المرصاد نت - متابعات
عادت تصريحات الرئيس الإيراني حسن روحاني تصويب بوصلة «تفاؤل» جارف اجتاح المراقبين جراء مخرجات قمم «مجموعة السبع» في بياريتس. إذ قال أمس إن بلاده مستعدة دائماً لإجراء محادثات «لكن ينبغي لواشنطن أولاً أن تتحرك برفع كل العقوبات غير المشروعة». وأشار إلى الحديث عن إمكانية لقاء الرئيس الأميركي بالقول: «إذا كان أحدهم يريد اللقاء لمجرد التقاط صورة فهذا غير مقبول».
لا يمكن إغفال الخلافات الإيرانية الداخلية حول آليات التفاوض وحيثياته وخصوصاً إذا ما تضمّنت سابقة «المصافحة». إلا أن العارفين بالأمور في طهران يؤكدون أن هذه النقاشات تبقى تحت سقف يمكن ضبطه والتفاهم عليه، وهو ما تؤكده تجربة النشاط الراهن لكل المؤسسات بتناغم كبير والتي تتقاطع عند هدف مشترك: التحضير جيداً للمفاوضات على طريقة أن لا مفاوضات قد تأتي.
مواقف روحاني ومع أنها فرضت خريطة طريق لأي اتفاق مع الولايات المتحدة إلا أنها تركت باب التفاوض مفتوحاً على رغم تلاوة الشروط، وهو ما يقود إلى أن طهران وإن اقتربت خطوة من استعدادها للتفاوض من موقع قوة بعدما أفرغت سياسة «المقاومة الفاعلة»، بنسبة لا بأس بها، حملة «الضغوط القصوى» الأميركية من مضمونها، فإنها لا تستعجل الحوار وتريد للمزيد من أوراقها أن تتكدّس على الطاولة.
يعني ذلك أن برنامج «الصمود» الإيراني بدأ يدخل مرحلة جديدة انحسرت أمامه الشروط الأميركية الـ 12، وبات التركيز الإيراني على ملفين: تحييد البرنامج الصاروخي، وإيقاف ما تسمّيه طهران «الحرب التجارية» من خلال عودة تصدير النفط إلى سابق عهده. المصرّون على «التفاؤل» سينتظرون في المرحلة الجديدة أن يتقدّم الطرفان خطوات بطيئة، كأن تتساهل واشنطن في عقوباتها ولو بطريقة إعادة الإعفاءات والسماح بالآلية الأوروبية، وتحترم الاتفاق النووي ولو من دون عودة إليه.
في المقابل: تهدئة إيرانية وتراجع عن الخطوات النووية المرتقبة للتخفف أكثر من التزامات الاتفاق. هذا المسار، إذا ما استمرّ، سيثبت أن تحولاً يجري في البيت الأبيض، يتجاوز النجاح الدبلوماسي للرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، مضمونه أن الرئيس دونالد ترامب خفّض من سقف توقّعاته ويستعجل اتفاقاً قبيل الانتخابات بأي ثمن وهو ما يتوقّف إنجازه على تجاهل ملف البرنامج الصاروخي.
تحوّل لن يسرّ بحال تل أبيب المصعِّدة أمنياً وعسكرياً حتى وإن لم يصل الأمر إلى المفاوضات المباشرة ولقاء الرئيسين أو وزيري الخارجية فهو ينقل الاهتمام من نقاط تراعي الأمن القومي الإسرائيلي إلى صفقة أخرى ستكون من جديد غير خاسرة في الحسابات الإيرانية. لكن مقابل السيناريو «المتفائل» يشدد البعض على صعوبة تجاوز ترامب ملف الصواريخ، الأهم بالنسبة الى حملته ضد طهران على اعتبار عدم إمكانية الفصل بين الإدارة الحالية والمصالح الإسرائيلية. في الخلاصة يمكن القول إن اجتماعات بياريتس صنعت «باباً» للمفاوضات، لكن هذا الباب لا يزال مقفلاً، وفتحه «في ملعب ترامب» كما قال روحاني أمس.
