المرصاد نت - متابعات
عندما تتفلتُ الصدمة من عقالها ستقود حتماً إلى الحالة التي تجلّت بها أمس في العالم من أصغر مذيعة أخبار على أصغر قناة محلية أميركية إلى حكومات دول وشعوبٍ
تسمرت بانتظار العدّ العكسي لانتخابات رئاسة «الدولة العظمى».. زلزال 8 تشرين الثاني 2016 لم يوفر أحداً.
أن يصل دونالد ترامب إلى سُدّة الحكم في الولايات المتحدة لم يكن أمراً يجوز فيه الكثير من الغرابة بعدما لقي خطابُه الشعبوي آذاناً صاغية لدى شريحةٍ «صامتة»، وربما تشبهه، من الناخبين أوصلته إلى الترشح باسم حزبه، لكن ظلّ هناك من لا يريد أن يصدّق حتى النهاية وأن يلاحق «انحياز» استطلاعات الرأي، التي لم تتوقع فوز خيار «البريكست» في حزيران الماضي، ولا نتيجة انتخابات أميركا، وقد يخيبُ ظنُّها ربما في فرنسا في نيسان المقبل، أو في أي دولة أخرى من دول العالم الاول. هناك جنوح شعبي نحو الانعزال، والتقوقع داخل القومية، قد أصبح حقيقة واقعة في العديد من دول هذا العالم.
ويبقى السؤال: هل نحن أمام «نظام عالمي جديد»، و «أميركي داخلي»، تفرضه تعهدات ترامب الانتخابية أولاً، لو نفذها؟ أم سيعاد تدوير الزوايا للحفاظ على المنظومة السياسية والعسكرية بنسختها وتوجهاتها الحالية التي تحكم العالم؟ وهل سيكون التعويل على تدخل اميركي أقل وانسحاب عسكري وحوار مع روسيا في عهد ترامب، صائباً، أم سيكون أحد «الصقور» الأميركيين الجدد، أو «المتعولم» على طريقته تماشياً مع إدارته لعالم الأعمال التي يتقنها، كما تشي بعض الأسماء التي بدأت تترشح عن فريقه الوزاري المحتمل؟
وحاولت الولايات المتحدة، أمس، احتواء زلزالها السياسي الذي أحدثه فوز ترامب، أولاً بخطاب مقتضب ألقاه هو نفسه، تعهد فيه أن يكون رئيساً لجميع الاميركيين، وثانياً بخطاب ديموقراطي هادئ، لا يخلو من الإقرار بالهزيمة، عكسته كلمتا كل من الرئيس الاميركي والمرشحة عن حزبه هيلاري كلينتون. لكنْ كلا الحزبين، الديموقراطي والجمهوري، سيتحتم عليه التعاطي مستقبلاً مع مأزقه، علماً أن الحزب الديموقراطي، الذي خرج بصدمة اكبر، بعد تعاطيه طوال فترة الانتخابات مع فكرة حاول إقناع نفسه بها، هي أن الحزب المنافس هو وحده من يعيش في ورطة، سيعيش لفترة غير قصيرة، في حالة فوضى، معتبراً أن خياره بترشيح هيلاري كلينتون هو ما قاده إلى الخسارة.
وحذرت عناوين الصحف الأميركية التي صدرت في يومٍ من الذهول، من «الخطر»، مع وصول رئيس يفتقر إلى الخبرة السياسية، معتبرةً أن انتصار خيار ترامب هو أقل ما يقال فيه إنه «تراجيديا اميركية»، وانتصار لقوى في الخارج والداخل تنادي بالعداء للمهاجرين والاستبداد والعنصرية.
وكان لافتاً ظهور ترشيحات لفريق ترامب المحتمل. وذكر موقع «بوليتيكو»، ومعه الـ «نيويورك تايمز»، أن فريقه الانتخابي امضى أشهراً بهدوء في صياغة لائحة بأسماء تضم بعضاً من عمالقة قطاع الصناعة الاميركي، والناشطين المحافظين، لقيادة الإدارة الأميركية المقبلة. ومن بين الاسماء المرشحة، المسؤول الخضرم في «غولدمان أند ساكس» ستيفن ميوشين، وفوريست لوكاس، مؤسس شركة المنتجات النفطية «لوكاس أويل»، لوزارة المالية، والرئيس السابق لمجلس النواب نيوت غينغرش والسفير السابق لدى الامم المتحدة جون بولتون، لوزارة الخارجية، والمستشار السابق لدى مجلس الامن القومي ستيفن هادلي، للدفاع (الاخيران بولتون وهادلي من كبار صقور المحافظين الجدد). كما قد يكرم ترامب أبرز داعميه، كحاكم نيويورك السابق رودولف غولياني، أو حاكم نيوجيرسي كريس كريستي، بمنصب المدعي العام الاميركي.
