المرصاد نت - متابعات
تسعى الرياض من خلال جولاتها لإعادة الإعتبار لدورها الإقليمي ولكن خارج الوطن العربي بعد أن فشلت في الحشد أو إقامة أي حلفٍ عربي أو إسلامي تتزعمه
لكن محاولاتها المستمرة والهادفة الى محاصرة إيران خدمةً للمشروع الأمريكي الإسرائيلي في المنطقة باتت فاضحة خصوصاً مع محاولة الرياض الظهور بموقع الحامي لمصالح الشعوب الإسلامية. كل ذلك قبل موعد القمة العربية المرتقبة نهاية الشهر الحالي. فماذا في الجولة السعودية نحو محيطها الشرق آسيوي؟ وما هي الأهدف الحقيقية للرياض بين الوطن العربي ودول خارج الإقليم؟ وكيف تدفع السعودية ثمن خسارتها في العديد من الملفات الإقليمية؟
الجولة السعودية نحو محيطها الشرقي: محاولة لإعادة الإعتبار خارج الوطن العربي
في جولته التي وصفها الإعلام السعودي بالتاريخية كانت ماليزيا أولى محطات الملك السعودي. ثم تلتها إندونيسيا واتحاد بروناي. جولة رفعت شعار الدبلوماسية وبناء العلاقات الإقتصادية، لكنها حملت فى طياتها حشداً مذهبياً لمواجهة التعاظم الإيراني. وهنا نُشير للتالي:
أولاً: كان الإقتصاد بنداً رئيسياً على جدول أعمال الزيارات، الأمر الذي أعاد طرح مسألة التراجع والضعف الإقتصادي الذي تعيشه الرياض. وهو ما دفعها للجوء الى دول الجوار، في محاولةٍ لتنويع موارد اقتصادها حيث ترى في اقتصاديات شرق آسيا المتنامية فرصة لإنقاذ اقتصادها، معولةً على تحصيل استثماراتٍ من بنوك هذه الدول تشارك في خطة التطوير التي تعتمدها السعودية للخروج من الإعتماد على النفط.
ثانياً: يبدو واضحاً المسعى السعودي لإعادة الإعتبار لزعامة سياسية فقدتها. لا سيما بعد أن باتت بعيدة عن إدارة العديد من الملفات كلبنان ومصر والعراق. وهو ما جعلها تُخصص ثلاث دول إسلامية سنية في الزيارة. مما يُثبت أن السعودية عازمة على توسيع نفوذها المذهبي خارج الوطن العربي والشرق الأوسط متجهة نحو محيطها الشرقي.
ثالثاً: من خلال تصريحات الملك في جولته، ظهرت النوايا الحقيقية للرياض، الساعية لإيجاد زعامة مذهبية. حيث أكد الملك سلمان فى كلمته أمام ملك ماليزيا محمد الخامس أن السعودية تقف بكل إمكانياتها لنصرة القضايا الإسلامية، ومعالجة التحديات التى تواجه دول العـالم الإسلامي.
رابعاً: احتلت إندونيسيا أهمية خاصة فى الجولة، ليس لأنها أكبر دولة إسلامية فقط بل للعلاقات السياسية القوية التي جمعتها بإيران مؤخراً، فضلاً عن تنامي العلاقات التجارية والإقتصادية بين البلدين. حيث تنامت علاقات جاكرتا وطهران على المستوى الرسمي بعد أن زار الرئيس الإندونيسي إيران فى ايلول الماضي فيما زار وفد وزاري إندونيسي طهران قبل يومين من زيارة الملك سلمانن لبحث فرص استثمارات إندونيسية فى حقول النفط الإيراني.
