ليست المرة الأولى.. لماذا تستهدف الإمارات تركيا وتتجسس عليها؟

المرصاد-متابعات

 turk uae

تتنوع علاقات تركيا الخارجية مع مختلف الدول حسب القضية والتوقيت والفواعل المتشابكة، فتزداد الخصومة أحيانا وتتراجع أحيانا أخرى، باستثناء علاقاتها مع الإمارات، فهي متأزمة على الدوام، والجانبان يقفان على طرفي نقيض في كل قضايا المنطقة وملفاتها، وبحدة واضحة ومباشرة.

فأبو ظبي هي الأكثر حدة وهجوما على تركيا سياسيا وإعلاميا، واصفة سياساتها في المنطقة بأنها استعمارية وتوسعية، وفي المقابل تحظى بالانتقادات الأوضح والأكثر مباشرة من أنقرة مؤخرا وبالاسم.

وآخر فصول هذه العلاقة المتوترة هو إعلان أنقرة إلقاء القبض على الصحفي أحمد الأسطل بتهمة التجسس على تركيا والمعارضة العربية فيها لمصلحة الإمارات.

اعتقال الأسطل يمثل المرة الثالثة التي تعلن فيها تركيا خلال العامين الماضيين عن اعتقال أشخاص يشتبه بتجسسهم لصالح أبو ظبي، حيث تم اعتقال شخصين في أبريل/نيسان 2019 قيل إنهما كانا يجمعان معلومات عن الفصائل الفلسطينية في تركيا.


تجسس
وقال مصدر أمني تركي للجزيرة نت "إن الأسطل كان هاربا لبضعة أسابيع قبل القبض عليه، وقد لفت انتباهنا حركة الحساب البنكي الخاص به".

وأشار إلى أن المخابرات التركية تتابع القادمين من الإمارات بهدف الإقامة في تركيا خشية أن يكون البعض مرسلا لأداء مهمة أمنية معينة، كما تتابع المعارضة العربية الموجودة على أراضيها كونها مستهدفة على الدوام من مخابرات بلادها.

وأوضح المصدر أنهم رجعوا إلى أرشيف زيارات المسؤولين الإماراتيين إلى تركيا فظهر عندهم أن مسؤول أمن إماراتيا زار الأسطل في أبريل/نيسان 2016، مبينا أن الأسطل كان يتواصل مع المسؤولين عنه عن بعد مستخدما برامج ثبّتت في جهاز الحاسوب الخاص به.

وفيما يتعلق بالمعلومات المتداولة بشأن عمل الأسطل في وكالة الأناضول الحكومية، أكد مصدر من الوكالة للجزيرة نت أنه عمل متطوعا لمدة شهرين فقط ولم يكن موظفا ضمن صحفيي الأناضول.

من جهته، قال حسام الأسطل شقيق المتهم -والذي يعيش في غزة- إنه لا يصدق أن شقيقه أحمد كان يعمل لصالح الحكومة الإماراتية مع أنه عاش في الإمارات حتى انتقاله إلى تركيا في 2013، حسب قوله.

وأكد أن الإمارات اعتبرت شقيقه معارضا بسبب دعمه الإخوان المسلمين، مضيفا "كيف يمكن اتهامه بهذا الأمر؟".


وذكر بيان لنقابة الصحفيين الفلسطينيين أن "أحمد -الذي يحمل الجواز الأردني المؤقت- عمل صحفيا لعدة سنوات في دولة الإمارات، قبل أن يغادرها إلى تركيا منذ 8 سنوات، ويعمل في مجال الصحافة والأبحاث".

وفي غضون ذلك، ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" أن الأسطل -الذي قيل إنه معروف لدى الإماراتيين باسم "أبو ليلى"- كان يشرف عليه موظفون إماراتيون قال للمحققين إنه يعرفهم بأسماء مستعارة، وقد شمل عمله الإبلاغ عن التطورات السياسية التركية، وإنه تم إجباره على التجسس منذ أكثر من عقد.


