بعد اسبوعين بلا ماء، وبعد معاناة استمرت خمسين يوما خلال الحرب الاسرائيلية على غزة، قرر أبو اسامة، مثل المئات من سكان القطاع، حفر بئر في حديقة منزله.
فقد ادت ثمانية اسابيع من القصف الاسرائيلي العنيف برا وجوا وبحرا الى تدمير قسم كبير من مصانع معالجة المياه وشبكات التوزيع. ومع توقف الحرب واعلان وقف اطلاق النار في ٢٦ اب/اغسطس، كان لا بد للغزيين أن يبحثوا عن حل لمشكلة النقص الحاد في المياه.
ويقول ابو اسامة خضر (٤٥ عاما) "على مدى اسبوعين لم تصلنا مياه البلدية وفي البيت حوالي خمسين فردا معظمهم اطفال صغار، هذا دفعني لافكر فورا بحفر بئر مياه".
ومشكلة المياه في غزة ليست مستجدة، وما يزيد من حدتها شح الأمطار في المنطقة الساحلية شبه القاحلة. بالاضافة الى الفوضى والاستغلال غير القانوني للمياه الجوفية مع زيادة مضطردة في عدد السكان. كل هذا يسهم في تعميق مشكلة نقص المياه وتلوث الموارد الشحيحة المتوفرة.
وازداد الوضع سوءا بسبب الحصار الذي تفرضه اسرائيل منذ ٢٠٠٦ على قطاع غزة المكتظ.
ويقول منذر شبلاق مدير عام مصلحة بلديات الساحل "تم حفر اكثر من عشرة الاف بئر" في القطاع منذ بدء الحصار الاسرائيلي. ويضيف "كلها حفرت بدون ترخيص ولكن بدونها لا يمكن توفير المياه للمنازل بدون انقطاع. البعض يعتقد انه لابد من توفير المياه على مدار الساعة".
وحفر البئر امر بالغ الكلفة. ويقول أبو أسامة انه اضطر لدفع الفي دينار أدرني (٢١٦٨ يورو) لذلك، وهو مبلغ يفوق بكثير امكانيات القسم الاكبر من سكان غزة حيث تعاني ٤٠ بالمئة من اليد العاملة من البطالة.
ويقول أبو اسامة "كنا معرضين للموت لكن ربنا نجانا، الحمد لله، شرب اولادنا واستحموا ووزعنا مياه على كل الجيران في الحارة".
ومثل ابو اسامة، قرر ابو محمد حفر بئر لكي تتمكن أسرته من الشرب والاغتسال.
ويقول ابو محمد ""المياه كانت مقطوعة كل الوقت، والحرب زادت الطين بله".
ويضيف "البلدية لا يمكنها توفير مياه الري ولا الشرب والاستحمام والنظافة، لهذا يلجأ الناس الى الآبار".
وتصف زوجته ام محمد الوضع مازحة بقولها "وكأننا لسنا في القرن الحادي والعشرين. نرفع الماء من البئر ونطبخ على الحطب" وهي تغسل الأطباق مستخدمة إبريقا ملاته من البئر في حديقة المنزل.
وتشير الى شجرتي نخيل مصفرتين "كان لدينا ازهار وحديقة جميلة، لكن كل شىء احترق بسبب الحر والجفاف".
ويقول احمد وهو مقاول حفر ابار ارتوازية "كل صاحب بيت من ثلاثة او اربعة طوابق يتوجه لحفر بئر"، ويضيف "فى الفترة الاخيرة زاد الطلب على حفر الابار بشكل غير طبيعي".
وادت الحرب الاخيرة الى تفاقم المشكلة، "بسبب انقطاع التيار الكهربائي وتدمير خطوط الامداد المركزية للمياه"، كما يذكر منذر شبلاق.
وتضررت المحطة الكهربائية الوحيدة المهمة لمعالجة المياه خلال الحرب.