لماذا لا تتعجّل إيران لقاء روحاني ــ ترامب؟
ربّما مثّل إعلان الرئيس الإيراني حسن روحاني استعداده للقاء أي شخص إذا ما صبّ هذا اللقاء في مصلحة البلاد، القنبلة التي كان وزير الخارجية محمد جواد ظريف قد ضرب على صاعقها خلال زيارته المفاجئة لمدينة بياريتس الفرنسية حيث انعقدت قمة «مجموعة السبع». تأكيد الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون أن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، كان على علم بسفر ظريف، وأن ثمة تنسيقاً مسبقاً معه في هذا المجال يؤكد أن ظريف أجّل سفره إلى بكين، وزار مكان اجتماعات «السبع» ليسمع مباشرة من الرئيس الفرنسي ما هو العرض الأميركي لإيران.
وعلى الرغم من أنه لحدّ الآن لم تتضح ماهية هذه العروض لكن يمكن القول إنها كانت مقنعة إلى درجة جعلت روحاني يخرج بهكذا تصريح خلال أقلّ من 24 ساعة من لقاء وزير خارجيته مع الرئيس الفرنسي ووزير الخارجية الفرنسي. كانت إيران قد أكدت مراراً أن رفع العقوبات كاملاً هو مفتاح أي مفاوضات مستقبلية بينها وبين الولايات المتحدة. وبالطبع هذا ما جاء على لسان روحاني مباشرة بعد يوم من كلمته السابقة. ومع أن الإيرانيين يرزحون تحت عقوبات لم يكن لها مثيل في التاريخ بحسب قول ترامب، لكنهم يعرفون جيداً أن الأخير يحتاج إلى هذه المفاوضات أكثر مما يحتاج إليها الإيرانيون، بسبب الظروف الداخلية الأميركية، وتأثير هذا الخيار على وضع ترامب الانتخابي.
يعلم الإيرانيون جيداً أنهم يستطيعون الحصول على ما لا يمكن تصوّره إذا ما أقدموا على هذه الخطوة في ظروف يكون الرئيس الأميركي محتاجاً فيها إلى المفاوضة. وحتى لو لم يحصلوا على الامتيازات المطلوبة خلال الفترة الحالية قبل الانتخابات الأميركية المقبلة وتم انتخاب ترامب مجدداً فإنهم لن يواجهوا ترامب نفسه الذي يواجهونه حالياً. لكن، بالطبع إذا ما تم انتخاب رئيس أميركي آخر فما من ضمانات بأنه سيوقف خطوات ترامب، حتى لو كان «ديموقراطياً».
في ظلّ هذه الظروف استطاع الإيرانيون، وبحنكة كبيرة جعل الأميركيين والأوروبيين يخسرون جميع أوراقهم خلال عام مضى (بعد خروج الولايات المتحدة من الاتفاق النووي) إذ إن الأميركيين قاموا بتنفيذ جميع تهديداتهم السياسية والاقتصادية والإعلامية، وحتى العسكرية، واستطاع الإيرانيون التصدّي لها جميعها. أما بالنسبة إلى الأوروبيين الذين حاولوا القيام بدور الشرطي الجيد، فإنهم قاموا بمجاراة الولايات المتحدة في سياساتها وعقوباتها على إيران وهم خسروا أيضاً ورقة الضغط الوحيدة التي كانوا يستطيعون تهديد إيران بها ألا وهي مشاركة الولايات المتحدة في عقوباتها. وكان الأميركيون والأوروبيون يراهنون على تحريك الشارع الداخلي الإيراني من خلال الضغوط الاقتصادية، لكن ما حصل هو العكس، إذ إن الشارع أظهر تماسكاً كبيراً على رغم العقوبات الاقتصادية التي واجهتها البلاد. وبعدما اطمأنت طهران إلى أن الجانب المقابل خسر جميع أوراقه بدأت هي لعبها وجمع أوراقها منذ بضعة أشهر.
لم يأخذ الأمر وقتاً طويلاً كي يستوعب الأميركيون والأوروبيون اللعبة التي لعبها الإيرانيون، لكنهم لم يكونوا في وضع يسمح لهم باستيعابها، وهم يحاولون الآن الحيلولة دون أن تستطيع إيران جمع أوراق أكثر. وبالطبع، أحد أهم الأهداف من جمع الأوراق هذا يكون التحضير لمفاوضات. لكن هذه المرة إيران غير مستعدة لأن تدخل المفاوضات وتقبض الثمن بشكل مؤخر، بل هي تريد أن تحصل على دفوعات مقدمة للمفاوضات. وأقل ما يمكن أن تطلبه إيران هو أن يقوم الجانب المقابل برفع العقوبات وعودة بيع إيران لنفطها وحصولها على أمواله عبر فتح القنوات المصرفية. يحاول الأوروبيون من خلال مشروع «أنستكس» أن يحدّوا من تلك القنوات والامتيازات قبل المفاوضات، في حين أن الإيرانيين يسعون إلى توسيعها.
