المرصاد نت - رآي اليوم
من الصعب على أي مراقب يتابع الشأن السوري منذ بداية الازمة قبل ست سنوات ان يتوقع صمود أي اتفاق لوقف النار يتم التوصل اليه دون حدوث خروقات طفيفة كانت او جوهرية
ومن الطبيعي ان يكون الاتفاق الروسي التركي الأخير الذي بدأ تطبيقه عمليا يوم الجمعة الماضي استثناء.
امس أعلنت اكثر من عشرة فصائل سورية مسلحة أيدت الاتفاق “تجميد” مشاركتها في مفاوضات السلام المرتقبة أواخر الشهر الحالي في الاستانة عاصمة كازاخستان المقرر نهاية الشهر الماضي واتهمت قوات النظام بخرق الاتفاق في منطقة وادي بردى خزان المياه الرئيسي الذي يغذي العاصمة دمشق بينما اعلن تنظيمان لهما وجود قوي في ريف دمشق وهما “جيش الإسلام”، و”فيلق الشام” ان “الاتفاق في حكم المنتهي”.
الحكومة العربية السورية اتهمت قوات المعارضة المسلحة بتلويث مياه النهر بالمازوت ثم قطع مياهه كليا مما يعني “تعطيش” كل سكان العاصمة الامر الذي لا يمكن لاي سلطة السكوت عنه، حسب البيانات الرسمية وما يضفي المصداقية على هذه الاتهامات اعتراف المرصد السوري لحقوق الانسان الموالي للمعارضة بإنقطاع المياه وقال ان ذلك جاء نتيجة تعرض احدث المضخات في عين الفيجة لانفجار بفعل المعارك بين الطرفين دون أن يشير بأصبح الاتهام الى أي طرف بالوقوف خلف هذا الانفجار مما يوحي بأن المعارضة المسلحة الأكثر ترجيحا.
المتحدث باسم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة حذر بدوره بأن هناك أربعة ملايين شخص في العاصمة ما زالوا محرومين من المياه الامر الذي سيؤدي الى امراض وربما وفيات في صفوف الأطفال.
رئيس مجموعة العمل الانساني في الأمم المتحدة يان إيغلاند أعتبرأن قطع الجماعات الارهابية للمياه عن 5,5 مليون نسمة في دمشق "جريمة حرب" وأضاف إيغلاند خلال مؤتمر صحافي في جنيف "في دمشق وحدها 5,5 مليون شخص حرموا من المياه أو تلقوا كميات أقل لأن موارد وادي بردى غير قابلة للاستخدام بسبب المعارك أو أعمال التخريب أو الاثنين معا" وأضاف إيغلاند: "نريد التوجه إلى هناك والتحقيق في ما حدث لكن قبل كل شيء نريد إعادة ضخ المياه".
وأوضح المسؤول الأممي أن "أعمال التخريب والحرمان من المياه جرائم حرب لأن المدنيين يشربونها ولأنهم هم الذين سيصابون بالأمراض في حال لم يتم توفيرها مجددا".
وكانت وزارة الخارجية السورية أكدت في رسالتين إلى الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن أن قطع المياه عن المدنيين في دمشق يشكل جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية وأعربت عن أسفها لحالة الصمت الدولي حيال هذه الجريمة
في الحروب هناك قيم واخلاقيات يتم الالتزام بها من الأطراف المتحاربة كافة وابرزها احترام الحد الأدنى من الاحتياجات الأساسية للمدنيين ولا نعرف لماذا جرى انتهاك هذه القاعدة في ريف دمشق وقطع شريان المياه الابرز الذي يغذي العاصمة دمشق أيا كانت الجهة المسؤولة.
الهدنة تمر بمرحلة حرجة للغاية ولكن ما يجعلنا اكثر تفاؤلا هذه المرة بأمكانية صمودها بالمقارنة بالاتفاقين السابقين المماثلين انه لا يوجد أي بديل لفصائل المعارضة غير الالتزام بها وعدم الدخول في أي صدامات مع الضامن التركي لانه بدون دعم تركيا اللوجستي ربما سيكون من الصعب على هذه الفصائل البقاء.
