المرصاد نت - متابعات
أعلن وزير النقل السوري، علي حمود، افتتاح الطريق الدولي دمشق - حلب أمام حركة السير والمرور، ووضعه في خدمة المواطنين. وبدء الجيش تأمين الطريق السريع بين دمشق وحلب، وشرع في إزالة المتاريس بعد السيطرة عليه.
ولم تمض ساعات على رفع السواتر الترابية وإزالة الألغام عن جانبي الطريق الدولي الذي يربط حلب بالحدود التركية مروراً بالريف الشمالي، حتى بدأت حركة العبور على الأوتوستراد الدولي الذي يعد الشريان الحيوي للشمال السوري. وتمثل عملية إعادة فتح طريق دمشق حلب، استرداد أسرع طريق يربط بين أكبر مدينتين في سوريا لأول مرة، منذ أكثر من 7 أعوام.
ويواصل الجيش العربي السوري عمليات التمهيد الناري باتجاه أطراف دارة عزة في ريف حلب الغربي، وحاس، وكفرنبل غرب معرة النعمان بريف إدلب الجنوبي، وجبل الزاوية.
ميدانياً .... لم يشهد يوم أمس تطورات ميدانية لافتة على خطوط التماس في محافظتَي إدلب وحلب، فيما احتلّت التسجيلات التي وثّقت معارك اليومين الماضيين حيّزاً واسعاً من المشهد، لإظهارها محاولة قوات الاحتلال التركي والفصائل العاملة تحت إمرته استهداف طائرة حربية روسية من طراز «SU-24» بصاروخ مضادّ للطائرات يُرجّح أنه من طراز «Stinger». وفشلت محاولة إصابة الطائرة المقاتلة بعدما تنبّه قائدها للصاروخ واتخذ الإجراءات الدفاعية اللازمة. ووفق ما أوضح مهتمون بتحديد المواقع باستخدام الصور الجوية فإن مكان إطلاق الصاروخ المضادّ (على ما أظهرته التسجيلات) هو نقطة تجمّع للقوات التركية على الطريق الواصل بين مدينة إدلب وبلدة قميناس. كما أن أفراداً من الجيش التركي هم مَن نفذوا عملية الإطلاق.
وفي موازاة نشر هذا التسجيل الذي وثّقته الفصائل العاملة مع الجيش التركي، أظهرت لقطات جوية استهداف سلاحَي الجو السوري والروسي نقطة إطلاق الصاروخ والمواقع المحيطة به قرب قميناس، وصولاً إلى محيط بلدة النيرب. وبيّن التسجيل المصوّر باستخدام طائرات مسيّرة الخسائر الكبيرة التي تَكبّدها الجيش التركي والفصائل العاملة معه ولا سيما من الآليات المدرّعة. وإلى جانب ما سبق انتشرت أمس عدّة تسجيلات مصوّرة تُظهر بوضوح الدعم العسكري التركي المباشر بالمدفعية والصواريخ لهجمات الفصائل على مواقع الجيش العربي السوري في محيط سراقب.
وتدعم هذه التسجيلات ما أعلنته وزارة الدفاع الروسية، أمس، في بيان، عن الدعم التركي المُقدّم إلى «تنظيمات متطرفة»، ولمرّات متعددة. وبدا لافتاً أن موسكو تعمّدت، عبر البيانات والتسريبات التي خرجت منها، ترك هامش لـ«شريكتها» في التفاوض، أنقرة، كي لا تضطرّ إلى اتهام الجانب الروسي (علناً) بالضلوع في استهداف جنودها، بما يحمله ذلك من احتمالات خطيرة.
كان ينتظر أن يُترجم هذا «الكباش» الإعلامي بعد العسكري في بازار التفاوض الهاتفي بين الرئيسين التركي والروسي أمس والذي انتهى ببيانين (من الرئاستين التركية والروسية) يتفقان على «تعزيز التشاور وخفض التصعيد والوصول إلى وقف إطلاق نار» ويتفارقان في إصرار موسكو على «وقف الأعمال العداونية للجماعات المتطرفة... والاحترام غير المشروط لاستقلال ووحدة الأراضي السورية» مقابل تركيز أنقرة على «كبح هجمات الجيش... والعودة إلى اتفاق سوتشي (بقاء النقاط التركية وانسحاب الجيش السوري)».