ولا تزال هناك أوراق كثيرة يجب على إيران أن تجمعها قبل بدء أي مفاوضات أهمها عودة البرنامج النووي إلى ما كان عليه سابقاً، وتثبيت قدرة إيران في المنطقة، والوصول إلى مستويات عسكرية عالية وخاصة في المجال الصاروخي. فإذا ما رجعنا إلى السابق نرى أن إيران وقعت اتفاقية عام 2005 (معروفة باتفاقية سعد آباد) حين كان لديها حوالى 190 جهاز طرد مركزي وكانت بالكاد تخصّب حوالى 3.67% من اليورانيوم. وعلى الرغم من أن الطلب الإيراني الوحيد حينها كان إعطاء إيران حقها في تخصيب اليورانيوم بحسب الموازين الدولية، فإن الأوروبيين أصرّوا على إقفال جميع المنشآت النووية لكي تُظهر إيران حسن نياتها. وبالفعل أقفلت إيران جميع منشآتها النووية لكن الأميركيين عرقلوا اتفاقية «سعد آباد» وطلبوا أكثر، ليجلسوا لاحقاً على طاولة مفاوضات مع إيران وهي تمتلك حوالى 20 ألف جهاز طرد مركزي وتخصّب اليورانيوم بأكثر من 20% وتنتج البلوتونيوم والماء الثقيل، ولديها تكنولوجيا الدورة النووية بشكل كامل.
حينها اضطر الأميركيون الى أن يرضخوا لإيران النووية ويقبلوا أن تشغّل 5 آلاف جهاز طرد مركزي وتخصّب اليورانيوم بنسبة ما دون 5%. إضافة إلى ذلك فإن إيران دخلت مفاوضات سعد آباد في ظلّ ظروف حصار أميركي من شتى الاتجاهات فالأميركيون كانوا حينها قد احتلّوا أفغانستان والعراق وانتشرت جيوشهم في كل المنطقة في حين أن البرنامج الدفاعي الإيراني، وخصوصاً الصاروخي، كان في بداياته.
وهذه التجربة تؤكد أن الإيرانيين لن يدخلوا أي مفاوضات مستقبلية قبل أن يصلوا إلى مراحل أعلى بكثير مما كان برنامجهم النووي عليه سابقاً، إضافة إلى وضعهم الإقليمي وقدرتهم العسكرية. اليوم، إيران لديها برنامج دفاعي ولا سيما صاروخي، هو الأكثر تطوراً بين خمس دول كبرى في هذا المجال في العالم، إضافة إلى أن لديها قدرات تكنولوجية في شتى المجالات العلمية تستطيع جمعها مع بعضها البعض وما تحتاج إليه هو وقت قصير كي تجمع كل هذه الأوراق لكي تكون جاهزة لأي مفاوضات مستقبلية.
يجب أن ننتظر ونرى ما كانت وعود ماكرون التي جعلت روحاني يخرج بهذه الكلمات، وهل هي ستكون في مستوى يجعل الإيرانيين يتراجعون عن خطوتهم التالية المزمع تنفيذها في السادس أو السابع من أيلول المقبل أم لا؟ لكن بالكاد يمكن التصور أن الأوروبيين يستطيعون تنفيذ ما تطلبه إيران من رفع العقوبات وفتح القنوات المصرفية كي توقف خطوتها الجديدة المتمثلة بتعليق بعض تعهداتها في الاتفاق النووي. من جهة أخرى، مصلحة إيران تقتضي أن تقوم بتنفيذ هذه الخطوة قبل أي مفاوضات مستقبلية.