العلاقات التركية الإماراتية
وفي السياق، ذكر القيادي في حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا رسول طوسون أن الإمارات دولة وظيفية تستهدف تركيا وتتجسس عليها لحساب الإمبريالية الأميركية والإدارة الصهيونية في إسرائيل.

وقال طوسون للجزيرة نت إن "القوى الإمبريالية منزعجة من تركيا المستقلة والقوية التي أصبحت قوة إقليمية تدافع عن مصالحها ومصالح المنطقة، لذلك تستهدف إيقاف تركيا أو إفشالها مستخدمة أبو ظبي كأداة في تحقيق هذا الهدف".

وأضاف "توجد جاذبية وقبول للنموذج التركي لدى الشعوب العربية كونه يقوم على إرادة الشعوب وتداول السلطة، فضلا عن الإنجازات التنموية والمواقف السياسية التاريخية، فهذا النموذج يخيف الإمارات، لذلك تعمل على تشويهه ومحاولة إسقاطه في عقر داره".

وأوضح طوسون -وهو نائب برلماني سابق- أن تركيا باتت اليوم لاعبا معتبرا في الخليج العربي من خلال العلاقة الإستراتيجية مع قطر، في حين أن اللعبة الإماراتية ولغة التمدد بدأتا بالانحسار، مما يجعل التحرش بتركيا أقل تأثيرا وقيمة.

وفي حوار سابق مع الجزيرة نت، قال جودت يلماز نائب رئيس حزب العدالة والتنمية الحاكم بتركيا إن "بلاده لا ترغب في أن تدخل صراعا مع بلد ما، لكن عندما تنفذ الإمارات نشاطا ضد مصالحنا لا يمكننا أن نتركها من دون حساب، فهي دعمت المحاولة الانقلابية في تركيا وتضم إرهابيين دوليين يعملون مستشارين لديها".

كما قال ياسين أقطاي مستشار الرئيس التركي للجزيرة نت إن الإمارات تعادي تركيا لأنها وقفت مع ثورات الشعوب العربية، "كما أنها تعزز الخلاف بين مصر وتركيا وتقف في وجه أي تعاون مصري معنا في شرق المتوسط حتى ولو كان على حساب مصلحة المصريين، وهي تظن أنها تستفيد من إشعال الفتن وزعزعة الاستقرار في المنطقة".

في المقابل، قال رئيس شرطة دبي السابق ضاحي خلفان في تغريدة على تويتر إن "اعتقالات تركيا التي تعلنها بين حين وآخر لمواطنين إماراتيين يجب أن تقابل بمقاطعة شعبية للسفر إلى تركيا"، معتبرا أنه "عندما تسافر اليوم إلى تركيا في عهد أردوغان فأنت تسافر إلى دولة قمعية".


تهديدات تركية مستمرة
وكان موقع "ميدل إيست آي" قد كشف في يناير/كانون الثاني 2019 عن لقاء جمع مدير جهاز الاستخبارات الخارجية الإسرائيلي (الموساد) يوسي كوهين ومسؤولين إماراتيين ومصريين وسعوديين "لبحث سبل التصدي لنفوذ تركيا في المنطقة".

وفي أواخر يوليو/تموز الماضي هدد وزير الدفاع التركي خلوصي أكار دولة الإمارات، مؤكدا أن أنقرة ستحاسبها على ما فعلت في المكان والزمان المناسبين، لكونها أضرت بلاده في ليبيا وسوريا.

ووصف الوزير التركي الدولة الخليجية بأنها "دولة يتم استخدامها عن بعد"، كما طالبها بأن تنظر إلى "ضآلة حجمها ومدى تأثيرها، وألا تنشر الفتنة والفساد".

كما هاجم وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو -في وقت سابق- دولة الإمارات، مشيرا إلى أنها حاولت أن تأتي بالقيادي المفصول من حركة فتح محمد دحلان بدلا من رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس.

وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي أضافت تركيا دحلان مستشار ولي عهد أبو ظبي إلى قائمة المطلوبين للإرهاب بسبب صلاته بحركة غولن، ودوره في محاولة الانقلاب في 15 يوليو/تموز 2016.

المزيد في هذا القسم:

المزيد من: الأخبار العربية والعالمية