المرصاد نت - متابعات
لا يخفى على أحد برودة العلاقات السعودية - التونسية، ودخولها في حالة سبات شبه كلي، عقب سقوط نظام زين العابدين بن علي. انحصر السبب في البداية في استقبال الرياض الجنرال الهارب الذي احتفظ على مدى فترة حكمه بعلاقات جيدة مع مسؤولين سعوديين. لكن لاحقاً تبيّن أن ثمة أسباباً أبعد سرعان ما حاولت السلطة التونسية الجديدة التي قادتها حركة «النهضة» بالاشتراك مع حزبين علمانيين («التكتل من أجل العمل والحريات» و«المؤتمر من أجل الجمهورية») إزاحتها، لطي صفحة الماضي وبناء علاقة جديدة لعدم التأثير على استثمارات كبرى كانت السعودية تشرف على إنجازها في البلاد. لكن للسعودية رأياً آخر عبرت عنه بوضوح عند زيارة رئيس الحكومة الإسلامي حمادي الجبالي وعدد من وزرائه إليها حيث لم يجدوا في استقبالهم مسؤولين نظراء لهم بل وجدوا مسؤولين ثانويين فلم يبق أمامهم إلا تغطية الأمر بإجراء عمرة!
توقفت الاستثمارات وازدادت العلاقات برودة مع تصاعد عداوة السعودية تجاه «الإخوان». وعندما وصل الباجي قائد السبسي إلى رئاسة الجمهورية في العام 2014، اعتقد المحور السعودي - الإماراتي أنه راهن على حصان رابح سيطبق سياستهم ويبعد «النهضة» عن دوائر الحكم. لكن الباجي خيب آمال داعميه الخليجيين وعقد تحالفاً مع الإسلاميين اضطراراً بسبب نتائج الانتخابات وليس اختياراً كما يقول.
لم ترضَ المشيختان بخياره الأوحد بخاصة الإمارات التي مضت في استفزازاتها كرفض منح تونسيين تأشيرات أو تجديدها وقد كان آخرها حادثة الطائرة الشهيرة. أما السعودية فقد أخذت خطاً أكثر براغماتية. استقبلت قائد السبسي وقدمت بعض «المساعدات» من قبيل ترميم مساجد تاريخية وبناء مشفى لكن الأهم كان تدشينها مساراً لـ«أمننة» العلاقات.
بدأ الأمر بوهب السعودية تونس 48 طائرة عسكرية من طراز «أف 5»، في نهاية العام 2015 وقد خرجت تلك الطائرات بحلول ذلك الوقت عن الخدمة من سلاح الجو السعودي. مرت أعوام من دون أن يُعرف سر «المكرمة» أو غاياتها خصوصاً أن العلاقات لم تتحسن كثيراً بعد ولم تَعرف تحولات نوعية ما بدا في اتخاذ تونس موقفاً محايداً تجاه الأزمة الخليجية.
لكن حدثاً آخر أعاد إحياء العلاقات الأمنية هو زيارة وزير الداخلية التونسي لطفي براهم إلى السعودية بداية هذا العام ولقاؤه على نحو مفاجئ بالملك سلمان وبرر الديوان الملكي اللقاء بحسب بيان الاستقبال، بأنه احتفاءٌ بإنجازات الأمن التونسي في مواجهة الإرهاب. لكن لم يستسغ أحد التبرير فكيف لا يُستقبل رئيس حكومة ملكياً كما استُقبل وزير الداخلية! فوصل الأمر في تونس إلى استجواب براهم من قبل «لجنة الأمن» البرلمانية. وعلى إثرها لم يطل الرجل البقاء إذ أقيل بعد أشهر عُقب إشاعة عن اجتماعه مع رئيس الاستخبارات الإماراتية.
اليوم تعود «أمننة» العلاقات من باب طائرات «أف 5» وعلى نحو غير مسبوق. يجري الجيش التونسي «مناورات صداقة» بشكل دوري مع فرنسا والـ«ناتو»، لكنه لم يجرِ قط مناورات مع السعودية. فالأمر يفرض تساؤلات عدة، بخاصة لجهة الجزائر، التي لم تصدر عنها مواقف أو إشارات بخصوص الحدث حتى الآن. لكن «القوة الإقليمية»، بحسب ما يصف مسؤولون جزائريون بلدهم، لن تكون مرتاحة لوجود طائرات سعودية على حدودها لمدة أسبوعين، ولمقاصد غير معروفة.