وفي المحصلة، فإن رئاسةً ومجلسي شيوخ ونواب جمهورية، هي ما أفرزته نتيجة انتخابات الثامن من تشرين الثاني في الولايات المتحدة. هو الوضع الأمثل ربما لقيادةٍ متجانسة، بعد سنوات عجاف على الصعيد الداخلي، وسط الصدام الذي احتدم بين إدارة باراك اوباما والكونغرس على ملفات عديدة. الحزب الجمهوري، الذي خرج منتصراً ومهزوماً في آن معاً، سيستغل فوز ترامب، للقضاء أولاً على إرث اوباما، وليس خفياً أن ملف «اوباما كير» وتعيين رئيس للمحكمة العليا، سيكونان أول اختبارين سهلين لهذا التجانس بين البيت الأبيض و «الكابيتول»، لكن اختبارات أكبر، وأهم، ستكون لاحقاً على المحك، منها على سبيل المثال، «جدار المكسيك العظيم» و «ملف الهجرة»، وقرارات تتعلق بملفات خارجية أكثر تعقيداً.
أما الغموض الأكبر فهو ما يكتنف السياسة الخارجية الأميركية المقبلة من التجارة العالمية إلى العلاقات مع الصين وروسيا واوروبا ومنظومة «الناتو» ودول الخليج والقضية الفلسطينية، والعالم العربي ما بعد «الربيع العربي»، ومحاربة التطرف وصولاً إلى الاتفاق النووي مع إيران والتطبيع مع كوبا إلى ملف اميركا اللاتينية وأفريقيا والوجود العسكري المتزايد في أكثر من بقعة في العالم.
وقد عبرت الكثير من هذه الدول عن هواجسها بشأن العلاقة المقبلة مع الولايات المتحدة ربما باستثناء العالم العربي الذي «هنأ وبارك وأمل استمرار التعاون»، في معزوفةٍ تتردد كلما وصل رئيس أميركي جديد إلى البيت الابيض. وترددت أنباء من القاهرة أن مصر التي لم تكن على ودّ كامل مع باراك اوباما والتي اتصل رئيسها عبد الفتاح السيسي بالرئيس الأميركي المنتخب، ستكون المحطة الاولى في الشرق الأوسط للرئيس الأميركي الجديد.
وحدها "اسرائيل"، لم تخفِ نشوتها ناعيةً احتمالات التسوية السلمية التي لم يحاول أي من أسلاف ترامب يوماً إنجازها جدّيا. وفي فرنسا كانت زعيمة اليمين المتطرف اول من هنأ ترامب فور إعلان فوزه، معتبرةً أن «رفض العولمة المتفلتة، والهدوء في العلاقات الدولية، وخصوصاً مع روسيا، والانسحاب من الحملات الحربية، وهي سبب موجات الهجرة الكبيرة التي نحن من ضحاياها هي تعهدات إذا تم الالتزام بها، فستكون مفيدةً لفرنسا». وأعلنت الحكومة الكوبية التي لم تعلق بعد على انتخاب ترامب رئيسا أنها ستجري تدريبات عسكرية جديدة لمواجهة غزو محتمل.
وعلى غرار نظيره الصيني شي جينبينغ هنأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الرئيس الأميركي الجديد معرباً عن أمله العمل المشترك «لإخراج العلاقات الأميركية ـ الروسية من حالتها الصعبة». وقال متحدّث باسم الكرملين إنّه يأمل تحسّن الحوار بشأن سوريا بعد انتخاب ترامب.
اوروبياً، دعت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي فيديريكا موغيريني وزراء خارجية الاتحاد الى اجتماع استثنائي الأحد في بروكسل «من أجل تبادل وجهات النظر حول طريقة المضيّ قدما في العلاقات بين الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة بعد الانتخابات الاميركية».
وفي الولايات المتحدة وبعد يوم انكسار تاريخي ونهاية حلم بالاستمرارية السياسية لعائلة نافذة في واشنطن عرضت المرشحة الديموقراطية هيلاري كلينتون التعاون مع ترامب لكنها شددت على أن نتائج الانتخابات الرئاسية أظهرت مدى الانقسام الذي تعيشه بلادها فيما أكد الرئيس الاميركي المغادر بعد ولايتين أن الولايات المتحدة بأسرها تتمنى «النجاح» للرئيس الجديد بعد انتخابه، على أن يلتقيه اليوم في البيت الأبيض.
وقال اوباما «كل من يخسر في انتخابات يحزن لكن في اليوم التالي علينا ان نتذكر أننا في الحقيقة جميعا ضمن فريق واحد»، معرباً عن أمله انتقالا هادئا للحكم، مشدداً على قدرة بلاده على إعادة التقارب بعد اي حملة انتخابية مهما كانت حدتها.