لهذا يمكن القول إننا لا يجب أن نرتقب أي مفاوضات قريبة بين الرئيسين الأميركي والإيراني، وإذا ما كانت هناك مفاوضات مرتقبة يمكن أن تحصل بين وزيري خارجية البلدين وفي إطار اجتماعات مجموعة الـ«4 + 1» الموقعين على الاتفاق النووي («5 + 1» بلا الولايات المتحدة)، بحضور وزير الخارجية الأميركي كضيف. وبالطبع، فإن إيران لن تقبل حتى بهكذا مفاوضات قبل أن تحصل على امتيازات، أقلّها رفع العقوبات أو بعضها، أو بدء تنفيذ مشروع «أنستكس» وفق ما يريده الإيرانيون وليس وفق ما هو مطروح حالياً. وموضوع لقاء ترامب وروحاني سوف يبقى معلّقاً حتى تحصل إيران على كل الامتيازات التي تطالب بها؛ وهي رفع جميع العقوبات وتنفيذ الولايات المتحدة جميع تعهداتها في الاتفاق النووي من دون الحاجة إلى عودتها إلى هذا الاتفاق.
الوساطة الفرنسية والتصعيد الإسرائيلي
الأجواء «البنّاءة» التي سادت خلال اجتماعات قمّة «مجموعة الدول السبع» الأخيرة في بياريتس والتوافقات التي توصّلت إليها هذه الأخيرة، كان لها أثر إيجابي على صورة إيمانويل ماكرون. الرئيس الفرنسي الذي واجه تدنّياً حادّاً في معدلات شعبيته بسبب نهجه في التعاطي مع التحديات الاجتماعية والسياسية الداخلية، وفي مقدّمها ظاهرة «السترات الصفر»، نجح في توظيف القضايا التي تحظى باهتمام الرأي العام الفرنسي والتي وضعها على جدول أعمال القمّة كالأزمة البيئية وحرية التبادل وتعاظم الفوارق الاجتماعية، لتحسين موقعه على المسرح السياسي في بلاده.
صحيفة «لو موند» عكست هذا الواقع في العنوان الذي اختارته لافتتاحيتها: «ماكرون في قمة الدول السبع: الجرأة كرافعة دبلوماسية». تأمين شروط إعادة الانتخاب هي بين أبرز الحسابات التي تحكم غالباً حركة النخب السياسية ومواقفها ومبادراتها في الديموقراطيات العريقة، وماكرون لا يشذّ عن هذه القاعدة. لكن الاعتبارات الأمنية والاستراتيجية كثيراً ما تفرض نفسها على هؤلاء، واحتمال انفجار مواجهة أميركية ــــ إيرانية في الخليج أحدها، وتضطرهم الى اعتماد الخيارات التي يرونها الأقل سوءاً. الرئيس الفرنسي يعتقد أن تصاعد التوتر بين الولايات المتحدة وإيران وعدم رغبتهما في الحرب في الآن نفسه، تطوران يفتحان نافذة فرص أمام إمكانية التوسط لإيجاد مخرج سلمي للأزمة الحالية. غير أن حقيقة الدوافع الأميركية للتأزيم مع إيران، وهي دوافع إسرائيلية مرتبطة أساساً ببرنامجها الصاروخي وبدعمها لقوى المقاومة، وليس ببرنامجها النووي، ستجعل من التوصل إلى اتفاق جديد بين واشنطن وطهران مهمة بالغة الصعوبة، إلا إذا قام أحد الطرفين بتقديم تنازلات فعلية يتراجع فيها عن موقفه المعلن من موضوع الصواريخ.
عند حديثه عن الشروط التي تضعها الولايات المتحدة للتفاهم مع إيران قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال مؤتمره الصحافي المشترك مع نظيره الفرنسي إن «ما نسعى إليه هو: لا أسلحة نووية لا صواريخ باليستية ومدة زمنية أطول (إطالة أمد الرقابة على المنشآت النووية إلى ما بعد 2025)». أوساط كثيرة إسرائيلية أو مؤيدة لإسرائيل (كالي لايك، المعلق في موقع «بلومبيرغ» حول قضايا الأمن القومي والسياسة الخارجية، مثلاً) رأت في تصريح ترامب تخلّياً عن 9 شروط من أصل 12 كان وزير الخارجية مايك بومبيو قد حدّدها لمعاودة التفاوض مع إيران.
