنطقة، انتقاماً من إنجازاتها على كافة الصعد.
في الإعلان الأميركي – السعودي – الخليجي الجديد عقوبات مكررة على كل من أمين عام حزب الله سماحة السيد حسن نصر الله ونائبه الشيخ نعيم قاسم، بالإضافة إلى رئيس المجلس السياسي السيد إبراهيم أمين السيد ورئيس الهيئة الشرعية في الحزب الشيخ محمد يزبك والمعاون السياسي للسيد نصر الله الحاج حسين الخليل. طبعاً درج الأميركيون كالعادة على إضافة اسم مسؤول في تنظيم "داعش" الإرهابي ضمن قائمة أسماء قيادات حزب الله، لمحاولة قرن اسم حزب الله وقيادييه بـ "الإرهاب"، فأضيف إلى القائمة اسم مسؤول "داعش" في شمال أفريقيا "أبو الوليد الصحراوي".
في 19 أيار من العام الماضي، وبينما كانت طائرة دونالد ترامب تحطّ في الرياض، أعلن السعوديون والأميركيون عن إدراج رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله السيد هاشم صفي الدين على قائمة ما يسمى الارهاب وفرض عقوبات عليه. في حينه أيضاً، أُقحِم إلى جانب اسم السيد صفي الدين إسم مسؤول آخر في تنظيم "داعش" الارهابي هو "أبو أسامة الأنصاري" قائد الدواعش في سيناء.
بعدها بيومين دشّن كل من ترامب وسلمان بن عبد العزيز والرؤساء الذين حضروا ما يسمى بالقمة الاسلامية – الأميركية مركزاً أسموه "مركز استهداف تمويل الارهاب"، ترأسه كل من واشنطن والرياض ويضم باقي دول مجلس التعاون الخليجي.
وقّع على وثيقة التفاهم التأسيسة للمركز المذكور كل من الولايات المتحدة، السعودية، الإمارات، سلطنة عمان، البحرين، قطر والكويت. بحسب الاعلان الاميركي، في بنود الوثيقة "تلتزم الدول بتحديد وتعقّب ومشاركة المعلومات عن شبكات تمويل الارهاب، وتنسيق الجهود المشتركة لإيقاف هذه الشبكات، وتقديم المساعدة للدول المجاورة التي تحتاج المساعدة في سبيل بناء قدراتها لمحاربة أخطار الارهاب".
بعد أيام بدأت الأزمة الخليجية مع قطر وتم استبعاد الدوحة عن عمل هذا المركز، ولاحقاً استعملته السعودية كمنصّة لاستهداف القطريين عبر إصدار عقوبات وقوائم إرهاب أدرجت فيها أسماء اشخاص وكيانات تدور في فلك السياسة القطرية من التيار الاخواني.
يذكر بيان الخزانة الاميركية أن العقوبات التي استهدفت قيادة حزب الله هي الثانية من نوعها منذ تأسيس المركز ويذكر أن أسماء قيادات أخرى في الحزب سبق وأن فرض عليها عقوبات في الاعوام الثلاثة الماضية والجديد ضمّها إلى قوائم العقوبات الخاصة بالدول الاعضاء في مركزهم.
اللافت أن وكالات الأنباء الرسمية الخليجية التي تبنّت هذا الاعلان تفاوت تعاطيها معه، ففي حين احتفلت به وكالات أنباء السعودية والبحرين والامارات، أوردته وكالة الانباء الكويتية باقتضاب - بعد المبالغة في سرد المبرّرات والالتزامات الدولية الكويتية بقرارات مجلس التعاون الخليجي والقرارات الدولية، أما وكالتا أنباء قطر وسلطنة عمان فلم تدرجا الخبر على صفحتيهما.
ربطاً بإعلان يوم أمس كانت العاصمة الكويتية قد شهدت على مدى يومي 9 و 10 أيار الفائتين اجتماعات ضمّت ممثلين عن الدول الخليجية ووزارة الخزانة الاميركية، وقد احتفت الخارجية القطرية بمشاركة الدوحة في الاجتماع بعد اقصائها عن أعماله منذ تأسيسه، ونشرت بياناً قالت فيه أن "الدول الاعضاء وافقت على بعض وثائق المركز من حيث المبدأ، وسوف تعقد اجتماعاً آخر لاستكمال تلك الوثائق"، فيما ذكر بيان وكالة الانباء الرسمية الكويتية (كونا) أن "الاجتماعات بحثت آليات تفعيل المركز وكانت ذات طابع فني".
طبعاً هذا الاعلان سيكون مصيره كما كل التصنيفات والقوائم والعقوبات السابقة التي أصدرها الأميركيون ومجلس التعاون الخليجي بحق حزب الله وقيادته، فهو لا يساوي الحبر الذي كٌتِب به، وكون السيد نصر الله أكّد في أكثر من خطاب أن العقوبات لا تؤثّر على ميزانية حزب الله.
الهدف الاساسي من اختيار هذا التوقيت بالذات للخروج بهذا الاعلان الجماعي يبدو مرتبطاً بقضايا لا تتعلّق بالضرورة بحزب الله بشكل مباشر.
بيان وزارة الخزانة الاميركية أوضح الهدف الأساس من الاعلان عندما اعتبر أن القرار "أتى بعد اعلان الرئيس ترامب الاسبوع الماضي الانسحاب من الاتفاق النووي الايراني والعودة الى فرض العقوبات التي كانت مجمّدة على إيران، وبعد التحرك الذي قامت به وزارة الخزانة لتصفية شبكة التمويل التي كانت تعمل لصالح الحرس الثوري بين ايران والامارات العربية المتحدة".
