المرصاد نت - متابعات
عقب خطاب «مفصلي» أعلن فيه حل الحكومة والحكومات الولائية، وفرض حالة الطوارئ لمدة عام تحدّى آلاف السودانيين الرئيس عمر البشير أمس بتظاهرات في العاصمة الخرطوم ومدينة أم درمان للمطالبة بتنحيه استجابة لدعوة «تجمع المهنيين السودانيين» وتحالفات معارضة أعلنت رفضها لقانون الطوارئ مؤكدة أنها ستجابهه إلى حين إسقاط النظام.
وتزامناً مع أداء مسؤولين جدد اليمين أمام الرئيس البشير الذي ارتدى الزي العسكري أثناء المراسم في العاصمة ردّ المتظاهرون على «عسكرة» السلطة بتكليف حكام عسكريين وأمنيين إدارة الولايات وتعيين وزير الدفاع عوض بن عوف نائباً أول له برفع شعار «شعب واحد... جيش واحد» في حي بري شرق الخرطوم، كما تظاهر المئات في منطقة أمبدة أكبر المناطق الشعبية في العاصمة وأكثرها اكتظاظاً بالسكان وأحياء الكلاكلة والعزوزاب جنوب الخرطوم وحي الدناقلة في مدينة بحري.
وتمثل احتجاجات أمس رداً على إجراءات البشير بأنها لن تمنعهم من الاستمرار في التظاهر والمضي في حركتهم والمطالبة برحيله ما يشي بأن القرارات الأخيرة تعمق الأزمة السياسية بدلاً من حلحلتها وهو ما أشارت إليه «مجموعة الأزمات الدولية» على أنها تدهور الأوضاع أكثر كما حذر خبير الشؤون الأمنية لدى مجموعة، موريتي موتيغا من أن احتكار البشير للسلطات «سيؤدّي إلى مواجهة مع حركة الاحتجاج التي يمكن أن تصبح أعنف».
البشير يعبّد طريق الانتخابات: المظلة الحزبية ليست شرطاً
وفي ظلّ ردود فعل واسعة داخلية وخارجية انقسمت آراء السياسيين والمحللين في السودان حيال القرارات التي أعلنها الرئيس عمر البشير يوم الجمعة الماضي في خطاب مثير للجدل توّج محاولات احتواء الأزمة المستمرة للشهر الثالث على التوالي. وفيما عدّ مؤيدو البشير القرارات خطوة في اتجاه حلّ الأزمة السياسية رأى فيها آخرون محاولة للالتفاف على الأزمة، التي تشكّل التحدي الأكبر للحكم المستمر منذ ثلاثة عقود.
وعلى رغم تعدد القرارات وتناقض الدعوات التي أطلقها في آن إلا أن تلميح البشير إلى احتمال تخلّيه عن موقعه في رئاسة الحزب الحاكم بالقول إنه «سيقف على مسافة واحدة من جميع الأطراف» استحوذ على مساحة واسعة من الجدل المحتدم في البلاد لا سيما في ظلّ التباين ربما المقصود بين خطابه وبين التصريحات المنسوبة إلى مدير جهاز الأمن والمخابرات الفريق أول صلاح قوش والتي طابقت كثيراً مما تتضمّنه الخطاب (علماً أنها سبقته بساعات) وأشارت بوضوح إلى نية البشير التخلي عن رئاسة حزب «المؤتمر الوطني» وهو ما لم يتحدث به الرئيس صراحة.
وفي ظلّ إصرار الحزب الحاكم على عدم وجود تضارب بين خطابَي الرئيس ونائبه لم يستبعد سياسيون ومراقبون أن يكون قد تم سحب قرار استقالة البشير من الحزب من نصّ الكلمة، بفعل ضغوط من بعض القيادات الإسلامية في اجتماع المكتب القيادي، والذي سبق الخطاب بساعات.
