السعودية بين نقيضين.. الإلحاد والوهابية !

المرصاد نت - متابعات

قد يستغرب البعض عند قراءة العنوان أن ظاهرة الإلحاد موجودة في السعودية، فلا نلومه فقد جهدت السعودية في الهيمنة على العالم الإسلامي والادعاء زوراً أهليتها لريادته وأنهاMacaaaa2019.2.6 الأحق تمثيلاً للإسلام كونها تستند في أحكامها اليه وفيها قبلة المسلمين وقبر نبيهم رغم أن الكثير من الظواهر التي تنتشر في أرجاء المملكة تنزع عنها اللباس الديني الذي تتستر به، ومن أبرزها ظاهرة الإلحاد التي تتنامى في بيئة تحيطها الوهابية من كل جانب فهل الإلحاد موجودٌ فعلاً في السعودية؟ وما هي العوامل التي ساعدت على نموه؟ وكيف تحاربه المملكة؟ وهل نجحت في ذلك؟

وجود الإلحاد في السعودية

عندما تلفظ اسم السعودية يتبادر إلى ذهنك فوراً أنه بلدٌ يطغى عليه دين التوحيد لكن للأسف هذا لم يعد صحيحاً مع ظهور الإسلام الوهابي الذي سيطر على المملكة وأدى بممارساته الخاطئة للدين لنمو ظواهر متعددة ومنها الإلحاد. فهذه الظاهرة لها انتشار واسع في المملكة رغم عدم وجود أرقام رسمية توضح حجم الملحدين فيها إلا أنها تتصدر العالم العربي من حيث عدد الملحدين.

فحسب معهد غلوب الدولي فإن  الملحدين يشكلون 10% من سكان المملكة أي 20 ألف ملحد وفي عينةٍ أخرى من استفتاء أجري في تويتر شارك فيه 4500 شخصاً كان من بينهم 1750 ملحداً أي ما يقارب 39% من المشاركين هم ملحدون وللدلالة أكثر على وجود هذه الظاهرة ومدى انتشارها فقد تحدث عنها كتّاب الصحف السعوية وكذلك مؤلفو الكتب والروايات وتحدث عنها أطباء وفنانون وممثلون كبار أمثال ناصر القصبي الذي دعا إلى احترامهم كما حذّر منها أعضاء في هيئة كبار علماء السعودية أمثال الشيخ عبد الله المطلق والدكتور سليمان أبا الخيل كذلك تحدث خطباء عنها أبرزهم الشيخ عبد الرحمن السديس.

 عوامل نمو الإلحاد

هناك عوامل عديدة ساهمت في نمو ظاهرة الإلحاد أبرزها:

– التطبيق الخاطئ للدين الإسلامي أي الإسلام الوهابي
– تجاوزات هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
– العنف الأسري والإجبار على أداء الفرائض بالقوة.
– الخلل في مناهج التربية الدينية التي أضعفت المناعة ضد الإلحاد.
– سياسة السعودية في الابتعاث إلى الخارج.
– سياسات ولي العهد محمد بن سلمان التي من ضمنها تجميد عمل هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إضافة إلى فعاليات هيئة الترفيه التي أعطت الحرية للملحدين.

 إجراءات المملكة في محاربة الإلحاد

قامت السعودية بالعديد من الإجراءات للقضاء على ظاهرة الإلحاد منها:

– مساواة حكم الملحد بحكم الإرهابي.
– إعطاء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر صلاحيات كاملة للقضاء على هذه الظاهرة.
– توكيل علماء الدين وخطباء المساجد بمهمة التحذير منها وتبيان عقوبتها الدنيوية والأخروية.
– كتابة العديد من المقالات التي تتحدث عنها وتوعي من مخاطرها.
– تأليف عدد من الكتب والروايات التي تتناولها.

رغم كل هذه الإجراءات التي جعلت السعودية الأولى عالمياً في مكافحة ظاهرة الإلحاد إلا أنها آخذة بالازدياد يوماً تلو الآخر لأن المجتمع السعودي اشمأز من أفعال الوهابية في تطبيقها الخاطئ للدين الإسلامي حيث الصلاة بالإكراه والدعوة للقتل بحجة الجهاد والتكفير بحجة مخالفة الرأي الآخر ولو كان هذا الآخر من نفس المذهب.

