إردوغان يطلق عملية "المخلب".. ودمشق ترفض التفاهمات الأميركية التركية!

المرصاد نت - متابعات

أكد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان اليوم الجمعة أن بلاده عازمة على "تدمير ممر الإرهاب في شرق الفرات بغض النظر عما ستصل إليه محادثات المنطقة الآمنة مع واشنطن". وقالArmy Tourkia2019.7.27 إردوغان في كلمة أمام رؤساء فروع حزب العدالة والتنمية في أنقرة،:"سنقطع ارتباط الإرهابيين شرق الفرات في سوريا بشمال العراق عبر "عملية المخلب" مضيفاً: "وسنعمل ما بوسعنا للحفاظ على وحدة سوريا والذين يعتمدون على القوات الأجنبية في المنطقة سيتم دفنهم تحت التراب".

من جهة أخرى شدد إردوغان على أنّ تركيا "تحتفظ لنفسها بالحق والتوجه إلى جهات أخرى إذا رفضت واشنطن تزويدها بمقاتلات إف 35" معبراً عن أمله في أن "تتصرف الولايات المتحدة الأميركية بعقل سليم تجاه شرائنا منظومة اس 400"وأضاف أن "مبادرات أوروبا غير العقلانية لمنع حقوقنا المشروعة في شرق البحر المتوسط تزيد من ترددنا حياله".

وكانت وزارة الدفاع التركية أعلنت في أواخر أيار/مايو الماضي إطلاق عملية "المخلب" العسكرية ضد حزب العمال الكردستاني في شمال العراق الذي تعتبره تنظيماً ارهابياً. وأكد وزير الدفاع التركي خلوصي أكار أن بلاده أطلقت أوسع عملية جوية ضد حزب العمال رداً على اغتيال نائبِ القنصل التركي في أربيل، بعد أن كان وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو قد أكد أن أنقرة لن تحمّل حزب العمال الكردستاني مسؤولية اغتيال الدبلوماسي التركي في مطعم بأربيل.

تجدر الإشارة إلى أن أنقرة أعلنت في آذار/ مارس 2017 انتهاء حملتها العسكرية في شمال سوريا من دون تحديد ما إذا كانت ستسحب قواتها من البلد المجاور.
وأوضح مجلس الأمن القومي التركي برئاسة الرئيس رجب طيب إردوغان أن الهجوم الذي استغرق نصف السنة في سوريا قد "انتهى بنجاح".

بدوره أعلن رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم انتهاء عملية "درع الفرات" التي تنفذها القوات التركية في سوريا، ولم يستبعد بدء عملية أخرى، مشيرا إلى أنها ستكون تحت اسم آخر.

 دمشق: نرفض التفاهمات الأميركية التركية

في المقابل أعربت دمشق عن استنكارها الشديد لاستمرار التدخل الأميركي في شؤونها والذي وصفته بـ"التدخل الهدام الذي يرمي إلى إطالة أمد الأزمة وتعقيدها". مصدر رسمي في الخارجية السورية أكد اليوم تجديد دمشق رفضها لأيّ شكل من أشكال التفاهمات الأميركية التركية "التي تشكل اعتداءً صارخاً على سيادة ووحدة سورية أرضاً وشعباً".

كما اعتبرت الخارجية السورية أنّ "الذرائع التي يسوقها النظام التركي في عدوانه على سوريا بحجة الحفاظ على أمنه القومي، تكذبها سلوكيات وسياسات هذا النظام الذي شكّل ولا يزال القاعدة الأساسية للإرهاب وقدم له كل أشكال الدعم اللوجستي".

المصدر أكد أنّ "سوريا مستمرة في مطاردة فلول الإرهاب حتى القضاء عليه بشكل كامل والتصدي لكل الطروحات الانفصالية التي تشكل تهديداً لسيادتها ووحدتها وسلامتها الإقليمية"، مشدداً على "الاستمرار في التعاطي البناء للوصول إلى نهاية للأزمة عبر عملية سياسية يقودها السوريون بأنفسهم دون أيّ تدخل خارجي".