وفي هذا الإطار رأى قيادي في «المؤتمر الوطني» فضّل عدم ذكر اسمه، في حديث إلى «الأخبار»، أن «الرئيس البشير لا يستطيع الابتعاد عن الحزب، لأنه من دونه لن يجد الدعم الحزبي والتنظيمي من الإسلاميين»، مشيراً إلى أن «كل قيادات الأجهزة الأمنية والشرطة والجيش معروفة بانتمائها للحزب الحاكم والحركة الإسلامية». ووصف القيادي فكرة الابتعاد عن الحزب بأنها «انتحارية».
في المقابل لم يرَ المحلل السياسي حسن الساعوري ضرورة لأن يعلن البشير استقالته من حزب «المؤتمر الوطني، (بل إن) المهم أن يفعل ذلك عملياً حتى يُطمئن المشككين من أحزاب المعارضة». وإذ شدد على أن «هذه الأزمة لا تُحلّ إلا باستقالة الرئيس من حزبه» أشار إلى أن البشير «أبدى جدية في هذا الصدد حينما جعل ولاة الولايات من العسكريين إذ يمكن أن يختار بعضهم من أحزاب المعارضة».
وكشف الساعوري المعروف بقربه من الحزب الحاكم أن معظم الشبان المنتسبين للحزب «لا يؤيدون ترشح البشير»، على اعتبار أن «ابتعاد الرئيس عن المؤتمر الوطني سيحفظ تماسك الحزب، ويقيه شرّ الانشقاق». وجزم أن «قرارات الرئيس لن تكون مقبولة من قِبَل أحزاب المعارضة ما لم يُعلن استقالته من حزب المؤتمر الوطني، ويؤكد أنه أصبح رئيساً غير حزبي. حينها فقط سيجد الثقة من المعارضة، (التي تريد أن) تطمئن إلى أنه لن يجتمع مع المؤتمر الوطني في المساء ويجتمع معها في الصباح» تأكيداً على «أن القرارات التي يتخذها ستكون قرارات مستقلة عن الحزب».
جانب آخر من القرارات التي أعلن عنها الرئيس في خطابه الأول من نوعه منذ بدء الاحتجاجات يبدو غامضاً وحمّال أوجه ولعلّ ذلك هو ما دفع المعارضة ربّما إلى رفض مضمون الخطاب بشكل قاطع وسريع. ويرى المحلل السياسي والخبير في الشؤون الحزبية حسن مكي أنه بعيداً عن «صعوبة فهم التكتيكات السياسية للرئيس هذه الأيام» إلا أن هناك «تناقضاً كبيراً بين الدستور والإجراءات الدستورية المتعلقة بعام 2020 وما تم إعلانه».
ولفت مكي إلى أن «البشير ذكر قبل أسابيع أنه سيعين شخصية قومية ويعمل على إعداد الدستور لكنه عاد إلى الحديث عن وقف لجنة مراجعة الدستور وإعلان حالة الطوارئ (والأخير) إجراء لا يمكن أن يُتخذ إذا كان (البشير) يريد انتخابات حرة ومصالحة مع القوى السياسية لأن الانتخابات لا تتم إلا في أجواء سياسية تقوم على الحريات وسيادة القانون». وأشار إلى أن «أجل الرئاسة ينتهي بعد عام ويُفترض أن تكون هناك سلطة جديدة»، متسائلاً: «كيف يمكن التوفيق بين حالة طوارئ لمدة عام واستحقاق انتخابي تبقّى له عام؟» مستدركاً بأن البشير «جعل حكاماً عساكر على ولايات السودان لتأكيد حالة الطوارئ وانعدام أكسجين العمل السياسي».
تناقضات البشير دفعت قياديّي المعارضة إلى رفض استخدام لغة فضفاضة في شأن قضايا تُعدّ أساسية ومسبّبة لانسداد الأفق السياسي في البلاد من قبيل دعوته البرلمان إلى تأجيل النظر في التعديلات الدستورية التي تتيح للرئيس الترشح لفترة مفتوحة؛ إذ اعتبروا أن تأجيل التعديلات لا يعني عدم ترشحه. وعزّز قراءتهم تأجيل حزب «المؤتمر الوطني» مؤتمره العام الذي كان من المفترض أن ينعقد في نيسان/ أبريل المقبل ليختار الحزب فيه مرشحه لرئاسة الجمهورية.
