المرصاد نت - متابعات
من خارج السياق، جاء قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب سحب قوات بلاده من الشرق السوري. الخطوة أحدثت مفاجأة حتى لأقرب حلفاء واشنطن في المنطقة وأُثيرت تكهّنات كثيرة حول أسبابها وأهدافها. وبعيداً عن الجنوح نحو اعتبارها «استسلاماً أميركياً مبكّراً» وتخلّياً عن الورقة السورية، تؤكّد مصادر كردية مطّلعة أن القرار الأميركي يأتي في إطار إنعاش تنظيم «داعش» وإحياء سيطرته على المنطقة الاستراتيجية شرق الفرات، لا سيما على الحدود السورية ـــ العراقية، لقطع التواصل بين البلدين، وبين أطراف محور المقاومة، وهو أحد الأهداف الاستراتيجية الأميركية للحرب التي شُنّت على سوريا منذ 2011.
المصادر أكّدت أن فشل الاستراتيجية الأميركية السابقة في ما خصّ سوريا والعراق بعد سلسلة الهزائم التي تعرّضت لها، جعلت واشنطن أمام خيارين: إما الخروج من المنطقة من دون أي مكاسب، أو استمرار نفوذها، السياسي والعسكري، عبر أطراف أخرى، «ويبدو أن الأميركيين اختاروا الخيار الثاني عبر إنعاش التنظيم الارهابي وتعزيز سيطرته في المناطق الحدودية بين العراق وسوريا».
وكانت واشنطن برّرت وجودها العسكري في المنطقة طوال الفترة السابقة بـ«مواجهة تنظيم داعش» وحماية «حلفائها» الأكراد في مواجهته. لكن ما حصل عملياً أن الأميركيين وضعوا الأكراد في مواجهة مباشرة مع التنظيم الارهابي من دون «الحماية» الموعودة. ففي منتصف تشرين الأول الماضي، شنّت «قوات سوريا الديموقراطية» (قسد) ـــ بتنسيق كامل مفترض مع الجيش الأميركي ـــ عملية «عاصفة الجزيرة» لإخلاء الشواطئ الشرقية لنهر الفرات من إرهابيي «داعش». سبقت العملية تأكيدات أميركية، في لقاء مع قيادة «قسد» عُقد في 13 من الشهر نفسه، أن القوات التركية لن تتحرك في اتجاه المناطق الكردية الشمالية، ووعود بتأمين غطاء جوي لـ«عاصفة الجزيرة». لكن الأميركيين نكثوا بوعدهم، ما ألحق هزيمة ثقيلة بالقوات الكردية المهاجمة قدرت بأكثر من 300 قتيل، فضلاً عن استعادة «داعش» السيطرة على المناطق التي انتزعتها القوات الكردية وعلى أجزاء أخرى من الحدود العراقية ـــ السورية.
وعلى النقيض مما يبدو خلافاً أميركياً ـــ تركياً، تؤكد المصادر نفسها وجود «تنسيق كامل» بين واشنطن وأنقرة في ما يتعلق بالاستراتيجية الأميركية الجديدة، يتولاه المبعوث الأميركي إلى سوريا جيمس جيفري الذي تربطه علاقات وثيقة بالمسؤولين الأتراك. وتعطي المصادر مثالاً على هذا التنسيق أن التهديدات التركية المتكررة بشن عمليات عسكرية ضد مناطق سيطرة الأكراد للاستيلاء على منطقتي تل أبيض ورأس العين دفعت «قسد» إلى سحب جزء من قواتها من مناطق المواجهة مع «داعش» في شرق الفرات إلى الحدود الشمالية لمواجهة أي هجمات تركية ما أضعف الجبهة المقابلة لـ«داعش» ومكّنه من استعادة السيطرة على بعض المناطق أبرزها حقل العمر النفطي الذي يعدّ أهم الحقول النفطية شرق الفرات.
وتزامن ذلك مع سحب الولايات المتحدة، في توقيت مريب جميع جنودها من القاعدة العسكرية القريبة من مدينة هجين قرب دير الزور على مقربة من الحدود بين العراق وسوريا. وعلى ذمة المصادر نفسها، نقلاً عن مشايخ عشائر سورية، فإن جيفري طلب من هؤلاء لدى زيارته المنطقة في تشرين الثاني الماضي تسهيل وصول المساعدات الغذائية والعسكرية لمسلحي «داعش».
المصادر نفسها لفتت في السياق نفسه أيضاً إلى رفض القوات الأميركية السماح للقوات العراقية منتصف العام الماضي بالمرابطة في منطقة وادي حوران للتصدي للهجمات التي يشنّها إرهابيّو «داعش» من صحراء الأنبار آخر معاقل التنظيم الإرهابي في العراق.
بولتون يزور تل أبيب وأنقرة لـ«تنسيق» الانسحاب
الي ذلك تسعى الإدارة الأميركية لتنسيق انسحابها من سوريا مع «حلفائها» في أنقرة وتل أبيب. القرار الأميركي المفاجئ، القاضي بالانسحاب الكامل من سوريا أحدث صدمة لدى جميع الأطراف المتداخلة في الحرب السورية إذ أعاد الجميع رسم خططهم وتقديراتهم في شأن الملف السوري وخصوصاً الأتراك، المعنيين بما يحدث شمالاً، ثم العدو الإسرائيلي الذي يحتاج إلى الوجود الأميركي في سوريا، كغطاء ودعم لأنشطته العسكرية والسياسية ضد إيران وحلفائها.