وجاء اتصال الرئيسين فلاديمير بوتين ورجب طيب أردوغان (وهو الثالث بينهما هذا الشهر)، عقب مكالمة أجراها الرئيس التركي مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل. وكان الأخيران اتصلا بدورهما أمس ببوتين الذي أكد لهما - وفق «الكرملين» - ضرورة «وقف هجمات الجماعات المتطرفة». وذهبت بعض الأوساط التركية إلى الحديث عن وجود مقترحات بعقد قمة رباعية بين زعماء روسيا وتركيا وفرنسا وألمانيا، لنقاش تطورات إدلب ومجمل الملف السوري وهو ما دعمه فحوى اتصال الرئيس الفرنسي والمستشارة الألمانية بأردوغان وطرحهما هذا اللقاء.
ما غاب عن التصريحات الإعلامية كان ملف الطلب التركي نشر بطاريات «باتريوت» تحت مظلّة «حلف شمال الأطلسي»، لدعم عمليات الجيش التركي في سوريا، وخاصة في إدلب. إلا أن القضية نفسها عادت إلى الواجهة ليل أمس مع رصد متابعين لحركة الطائرات خمس طائرات نقل عسكرية أميركية من طراز «Boeing C-17» فوق الأجواء الأوروبية. ووفق المعلومات المتوفرة عن مسار تلك الطائرات، فقد انطلقت من قاعدة «أندروز» (الجوية ـ البحرية) في ولاية ماريلاند الأميركية وتوقفت للتزوّد بالوقود في قاعدة «رامشتاين» الأميركية في غربي ألمانيا قبل استكمال طريقها باتجاه الأجواء التركية.
وحتى لحظة إعداد هذا التقرير لم يُتَح التحقق من وجهة الطائرات النهائية، غير أن ترجيحات قالت إنها قد تتّجه نحو قاعدة إنجرليك الجوية أو نحو العراق. وعزّز هذا التطوّر التساؤلات حول الموقف الأميركي من طلب أنقرة نشر منظومة «باتريوت» ولا سيما أن تلك الطائرات الخمس قادرة (وسبق أن استخدمت) لنقل بطاريات من منظومة الدفاع الجوي ذاتها. غير أن الحديث الأميركي سابقاً عن التحضير لتعزيز الدفاعات الجوية في العراق يرجّح أن تكون الوجهة النهائية إلى هناك.
هل ينجرّ إردوغان إلى الفخّ الأميركي؟
في ظلّ عدم تحديد موعد للقاء مباشر بين الرئيسين التركي والروسي وهو ما يُعدّ بحدّ ذاته مؤشراً سلبياً، ووسط المراوحة في المواقف مع اقتراب نهاية شباط/ فبراير، المهلة التي حدّدها رجب طيب إردوغان لانسحاب الجيش السوري من المواقع التي حرّرها أخيراً تحت طائلة عمل عسكري كبير ضدّ دمشق، كيف يمكن فهم هذا الإصرار التركي على الاحتفاظ بإدلب وعدم القبول بأيّ تغييرات في خريطة النفوذ الجغرافية، والتهديد بالقيام بعملية عسكرية شاملة؟
لم يسفر الاتصال الهاتفي بين الرئيسين، التركي رجب طيب إردوغان، والروسي فلاديمير بوتين، مساء أمس، عن نتيجة ملموسة لتهدئة الوضع في إدلب. فبيان الرئاسة التركية ركّز على قول إردوغان لبوتين إن الحلّ في إدلب يبدأ بكبح جماح النظام، ووقف الأزمة الإنسانية، والتطبيق الكامل لـ«اتفاقية سوتشي»، لافتاً إلى أن الرئيسين أكدا التزامهما التطبيق الكامل للاتفاقيات المعقودة بينهما. أما بيان الكرملين، فأشار إلى أن بوتين أعرب عن بالغ قلقه من الأعمال العدوانية للجماعة المتطرّفة، مشدداً على ضرورة احترام سيادة سوريا ووحدتها، مشيراً إلى أن الجانبين اتفقا على مضاعفة التواصل والتشاور، ولا سيما عبر القنوات العسكرية.