ورأت قيادات المعارضة أن إعلان حالة الطوارئ يثبت أن الرئيس ماضٍ في الترشح في انتخابات 2020 معتبرة أن ذلك لا يعبر عن رغبة الحكومة في حلّ مشكلة المحتجين، خصوصاً أن خطاب الرئيس خلا من أي إشارة إلى الأوضاع الاقتصادية، السبب الرئيس للأزمة.
المزيد في هذا القسم:
- وأشنطن تشن عدواناً بإطلاقها عشرات الصواريخ عالية الدقة على سوريا المرصاد نت - متابعات شنت القوات الأميركية ضربة صاروخية علي قاعدة للقوات المسلحة السورية في حمص ونقلت قناة الCNN أن الأسطول الامريكي المتواجد في البحر ...
- الإرهاب والاستراتيجيّة الإعلامية السعودية ! المرصاد نت - متابعات تواصل السعوديّة عدوانها على اليمن. وإن كان اليمن بشكل مباشر فإن أغلب دول الشرق الأوسط تشظّت من الإرهاب السعودي المباشر والغير مباشر على ح...
- هل بدأ تنفيذ مشروع ' ماكس سينجر ' في السعودية؟ المرصاد نت - هشام الهبيشان ما تعيشه السعودية اليوم من تطورات ومتغيرات جديدة وما يقوم به النظام السعودي من مغامرات ومقامرات جديدة بالمنطقة العربية والإقليم ككل...
- "لا ندين لأحد" .. مصر تبارز أكبر مانحيها المرصاد نت - متابعات خلال عامين من الاضطرابات منذ وصول الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى قمة السلطة في مصر كان حليف وحيد هو من أبقى أكبر دولة عربية من حيث عدد السك...
- «انهض واقتل أوّلاً»: تاريخ من الإرهاب الإسرائيلي ضد العرب"1" المرصاد نت - متابعات ليست قراءة كتاب «انهض واقتل أوّلاً: التاريخ السرّي للاغتيالات الاستهدافيّة لإسرائيل» لرونن برغمان Rise and Kill First by Ron...
- احتجاجات في العاصمة الفرنسية تخللتها مواجهات واعتقالات! المرصاد نت - متابعات اعتقلت الشرطة الفرنسية أكثر من 60 شخصاً من محتجي السترات الصفر اليوم السبت خلال احتجاجات في العاصمة تخللتها مواجهات. هذا ونزل متظاهرون من...
- الحرب السعودية على سوريا مستمرّة.. تواطؤ وشراكة في سفك دماء السوريّين المرصاد نت - متابعات أربع سنوات مرّت على أول هجوم عنيف لما يسمّى بالـ"جيش الحر" على العاصمة السورية دمشق هجوم لم يميّز بين مدني وعسكري استُخدمت فيه شتّى أنواع...
- اصابة 6 جنود فرنسيين في هجوم غرب باريس المرصاد نت - متابعات قالت وسائل إعلام فرنسية إنّ سيارة صدمت جنوداً فرنسيين في إحدى ضواحي باريس ما أدى إلى إصابة 6 جنود بينهم اثنان في حال الخطر. وتحدثت شرط...
- رفض غربي بضم أحرار الشام وجيش الاسلام للارهاب المرصاد نت - متابعات رفضت اميركا وبريطانيا وفرنسا واوكرانيا طلب روسيا ادراج جماعتين سوريتين مسلحتين على قائمة الارهاب رغم ارتباطهما بجماعتي القاعدة و"داعش"...
- طهران تتمسّك بفصل الملفّات: مبادرة للنووي وأخرى لأمن المنطقة! المرصاد نت - متابعات التحق الرئيس الإيراني حسن روحاني بوزير خارجيته محمد جواد ظريف الموجود في نيويورك منذ أربعة أيام بهدف التجهيز لمداولات روحاني هناك، فضلاً ...