إذاً يعلن الأميركيون أن دافعهم مرتبط بتوجّه واشنطن التصعيدي ضد ايران بعد الانسحاب من الاتفاق النووي، وعشية محاولات انقاذ الاوروبيين للاتفاق من خلال محادثاتهم المشتركة مع وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف.
جملة مفتاحية تؤكّد هذه الفكرة وردت أيضاً في بياني وزارة الخزانة الاميركية ووكالة الانباء السعودية وهي "التأكيد على عدم التمييز بين الجناحين السياسي والعسكري لحزب الله"، وهي نقطة يحاول الاميركيون منذ سنوات الضغط على الأوروبيين لكي يتبنّوها، فقرار الاتحاد الاوروبي عام 2013 بإدراج "الجناح العسكري" للحزب على قوائم ما يسمى الارهاب وتحييد "الجناح السياسي" لم يكن كافياً بنظر الأميركيين، لذلك تشهد الاشهر الماضية ضغوطاً أميركية – إسرائيلية – سعودية مركّزة على الاتحاد الاوروبي للانضمام الى التوجه التصعيدي القادم ضد إيران لدفع الأخيرة الى القبول بإعادة التفاوض على اتفاق جديد معها يشمل برنامجها الصاروخي وتفتيش مواقعها العسكرية، وهو ما ترفضه طهران بالمطلق.
أما الهدف الفرعي الذي يمكن تلمّسه فيتعلّق بالأزمة مع قطر، فمن الواضح أن القطريين بدأوا بالعودة إلى الحظيرة الخليجية مع إشراكهم في المصادقة على الاعلان، ويتقاطع هذا التطور مع إعلان مسؤول أميركي عن قرار اتخذه ترامب بإنهاء الأزمة الخليجية قريباً.
المزيد في هذا القسم:
- هدنة تجارية صينية ــ أميركية: مصافحة كيم وترامب تُحيي التفاوض ! المرصاد نت - متابعات استحوذ الرئيس الأميركي دونالد ترامب على الأضواء المسلّطة والمحيطة بقمة مجموعة العشرين التي عُقدت في اليابان خلال اليومين الماضيين إن كان ...
- عدد المرشحين للانتخابات النيابية اللبنانية 976 بينهم 111 سيدة المرصاد نت - متابعات أقفلت وزارة الداخلية والبلديات منتصف ليل الثلاثاء باب تقديم طلبات الترشح للانتخابات النيابية اللبنانية التي ستجري في السادس من شهر أيار/ ...
- لبنان : صراعات القوى الناشطة في الحراك وبرامج الرعاة الخارجيين! المرصاد نت - متابعات للبنانيين حكاية خاصة مع الأرقام. لم يخرج بعد محلّل نفسي أو عالم اجتماع يشرح السبب الفعلي لهذه المبالغة الدائمة في لغة الارقام: من الـ 12 ...
- البرلمان العراقي يطيح علّاوي: عبد المهدي باقٍ في منصبه! المرصاد نت - متابعات رئيس الوزراء المكلّف محمد توفيق علّاوي، يعتذر عن الاستمرار في منصبه. قرارٌ أُعلن عنه في ساعةٍ متأخرةٍ من ليل أمس، إذ أكّد في كلمةٍ له أن ...
- اعتقال 10 فلسطينيين «خططوا لاستهداف بارجة إسرائيلية» المرصاد نت - متابعات قدّمت النيابة العسكرية الإسرائيلية لائحة اتهام ضد أمين جمعة (23 سنة) وهو فلسطيني من سكان رفح في قطاع غزة تضمّنت التخطيط لاستهداف بارجة حر...
- كتالونيا تصرّ على الانفصال ومدريد تصعّد.. في أسوأ أزمة تمرّ بها اسبانيا المرصاد نت - متابعات تصاعد التوتر بين إقليم كتالونيا ومدريد بعد إصرار الاقليم على الانفصال وفي آخر المستجدات رفضت الحكومة الإسبانية الدعوة التي أطلقها رئيس حك...
- سباق التسلح يشتعل بين قطر والسعودية بدعم من "ترامب" المرصاد نت - متابعات نجحت قطر التي دخلت في مأزق دبلوماسي طويل الأمد مع جارتها السعودية في الحصول على الدعم والأسلحة من حليفها الاميركي. وخلال اجتماع في الم...
- أحداث السفارة.. الفجوة بين الشعب العراقي وأميركا! المرصاد نت - متابعات أتهم المبعوث الأميركي الخاص بشؤون إيران، برايان هوك الجمهورية الإسلامية الإيرانية بالهجوم على السفارة الأمريكية في العراق، زاعما أنه يهدف...
- ليبيا : شحنة أسلحة تركية... دعماً لحكومة طرابلس؟ المرصاد نت - متابعات تثير واقعة ضبط سيارات ومدرعات عسكرية قادمة من تركيا في ميناء الخمس غرب ليبيا تساؤلات عديدة عن خلفياتها خصوصاً أنها تأتي في وقت تحتدم فيه ...
- بريطانيا : خسارة المحافظين في انتخابات فرعية: جونسون يتلقّى الضربة الأولى ! المرصاد نت - متابعات مُني رئيس الوزراء البريطاني الجديد بوريس جونسون بأول نكسة انتخابية أول من أمس مع هزيمة حزبه في انتخابات فرعية أدت إلى حصر غالبيته البرلما...