باراك رافيد المراسل المتخصص بالشؤون الدبلوماسية في «القناة الـ13» الإسرائيلية، أشار من جهته إلى أن الحكومة الإسرائيلية متخوفة من إمكانية حصول محادثات أميركية ــــ إيرانية جديدة حول الملف النووي بحسب ما أبلغه 3 وزراء ومسؤولان رئيسيان معنيّان بالملف الإيراني. ويضيف رافيد إن أحد المسؤولين أسرّ له بأنه «ليس لإسرائيل مصلحة في محادثات بين الولايات المتحدة وإيران، وقدرتها على التأثير على ترامب أو مواجهته حول هذا الموضوع محدودة للغاية».
المعلومات عن احتمالات تفاوض جديد أميركي ــــ إيراني سابقة لقمة بياريتس. غير أن هذه الأخيرة، وما تخلّلها من إعلان عن استعداد مبدئي للرئيسين الأميركي والإيراني للقاء، عزّزا التفاؤل بقرب البدء بهذا التفاوض. يعتقد البعض حتى أن تصعيد إسرائيل لاعتداءاتها في الأسابيع والأيام الأخيرة، وتوسيع دائرتها لتشمل العراق بعد سوريا وعودتها لاستهداف مواقع في لبنان في محاولة لتغيير قواعد اللعبة السائدة منذ عام 2006م ناجم عن قلقها من فرضية التفاوض الأميركي ــــ الإيراني وما قد يفضي إليه من تفاهمات أو حتى اتفاق جديد لا يناسب مصالحها.
لكن النظر إلى ما قاله الرئيس الأميركي، وإلى الشروط التي ذكرها كقاعدة للعودة إلى عقد محادثات مع إيران يظهران أن هذه المخاوف، إن كانت قائمة فعلاً، لا أساس لها حتى الآن. فموقف الإدارة الأميركية الراهنة الهستيري في عدائه لإيران لا علاقة له بتاتاً بالملف النووي. لا أحد في العالم بما فيها الأجهزة الاستخبارية الأميركية، وباستثناء نتنياهو وحكومته وترامب وإدارته، يتهم طهران اليوم بالعمل على صناعة قنبلة نووية أو بعدم الالتزام بالاتفاق النووي قبل انسحاب الإدارة الأميركية منه بل من الممكن الإضافة بالقول إن إدارة ترامب لو كانت مهجوسة حصراً باحتمال أن تقوم إيران بعد سنة 2025 بالسعي إلى إنتاج أسلحة نووية، لاقترحت أن يتم تمديد فترة الرقابة على المنشآت النووية الإيرانية بعد التاريخ المشار إليه فقط لا غير.
لكن إصرار الإدارة على ربط أي اتفاق جديد حول الملف النووي بملف الصواريخ الباليستية الإيرانية هو الذي يكشف نياتها ويسمح بفهم مختلف لطبيعة المواجهة الدائرة في الإقليم. هذه المواجهة تتمحور حول الصواريخ الباليستية التي تنتجها وتطورها إيران وتُتهم بنقلها إلى حلفائها في لبنان وسوريا وفلسطين والعراق واليمن ومساعدتهم على إنتاجها محلياً. التغيير التدريجي ولكن المستمر، في موازين القوى بين إسرائيل ومحور المقاومة الناتج من مراكمة وتطوير هذه القدرات الصاروخية وما ستؤول إليه هذه الموازين في حال ديمومة هذا المسار، هو السبب الرئيس للتصعيد الأميركي والإسرائيلي ضد إيران. الولايات المتحدة لم تغير ولن تغير في ظلّ إدارة كإدارة ترامب من ثوابت استراتيجيتها في المنطقة وبين أبرزها التفوق العسكري الإسرائيلي النوعي على دولها المهدَّد راهناً من مسار مراكمة القدرات المذكور.
لا يتنافى الحديث عن إمكانية العودة إلى التفاوض مع تكثيف للضغوط بأشكالها المختلفة بما فيها تلك العسكرية التي تستهدف مواقع وقواعد مزعومة للصواريخ أو للطائرات المسيرة. هذا هو معنى الغارات الإسرائيلية المتتالية التي تنوي إسرائيل عبرها التأكيد على مركزية هذا الملف بالنسبة إليها. هذه المعطيات لا تمنع البعض من الرهان على شخصية الرئيس الأميركي وفرضية أنه قد يذهب أمام الفرص التجارية والاقتصادية الكبرى التي سيوفرها تفاهم مع إيران وتطبيع للعلاقات معها بعد تنازلات تقدمها في الملف النووي لا الباليستي إلى الموافقة على اتفاق جديد يحمل اسمه يكون أفضل من ذلك الذي وقّعه أوباما لكنه لا يضع مصلحة إسرائيل في المقدمة. أصحاب هذا التحليل يتجاهلون حقيقة أن انتخاب ترامب تم من خلال التحالف مع ائتلاف من القوى يشكل التيار المسيحي الصهيوني أحد أهم مكوناته وزناً وكذلك فئة أصحاب المليارات من اليهود أمثال شلدون أدلسون وبول سينغر الذين كانوا من أبرز داعميه. من الصعب أن يتجاهل الرئيس الأميركي موقف هذه القوى وأطراف اللوبي الإسرائيلي عندما يتخذ قرارات تتعلق بالمنطقة وبإسرائيل وخاصة أن أولوية الأولويات بالنسبة إليه هي إعادة انتخابه عام 2020.