بين الوطن العربي ودول خارج الإقليم: الأهداف السعودية الحقيقية
من خلال ما تقدم، بالإضافة الى تسليط الضوء على الواقع العربي، نجد أنه يجب الوقوف عند الدلالات التالية:
أولاً: تسعى الرياض لتحقيق زعامة تحت عنوان مذهبي، مُتسلحة بالحديث عن حماية مصالح المسلمين. والهدف من ذلك طرح حشد جديد يمكن أن يُعوض عن غياب الدور السعودي في لبنان والعراق وتوتر العلاقة مع مصر والخسارة الإقليمية في سوريا واليمن. كل ذلك لمواجهة التعاظم الإيراني خدمة للمصالح الأمريكية.
ثانياً: يبدو واضحاً وقبل انعقاد القمة العربية أن السعودية أدركت حجم الدور الإيراني وأثره في المنطقة العربية. وهو الذي جاء تلبيةً لطموحات شعوب المنطقة. الأمر الذي يجعلها تسعى للحشد تحت مسميات مذهبية، بعيدة عن الواقع السياسي والديمغرافي لدول المنطقة.
ثالثاً: يُبرز التوجه السعودي، نحو حشد دول الوطن العربي وتعزيز العلاقات مع محيطها الشرق آسيوي على أساس مذهبي، سقوط تحالفاتها الإقليمية لا سيما مع تركيا. والذي هدف منذ وقت قصير للحشد الإقليمي ضد إيران. الأمر الذي لم يُفلح بسبب إفتقاد الطرفين للأوراق السياسية الإقليمية.
رابعاً: إن كل ما يجري يأتي ضمن المسار الذي وضعته الرياض لمقاومة التعاظم الإيراني. حيث ومنذ تولي الرئيس دونالد ترامب منصبه، خرجت السعودية بنبرة عداء واضحة ومرتفعة ضد طهران، تناغماً مع السياسية الأمريكية الجديدة.
خامساً: يجب التأكيد على أن هذه الجهود السياسية، إن كانت في الوطن العربي أو خارجه تتماشى مع التوجه الإسرائيلي بل تأتي مُكملةً له. مما يعني إمكانية تحويل الجهود السياسية الى تعاونٍ عسكري، يهدف لخدمة المشروع الوهابي الإسرائيلي تظن أن السعودية قادرة من خلاله خدمة المصلحة الأمريكية ومواجهة عدو أمريكا اللدود إيران. وهو ما نضعه في خانة وجهة النظر السعودية.
سادساً: يُسقط التوجه السعودي الإدعاءات التي تتبناه تصريحات المسؤولين السعوديين. حيث ليس صحيحاً أن الرياض يمكن أن تضع نفسها كوكيل لحماية المقدسات والمصالح الإسلامية. وهو ما تضحده العلاقات السعودية الإسرائيلية، والتقاعس السعودي تجاه القضية الفلسطينية والذي يصل الى مستوى للتآمر والمشاركة في الحرب على الشعب الفلسطيني.
سابعاً: لم تعد السعودية دولة مرغوب بها في حكم وقيادة العالم الإسلامي. حيث أنها على الصعيد الداخلي تعاني من أزمات لن تستطيع الخروج منها إلا بحالة الإفلاس المالي والإقتصادي. وعلى الصعيد الخارجي فهي لم تعد تلقى ترحيب الدول العربية والإسلامية ولا حتى ثقتهم.
كلامٌ ختامي
إذن تسير الأمور نحو منطقةٍ سقطت فيها السياسة الأمريكية. فقد هربت أمريكا من الشرق الأوسط لتتفرغ لمصالحها في المحيط الصيني المتنامي فيما بات وكلاء واشنطن غارقون في أزماتهم الداخلية.
بالأمس كانت أنقرة والرياض وتل أبيب، تسعى للحشد ضد إيران في محاولةٍ لإيجاد ورقة قوةٍ للسياسة الأمريكية لا تغيب عنها المصالح الخاصة. فغرقت تركيا من جديد بأزماتها الجيوسياسية في الشمال السوري. ولم تُفلح تل أبيب في إيجاد أيٍ من التجاوب الخليجي مع إقتراح وزيرها الطموح فيما يخص إقامة حلفٍ عسكريٍ شبيهٍ بالناتو ضد إيران. أما السعودية فوجدت من سياسة الهروب نحو محيطها الشرق آسيوي أفضل من مساعيها لإحتواء العرب. وقبل القمة العربية أعلنت السعودية عجزها البنيوي في التأثير في الوطن العربي. حيث ستكون القمة المقبلة، قمةً يُستبعد فيها أي دورٍ للرياض سوى ملئ الكرسي. أما إيران، والتي تقارع رأس هؤلاء، أمريكا فهي تُجيد كيف تُدير خيوط اللعبة السياسية، ومن طهران، دون الحاجة لأي حشد.
