السعودية تحشد ضد كندا وماليزيا تغلق مركزاً سعودياً لمكافحة الإرهاب

المرصاد نت - متابعات

في اليوم التالي لأزمتها المتصاعدة مع كندا وكما هو دأبها عند كل اختبار تضع نفسها فيه حشدت السعودية كل طاقاتها الداخلية والخارجية لتأييد «حربها» الدبلوماسية والتجارية ksa canada2018.8.8على أوتاوا على خلفية انتقادات وجّهتها الأخيرة إلى تعامل الرياض مع النشطاء الحقوقيين وخلافاً لما كانت تأمله المملكة من تفاعل إيجابي مع خطواتها الترهيبية يتخذ أقله شكل الصمت جاءت الردود الدولية مائلةً على نحو إلى الكنديين من دون أن تبلغ خصوصاً على المقلب الأميركي حدّ توجيه تأنيب إلى السعوديين.

 وآخر خطواتها ضدّ الحكومة الكندية أوقفت السعودية برامج العلاج الطبي في كندا في وقتٍ تجهز فيه لنقل كل المرضى السعوديين من المستشفيات الكندية إلى مستشفيات خارج البلاد.
وبعدما استدعت سفيرها في أوتاوا وأمهلت السفير الكندي لديها 24 ساعة للمغادرة جمّدت السعودية صفقات تجارية مبرمة حديثاً مع كندا علماً بأن قيمة التجارة السنوية بين البلدين تبلغ 4 مليارات دولار فيما تبلغ قيمة الاتفاقيات العسكرية الثنائية 13 ملياراً.

من هذا الذي يخوض معركة ضدّ كندا؟ سؤالٌ طرحه عدد من الكتّاب والصحف خلال الأيام الأخيرة. فحوى السؤال الذي تكرّر في تغطية هجوم السعودية على كندا أراد في الحقيقة معرفة سبب شنّ حملة ضد كندا «الدولة الليبرالية متعددة الثقافات ذات التأمين الصحي المجاني وبرئيس وزراء يرتدي جوارب كُتب عليها تمنيات بعيد مبارك» مثلما ورد في موقع «ذي إنترسبت» على سبيل المثال.

السعودية فعلتها. هاجمت إحدى أكثر الدول المعروفة بـ«مسالمتها» و«انفتاحها» والأهم من ذلك أنها إحدى الدول الرئيسة في تسليحها. كل هذا لم يكبح غضب هذه الأخيرة الذي انفجر بعدما طالبت أوتاوا بإطلاق سراح ناشطتين سعوديتين اعتقلتهما الرياض أخيراً.

حملة إعلامية كبيرة على كندا رافقت الإجراءات التي اتخذتها السعودية ضد الدولة الغربية مثل استدعاء السفير السعودي من أوتاوا مع آلاف الطلاب السعوديين الذين يتعلمون في جامعات كندا وغيرها من الإجراءات الصارمة.

حتى أن بعض الناشطين السعوديين على «تويتر» انشغلوا بدعم استقلال مقاطعة كيبيك في محاولةٍ لـ«الثأر» من كندا. هذا الأداء السعودي رآه البعض انعكاساً لشخصية ولي العهد محمد بن سلمان «المندفع» و«الحساس حيال النقد».

وبموازاة الإجراءات الحكومية شنّت قناة «العربية» التابعة للحكومة السعودية حملةً على كندا مركزةً على سجل حقوق الإنسان هناك. انتقدت القناة التلفزيونية توقيفات جرت في كندا لـ«سجناء الرأي» معتبرةً أن هذه الممارسات «غير مطابقة لمعايير حقوق الإنسان». وتطرقت «العربية» لتوقيف إرنست زاندل ناكر الهولوكست الذي حوكم بتهمة «نشر أخبار كاذبة تؤذي المصلحة العامة» كما زعمت توقيف أستاذ علم النفس المثير للجدل جوردن بيترسون قائلةً إنه جرى توقيفه لمهاجمته «الصوابية السياسية» (political correctness)، علماً بأنه لم يجرِ توقيف بيترسون قط.