شرق الفرات: تلويح تركي بعملية عسكرية... و«رفض» أميركي

لم تنتظر أنقرة طويلاً بعيد انتهاء جولة التفاوض مع ممثل وزارة الخارجية الأميركية للشؤون السورية والمبعوث الأميركي إلى «التحالف الدولي» جايمس جيفري لحشد مسؤوليها العسكريين تحت عنوان «بحث عملية محتملة» شرقي نهر الفرات في سوريا. الاجتماع الذي استضافه وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار جاء صدى لتحذيرات نظيره في الخارجية مولود جاويش أوغلو من أن صبر بلاده قد نفد وأن البديل من «التوافق» مع الولايات المتحدة حول «المنطقة الآمنة»، هو العمل العسكري.

الوعيد التركي باللجوء إلى الميدان ليس جديداً، ولا يُرجّح أن يصبح أمراً واقعاً إلا في احتمالات ضيّقة، بينها عودة المناوشات والقصف المدفعي المتبادل عبر الحدود السورية ــــ التركية. وهو بالدرجة الأولى ينصبّ في إطار الضغط على الجانب الأميركي لتجنّب احتمال التسويف الذي شهده تنفيذ «خريطة طريق منبج». رغبة أنقرة في الحسم السريع عبّر عنها وزير الدفاع خلال اجتماعه مع كبار الضباط أمس، إذ قال إن بلاده أكدت للجانب الأميركي أنه «لن يكون هناك أي تغاض عن التأخير وسنبادر بالفعل إذا اقتضت الضرورة».

واللافت أن كلام أكار حمل في طياته تأكيداً ضمنياً أن أي تصعيد عسكري مفترض لن يتم إلا في حال تأخرت الولايات المتحدة الأميركية أي بعد حين. وهو ما يتساوق مع ما نقلته وكالة «رويترز» عن مسؤولين عسكريين أتراك ومفاده أن أنقرة وواشنطن ستواصلان إجراء محادثات في شأن «المنطقة الآمنة» على رغم التوتر المتزايد بينهما. وقال أحد المسؤولين: «لا يمكننا الإفصاح عن التفاصيل نظراً إلى أن الجهود لا تزال مستمرة. أهدافنا واضحة الجيش التركي هو القوة الوحيدة القادرة على فعل ذلك» أي السيطرة على «المنطقة الآمنة». ولفت المسؤول إلى موقف بلاده المشكك في المقاربة الأميركية مضيفاً القول: «رغم كل جهودنا لم يتحقق الهدف النهائي لخريطة طريق منبج وهو تطهير المنطقة من وحدات حماية الشعب الكردية وجمع الأسلحة الثقيلة وتشكيل إدارة محلية».Syria2019.7.26

الضجيج في أنقرة تردّد صداه سريعاً في أروقة واشنطن إذ خرجت تصريحات رسمية من وزارة الدفاع الأميركية تؤكد أن الولايات المتحدة ترى أن «أي عمل عسكري أحادي الجانب من قِبَل أي طرف سيكون غير مقبول... وخاصة مع احتمال وجود أفراد أميركيين». وأكدت أن «مثل هذه الأعمال غير مقبولة وأن التنسيق والتشاور بين الولايات المتحدة وتركيا هو النهج الوحيد لمعالجة القضايا ذات الطابع الأمني». وأضافت الوزارة إن «المناقشات المكثفة مستمرة مع تركيا حول آلية أمنية لمعالجة مخاوفها الأمنية المشروعة على طول الحدود التركية السورية أو في المنطقة المجاورة».

وفي موازاة تطورات ملف «المنطقة الآمنة» ألغى مجلس الأمن الدولي جلسة بشأن الوضع في سوريا أمس بسبب تعرض المبعوث الأممي غير بيدرسن لحادث سير وإصابته في عينه. وكان من المفترض أن يقدم بيدرسن إحاطة إلى المجلس حول «اللجنة الدستورية» وآخر ما حصّله في جولته على الأطراف المعنية بها.