المزيد في هذا القسم:
- واشنطن تُنعش «داعش» على الحدود السورية ــ العراقية ! المرصاد نت - متابعات من خارج السياق، جاء قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب سحب قوات بلاده من الشرق السوري. الخطوة أحدثت مفاجأة حتى لأقرب حلفاء واشنطن في المنط...
- ليبيا : احتجاجات اجتماعية توقف إنتاج أكبر حقول النفط المرصاد نت - متابعات يعيش الجنوب الليبي منذ سقوط نظام معمر القذافي حالة انفلات أمني تشمل انتشار شبكات تهريب النفط والسلع والبشر ومجموعات إجرامية تمتهن اختطاف ...
- أيام عصيبة على سكان «الشرقية»: ضريبة سلطان بن سلمان المرصاد نت - متابعات تتصاعد عمليات التضييق والقمع بحق أهالي المنطقة الشرقية في السعودية ما بين حصار العوامية والاعتداءات شبه اليومية ومسلسل الإعدامات يعيش الس...
- وول ستريت جورنال: سجون سريّة يديرها بن سلمان لقمع معارضيه المرصاد نت - متابعات أكدت صحيفة وول ستريت جورنال في مقال جديد لها أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لايزال يحتجز عدداً من الأمراء ورجال الأعمال الذين اعتقلهم...
- ترامب لإيران: رقم هاتفي عند سويسرا اتصلوا متى شئتم ! المرصاد نت - متابعات نقلت شبكة "سي إن إن" الأميركية عن مصادر دبلوماسية أميركية قولها إن البيت الأبيض حدد رقما هاتفيا خاصا، في حال أرادت إيران الاتصال بالرئيس ...
- مغاربة يحرقون علم الكيان إلاسرائيلي احتجاجاً على مشاركته بـ"كوب 22" المرصاد نت - متابعات أحرق عشرات المغاربة يوم أمس علم الكيان إلاسرائيلي خلال وقفة احتجاجية ضد مشاركته في مؤتمر الأمم المتحدة حول المناخ "كوب 22" المقام حالياً ...
- لماذا تخلَّت واشنطن عن حلفائها الكرد في سوريا؟ المرصاد نت - متابعات لم تتعلّم بعض القوى «الكردية» السورية الأساسية من تجربة عفرين في ريف حلب الشمالي بداية العام الماضي. آنذاك لم تنفع «قسد» والقوى المنضوية ...
- الرئيس الأسد يرفض الرسائل التركية... وتوقيف تام لعمليات إدلب المرصاد نت - متابعات تعمل دمشق وفق أجندتها الخاصة بالتنسيق والتشاور مع حلفائها وبمرونة «تناور» بين الاتفاقات الخارجية الكبرى من دون الاستسلام لها....
- أميركا في سوريا: النفط والنفوذ ومحاصرة القوات! المرصاد نت - متابعات وُضعت سوريا في الاستراتيجيّة الأميركيّة منذ أحداث 11 أيلول/ سبتمبر 2001م عندما رأت إدارة جورج دبليو بوش الابن أنّ على دمشق أن تختار بين ا...
- الغزو الأمريكي للعراق بدأ بكذبة وانتهى بكارثة إنسانية المرصاد نت - متابعات اعتبرت شبكة دويشته فيلله الألمانية أن الغزو الأمريكي للعراق بدأ بكذبة وانتهى بنتائج كارثية مشيرة إلى أن واشنطن تتحمل اليوم مسؤولية إزهاق ...