لقد قرر قسم كبير هجران الدين فأي دين يأمر بقتل وتجويع أبرياء اليمن وبمنح ثرواته لعدوه ويأمر بقتل وتقطيع وتذويب صحافي خالف رأيه السياسي رأي الأمير؟ لقد فرّ السعودون من الإسلام الوهابي ولجؤوا إلى أحضان الإلحاد الذي زينه الغرب لهم، فمن يعيد هؤلاء الملحدين إلى الدين الإسلامي الصحيح؟ وهل سنشهد يوماً يحيط فيه بيت الله الحرام الملحدون؟

«ذي إنترسبت»: بن سلمان يحكم السعودية على طريقة «مجرم أفلت بجريمة قتل»

وفي سياق متصل وبالتزامن مع إعلان الهيئة العامة للترفيه في السعودية الأسبوع الماضي 2019 عامًا للسعادة في المملكة تظهر اتهامات حقوقية دولية جديدة للنظام السعودي بارتكاب انتهاكات بحق الناشطات المحتجزات في السجون السعودية، يختار النظام الحاكم السعودي -ولي العهد بشكل خاص - تجاهلها في انعكاس لأسلوب أكثر صرامة لمحمد بن سلمان الذي بات أكثر ثقة بعد أن أفلت من احتمال إطاحته على خلفية قتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي وفقًا لمقال رأي للصحافية سارة عزيزة نشره موقع «ذي إنترسبت».
مفارقة صادمة

وبدأت سارة مقالها بالإشارة إلى تخصيص ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ميزانية قدرها 64 مليار دولار لتحقيق هدف بجعل 2019 عامًا للسعادة في السعودية ولخدمة تلك الغاية فقد أطلقت منصة على مواقع التواصل الاجتماعي وتطبيق يحمل اسم «Enjoy_Saudi»، بهدف جعل السعودية واحدة من أكبر الوجهات الترفيهية العالمية. وتشمل تلك الحملة التفاوض لتوقيع عقود مع نجوم عالميين مثل ماريا كاري والمطرب جي زي ومقدم التلفزيون تريفور نوح لجلبهم إلى المملكة بحسب الهيئة العامة للترفيه.

لكن الكاتبة لفتت إلى أن ذلك الإعلان تزامن معه إعلان آخر لم يحظ بالاهتمام نفسه من النظام السعودي فقد نشرت منظمة العفو الدولية تقريرًا عن التعذيب الممنهج والاعتداءات الجنسية التي تتعرض لها ناشطات سعوديات محتجزات حاليًا في السجون السعودية. ومعظم هؤلاء النساء الآن في شهرهن التاسع من الاحتجاز وقد وُضعن في السجن دون توجيه أي تهم إليهن أو تمثيل قانوني. وربطت الادعاءات بين حوادث التعذيب، وبين المستشار السابق سعود القحطاني المتورط في قتل جمال خاشقجي، الصحافي السعودي بجريدة «واشنطن بوست».

ونقل مقال سارة عن لينا معلوف مديرة أبحاث الشرق الأوسط بمنظمة العفو الدولية، قولها إن الدولة السعودية لم تكتف بحرمان السجينات من حريتهن لأشهر؛ لأنهن عبرن عن آرائهن بسلمية بل تعرضهن لمعاناة جسدية جسيمة. لكن وزير الإعلام السعودي رفض ادعاءات التعذيب قائلًا إنها مزاعم «بلا دليل» ومنع مراقبي حقوق الإنسان من الوصول إلى السجينات.

واعتبرت الكاتبة أن تجاهل النظام السعودي التعليق على المسألة «ليس أمرًا مفاجئًا»، بل على العكس قالت إنه أمر متوقع من ولي العهد الذي صار بعيدًا كل البعد عن الإطاحة بسبب فضيحة قتل خاشقجي، إذ إنه أصبح الآن يتعامل بثقة رجل أفلت من عقاب جريمة قتل ويستمر فWomensksa2019.2.6ي حملته ضد المعارضة بلا هوادة. وتستهدف الحملة، كما يُظهر تقرير منظمة العفو الدولية النساء اللاتي وعد ابن سلمان سابقًا بتحريرهن من القيود بشكل غير مسبوق.

تجاهل غربي لاستبداد مستمر

رأت الكاتبة أن التقارير المتزامنة للهيئة العامة للترفيه ومنظمة العفو الدولية، مفارقة مظلمة، فما هي إلا إعادة تمثيل لواحدة من تكتيكات ابن سلمان التي استخدمها في مرحلة مبكرة مشيرة إلى أن الحملات الحماسية المتمحورة حول الغرب كانت سمة بارزة في السنوات الأولى لحكم ابن سلمان، حين أبهر الأمير الصاعد العالم بإعادة تقديم صالات السينما والحفلات الموسيقية في المملكة.