لكنّ «أغرب» ما جرى حتى الآن خلال هذه الأزمة كان تغريدة نشرتها مجموعة سعودية على «تويتر» لرسمٍ يظهر طائرة تابعة لشركة طيران كندا تتجه نحو أطول مبنى في تورنتو في تلميحٍ إلى أحداث 11 أيلول/ سبتمبر 2001. لكن المجموعة أزالت الصورة وقدمت اعتذاراً لاحقاً.

وتتابعت مواقف المنظمات الإقليمية المهيمَن عليها سعودياً كمجلس التعاون الخليجي وجامعة الدولة العربية و«المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة» (إيسيسكو). أما على مستوى الدول فاصطف كل من السودان والأردن إلى جانب السعودية في «ردع التدخلات المستهجنة في شؤونها الداخلية وعلاقتها بمواطنيها» و«حقها في تنفيذ قوانينها وأنظمتها»، فيما جاء موقفا الكويت وعُمان أقلّ حماسةً بإعرابهما عن أملهما في «تجاوز هذا الموقف بين البلدين» وإن شدّدتا على «عدم جواز التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى». وكانت قطر من جهتها قد أبدت تضامنها مع كندا مُتبرِّئةً من بيان مجلس التعاون الخليجي بهذا الخصوص.

موقف القاهرة من الأزمة جاء متسقاً مع مواقف دول مثل البحرين والإمارات وحتى السلطة الفلسطينية التي أدان رئيسها محمود عباس «التدخل الكندي السافر» في الشؤون الداخلية للسعودية.

المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية أحمد أبو زيد أعرب ليل أمس عن تضامن بلاده مع السعودية. وقال في بيان: «مصر تتابع بقلق تطورات الأزمة بين السعودية وكندا وتعرب عن تضامنها مع المملكة ضد أي تدخل خارجي في شؤونها الداخلية». وأضاف أن القاهرة تعتبر هذه الأزمة «نتاجاً مباشراً للنهج السلبي الذي اتخذته بعض الأطراف الدولية والإقليمية مؤخراً بالتدخل في الشؤون الداخلية للعديد من دول المنطقة» مطالباً بـ«ضرورة امتثال الجميع للأعراف والمواثيق الدولية التي تحكم العلاقات بين الدول واحترام سيادتها». كما شدّد على «موقف مصر الثابت الداعم لاستقرار وسيادة الدول العربية وتضامنها مع المملكة العربية السعودية في موقفها الرافض لأي تدخل خارجي في شؤونها الداخلية أو محاولة المساس بسيادتها» .

أما لبنانياً فعلّق رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري على الأزمة بالتأكيد «على التمسك بعدم تدخل الدول بالشأن الداخلي لدول أخرى» من دون أن يسمّي السعودية.

على المقلب الغربي اجتمع الأوروبيون والأميركيون على التشكيك في الإجراءات السعودية بحق النشطاء الحقوقيين وكذلك الدعوة إلى تهدئة الخلاف بين «حليفَين مقرّبين»، لكنهم امتنعوا عن توجيه لوم صريح إلى الرياض. وحضّت الولايات المتحدة على لسان الناطقة باسم وزارة خارجيتها الحكومة السعودية على «احترام الحقوق القانونية والحريات المعترف بها دولياً والحريات الشخصية ونشر معلومات حول قضاياها القانونية» فيما حثّت بريطانيا الطرفين الكندي والسعودي على «ضبط النفس» مُبديةً في الوقت نفسه «قلقها بشأن قضايا حقوق الإنسان في السعودية».

