المرصاد نت - متابعات
بعد مرور عدّة أعوام على تقاذف كل من تركيا وأوروبا للمهاجرين من الذين ضاعت السبل فيهم تقوم أنقرة باتهام الاتحاد الأوروبي بعدم الوفاء بتعهداته ضمن اتفاقية "إعادة قبول المهاجرين"
فيما تردّ عواصم القارة العجوز على هذه الاتهامات متذرعة أن أردوغان يستغل ورقة المهاجرين للضغط على أوروبا.
لا يخفى على أحد أن الاتفاق الذي وقّع بين تركيا والاتحاد الأوروبي في 18 مارس/ آذار 2016 أي منذ حوالي عام واحد بالعاصمة البلجيكية بروكسل، ودخل حيز التنفيذ في 20 من الشهر نفسه، لم يأتي عنوة وإنما بعد أن تعمدت تركيا إلى قذف المهاجرين لاسيما السوريين منهم إلى مياه المتوسط تاركة الخيار للاتحاد الأوروبي إما انتشالهم من الغرق وإما التخلي عنهم للمياه المالحة.
في حقيقة الأمر لم يكن قرار أردوغان بفتح معبر المتوسط القاتل نابعا عن حسّ إنساني بقدر ما كان من أجل الضغط على الاتحاد الأوروبي لضم تركيا إلى الاتحاد المتضعضع ومنحها امتيازات متعددة تنقذ اقتصادها الراكد من الانهيار، ناهيك عن دموع التماسيح التي ذرفها كل من أردوغان وزعماء أوروبا على المهاجرين الغرقى من الذين ابتلعهم المتوسط.
ما يثير السخرية هو أن تركيا لا تزال تصرّ على أن الاتحاد لا يفِ بتعهداته لأنقرة في إطار الاتفاقية التي
تهدف الى مكافحة الهجرة غير الشرعية وتهريب البشر لاسيما وأن أوروبا لم تكن ترغب أيضا باستقبال المسلمين على أراضيها إلا أن مشهد الطفل الغريق إيلان الذي راح ضحية برغماتية التركي وعداوة الأوروبي أدمى قلوب البشر ما أرغم كلا الطرفين إلى خلق حلول فورية لإنقاذ المهاجرين، وليظهروا بموقع المنقذين للبشرية والمدافعين عن حقوق الإنسان.
وفي حال سلّطنا الضوء على الاتفاق الذي ينص على استقبال تركيا للمهاجرين الواصلين إلى جزر يونانية ممن تأكد انطلاقهم من الأراضي التركية، ليتم إعادتهم فيما بعد إلى بلدانهم أو تسكينهم في مخيمات، سنلحظ أنه يلبي للاتحاد الأوروبي كل ما يتمناه بعدم السماح للمسلمين باللجوء إليه، إلا انه ليس في صالح أنقرة على الإطلاق.
مخطئ من يظن بأن تركيا لم تحصل على امتيازات من عواصم أوروبا في بروكسل فمقابل ما قدمته أنقرة للقارة العجوز سيقوم الاتحاد بإلغاء تأشيرة الدخول للمواطنين الأتراك إليه وسيقدم دعمًا ماليًا لصالح اللاجئين المقيمين في تركيا فضلا عن استكمال اتفاقية الاتحاد الجمركي مع الاتحاد الأوروبي الأمر الذي يحوّل الحلم التركي بدخول الحديقة الأوروبية إلى حقيقة.
ولو عدنا لحيثيات الاتفاق لوجدنا أن تركيا نفذّت على عجل ما يقع على عاتقها من مسؤوليات في هذا الإطار، وضبطت الهجرة غير الشرعية على سواحل بحر إيجه، غير أن الاتحاد الأوروبي لم يكن آبها بتعهداته لتركيا حيال إلغاء التأشيرة إلى جانب تباطؤه في المساعدات المالية للاجئين.
وهذا هو الأمر الذي أغضب حكومة أردوغان التي عقدت آمالها على الاتفاق المزمع، لاسيما بعد تكفّل الاتحاد الأوروبي بمصاريف عملية التبادل وإعادة القبول، التي بدأت فعليًا في أبريل/ نيسان 2016، إلى أن أقرّت المفوضية الأوروبية بتقرير صادر عنها في يوليو/ تموز 2016، بفشل الاتحاد الأوروبي حيال إعادة توطين اللاجئين بدول أعضاء الاتحاد.
علاوة على ما ذكرناه آنفا يعدّ أحد أهم بنود الاتفاق الذي لم يلتزم به الاتحاد الأوروبي، هو إلغاء تأشيرة دخول المواطنين الأتراك إلى دول الاتحاد، حيث كان يُفترض على المفوضية الأوروبية تقديم مقترح رفع التأشيرات عن المواطنين الأتراك، للبرلمان الأوروبي ومجلس الاتحاد الأوروبي في تاريخ أقصاه مايو/ أيار 2016.