وأضاف «لسنا ديموقراطيين اولاً ولا جمهوريين اولاً إننا اميركيون اولا. كلنا نريد الأفضل للبلاد. وهذا ما سمعته في خطاب ترامب بالأمس وعندما تحدثت اليه مباشرة، وكان ذلك مشجعا».
كذلك شدد الرئيس الذي يغادر البيت الابيض بعد شهرين على أهمية «احترام المؤسسات والقانون» و «الاحترام المتبادل بين الافراد» متمنيا أن يكون الرئيس المنتخب مخلصا لروحية كلماته الاولى بعد الفوز.
وأوضح أنه «ليس سراً وجود خلافات كبيرة في وجهات النظر بيني وبين الرئيس المنتخب» لافتا الى أن خلافات كبرى كانت موجودة أيضا قبل ثماني سنوات مع الرئيس الاسبق جورج بوش الابن. كما أعرب عن «اعتزازه» بكلينتون.
وفاز ترامب بـ279 من الناخبين الكبار مقابل 228 لكلينتون بحسب آخر حصيلة لـ «نيويورك تايمز» حاصداً أصوات ولايات متأرجحة مثل فلوريدا واوهايو وكارولينا الشمالية، وولايات كانت ترجح فوز الديموقراطيين كميشيغان.
السفير
المزيد في هذا القسم:
- من الرياض ... الحريري يعلن استقالة الحكومة اللبنانية المرصاد نت - متابعات أعلن رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري استقالة الحكومة اللبنانية من الرياض اليوم السبت وأشارت مصادر أن الرئاسة اللبنانية ستطلب من حكومة ...
- سقوط طائرة حربية سورية بصاروخين تركيين شمال اللاذقية أكدت وسائل الاعلام السورية الرسمية خبر سقوط طائرة حربية سورية اليوم في شمال اللاذقية اثر استهدافها من خلال صاروخين اطلقا من تركيا وقال الاعلام السوري أن ال...
- مؤتمر نصرة القدس .. هدير البرزخ وحديث السياسة المرصاد نت - متابعات أستعير لهذا المقال عنوان قصيدة "هدير البرزخ" للشاعر الكبير الراحل "محمود حسن إسماعيل" الذي كتبها بعد حريق الصهاينة للمسجد الأقصى عام 1969...
- ترامب: لو لم تدفع الرياض مئات مليارات الدولارات لَمَا شاركت في قمّتها! المرصاد نت - متابعات قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إنه أبلغ المسؤولين السعوديين بأنه لن يشارك في قمة الرياض الأخيرة ما لم يدفعوا مئات المليارات من الدولارا...
- بهذا الموعد.. فرنسا تقرر تخفيف قيود كورونا المرصاد-متابعات قررت الحكومة الفرنسية تخفيف القيود المفروضة في البلاد بسبب فيروس كورونا تدريجيا، اعتبارا من2 فبراير المقبل. وأعلن رئيس الوزراء الفرنسي، جان كا...
- الرئيس الأسد : لن نقبل بأي إنفصال أو تقسيم والأمريكي سيخرج بالقوة! المرصاد نت - متابعات أكد سيادة الرئيس بشار الأسد أن بلاده ستقدم شكوى إلى مجلس الأمن الدولي بشأن سرقة الولايات المتحدة للنفط السوري مستبعداً قيام الأمم المتحدة...
- إقالة وزير الشؤون الدينية في تونس بعد هجومه على الوهابية السعودية المرصاد نت أعلن رئيس الحكومة التونسية عن إقالة وزير الشؤون الدينية بعد يوم من تصريحات له هاجم فيها الوهابية السعودية واصفا إياها بمصدر الارهاب الذي يعاني منه ...
- طهران تشكّك في دعوة بومبيو: نريد أفعالاً لا أقوالاً ! المرصاد نت - متابعات تأخذ إجراءات الولايات المتحدة كما تصريحات مسؤولوها، منحى التهدئة مع إيران بعد طول تصعيد. رغم ذلك لا تزال الأخيرة متشكّكة في جدوى الاستجاب...
- الأمن يهتز مجدداً في تركيا على وقع الإداء السياسي للحكم المرصاد نت - متابعات لم تعد تركيا كما كانت قبل عام او عامين على الاكثر. هذا ما يؤكده المراقبون والمتابعون وتعززه الوقائع والتقارير. والتغير الذي تشهده البل...
- الآلاف يتحدّون حظر الشرطة ويتظاهرون في هونغ كونغ! المرصاد نت - متابعات في تحد لحظر الشرطة ردد آلاف المتظاهرين شعارات وانطلقوا في مسيرة بمنطقة التسوق وسط مدينة "هونغ كونغ" اليوم الأحد بينما أغلقت المتاجر أبواب...