ويضيف شبلاق ان "المعيار العالمي في حالة الحرب يشير الى ان المؤسسات الاغاثية الدولية هي التي تساعد في المياه وهذا ما حصل في الحرب لكن عودة الوضع الى طبيعته متعلق بعودة انتظام توفير الكهرباء"، مشير الى انه "في ظل عدم وجود شرطة وقانون هناك من استغل ظروف الحرب لحفر الابار".
ويقول ربحي الشيخ نائب سلطة المياه انه خلافا لما يظن من يقومون بحفر الآبار، فان المياه الجوفية باتت شحيحة بسبب سوء الاستغلال وقلة الامطار.
ويوضح ان "المياه المتاحة لا تتجاوز ثلث احتياج المواطنين في القطاع لان المصدر الوحيد هو الخزان الجوفي الساحلي الذي نشترك فيه مع اسرائيل ومصر والكمية في الخزان لا تتجاوز ٥٥ مليون متر مكعب بينما نحتاج اكثر من ١٩٠ مليون متر مكعب سنويا، هذا عجز واضح".
ويشير الشيخ الى "ان الانقسام الفلسطيني ساهم في استغلال المواطنين بحفر ابار بشكل غير قانوني ما ادى الى استنزاف اضافي لمياه الخزان الجوفي وتدهور الوضع اكثر خلال فترة الحرب مع ازدياد معاناة المواطنين في توفير المياه".
ويقول بأسف ان "كل ما يتم حفره الان هو بدون ترخيص والترخيص هو مهم ليساعدنا في تحديد الاماكن الاكثر ملائمة لحفر الابار وتحديد كميات المياه الممكن استخراجها بشكل آمن من الخزان الجوفي ككميات وكنوعية مياه ايضا".
ويضيف ان حفر الآبار وسحب المياه بطريقة عشوائية يخلق مشكلة اخرى هي ان "كميات المياه هذه التي تؤخذ من البئر الخاص ستتحول بالنهاية الى مياه الصرف الصحي وتذهب الى محطات المعالجة التي لا تعمل كلها حاليا بسبب نقص الكهرباء، وهذا يعني حملا اضافيا على محطات المعالجة".
وتحذر الامم المتحدة وخبراء من ان الاضرار التي اصابت المياه الجوفية في غزة ستصبح اضرارا دائمة في ٢٠٢٠.
ويذكر شبلاق بان "التقرير الاخير الذي صدر عن الامم المتحدة عام ٢٠١٣ تحدث بشكل واضح انه بحلول عام ٢٠١٦ لن يتبقى قطرة مياه صالحة للشرب لوجود ازمة بسبب سنوات الحصار".
ويقول شبلاق ان "٩٥% من مياه غزة اصبحت غير قابلة للاستخدام الآدمي من دون معالجة" بعد ان لوثتها مياه الصرف وهذا زاد من كمية النترات فيها.
ويوضح ان "نسبة النترات تصل الى ٢٠٠-٢٥٠ ملجم في الليتر في غزة في حين انها ينبغي ان لا تتجاوز ٥٠ ملجم في الليتر. والأمر نفسه بالنسبة للكلور، حيث تصل النسبة الى الفي ملجم في الليتر في بعض المناطق في غزة في حين ان النسبة المسموح بها هي ٢٥٠ ملجم".
ويقول ان الأزمة ستظهر جلية قبل سنة ٢٠١٦، في حين ان برامج الاصلاح متعثرة بسبب الحصار ونقص التمويل.
ويقول ربحي الشيخ ان "تحسين طرق الري باصلاح شبكات المياه تم بدء العمل فيها وتحتاج حتى سنة ٢٠١٨ لكن شرط ان تكون المعابر مفتوحة والمواد متوفرة وتوفر التمويل المطلوب".
ونوه الى بدء "برنامج مياه غزة الطارئ" الذي يعتمد على توفير كميات مياه اضافيه لقطاع غزة منها موضوع تحلية المياه في المحطة الكبيرة ومحطات تحلية مياه البحر صغيرة الحجم كحل مرحلي او سريع لتوفير المياه ويتضمن انشاء محطات لمعالجة الصرف الصحي لاستخدامها في الزراعة لأن قطاع الزراعة يعتمد على الخزان الجوفي نفسه ويستنفد حوالي ٥٠ بالمئة من المياه التي تستخدم في القطاع.