اشتداد صِراع الإرادات والمشاريع في سوريا

 بينما يرتفع منسوب التفاؤل بالإعلان عن تحقيق خرقٍ على مستوى المشهد السياسي السوري مُتمثلاً بولادة وتشكيل وانطلاق عمل اللجنة الدستورية خلال محادثات أستانة القادمة تزداد في الضفة المقابلة حِدَّة الصراع داخل الجغرافية السورية عاكِسة بشكلٍ واضحٍ دور وتدخّل الأصلاء في تحقيق مصالحهم وإراداتهم المُتناقِضة.

من درعا جنوباً وصولاً إلى المنطقة الشمالية الشرقية وإدلب ومشروع ما يُسمَّى "المنطقة الآمِنة" مروراً بالتنف والحدود المشتركة (العراقية السورية الأردنية)، يبدو أن أدوات الصراع التي ينتهجها محور واشنطن تختلف بتطوّر المراحل التي يشهدها الملف السوري ولكن مضمونها هو ثابت ويصبّ في التأثير على مخرجات العملية السياسية وإحياء مسار جنيف وتغيير السلوك السوري ومواقفه وتقليص النفوذ الإيراني وإيجاد كيانات مستقلّة بمقوّماتها عن الدولة تكون قابلة للانفصال وتفرض نفسها كأمرٍ واقعٍ من خلال الهشاشة البيئية التي تسعى واشنطن وأنقرة وتل أبيب لإيجادها في سوريا رغم تناقض التحالفات مابين الوكلاء والأصلاء كما هي الحال بين قسد وتركيا.

هذه الصراعات المُتمثّلة بالمشاريع المُتعدِّدة أو ما يُسمَّى بالخطط البديلة برز تسارُعها مع ارتفاع وتيرة الصراع الذي يشهده النظامان الإقليمي والدولي، وبخاصةٍ في ظلّ الكباش الإيراني الأميركي الذي حَبَسَ أنفاس المجتمع الدولي لمرتين متتاليتين في أقل من شهر، وكاد أن يسقط الجميع من حافة الهاوية التي يقف عليها جميع الفاعلين الإقليمين والدوليين من دون استثناء، نظراً لتداعيات أية مواجهة مباشرة وفُقدان القدرة على التحكّم بها، فضلاً عن الضغوط السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تُصيب كلاً من تركيا وإسرائيل والتوظيف السياسي للملفات الخارجية ضمن الحملة الانتخابية القادمة للرئيس الأميركي (دونالد ترامب)، والتي تُحتِّم على هذه القوى نقل ضغوطها الداخلية نحو الساحات المُتأزِّمة _ والتي تعتبر سوريا أحداها_ أما للإبقاء على الصراع قائم ولكن بتأثيرٍ محدودٍ ومضبوط، أو للهروب من الضغوط الداخلية، أو لتحقيق تحسّن في التموضع السياسي واستثماره بالحصول على مكاسب تتعلّق بالنفوذ والتحالفات والمصالح.

وضمن هذا الإطار يمكن مُلامَسة تطوّر أدوات هذا الصراع من حيث التوقيت السياسي له في ما يتعلّق بالحرب على سوريا عبر ثلاثة تطوّرات مُتزامِنة:

_ مع اقتراب الذِكرى الأولى للتسويات الكبرى التي شهدتها المنطقة الجنوبية من سوريا، تصاعدت وتيرة الخروق الأمنية وبلغت ذروتها قبل أيام من خلال استهداف حافلتين للجيشين الروسي والسوري في مدينة درعا، وتصاعُد هذه الخروق يُعبِّر عن دائرةٍ من الاحتمالات، أهمّها:

عودة التأثير الاستخباراتي الإسرائيلي الأميركي للعَبَث بتسويات الجنوب بعد فشل الاجتماع الثلاثي الذي جمع رؤساء أركانها مع الجانب الروسي في الأراضي المحتلة منذ قرابة الشهر، تزامُناً مع توافر معلومات تفيد عن عودة نشاط غرفة "موك"، ووصول شحنات من الأسلحة النوعية الأميركية إلى الإردن، التي تشهد جغرافيتها الشمالية تدريباً لمسلّحي ما يُسمَّى جيش المغاوير الذي ترعاه واشنطن.