تختزن إدلب العدد الأكبر من المسلّحين المعارضين للنظام السوري، والذين تتعدّد انتماءاتهم الفكرية وولاءاتهم السياسية وهم مصنّفون بين معتدلين وإرهابيين وعلى رأسهم «هيئة تحرير الشام» («جبهة النصرة» سابقاً). لكن المظلّة الأساسية لكلّ هؤلاء تبقى تركيا، التي هي شريان بقائهم الوحيد. ويُقدّر عدد المسلحين بحوالى 70 ألفاً، وهؤلاء تريد أنقرة الاحتفاظ بهم كونهم ذراعاً أساسية لمخطّطاتها في عدد كبير من القضايا والملفات.
وعلى الرغم من تقدّم الجيش السوري، وتحريره جانبَي طريق «M5» الواصلة بين دمشق وحلب، في انتظار استكمال تحرير جانبَي طريق «M4» الواصلة بين اللاذقية وحلب، ووجود أكثر من 4 نقاط مراقبة تركية ضمن منطقة سيطرة الجيش السوري، فإن تركيا مصرّة على عدم إخلاء نقاط المراقبة المحاصرة، بل إنهاء تطالب بانسحاب الجيش السوري إلى الخطّ الذي كان فيه قبل تحرير معرّة النعمان وسراقب وغيرهما. وأرفقت تهديداتها تلك بحشود عسكرية كبيرة معزّزة بالأسلحة الثقيلة مثل الدبابات والصواريخ. كما أعلن الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، أنه مستعدّ للموت من أجل الاحتفاظ بإدلب. وهو لا يرى في هؤلاء المصنّفين إرهابيين (حتى وفق لائحة الإرهاب التركية) سوى «مقاومين يدافعون عن أرضهم».
ما لم يرتكب إردوغان «حماقة كبيرة»، يندرج جانب من تهديداته في خانة التهويل وممارسة سياسة حافة الهاوية والتصعيد المدروس، ربطاً بحال محدّدة وهو الضغط على روسيا، وسوريا أيضاً، لتخفيض سقفهما من التصعيد الأخير والاكتفاء بما تَحقّق، مع اعتراف روسي مقابل ببقاء الجيش التركي مباشرة هذه المرّة في ما تبقى من إدلب. ومع أن إردوغان وفريقه السياسي رحّبا بالدعم الأميركي لتركيا، وأعلنا أن الولايات المتحدة قد تزوّد بلادهما بصواريخ «باتريوت»، فإن إردوغان يدرك أن أيّ مواجهة مع روسيا في سوريا ليست لصالح تركيا (وخصوصاً مع غياب حرية الحركة الجوية للطائرات التركية)، وهي في صالح واشنطن التي لا تزال تفرض عقوبات قاسية عسكرية واقتصادية على أنقرة، ولا تبدو مستعدّة لمدّ حبل النجاة إليها إلا بالمواقف اللفظية. دخول إردوغان في حرب مفتوحة مع روسيا أو سوريا سيجعله فريسة سهلة لواشنطن التي تنتظر وقوعه، وفي حال وجد أنه سيذهب إلى الفخّ الأميركي فإنه سيقبل مرغماً بتفاهمات جديدة في إدلب مع روسيا.
مع ذلك فإن إردوغان لا يطلق تهديداته انطلاقاً من التهويل أو ممارسة سياسة حافة الهاوية فقط. فالعقل السياسي والفكري لحزب «العدالة والتنمية» ولإردوغان تحديداً يتحرّك وفقاً لثوابت يجب أن تؤخذ بعدم الاستخفاف بل بكلّ الجدّية التي تفرض مقاربة مختلفة لطبيعة الحركة التركية السياسية والميدانية:
1- لم يتغيّر موقف إردوغان لحظة عما كان عليه مع بدء الأزمة في سوريا لجهة رفض الاعتراف بالنظام ورأسه بشار الأسد والدعوة بل والعمل أيضاً على إسقاطه. وبات هذا الأمر «عقدة» شخصية تتجاوز أحياناً التطلّعات البعيدة، حتى إن إردوغان أعلن قبل فترة أنه ليس فقط لا يعترف بالنظام بل لا يعترف بالدولة السورية نفسها.
