المرصاد نت - قاسم عز الدين
المراهنة السعودية على الحماية من الخوف في القمم الثلاث التي دعت إليها في مكة المكرمة لم يتجاوب معها كما أملت الرياض أكثر من المجلس العسكري السوداني. لكن اتساع الهوّة بين السعودية وأقرب المقربين ربما يدل على أن خيارات الحكم السعودي أمام حائط مسدود.
أختيار مكة المكرمة لعقد قمم ثلاث عربية وخليجية وإسلامية هو أقصى ما تستطيع السعودية استنفاره أملاً بالإيحاء أن الرياض تطلب العون لحماية الأماكن المقدّسة وحشد أوسع دعم لمواجهة خطر وجودي يتجاوز الاعتبارات السياسية وحتى الاعتبارات الاستراتيجية.
في هذا السياق تتخيّل السعودية أن التصويب على إيران هو تحصيل حاصل، بعد اتهامها الجيش اليمني واللجان بمحاولة استهداف مكّة المكرّمة. وإمعاناً في الإيحاء استعرضت الرياض أمام الوفود قطعاً من الطائرات المسيّرة التي قالت أنها إيرانية أسقطتها في الأجواء السعودية.
وعلى أساس هذه الإيحاء المبطّن دعا الملك سلمان أمام القمة العربية الطارئة إلى "استخدام كافة الوسائل لردع إيران" وطلب من القمة "اتخاذ إجراء حاسم لوقف الأنشطة التخريبية في المنطقة".
الإجراء الحاسم الذي تسعى إليه الرياض هو الموقف الموحّد في حدّه الأدنى إلى جانب السعودية ضد إيران وتغطية مراهناتها على الحرب "من ضمن كافة الوسائل".
هذا المسعى لم تحققه السعودية ولم يتجاوب معه سوى رئيس المجلس العسكري السوداني عبد الفتاح البرهان الذي أعلن "دعم كل الإجراءات التي يتخذها الأشقاء في الخليج لحفظ أمنهم"، وخصوصاً ما سماها المشاركة في "دعم الشرعية في اليمن".
الدول العربية والخليجية والإسلامية الأخرى، لم تدعم السعودية في خيار الحرب ضد إيران، بل تناغمت بشكل أو بآخر مع دعوة أمير الكويت صباح الأحمد الصباح إلى "التمسك بخيار الحوار لاحتواء الموقف وتجنيب منطقتنا ويلات حروب عانينا منها طويلاً".
أكثر من ذلك عبّر العراق عن أن تعريض أمن إيران للخطر يهدّد أمن الخليج والمنطقة العربية وكشف عن أن البيان الختامي الذي تحفّظ عليه العراق لم يشارك بصياغته. فهو بيان دبلوماسي يراعي أهواء البلد المضيف كما جرت العادة في ترداد ما لا يلزم.
الحديث عن إدانة "التدخلات الإيرانية في الشؤون العربية الداخلية سواء بشكل مباشر أو غير مباشر" هو أشبه بعمليات التجميل ولا يرقى إلى مستوى الموقف الداعم للسعودية كم يصفها زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي. ولعل الدعم في الموقف هو ما أعلنه جون بولتون في أبو ظبي قبيل القمم الثلاث أملاً في أن تستند السعودية إلى صقور الإدارة الأميركية إذا تعرّضت لإحباط متوقّع في القمم الثلاث.
المواقف الداعمة للسعودية في القمم العربية والخليجية والإسلامية السابقة على قمم مكة المكرمة لم تكن على محك اتخاذ إجراءات الذهاب من إعلان المواقف إلى الحرب. وحين أصبح الموقف على محك الحرب في اليمن لم يذهب غير عمر البشير. وبعد أن اتضحت المخاطر لم تنجح السعودية و "إسرائيل" وصقور الإدارة الأميركية في المراهنة على مشروع الناتو العربي ولا على حلف وارسو عربي في مؤتر بولندا.
في هذا السياق تنكشف السعودية في قمم مكة الثلاث ولا تجد بجانبها أكثر من الإمارات والمجلس العسكري السوداني فضلاً عن "إسرائيل" وصقور الإدارة الأميركية. لكنها تنكشف في أصعب الأوقات التي يتراجع فيها دونالد ترامب عن التصعيد ضد إيران خوفاً من الانزلاق إلى حرب مدمّرة، وفي وقت يضطر فيه وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، وهو من أكثر الداعمين للسعودية إلى دعوة السعودية والإمارات لوقف "الحرب القذرة" على اليمن.