إلا أن المفوضية الأوروبية تتذرّع بأن أنقرة لم تحقق 7 شروط من أصل 72 شرطًا، لرفع التأشيرة عن مواطنيها، في حين أن تركيا تطالب الاتحاد الأوروبي بإظهار مرونة حيال البند المتعلق بقوانين مكافحة الإرهاب، نظرًا للعمليات الإرهابية التي تشهدها على أراضيها في الفترة الأخيرة.
في الواقع إن المفاوضات التي أجرتها أنقرة مع بروكسل بشأن الهجرة وضعت القصر الأبيض التركي في موقف محرج، إذ أنها لم تتعدّى كونها أضغاث أحلام لأردوغان، أحلام لازمته على مدى سنوات بشأن انضمام بلاده للاتحاد الأوروبي.
ولكن علينا الاعتراف بأن اتفاق أنقرة وبروكسل، أدى إلى انخفاض أعداد المهاجرين غير القانويين بمعدل 97% في الفترة الممتدة بين أبريل وديسمبر 2016، بالمقارنة مع الفترة ذاتها من 2015.
أردوغان كابوس للأوروبيين
وقبل اختتام هذا المقال لابد من المرور على أحدث تصريحات الرئيس التركي خطورة، حيث قال مخاطبا الأوروبيين: لن تستطيعوا السير في الشوارع بأمان إذا واصلتم نهجكم الحالي، داعياً الدول الأوروبية إلى احترام حقوق الإنسان والديمقراطية.
ما قاله أردوغان فيما سبق لم يكن مجرد تصريح عابر، ولا ردّ طفل عنيد على عجوز يزعجه، وإنما تهديد جاد لدول أوروبا بتحويل شوارعها لأهداف للإرهابيين، لاسيما بعد المواقف الهولندية الأخيرة المعادية للمسلمين بمن فيهم الأتراك.
المزيد في هذا القسم:
- "انصياع لبوتين".. تفاعل على تعامل الرئيس الروسي وجدوى العقوبات بوصول الروبل لـ58 أمام الدو... المرصاد-متابعات تداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي أسعار العملة الروسية "الروبل" في تداولات اليومين الماضيين والارتفاع الذي حققته أمام الدولار مع استمرار ...
- بومبيو: واشنطن فخورة بالوقوف إلى جانب "إسرائيل" المرصاد نت - متابعات قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إنه "حان الوقت ليعترف المجتمع الدولي بتواجد "إسرائيل" في الجولان وبكونه جزءاً من إسرائيل بشكل...
- انتهاء جولة جديدة من المحادثات الفنزويلية: لا اتفاق بين الحكومة والمعارضة ! المرصاد نت - متابعات انتهت أمس الجولة الثانية من المحادثات بين ممثلي الحكومة والمعارضة الفنزويليتين والهادفة إلى حلّ الأزمة السياسية في البلاد لكن من دون التو...
- الجزائر .. خريف بوتفليقة المرصاد نت - يوسف عبدالعزيز ظهر الرئيس أخيراً بعد شهر من الغياب والشائعات ورسم السيناريوات المحتملة وغير المحتملة عن كيف سيزفّون الخبر للناس. ظهر يجالس وزي...
- فيروس كورونا: جونسون يعلن رفع معظم القيود المفروضة في بريطانيا ابتداء من 27 يناير المرصاد-متابعات ابتداء من 27 كانون الثاني/يناير سترفع أغلب القيود الصحية المفروضة في بريطانيا لمواجهة تفشي فيروس كورونا، وفق ما أعلن رئيس الوزراء البريطاني&nbs...
- خبر وتعليق ....نتنياهو في ضيافة قابوس ! المرصاد نت - متابعات بعد أيام على زيارة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس لسلطنة عُمان أعلن مكتب رئيس حكومة العدو الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن زيارته عُمان ل...
- كيف شلّت حركة الجيش التركي في "الباب"؟ المرصاد نت - متابعات بعد تحرير حلب على يد الجيش العربي السوري وحلفائه الاقليميين إحتدم التنافس بين الاطراف المشاركة في الحرب السورية على السيطرة على مدينة "ال...
- الجيش السوري يحرر قرى جديدة في ريف إدلب الجنوبي الشرقي! المرصاد نت - متابعات حرر الجيش العربي السوري قرى جديدة في ريف إدلب الجنوبي الشرقي بعد معارك مع النصرة. وقال مصدر عسكري إن الجيش العربي السوري بات على بعد أقل ...
- البحرين : تبرئة الشيخ علي سلمان في قضية التجسّس المرصاد نت - متابعات أصدرت محكمة بحرينية اليوم حكماً بتبرئة زعيم المعارضة الشيخ علي سلمان في قضية التجسّس لصالح قطر بحسب ما أفاد ناشطون بحرينيون في حكم نادر ف...
- محمد بن سلمان: توقعات بعدم حضور ولي العهد السعودي جنازة الملكة إليزابيث الثانية المرصاد-متابعات لا يتوقع أن يشارك ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في جنازة الملكة إليزابيث الثانية المقررة يوم الاثنين، بحسب مصدر في وزارة الخارجية البريطانية....