2- يعتقد إردوغان أن الاحتفاظ بإدلب هو احتفاظ باحتياطي من عشرات الآلاف من المسلحين ليشكّلوا باستمرار إرباكاً وضغطاً على الدولة السورية، بحيث لا يدعها ترتاح وتلتقط أنفاسها، ما يتيح استمرار احتفاظ تركيا بإدلب أطول فترة ممكنة وربما للأبد.
وما يعكس رغبة الاحتفاظ بإدلب والمسلحين هو أنه عندما بدأ تنفيذ «اتفاق سوتشي» مع روسيا في أيلول 2018، لم تُنفذ منه تركيا سوى تثبيت نقاط مراقبة، تمّ اختيار أماكنها بالتنسيق العلني مع مقاتلي «جبهة النصرة» الذين كانوا، وأمام وسائل الإعلام، بمعية الضباط الأتراك، فيما لم تعمل أنقرة على تصفية التنظيمات الإرهابية كما وعدت.
3- إلى إبقاء إدلب شوكة في خاصرة النظام والدولة، فإن تركيا ليست على استعداد لتسليم إدلب ومنطقتها سلماً. وفي ذلك فلسفة انتقام من كلّ ما هو تحت سيطرة الدولة السورية، وهي ألّا تنسحب تركيا أو المسلّحون الذين تدعمهم من أيّ منطقة إلا بعد أن تكون قد دُمّرت بالكامل لإلحاق الأذى الأكبر بالدولة السورية، ولإبقاء الباب مفتوحاً، كما يعتقد ويأمل إردوغان، أمام الشركات التركية لتقوم بإعادة الإعمار حين يحين الوقت. وفلسفة التدمير الممنهج والشامل أمر حصل في مدينة حلب، كما قامت به الولايات المتحدة في مدينة الرقة.
4- تقوم فلسفة إردوغان على ألّا يخسر إدلب، حتى لا يتقدّم الجيش السوري ويصبح على حدود لواء الإسكندرون مباشرة، وهو ما لا يمكن لإردوغان أن يتصوّر حدوثه من جديد، وفي هذا الإطار، يتذرّع الجانب التركي بأن وجود الجيش السوري على الحدود مع تركيا يمثّل «خطراً» على الأمن القومي للأخيرة.
5- يعتقد إردوغان أن السماح بخسارة إدلب سيفتح الباب أمام تدحرج كرة الثلج، وتقدّم الجيش السوري إلى المناطق المحتلة الأخرى من قِبَل الجيش التركي، مثل عفرين ومثلث إعزاز - الباب - جرابلس ومنطقة شمال شرق الفرات. وبالتالي، فإن خط الدفاع الأول عن هذه المناطق هو إدلب.
6- بدأت صورة إردوغان القوي تتهشّم في تركيا، مع سقوط 15 قتيلاً من الجيش التركي خلال أقلّ من 20 يوماً على يد الجيش السوري نفسه. وهو ما جعل إردوغان يوغل في رفع سقف التهديدات، وإعلانه استعداده للموت من أجل إدلب (15 شباط الجاري) رفعاً للمعنويات المنكسرة.
7- يبقى أن السبب الأهمّ والاستراتيجي لمحاولة إردوغان الاحتفاظ بإدلب، مهما كلّفه ذلك من خسائر، هو أنه يريد أن يصل عام 2023 وقد أعاد من جديد الاعتبار لـ«تركيا الجديدة» التي سُرقت من الأتراك في «معاهدة لوزان»، حيث أراد الغرب، برأي إردوغان في تشرين الأول/ أكتوبر 2016، حبس تركيا داخل حدود الأناضول. ومنذ ذلك التاريخ، أي منذ خريف 2016، بات تكرار العودة أو استعادة حدود «الميثاق الملّي» لازمةً لإردوغان وكلّ مسؤولي حزب «العدالة والتنمية». وأصبحت رائجة مقولة أن على تركيا أن تدافع عن حدودها، ليس من نقطة الصفر الحدودية الراهنة، بل عند حدود «الميثاق الملّي» الذي يشمل كلّ شمال سوريا بما فيها إدلب وشمال العراق، وأصبح الأمن القومي التركي يبدأ من وراء حدود الميثاق. وعندما سأل زعيم حزب «الشعب الجمهوري» كمال كيليتشدار أوغلو، إردوغان، عمّا يفعل في إدلب وفي سوريا، ردّ عليه إردوغان بالقول: «ألم تنظر إلى حدود الميثاق الملّي وتوقيع مصطفى كمال (أتاتورك) عليه؟».