وقتها كان الجميع من سعوديين وغير سعوديين منبهرين من الاحتضان السعودي المفاجئ للأفلام الهوليوودية وشركة «سيرك دو سوليه» إلى حد إغفال الاستبداد الناشئ، فقد انشغلت وسائل الإعلام الغربية بالتعليق على الإصلاحات الاجتماعية السطحية، وأغفلت أو تجاهلت الضغط على ابن سلمان بسبب حملاته ضد حرية التعبير، ورقابته على الصحف المحلية، والمذبحة المستمرة التي يديرها في اليمن وحتى فشله في تصحيح التمييز النوعي المقنن ضد النساء بحسب الكاتبة، التي أشارت إلى أن صمت الإعلام الغربي لم يقف عند تلك المرحلة، بل إنه امتد حتى مع تنامي «اعتداءات ابن سلمان الوقحة».

وفي مايو (أيار) الماضي بدأ ابن سلمان حملته ضد المدافعين السلميين عن حقوق المرأة. وشملت الحملة ناشطات معترف بهن دوليًّا مثل لجين الهذلول وإيمان النفجان وسمر بدوي الحاصلة على جائزة المرأة الشجاعة الدولية. بالإضافة إلى أكاديميات مشهورات مثل هتون الفاسي.

وقالت سارة إن هذه الاعتقالات أظهرت ممارسات ابن سلمان الآخذة في التوسع باعتقال وترهيب حتى أكثر منتقديه اعتدالًا، أو من يخشى أن يقوضوا الرسالة التي يرغب هو في توصيلها للمجتمع الدولي.

كثيرات من هؤلاء النساء أبدين رغبتهن في العمل جنبًا إلى جنب مع الحكومة لتحقيق الإصلاح بما في ذلك إنهاءقانون الوصاية المتبع في الدولة. وتوقفت بعضهن بالفعل عن النشاط بعد تحذير البلاط الملكي لهن. ومؤخرًا أتبعت الحكومة السعودية اعتقالاتها للنساء بسلسلة من حملات التشويه التي تزعم بلا دليل أن العديد منهن متورطات في مؤامرة أجنبية ضد الحكومة.

ورغم هذه الاعتقالات، يواصل العالم ثناءه على ابن سلمان باعتباره رائدًا في الإصلاح، حتى بعد الاعتقالات التي قام بها، وفي الوقت الذي ينحدر فيه بحقوق الإنسان في السعودية إلى مستويات منخفضة غير مسبوقة، بحسب الكاتبة.

ووفقًا لمنظمات حقوق الإنسان، تعرضت النساء المحتجزات إلى الجلد، والصدمات الكهربائية على أيدي سجانيهم. وأفادت امرأة واحدة على الأقل تعرضها للتعليق في السقف، وأخرى وضع خرطوم مياه بالإجبار داخل فمها، وأُجبر اثنتان منهما على تقبيل بعضهما بينما يشاهدهما الحراس، وأفادت تقارير أخرى عن تعرضهن لطرق غير تلك بهدف التعذيب الجسدي.

تكتيكات جديدة لسحق الناشطات

ولا يمثل سوء المعاملة هذا انتهاكًا سافرًا للقانون الدولي فقط، لكنه أيضًا انحراف شديد في سياق قواعد الوصاية الأبوية في المملكة، هذه القواعد الاجتماعية تغطي عادة العنف والقمع المبني على النوع، لكنها تفرض قيودًا على ما هو مقبول في القطاع العام. ينتهك تشويه سمعة لجين الهذلول والأخريات، وكذلك الطبيعة الجنسية للانتهاكات التي يتعرضن لها، كل القواعد الاجتماعية في المملكة.

وقالت الكتابة إن السجينات السياسيات في المملكة كن قليلات قبل صعود ابن سلمان، وكذلك كانت حملات تشويه السمعة والعنف الجسدي قليلة، مضيفة أنه تماشيًا مع هذا المناخ القاتم، أعلنت السعودية في أغسطس (آب) الماضي سعيها لإعدام الناشطة إسراء الغمغام التي تنتمي للأقلية الشيعية، وهي بذلك أول مدافعة عن حقوق المرأة تواجه عقوبة الإعدام في المملكة. (أسقطت الحكومة السعودية حكم الإعدام عن إسراء الغمغام يناير “كانون الثاني” المنصرم).