عماد آبشناس ‘ وليد شرارة - من ملف : اللقاء الأميركي ــ الايراني: طهران غير مستعجلة - الأخبار
المزيد في هذا القسم:
- دعوات جريئة وغير مسبوقة للإضراب في السعودية المرصاد نت - متابعات دعا عدد من المواطنيين السعوديين الى إضراب شامل يوم غد الأحد احجاجاً على الوضع الاقتصادي المتردي وسياسة التقشف التي تنتهجها المملكة النفطي...
- العثمانيون حين وطّنوا اليهود في القدس المرصاد نت - متابعات تلجأ جماعات الإسلام الأميركي إلى حادثة جزئية وقعت بين السلطان العثماني عبد الحميد ومهندس المؤتمر اليهودي هرتزل للقول بأن سلاطين آل عثمان ...
- في الغارديان:”فساد مزمن وحيل قذرة..مطالبات بتغيير دائم في لبنان” المرصاد-متابعات غضب اللبنانيين وحزنهم إزاء الانفجار الضخم الذي أدى لخسائر جسيمة في بيروت ما زال محل اهتمام الصحف البريطانية، حيث ركزت على تناول التبعات السيا...
- أميركا في سوريا إجرام لا يصنع نصراً ... فما الأهداف؟ المرصاد نت - متابعات لا اعتقد ان الخبراء المحترفين كانوا بحاجة إلى الاستماع إلى تسجيل مسرب لكيري حول الوضع السوري وحدود الموقف الأميركي منه وما تضمنه من إق...
- ترامب: عملية سحب قواتنا من سوريا ستتمّ بوتيرة بطيئة المرصاد نت - متابعات قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إنّ عملية سحب قوات بلاده من مناطق شمال سوريا ستتمّ بوتيرة بطيئة. وأضاف ترامب في تغريدة على "تويتر" إن د...
- قوات الاحتلال تعتقل 17 فلسطينياً في القدس والخليل شنت قوات الاحتلال الصهيوني فجر اليوم الجمعة حملة اعتقالات ومداهمات واسعة في مدينة القدس والخليل بالضفة الغربية المحتلة تخللها اعتقال 17 مواطنا فلسطينياً. و...
- غضب شعبي عارم في السعودية اثر رفع أسعار البنزين! المرصاد نت - متابعات طالب ناشطون سعوديون، اليوم السبت، بتحرك شعبي للانتفاض على نظام الحكم في الرياض، احتجاجاً على رفع سعر البنزين في المملك...
- تركيا في طريقها للانفصال عن حلفائها العرب المرصاد نت - متابعات بعد خمس سنوات من التحالف بين تركيا ودول مجلس التعاون بقيادة السعودية بشأن الأزمة السورية أخذت خطوط التصدع تتحرك بين الطرفين في الأيام وال...
- غلوبال ريسيرش: تنظيم داعش يقاتل بالوكالة عن أمريكا والدول الخليجية المرصاد نت - متابعات قال موقع غلوبال ريسيرش الكندي على لسان الكاتب "توني غارتالشي": إن تنظيم داعش الإرهابي يهزم في سوريا بفضل عمليات الجيش العربي السوري والدع...
- البابا يثير الجدل بازدواجيته.. يدين العدوان ويزور المعتدي في بيته! المرصاد نت - خليل كوثراني بإمكان وليّ عهد أبوظبي والحاكم الفعلي للبلاد محمد بن زايد أن يتحالف في اليمن مع مَن يرفعون شعار «أخرجوا المشركين من جزيرة محمّ...