التطلّع الجدّي إلى احتلال شمال سوريا وفقاً لـ«الميثاق الملّي» يطرح جملة ملاحظات:
1- وجود «قوات الحماية» الكردية في شمال سوريا، والذي تقول أنقرة إنه يشكّل تهديداً للأمن القومي التركي، كان مجرّد ذريعة للدخول إلى بعض المناطق. إذ أن الأتراك دخلوا إلى حيث لا توجد قوات كردية مثل إدلب وحتى مثلث جرابلس - إعزاز - الباب.
2- العودة إلى حدود «الميثاق الملّي» يفترض تعميم الفوضى في سوريا وصولاً إلى تقسيمها. وهذا هدف مشترك لكلّ من أنقرة وواشنطن، وقد يكون منطلقاً لتنسيق وتعاون مستقبلي في الملف السوري. تقسيم سوريا شرط لاستعادة حدود «الميثاق الملّي». وما كان يَرِد في البنود الأولى من «بيانات أستانا» و«اتفاقيات سوتشي»، بين تركيا وإيران وروسيا، حول الحفاظ على وحدة سوريا وسيادتها لم يكن من جانب تركيا سوى ذرّ للرماد في العيون.
3- الرابح الأكبر وربما الوحيد من مسارَي «أستانا» و«سوتشي» كان تركيا التي استطاعت أن تحقّق هدفاً استراتيجياً يتمثّل في السماح لها باحتلال مثلث درع الفرات وعفرين وشرق الفرات، وتثبيت وضعها في إدلب عبر نقاط المراقبة. ووجدت سوريا نفسها أمام احتلال من جيش دولة إقليمية كبيرة وأطلسية ولها دوافع تاريخية، وهو الأمر الذي يصعّب عليها لاحقاً المواجهة، وهي المنهكة من حرب عمرها حتى الآن عشر سنوات. وهذا يحيلنا إلى مدى صحة تقديرات روسيا وإيران لنتائج تفاهمات «أستانا» و«سوتشي»، ويؤشّر إلى وجوب أن تعيدا النظر في طريقة تعاملهما مع تركيا في سوريا (علماً أن كلّ هذه الاتفاقيات هي اتفاقيات غير شرعية، ولا قيمة قانونية لها، وغير ملزمة بأيّ شكل لدمشق في ظلّ عدم وجود توقيع سوري عليها، وكونها غير صادرة عن مجلس الأمن الدولي).
4- في هذا السياق، بدأ إردوغان يكرّر الإشارة إلى «اتفاق أضنة» الذي نظّم العلاقات الأمنية بين تركيا وسوريا منذ عام 1998 وحتى عام 2011. ولكنه كان يشير إلى نقطة واحدة، وهي أنه يُسمح لتركيا بالتدخل في سوريا بعمق 15 كلم، علماً أنه لم يرد في الاتفاقية ما ينصّ على هذا الحق، إلا إذا كانت هناك ملاحق سرّية لم يؤكدها ولم ينفها أيّ من الجانبين التركي والسوري.
وهنا، تجدر الإشارة إلى أن هذه الاتفاقية حفظت الأمن شبه الكامل على جانبَي الحدود على امتداد 12 عاماً. لكن مجرّد التفكير بإرساء العلاقات الأمنية بين تركيا وروسيا من جديد على أساس «اتفاقية أضنة» ليس منطقياً ولا يلبّي متطلّبات الأمن السوري. فالاتفاقية تعطي تركيا ضمانات سورية بمنع الهجمات الإرهابية عليها، في حين أن ما ظهر خلال الأزمة السورية هو أن تركيا، على رغم أنها لم تتعرّض لهجمات جدّية من داخل الحدود السورية، هي التي تدخّلت في الشأن السوري الداخلي، بدعمها للمعارضة على مختلف الأصعدة، وصولاً إلى انتهاك السيادة السورية واحتلال معظم الشريط السوري الحدودي مع تركيا.