خيارات السعودية في المراهنة على الحرب ضد إيران وفي العدوان على اليمن وفي التخريب في ليبيا والسودان.. إلخ هي أمام حائط مسدود يشير إليه تغيّر المواقف في القمم الثلاث الباهتة. ولعلّ إيران المتهمة بأنها تشن الحرب على السعودية هي التي تسعى لإنقاذ السعودية من أزمتها الوجودية في المبادرة التي أطلقها وزير الخارجية محمد جواد ظريف من أجل الاتفاق على معاهدة حسن الجوار وحفظ الأمن المشترك في المنطقة.
في هذا الإطار يكشف وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عن معرفته بأن عدداً من دول الخليج جاهز لبحث هذه المبادرة بداية من الاتفاق على عدم استخدام القوّة وأن موسكو ستكون جاهزة للمساعدة وهو أمر يدل على اتساع الهوّة بين هذه الدول من جهة وبين السعودية والإمارات من جهة ثانية. لكنه يدل على أفول خيارات محمد بن سلمان.
المزيد في هذا القسم:
- بعد ربع قرن... قادة «اتحاد المغرب العربي» يجتمعون! المرصاد نت - متابعات أعلن الأمين العام لـ«اتحاد المغرب العربي» الطيب البكوش أن العاصمة الإثيوبية أديس أبابا ستشهد في شباط/ فبراير المقبل قمة لرؤساء الاتحاد هي...
- النواب الأميركي يستدعي خليل زاد: لماذا انتهت المفاوضات مع طالبان؟ المرصاد نت - متابعات غداة قرار الرئيس الأميركي المفاجئ إلغاء المفاوضات مع «طالبان» أمرت لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأميركي مبعوث واشنطن الخاص إلى أف...
- بريطانيا تتهم روسيا بالتدخل في انتخاباتها عام 2019! المرصاد نت - متابعات اتهمت الحكومةُ البريطانية جهاتٍ روسيةً بالسعي للتدخلِ في الانتخاباتِ العامةِ لعامِ 2019 من خلالِ تسريبِ وثائقَ حكومية، مشيرةً لحصولِ تلك ا...
- مجلس الأمن يعقد جلسة طارئة لبحث تطورات قضية الجولان السوري المحتل! المرصاد نت - متابعات يعقد مجلس الأمن الدولي جلسة طارئة مساء اليوم الأربعاء لبحث الوضع في المنطقة بما فيها قضية الجولان السوري المحتل. وأعلن رئيس مجلس الأمن ا...
- كشف خفايا الدعم القطري للجماعات الإرهابية في سوريا المرصاد نت - متابعات أكدت مصادر مصرية عالية المستوى اليوم الخميس أن السلطات المصرية حجبت عدد كبير من المواقع الاخبارية القطرية على راسها قناة الجزيرة القطرية....
- كاميرون يعلن استقالته بعد التصويت لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي المرصاد نت - متابعات أعلن رئيس الوزراء البريطاني دافيد كاميرون اليوم الجمعة عزمه تقديم استقالته بعد تصويت معظم البريطانيين لصالح خروج بلادهم من الاتحاد الأورو...
- العراق : أميركا ترفع سقف المواجهة.. لانتخابات نيابية مبكرة! المرصاد نت - متابعات في موقف حمل سقفاً سياسياً عالياً، برزت الولايات المتحدة الأميركية أمس كلاعب رئيسي يسعى إلى حرف وجهة التظاهرات المطلبية واستثمارها لمصلحة ...
- مواجهات بين الشرطة الفرنسية ومحتجين على إقامة مطار بمنطقة بيئية المرصاد نت - متابعات تجددت المواجهات غرب فرنسا بين الشرطة وناشطين معارضين لخطط الحكومة إقامة مطار فى منطقة بيئية. وأكد الناشطون أن بناء المطار يتطلب تهجير ...
- قانون جديد تحت اسم "قانون المدارس" .. فرنسا تزيد التضييق على المحجبات! المرصاد نت - متابعات أقر مجلس الشيوخ الفرنسي قانوناً جديداً تحت اسم "قانون المدارس" يحظر على الأمهات ارتداء الحجاب أثناء مرافقتهن لأبنائهن في الرحلات المدرسية...
- المسؤلون العرب يتوجهون للحجيج في البيت الأبيض المرصاد نت - متابعات بدأ رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي إلى واشنطن بدعوة رسمية من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لبحث العلاقات بين البلدين. وقال المكتب ا...