المرصاد نت - متابعات
منذ الأيام الأولى لإطلاق المشير خليفة حفتر هجومه للسيطرة على طرابلس في الرابع من نيسان/ أبريل الماضي يكرّر المبعوث الدولي غسان سلامة تأكيداته عدم وجود حلّ عسكري للنزاع الليبي. لكن طوال أشهر بقيت دول إقليمية تدعم طرفَي النزاع سياسياً وعسكرياً. وفيما دعت دول أخرى إلى إيقاف القتال بقي مجلس الأمن الدولي عاجزاً عن بلورة حلّ أو موقف موحّد، وخاصة بعد تعطيل أميركا وروسيا وفرنسا مشاريع قرارات عملت بريطانيا على صياغتها.
إثر ذلك، لم يعد الحديث عن الحلّ السياسي بشكل جدّي إلّا مع قمة مجموعة الدول الصناعية السبع في فرنسا نهاية الشهر الماضي. في واقع الأمر، لا يمكن فصل عودة هذا الحديث عن التحول الحاصل في العلاقات بين فرنسا وإيطاليا منذ التغيير الحكومي الذي أبعد وزير الداخلية ونائب رئيس الحكومة الإيطالية السابق، ماتيو سالفيني. طوال فترة وجوده في الحكومة، كان سالفيني ناقداً لفرنسا، وداعماً للمعارضة اليمينية ممثلة في مارين لوبان وحزبها وكانت تصريحاته حول «مطامع» فرنسا و«أنانيّتها» في التعامل مع الملف الليبي تمثّل قلقاً دائماً لباريس.
اليوم عاد التقارب الإيطالي ــــ الفرنسي ليبدو معه الملف الليبي بوابة لترميم العلاقات الثنائية. بدأ الأمر بلقاء بين وزيرَي خارجية البلدين، لويجي دي مايو وجان إيف لودريان، في واشنطن حيث نسّقا اجتماعاً وزارياً في الأمم المتحدة الأسبوع المقابل. وتلت ذلك زيارةٌ للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لروما أول من أمس التقى خلالها رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي وامتدح في مؤتمر صحافي تنسيق وزيرَي خارجية البلدين معتبراً إياه «تنفيذاً ملموساً لإرادة تحقيق استقرار في ليبيا».
لكن فرنسا وإيطاليا ليستا الطرفين الوحيدين في معادلة صياغة موقف أوروبي موحّد؛ إذ يمرّ الأمر عبر بوابة ألمانيا أيضاً. ظلّت برلين طويلاً على هامش الفعل في الملف الليبي، لكنها تبدو اليوم مستعدة لأداء دور تنسيق جهود جارتَيها الأوروبيتين. يوم الثلاثاء عُقد في برلين اجتماع تنسيقي للمؤتمر المزمع عقده في الأسابيع القليلة المقبلة شمل ممثلين عن الولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا وإيطاليا وفرنسا ومصر والإمارات وتركيا وجامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبي، وخرجت في أعقابه تصريحات إيجابية تقدّم من بينها إعلان كلّ من مصر وفرنسا أن لهما «رؤية مشتركة» بخصوص الحلّ السياسي في ليبيا. أما التصريح الأبرز، فقد جاء على لسان المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن الذي قال إن بلاده «تؤيد وقف إطلاق النار في ليبيا»، ولكن بشرط إعلان مواقف حازمة مِمَّن يخرقه وتسليط عقوبات عليه.
إلى جانب الندوة الدولية ثمة حديث أيضاً عن تنظيم ملتقى داخل ليبيا يجمع طرفَي النزاع. وجاء هذا الاقتراح على لسان المبعوث الدولي، وهو محاولة لإحياء مشروعه المجهض. إذ كان من المفترض أن يُعقد «ملتقى وطني» في الرابع عشر من نيسان/ أبريل الماضي ويكون تتويجاً لجهود بذلتها البعثة لأشهر في تنظيم لقاءات قاعدية ضمن المجتمعات المحلية في ليبيا شملت آلاف الأشخاص، لكن المشروع لم يبصر النور بسبب إطلاق حفتر الهجوم على طرابلس. من غير المعروف حتى الآن الصيغة التي سيتم تبنّيها في تنظيم الندوة الدولية أو الملتقى المحلي سواء لناحية الجهات المدعوّة أو طبيعة خريطة الطريق المقترحة. وهي مسائل تبدو شديدة التعقيد، بالنظر إلى أنه يصعب بثّ الحياة في المقترحات التي طُرحت في مؤتمرات دولية سابقة، مثل وضع تواريخ لعقد انتخابات أو العمل على توحيد المؤسسات الأمنية والعسكرية. والسبب الرئيس لعقم تلك المقترحات هو تنامي انعدام الثقة بين الفاعلين في ليبيا، ووصول النزاع إلى مستويات غير مسبوقة أدت إلى سقوط مئات القتلى ودفع حوالى ربع مليون شخص إلى مغادرة منازلهم نتيجة الأعمال العسكرية. الوصول إلى حلّ يتطلّب بداية وجود إقرار داخلي بعدم فاعلية الحرب وضرورة الجنوح إلى السلم والتفاوض الأمر الذي يظهر غير متوافر في هذه المرحلة.