يُرجح مراقبون تونسيون أن يكون الهدف السعودي من وراء المناورات اختبار مدى قدرة طائرة «أف 15» التي ستشارك بها السعودية بالمقارنة مع طائرات أخرى خصوصاً أن وسائل إعلام سعودية أوضحت أن من أهم أهداف المناورات «السماح للطيارين السعوديين بإجراء عمليات جوية في بيئة أجنبية». منبع هذا الظن هو امتلاك إيران لطائرات «أف 5» التي تمتلك تونس منها نماذج متعددة إلى جانب النموذج الذي منحته إياها السعودية، وهي مطاردات من طراز «أف 5 إي» و«أف 5 تايغر 2».
قد لا تمر المناورات السعودية - التونسية هادئة كما في بقية الدول فمن المرجح أن تطلق جمعيات وأحزاب سياسية تنديداً. فالتونسيون لن يقبلوا بأن تساهم بلادهم في رفع قدرات القوات الجوية السعودية التي ترتكب أفظع المجازر في اليمن منذ أكثر من ثلاث سنوات.
المزيد في هذا القسم:
- يوم التضامن مع فلسطين.. والجمعة الـ36 لمسيرات العودة ! المرصاد نت - متابعات إستشهد 221 فلسطينيا وجرح أكثر من 24 الفاً بفعل قمع قوات الاحتلال منذ إنطلاق "مسيرات العودة" لحد الان. الحصيلة مرتفعة جدا لكنها لم ولن تنا...
- سلطات الاحتلال تهدم 15 منزلا بالقرب من القدس المحتلة المرصاد نت - متابعات هدمت سلطات الاحتلال الاسرائيلي الثلاثاء 11 منزلا فلسطينيا في قرية قلنديا القريبة من القدس في الضفة الغربية المحتلة بحسب مصادر فلسطينية فض...
- معاريف : تطور العلاقات الأمنية والعسكرية بين تل أبيب وأبو ظبي المرصاد نت - متابعات من غير المعقول أن تشهد أي دولة عربية طفرة اقتصادية أو نوع من الاسقرار مالم تكن على علاقة مباشرة أو غير مباشرة مع الكيان الإسرائيلي. لأ...
- عُمان ... الدبلوماسية الناعمة بين عهدين! المرصاد نت - متابعات "كأنّ السلطان قابوس لم يرحل". هكذا وصف دبلوماسي عمانيّ مستقبل عمان السياسي في الداخل والخارج في مرحلة ما بعد رحيل السلطان قابوس بن سعيد. ...
- توتر شديد في الأقصى والاحتلال يهاجم المصلين بـ"الأسباط" المرصاد نت - متابعات اعتدت قوات الاحتلال الصهيوني مساء الأربعاء بالضرب وإطلاق القنابل على فلسطينيين عقب انتهائهم من أداء صلاة الظهر بالقرب من "باب الأسباط"؛ أ...
- بومبيو: مستعدون للحوار مع إيران من دون شروط مسبقة! المرصاد نت - متابعات أعرب وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو اليوم الأحد من سويسرا عن استعداد بلاده للحوار مع إيران حول التوترات الأخيرة بين البلدين "من دون ش...
- برعاية آل خليفة .. وفد إسرائيلي في البحرين قريباً المرصاد نت - متابعات في خطوة جديدة على طريق التطبيع مع إسرائيل تستضيف البحرين في الفترة الممتدة من الـ24 من حزيران/ يونيو الجاري حتى الـ4 من تموز/ يوليو المقب...
- هل تدلّ القمم الثلاث الباهتة على أفول السعودية؟ المرصاد نت - قاسم عز الدين المراهنة السعودية على الحماية من الخوف في القمم الثلاث التي دعت إليها في مكة المكرمة لم يتجاوب معها كما أملت الرياض أكثر من المجلس ...
- نابلس تنتفض والمطلوب ينجو: «المهمة أخفقت» المرصاد نت - متابعات لم تكن «الجولة» الإسرائيلية في نابلس موفّقة أمس ليس لأن السلطة قررت تخفيف «كرمها» في التنسيق الأمني بل لأن مئات ا...
- جيبوتي تطرد «موانئ دبي»: هل يتشجع الآخرون؟ المرصاد نت - متابعات يفتح القرار الجيبوتي الأخير سحب امتياز تشغيل محطة «دوراليه» من شركة «موانئ دبي العالمية» الباب على تحركات أفريقية...