وأشارت المفوضية الأوروبية بدورها إلى «(أننا) نريد فهم المزاعم ضد النشطاء، وضمان حصولهم على محاكمة عادلة»، مُكتفِية في تعليقها على الخلاف المستجد بالقول: «نحن نؤيد الحوار». تعليقات ومواقف يبدو أنها لا تزال تراوح في إطار «الدفاع الضعيف»، في أحسن الأحوال عن حقوق الإنسان في السعودية بما أن «القضايا الاستراتيجية» المشتركة مع المملكة لم يطاولها أي تغيير بل سلكت مسار الازدهار منذ اعتلاء محمد بن سلمان سدة الحكم. ولعلّ هذه اللامبالاة، خصوصاً من الجانب الأميركي هي التي «تشجّع السعودية على مقاومة انتقادات الآخرين»، لكونها تعلم «أن القادة في واشنطن أقل اهتماماً بالتعبير عن معارضتهم لسياساتها الداخلية، أو لأفعالها ضد دول مثل كندا» وفق ما جاء في تقرير لمركز «ستراتفور» الاستخباري الأميركي تعليقاً على الأزمة.

ومع ذلك، تظلّ الردود الغربية معطوفةً عليها دعوة المنظمات الدولية وفي مقدمها «أمنستي» إلى «عدم الإذعان للترهيب» وكسر الصمت الذي استمرّ «لفترة أطول مما ينبغي»، عامِلاً مساهِماً في إضافة المزيد من القتامة على صورة السعودية في الخارج وبالتالي «تثبيت مخاوف الشركات وتقليل معنويات المستثمرين» وفق ما نبّه إليه تقرير «ستراتفور»، مع ما يعنيه هذا الأمر من انعكاسات سلبية على «الإصلاحات» التي يقودها ولي العهد السعودي.

ماليزيا تغلق مركزاً سعودياً لمكافحة الإرهاب

وفي سياق متصل أغلقت الحكومة الماليزية الجديدة مركزاً لمكافحة الإرهاب مدعوماً من السعودية بعد نحو عام فقط على افتتاح العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز له أثناء زيارة للبلاد.

وقال وزير الدفاع الماليزي محمد سابو في رد مكتوب على سؤال في البرلمان الاثنين إن مركز الملك سلمان للسلام الدولي سيتوقف عن العمل فوراً وإن مهامه سيتولاها المعهد الماليزي للدفاع والأمن ولم يعرض الوزير الماليزي تفسيراً لتلك الخطوة.

المركز الذي أسس بهدف جذب علماء المسلمين إلى فكرة مكافحة الإرهاب والترويج للتسامح أعلن افتتاحه في مارس/ آذار من العام الماضي خلال زيارة الملك سلمان لماليزيا إبان حكومة نجيب رزاق  وكان للمركز مكتب مؤقت في كوالالمبور بانتظار إنشاء مقر دائم في العاصمة الإدارية بوتراجايا.  

 وقال النائب المعارض هشام الدين حسين الذي تولى في السابق وزارة الدفاع إن "خطوة إغلاق المركز تعد خسارة للأمة وسط تصاعد الإرهاب في العالم الإسلامي" مضيفاً أن "المركز كان هدفه وضع ماليزيا ذات الغالبية المسلمة في مقدمة الدول التي تحارب التطرف العنيف وإيديولوجياته، جنباً إلى جنب السعودية".

وسادت مخاوف في السنوات الأخيرة من انتشار التفسير الوهابي المتشدد للإسلام في ماليزيا تحت حكومة رزاق وقامت المملكة بإنشاء مساجد ومدارس في المنطقة وعرضها منحاً دراسية للماليزيين وغيرهم من مسلمي جنوب شرق آسيا الراغبين في الدراسة في السعودية.

يذكر أن ماليزيا كانت قد أعلنت انسحابها رسمياً من التحالف  العسكري السعودي على اليمن وسحب قواتها العسكرية من السعودية وحينها قال وزير دفاعها محمد سابوا إن بلاده تريد علاقات جيدة مع الجميع باستثناء (إسرائيل) مؤكداً أن بلاده تريد علاقات جديدة مع السعودية مثلها مع قطر.

المزيد في هذا القسم:

المزيد من: الأخبار العربية والعالمية