مما تسرّب حتى الآن تبدو الخطة مرتكزة على تحقيق وقف مبدئي لإطلاق النار ثمّ العمل على تثبيته والاتجاه حينها إلى عقد ملتقى محلي للتباحث في خريطة الطريق. مع ذلك وحتى في حال النجاح في وقف إطلاق النار لا شيء يضمن فعلياً أن لا يكون مجرّد استراحة لإعادة ترتيب الصفوف واستقدام مزيد من الأسلحة والمقاتلين للإعداد لجولة أخرى من القتال.
المزيد في هذا القسم:
- اعتراف رسمي سعودي غير مسبوق : السعودية كانت على حافة الإفلاس المرصاد نت - رآي اليوم عندما كتبنا في هذا المكان قبل عام ونصف العام تقريبا بأن المملكة السعودية على حافة الإفلاس بسبب انخفاض عوائد النفط والعجوزات الكبيرة في ...
- قمة عربية جديدة في غياب أي دورٍ للسعودية! المرصاد نت - متابعات تسعى الرياض من خلال جولاتها لإعادة الإعتبار لدورها الإقليمي ولكن خارج الوطن العربي بعد أن فشلت في الحشد أو إقامة أي حلفٍ عربي أو إسلامي ت...
- المسارات بين واشنطن والرياض تفترق .. الرياض تطلب الوساطة مع طهران ! المرصاد نت - متابعات بكل الاعتبارات الجيوسياسية والأمنية والاقتصادية حوار الرياض وطهران ضرورة مشتركة. لعبة التأجيل التي اعتمدتها السعودية في السنوات الفائتة ك...
- "أطباء بلا حدود" لقادة أوروبا: احتجاز اللاجئين في ليبيا عمل يلفُّه الفساد المرصاد نت - متابعات قالت الرئيسة الدولية لمنظمة "أطباء بلا حدود" جوان ليو إن ما يعانيه المهاجرون واللاجئون في ليبيا يجب أن يشكل صدمة للضمير الجمعي للمواطنين ...
- تهدئة في إدلب: لا تنازل عمّا تَحقّق بالنار ! المرصاد نت - متابعات بالنار قبل التفاهمات ثبّت الجيش العربي السوري وحلفاؤه سيطرتهم على طول الطريق الدولي حلب - دمشق وأمّنوه شرقاً وغرباً. كما تمكّنوا من إبعاد...
- مناورات لـ«الناتو» وإجراءات انتقامية: كييف تتعمّد استفزاز موسكو ! المرصاد نت - متابعات بين التهديد وتبادل الاتهامات تتصاعد الأزمة الروسية الأوكرانية وسط انقسام غربي حول تمديد العقوبات على موسكو. التوتر في آزوف حُمل إلى قمة &...
- تونس: تنافس حاد في الانتخابات التشريعية اليوم! المرصاد نت - متابعات بدأ التونسيون اليوم الأحد التصويت لانتخاب برلمانهم الثالث منذ عام 2011م ويختار التونسيون من بين 15 ألف مرشح 217 مقعداً ضمن أكثر من ألف و5...
- الربيع العربي 2.. بين العسكر والشباب والاجندات الخارجية! المرصاد نت - متابعات لم تكن مخرجات الربيع العربي بنسخته الاولى التي بدات عام 2010 م على قدر توقعات او احلام او اهداف المجتمعات التي ثارت على رؤسائها وقادتها، ...
- أميركا تشعل حرب الطاقة... عقوبات على الغاز الروسي لأوروبا! المرصاد نت - متابعات دخلت حرب الطاقة في أوروبا منعطفاً جديداً بعد أن اتخذت الولايات المتحدة الأميركية إجراءات من شأنها إعادة ترسيم خريطة إمدادات الغاز في القا...
- نتنياهو وبن زايد مرشحا نوبل للسلام.. عندما تنتصر الجائزة للجلاد المرصاد-متابعات أصبحت معايير جائزة “نوبل للسلام” تنتصر للجلاد على حساب الأبرياء وتبحث عن السفاحين وقادة الحروب وخفافيش الدماء لتحولهم إلى حمام سلام في ...