_ بينما يُمثِّل التهديد التركي بشنّ عدوانٍ جديدٍ على الأراضي السورية، تطوّراً لافِتاً بتوقيته وجديّته، وبخاصة بعد تهديد رئيس النظام التركي أردوغان "بإنشاء منطقةٍ آمنةٍ في بلدات سوريّة خارجة عن النفوذ التركي حالياً مثل تل رفعت وتل أبيض" وفق وصفه.

فهذا التهديد يُصنَّف بين ثلاثة احتمالات:
الأول أنه يأتِي في إطار التجاذب الأميركي التركي بعد تسلّم الأخيرة دفعات من منظومة الصواريخ (S400) وتوجّه الأولى نحو فرض المزيد من العقوبات على تركيا. أما الاحتمال الثاني فيتمثّل في تحسين شروط التفاوض من أجل "السلام الدائم" الذي ترغب واشنطن إقامته بين قسد وتركيا قبل أيلول القادم، ويتولّى المبعوث الأميركي للشأن السوري "جيمس جيفري" هذه المهمة.

أما الاحتمال الثالث فهو يتضمَّن جدّية السلوك العدواني التركي للقيام بعملٍ عسكري وهذا الاحتمال قد يكون السبب في دفع أنقرة لما يُسمَّى رئيس الائتلاف المُعارِض للاجتماع بقيادة المجلس الوطني الكردي لجذب تأييدهم ودعمهم لأيّ عدوانٍ تركي، ويُفسّر بذات الوقت مُسارعة "جيفري" لزيارة أنقرة بعد يومين من الاتصال الذي أجراه وزير الخارجية التركي مع نظيره الأميركي ومستشار الأمن القومي لواشنطن، فهذه الزيارة المُستعجَلة والتي لم تكن على جدول أعمال جيفري وإن حملت عنوان استكمال التنسيق في لجنة العمل المشتركة هي تعبير عن استشعارٍ أميركي بمدى جدية السلوك التركي والذي ترافق مع تحرّكات وتحشيدات عسكرية على أكثر من نقطة لاجتياح الشمال السوري بشكلٍ لايتوافق مع المصالح الأميركية، لاسيما أن مثل هذا السلوك العدواني وفق الرؤية الأميركية من شأنه تعميق الخلاف الأميركي التركي وانعكاس ذلك بتصدّع الناتو ويضعف حلفاء واشنطن الكرد، ويزيد من الدور الروسي سواء في التأثير على تركيا أو على القوى الكردية.

_أما التطوّر الثالث والذي يُشكّل توصيفاً حقيقياً لطبيعة الصراع بشكلٍ مُصغَّر، فيتمثّل بمشاريع واشنطن المُتعدّدة في الشمال السوري وصولاً للتنف.وهذه المشاريع أنْ كانت تتضمَّن في بعض جوانبها استنزافاً لسوريا ومحاولة فرض تقسيمها كأمرٍ واقعٍ وإحكام طوق الحصار عليها، فإنها ببعض جوانبها الأخرى تتضمَّن صورة عن صراع مُصغَّر بين محور المقاومة وأميركا ومن خلفها إسرائيل ودول الخليج، وأصرار واشنطن على إقامة المنطقة الآمِنة بوجود قوات مُتعدِّدة الجنسات وبحمايةٍ محلية، والاعتماد على الشركات الأمنية الخاصة لحماية المناطق الحيوية، والتوجّه نحو المزيد من التطبيع الكردي الإسرائيلي والعودة إلى برامج تدريب المسلحين في منطقة التنف هو خير دليل على ذلك.

من الواضح أن سوريا اليوم بجغرافيتها وفاعليتها السياسية والعسكرية تتأثّر وتؤثّر على شكل الصراع الدائر على مستوى الخارطة الإقليمية في ظلّ تراجع مؤشّرات الصِدام المباشر ليس فقط انطلاقاً من أهمية موقعها الجغرافي بل لمواقفها التي لطالما شكَّلت العامِل المحوري إلى جانب عوامل أخرى في تكوين أسباب الحرب عليها واشتداد هذه الصراعات من شأنه أن يؤجِّل الحلول السياسية.

المزيد في هذا القسم:

المزيد من: الأخبار العربية والعالمية