حلب تُنهي المشروع العثمانيّ التّركي الجديد
شهدت محافظة حلب "الشهباء" كما يحبّ السوريون والعاشقون أن يسمّوها، الأحد 16 شباط/فبراير 2020م تاريخاً لن يُنسى ما حيينا. هو تاريخ نصر وتحرير أتى بعد سنين من المقاومة والصّبر والصمود والتّضحية بكلّ غالٍ ونفيس، وانتصار عظيم وتاريخي له تداعيات كبرى وغير مسبوقة في تاريخ العدوان العالميّ على سوريا الذي قاده ما يزيد على 89 دولة.
بدأ إردوغان بالتّمهيد لمشروع السّلطنة الجديدة في شمال سوريا منذ سنوات، تمهيداً لقبول السوريين شمالاً بـ"وجود تركي طويل الأمد"، كان يُراد منه أن يبقى لسنواتٍ كثيرة. ولتعزيز مشروع الاحتلال التّركي العثماني الجديد، بدأ النظام التّركي بإدخال المناهج التعليمية التّركية في أنظمة التّدريس والحياة الطبيعية للسوريين الأسرى لدى الجماعات الإرهابية المسلّحة وأبرزها "جبهة النّصرة". كان هذا المشروع يستهدف الفئة اليافعة والشباب على وجه الخصوص، لبناء سلطنة تعلن الولاء للسلطان العثماني الجديد.
لم يقف العدوان التّركي عند هذا الحدّ بل فعَّل مرتزقته الإرهابيين على الأرض وبدأ بالتّهجير القسري للعائلات السورية من أجل التّغيير الديموغرافي، كما جرى في عفرين المحتلّة وغيرها من المناطق المحتلّة شمالاً، إضافةً إلى رفع الأعلام التّركية في المناطق الّتي يتم احتلالها، واعتبار اللغة التّركية لغة رسمية، والتّعامل بالعملة التّركية في التجارة.
اليوم، وبعد تحرير مدينة حلب بالكامل انهار هذا المشروع كليّاً إلى غير رجعة. وهذا التحرير العظيم والنصر المبين هو ما وعد به القائد المُنتصِر بشّار حافظ الأسد في 7 كانون الأول/ديسمبر 2016 بقوله: "حلب ستغيّر مجرى المعركة كلياً في كلّ سوريا، وتحريرها يعني فشل المشروع الإقليمي والغربي. مع تحرير كامل حلب لن يبقى من أوراق الغرب والإرهابيين أوراق حقيقية. تركيا وضعت كلّ ثقلها في المعارك التي دارت في حلب والرئيس التركي رجب طيب إردوغان وضع كل رهانه على ما جرى هناك".
مع هذا التحرير وفشل كلّ رهانات الدول الـ89 التي حاربت سوريا على امتداد نحو 9 سنوات بكلّ الأشكال وعلى كلّ المستويات سيستكمل الجيش العربي السوري وحلفاؤه تحرير ما تبقّى من تراب الجمهورية العربية السورية الطّاهر وخصوصاً معركة إدلب الاستراتيجية البؤرة الإرهابية الكُبرى وعاصمة الإرهاب التركية في سوريا والتي وصفها الرئيس الأسد في شهر تشرين الأول/نوفمبر من العام الماضي بأنّها "المخفر المُتقدّم".
اليوم ومع استكمال تأمين مدينة محافظة حلب الشهباء انتهت أحلام الرئيس التّركي المحتلّ لسوريا وأوهامه وتخيّلاته إلى أبدِ الآبدين، ومهما صرَّح إردوغان وتوعَّد، فذلك لن يُجدي نفعاً. وليشهد التاريخ أنّ دماء شهداء سوريا وجراح جرحاها وخصوصاً الذين استهدفهم الاحتلال التركي ستكون حتماً أساساً في قلب موازين القوى في الشرق الأوسط، وخصوصاً المشاريع التركية العثمانية.