وفي إطار «التنسيق» بين الولايات المتحدة، وحلفائها في المنطقة في ما يتعلّق بالانسحاب من سوريا يجري مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون، زيارة إلى تركيا وإسرائيل اليوم برفقة المبعوث الخاص إلى سوريا جيمس جيفري، ورئيس الأركان جوزف دانفورد، بهدف التنسيق بشأن انسحاب القوات الأميركية من الأراضي السورية كما أورد في تغريدة له على موقع «تويتر». وسيبحث مع «الشركاء والحلفاء كيفية العمل على منع عودة تنظيم داعش»، و«مكافحة السلوك الإيراني الخبيث في المنطقة»، بحسب تعبير بولتون. وكان بولتون قد أعلن قبل أيام أنّه سيجري زيارة إلى تركيا في كانون الثاني/ يناير.
الإعلان جاء بعد اتصال هاتفي أجراه الرئيسان التركي رجب طيب أردوغان والأميركي دونالد ترامب تطرّقا فيه إلى الملف السوري. ووصف ترامب الاتصال بـ«المثمر» مشيراً إلى أنه بحث مع أردوغان «مكافحة تنظيم داعش»، و«الانسحاب المنسّق بشكل عالٍ للقوات الأميركية من سوريا».
وأكّد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو أمس أن قرار ترامب واضح في شأن سحب القوات من سوريا مضيفاً أنّ «جنودنا سيخرجون من هناك». ولكنّه أعلن أن الولايات المتّحدة تسعى إلى «ضمان ألّا يقتل الأتراك الأكراد» في سوريا بعد انسحاب القوات الأميركية من شمال سوريا. وقال بومبيو لموقع «نيوزماكس» الإخباري الأميركي المعروف بقربه من المحافظين إنّ «الأهمية هي لضمان ألّا يقتل الأتراك الأكراد ولحماية الأقليّات الدينية في سوريا. كلّ هذه الأمور لا تزال جزءاً من المهمّة الأميركية». ورفض الوزير الأميركي كذلك الإعلان عن الجدول الزمني المقرّر لسحب الجنود الأميركيين من شمال سوريا وذلك «كي لا يعرف خصوم الولايات المتحدة متى بالتحديد سينسحب الجنود الأميركيون» من الأراضي السورية.
المزيد في هذا القسم:
- التحالف الأمريكي يقتل 20 مدنياً بالرقة المرصاد نت - متابعات أرتكب طيران التحالف الأمريكي جريمة جديدة بحق المدنيين في سوريا اليوم الخميس حيث قُتل 20 مدنيا على الأقل بينهم نساء وأطفال في قصف جوي للتح...
- تونس تحيي الذكرى السادسة للثورة بالاحتجاجات الشعبية وقطع الطرقات المرصاد نت - متابعات شهدت تونس امس السبت في الذكرى السادسة للثورة الشعبية التي أطاحت في 14 كانون الثاني/يناير 2011 بنظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي مظا...
- الوجود الأميركي المُقنّع بـ«قوات سوريا الديموقراطية»: الرقة تحت الاحتلال المرصاد نت - فراس الهكار مضت السنة الخامسة على مأساة مدينة الرقة ولعلّ أصعب فصولها هو آخرها الذي دمرها بشكل كامل بذريعة «تحرير» المدنيين من &l...
- قطر تبحث عن بدائل: نحو تموضع إقليمي جديد؟ المرصاد نت - دعاء سويدان أزاء سياسة «التطنيش» والمراهنة على الخضوع مع استطالة الأزمة من قِبل دول المقاطعة تجد قطر نفسها مندفعة نحو البحث عن مزيد م...
- أميركا تلعب الصولد: الوصاية أو الانهيار! المرصاد نت - متابعات بعد بطولات العشرية الأولى من الألفية الجديدة، صارت أميركا لاعباً في مقاعد المعطّلين. كانت هذه مَهمة المشاغبين، من القوى الصغيرة المعترضة ...
- العلاقة الأمريكية السعودية المتجددة.. الأثمان والتبعات المرصاد نت - وكالة مرصد المتابع لخط سير العلاقات الأمريكية الخليجية وبالأخص الأمريكية السعودية يلحظ بعض المتغيرات نحو تحسين وترطيب الأجواء في العلاقة بين الطر...
- عراك بالعقال والنعال اثناء جلسة مجلس الأمة الكويتي المرصاد نت - متابعات أخلى رئيس مجلس الأمة الكويتي مرزوق الغانم قاعة المجلس بعد أن تحولت إلى حلبة مصارعة إثر تبادل عدد من النواب رمي “العقل” و&r...
- هآرتس: دول عربية حليفة منعت اشتعال العالم الاسلامي بعد أحداث الأقصى المرصاد نت - متابعات أكدت صحيفة "هآرتس" الاسرائيلية أن دول عربية حليفة لاسرائيل ساهمت في منع اشتعال في العالم الإسلامي" بسبب أحداث المسجد الأقصى وتركيب ...
- تعثّر «التصفية» لن يوقف الاندفاع السعودي نحو تل أبيب المرصاد نت - علي حيدر لم ينبع تباهي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأن الموضوع الفلسطيني لم يحظ بأكثر من ربع ساعة خلال لقائه الأخير مع الرئيس الأميركي...
- إرسال شحنات الأسلحة الى جبهة النصرة من السعودية وبلغاريا المرصاد نت - متابعات كشف مركز دراسات الشرق الأوسط في بلغاريا أنّ شحنات أسلحة جديدة ستتوجه خلال الساعات المقبلة إلى جبهة النصرة في سوريا عبر السعودية وبلغاريا....