ورأت الكاتبة أن هذه التكتيكات الجديدة الصادمة كان يجب أن تأخذ بمثابة تحذير، لكن على النقيض لم يحظ اعتقال النساء في صيف 2018 إلا بقليل من الاهتمام في الصحافة الأجنبية، إذ كان كثيرون في هذا الوقت مفتونين بقرار رفع الحظر عن قيادة النساء الذي اتخذه ابن سلمان، بينما لاحظ قليلون المفارقة الحزينة أن العديد من النساء اللاتي حاربن لتقنين قيادة المرأة عقودًا، كن خلف الأسوار في اليوم التاريخي الذي رُفع الحظر فيه.

إفلات من عقاب جريمة فجة

أجبرت الفضيحة العالمية التي تسبب بها قتل خاشقجي العالم على وضع الطبيعة الحقيقية لحكم ابن سلمان في الحسبان، وهي خطوة تأخرت كثيرًا، ففي لحظة واحدة، بدا الغضب الدولي متناسبًا مع حجم جرائم النظام المستمرة، وقويًّا كفاية لتقليل نفوذه، وفقًا للكاتبة.

لكنها رأت أن ذلك الغضب رغم كبر حجمه لم يكن سوى غضب «عابر»، معللة ذلك بعدم فرض عقوبات على ولي العهد بفعل جهود حلفاء المملكة وشركائها التجاريين، وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية، ليبدأ بعدها ابن سلمان مناورة جديدة في المشهد السياسي العالمي. وأشارت إلى أنه بمساعدة ترامب السريعة، والعلاقات التجارية والدبلوماسية المستمرة مع دول مثل بريطانيا وفرنسا، لم تتضمن الرسالة التي تلقاها ابن سلمان أي لوم، بل كانت بمثابة مغفرة وصفح ضمني.

لم يحتفظ ولي العهد بسلطته فحسب، بل ينوي استكمال مسيرته بـ«رؤية 2030» أحادية الطرف. ومنذ قتل خاشقجي، يواصل ابن سلمان كسب رأس المال العالمي. إذ أقام نسخته من المؤتمر الاقتصادي العالمي في الصحراء بفندق ريتز كارلتون في الرياض، في المكان نفسه الذي احتجز فيه ابن سلمان مئات المواطنين في 2017، وكذلك حضر قمة العشرين؛ إذ استقبله فلاديمير بوتين وشي جين بينج بحرارة.

انقسام داخلي

وانتقلت تلك المفارقة بشأن السعودية من الساحة الدولية إلى داخل المملكة نفسها، إذ تشير الكاتبة إلى تناقض بين مواقف المواطنين أنفسهم، ففي حين أن كثيرًا من السعوديين يتجنبون أي نوع من الخطابات السياسية أو الاجتماعية، حتى لو بشكل مجهل على موقع تويتر، خوفًا من التعرض لأحد قوانين المملكة المسيطرة مثل قانون مكافحة الإرهاب، وقانون جرائم الإنترنت، يستمتع آخرون بعروض الأفلام والحفلات الموسيقية، بينما يقلقون من ارتفاع تكاليف المعيشة، ويتساءلون عن الوقت الذي سيوفي فيه ابن سلمان بوعوده عن الازدهار الاقتصادي.

وتقول سارة إنه لا تزال النساء، حتى بعد أن صرن قادرات على القيادة، يواجهن عددًا لا يحصى من العقبات القانونية والثقافية التي تحول دون المساواة، خاصةً قوانين الوصاية الذكورية.

وأضافت أنه في الوقت الذي تلاحق فيه الحكومة السعودية تحت حكم ابن سلمان الفنانين الأمريكيين بهدف التعاقد معهم، وتفتتح متاحف الشمع، وتطلق الهاشتاجات الترويجية لبلادها لا يزال عدد غير معروف من السجناء السياسيين قيد الاحتجاز داخلها، ويعجز مراقبو حقوق الإنسان وحتى أفراد أسرهم عن الوصول إليهم. ومثلما حدث لخاشقجي، لم يقدم النظام السعودي سوى على إنكار الاتهامات بالتعدي على السجينات السياسيات، وانتهاك القانون الدولي.

واختتمت الكاتبة مقالها بالتعجب من أن فضيحة عالمية مثل قتل خاشقجي، وهرب رهف القنون لم يدفعا العالم إلى أخذ أي إجراءات ضد ابن سلمان؛ بينما يواصل هو جهوده للحصول على الإشادة العالمية، محذرة بضرورة ألا يغفل العالم -الذي يراقب الأحداث- ولو لدقيقة واحدة.

المزيد في هذا القسم:

المزيد من: الأخبار العربية والعالمية