وخلال مفاوضات وقف اطلاق النار في القاهرة، التزمت اسرائيل بالسماح بادخال المواد الاساسية لاعادة اعمار القطاع الذي تهدم قسم كبير من منازله ومنشآته. ولكن لم يسمح حتى الان بدخول الاسمنت او الحجارة ولا الفولاذ عبر المعابر التي تصل غزة باسرائيل.
المزيد في هذا القسم:
- المالكي ينصح خلفه تشكيل حكومة اغلبية سياسية نصح رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي خلفه المكلف حيدر العبادي تشكيل حكومة اغلبية سياسية اذا ما واجه مطالب كثيرة وتعرض للابتزاز من قبل الاطراف السياسية. وقال ا...
- القاهرة : لقاء سرّي إسرائيلي مصري سعودي إماراتي أردني! المرصاد نت - متابعات خلال يوم حافل باللقاءات المهمة التي عقدها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في قصر المنتزه في الإسكندرية أول من أمس الخميس غاب الوزير عباس ...
- مسيرات العودة مستمرة... الذروة في 14 و15 أيار المرصاد نت - متابعات في يوم الجمعة الأخير قبل «مسيرة العودة الكبرى» في 14 و15 أيار/ مايو الحالي خرج آلاف الغزّيين إلى الحدود مع الأراضي المحتلة لل...
- المناعة الجزائرية ضد التدخلات الخارجية واستغلال الأزمة! المرصاد نت - متابعات واهمٌ مَن يعتقد أن القوى الغربية لن تسعى إلى استغلال الأزمة السياسية الجزائرية إن استطاعت ذلك. هذه القوى بسبب طبيعتها الاستعمارية، حاولت ...
- مؤتمر هرتسليا: "اسرائيل" عاجزة عن مواجهة حزب الله المرصاد نت - متابعات أصدر مؤتمر هرتسليا الـ16 الذي انتهى يوم الجمعة الماضي دراسةً تلخيصيّة جاء فيها أنّه بمرور 10 سنوات على العدوان على لبنان وا...
- موسكو تُنفذ مهمتها من «همدان»... وتُخليها حالياً المرصاد نت - متابعات بعد أيام على كشف موسكو عن استخدامها قاعدة همدان غربي إيران لشنّ غارات على الفصائل المسلّحة الارهابية في سوريا أعلنت إيران أمس انتهاء ا...
- « تراشق» أوروبي ــ أميركي في مؤتمر ميونخ للأمن! المرصاد نت - متابعات يبدو أن التحركات الأميركية الأخيرة في أوروبا، ضمن فعاليات مؤتمر وارسو وفي مؤتمر ميونخ للأمن جاءت في سياق «الجعجعة بلا طحين». ...
- الإعلامي السعودي خاشقجي يشهر معارضته: السعودية لم تعد السعودية! المرصاد نت - متابعات قال الكاتب والإعلامي السعودي جمال خاشقجي إنه قرر رفع صوته من الآن فصاعداً في وجه حملة الاعتقالات والقمع في السعودية معتبراً أن القيام بغي...
- الجيش السوري يفتح محاور درعا: عزل الريف الشرقي يقترب المرصاد نت - فراس الشوفي فتح الجيش العربي السوري محاور جديدة في الريف الشرقي لمحافظة درعا واضعاً المسلحين بين كماشة تقدمه انطلاقاً من اللجاة نحو الجنوب ومن مد...
- السيد حسن نصرالله: الانتصار القائم في حلب سيكون له تداعيات على المنطقة بأسرها المرصاد نت - متابعات قال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أنّ الانتصار القائم والموعود في حلب سيكون له تداعيات على كل المعركة في سوريا والموصل والمنط...