هذا الانتصار والتحرير لا يمكن أن يُهدَى إلا لروح القائدين قاسم سليماني وأبي مهدي المهندس فهما مَن قادا ميدانياً مع قادة سوريا ومحور المقاومة، هذه المسيرة العظيمة. والخير في ما حصل أنّ هذا الحدث المبارك جاء في ذكرى أربعينيّتهم وذكرى القادة الشهداء لمحور المقاومة ليكون النصر نصرين، والمسير واحداً لا تراجع عنه: "نهج المقاومة.. صبر ساعة.. نصر أو استشهاد".
المزيد في هذا القسم:
- سجون الإمارات..التعذيب خلف الأبراج الشاهقة المرصاد نت - متابعات المعتقلون السياسيون يتعرضون لتعذيب ممنهج.. الإمارات تحتجز المعتقلين في أماكن سرية بلا محاكمات .منع المعتقلين والسجناء من العلاج والرعا...
- خطوة تركية جديدة في العمق السوري: «نقطة مراقبة» جنوب حلب المرصاد نت - متابعات بعد يوم واحد على إعلان تركيا «حلّ الصعوبات» التي واجهت عملية تثبيت نقاط المراقبة على حدود منطقة «خفض التصعيد» في ...
- فنزويلا تعلن عزمها حشد تأييد عالمي لمقترحها الخاص بتجميد إنتاج النفط المرصاد نت - متابعات أعلنت فنزويلا عزمها حشد تأييد عالمي لمقترحها الخاص بتجميد إنتاج النفط خلال انعقاد قمة حركة عدم الانحياز وذلك بهدف تعزيز أسعار الخام التي ...
- كوريا الشمالية تجري مناورات عسكرية تطلق خلالها صواريخ بعيدة المدى! المرصاد نت - متابعات أعلنت وكالة الأنباء الكورية الشمالية أن الزعيم كيم جونغ أون أشرف على مناورة لتنفيذ تجربة صاروخية بعيدة المدى وذلك بُعيْد ساعات على إعلان ...
- لماذا ترفض واشنطن تزويد سوريا منظومة إس-300؟ المرصاد نت - متابعات الرد الأميركي الحاد على تسليم سوريا منظومة الصواريخ لم يتأخر، إذ أعلن مستشار الأمن القومي جون بولتون معارضة بلاده الشديدة لتزويد سوريا بن...
- لقاءات أميركية ــ تركية حول منبج وشرق الفرات ! المرصاد نت - متابعات على رغم الهجوم الأميركي غير المسبوق على مسار «أستانا» الذي ترعاه روسيا وإيران وتركيا لم يرشح عبر وسائل الإعلام أية تصريحات تر...
- بعد «التسويات المليارية»... السعودية تزيد رواتب الأمراء! المرصاد نت - متابعات بعدما أعلنت السلطات السعودية أن الأموال التي جنتها مما تسمى «حملة مكافحة الفساد» ستُستخدم في تمويل الأوامر الملكية المتصلة بد...
- اغتيال آبي.. تفاصيل عن المتهم ودوافعه والأمن الياباني يراجع إجراءات حماية كبار الشخصيات المرصاد-متابعات وصل إلى طوكيو، صباح اليوم السبت، الموكب الذي ينقل جثمان رئيس الوزراء الياباني السابق من مدينة نارا (غربي البلاد)، حيث اغتيل خلال تجمع انتخابي، ...
- انسداد مسار المواجهة مع طهران: أي خيارات أمام نتنياهو ! المرصاد نت - متابعات لا تنحصر المفاجآت التي أربكت مخططات العدو الإسرائيلي وأسقطت رهاناته في سياق المواجهة مع حزب الله خلال حرب عام 2006م وما بعدها، بل إنها تم...
- أهم الأحداث والتطورات في سورية لهذا اليوم الخميس 04-09-2014 ريف دمشق اشتبكت وحدات من الجيش العربي السوري مع ارهابيين في مزارع دير العصافير وزبدين بعمق الغوطة الشرقية واوقعت بينهم قتلى ومصابين كما دمرت ما لديهم من اسلحة ...