هناك جهات عديدة جرى استثناؤها من المشاورات التي أدت الى اتفاق وقف اطلاق النار وتملك نفوذا على الفصائل المسلحة السورية ليس لها مصلحة في نجاحه وربما تعمل على تخريبه او حتى انهياره بالكامل ونحن نتحدث هنا عن الولايات المتحدة وحلفائها في منطقة الخليج والسعودية (يعتبر تنظيما جيش الإسلام وفيلق الشام من حلفائها) وقطر خاصة وكأن لسان حالها يقول، اما ان أكون طرفا في اللعبة والا سأعمل على تخريبها.
الهجوم الذي شنه التحالف الروسي السوري أول امس الثلاثاء على مدينة ادلب أدى الى مقتل 25 عنصرا مقاتلا من جبهة “فتح الشام” “النصرة” سابقا يعتقد ان من بينهم عددا من قيادات الصف الأول هو رسالة الى الفصائل السورية المسلحة التي جمدت التزامها بوقف اطلاق النار والمشاركة في محادثات استانة.
صحيح ان كل من جبهة “فتح الشام” و”داعش” لا ينطبق عليهما الاتفاق لانهما مصنفتان على قائمة الارهاب ولكن الصحيح أيضا انهما على علاقة طيبة مع بعض الفصائل التي توصف بأنها معتدلة ولعل اهم ما في هذه الرسالة ان معركة ادلب قد تكون بدأت قبل معركة استعادة تدمر وان الفصائل لا تبتعد عن هذين التنظيمين ستواجه المصير نفسه و”فتح الشام” و”احرار الشام” و”جيش الفتح” الذي يعتبر الداعية السعودي عبد الله المحيسني ابرز قادته تتمركز في هذه المدينة باعتبارها ملاذها الأخير.
جميع اتفاقات وقف اطلاق النار كانت عبارة عن هدن مؤقتة، للسماح للمتحاربين بالتقاط الانفاس وإعادة التموضع وكسب الوقت ولا نستغرب ان يكون هذا هو حال الاتفاق الحالي أيضا، مع فارق أساسي وهو ان الضامنين له يملكان اوراق ضغط قوية كل على حلفائه وان استعادة التحالف السوري الروسي الإيراني لمدينة حلب بالكامل غّير الكثير من المعادلات على الأرض في سورية مما يجعل فرص استغلال هذا التحالف الثلاثي للاتفاق شبه مؤكد.
احتمالات صمود وقف اطلاق النار ما زالت كبيرة ورغم الخروقات وتبادل الاتهامات وفصائل المعارضة المسلحة التي جلست على مائدة المفاوضات لأول مرة بهذه القوة التمثيلية وتقدمت على معارضات المنفى لن يكون امامها أي خيار آخر غير الذهاب الى الآستانة فتركيا التي كانت مصدر الدعم الرئيسي لها تعيش ظروفا صعبة اقتصادية وامنية وعسكرية وتفجير اسطنبول الأخير وانهيار الليرة احد الأمثلة والسعودية باتت تعطي الاولوية القصوى لحرب اليمن وكيفية الخروج من مصيدتها بأقل الخسائر وتريد التخفيف من العبء السياسي والمالي الذي تفرضه عليها الازمة السورية والمعارضة المسلحة.
اسدال الستار على فصول الحرب وفتح أخرى لبدء المفاوضات والحوار قد يكونا ابرز ملامح المشهد السوري في العام الجديد.
المزيد في هذا القسم:
- تفاعل على كتابة وقفة عرفة في "الديار الحجازية" بدلا من "السعودية" بتقرير تلفزيوني المرصاد-متابعات تداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي صورا من تغطية يوم عرفة بتقرير تلفزيوني وكتابة "الديار الحجازية" عوضا عن "المملكة العربية السعودية"...
- واشنطن «تغازل» أنقرة... وأردوغان سيلتقي ترامب المرصاد نت - متابعات مرّ نحو شهرين من توتر العلاقات الديبلوماسية بين تركيا والولايات المتحدة بسبب خلافات تتعلق بدعم واشنطن لـ«قوات سوريا الديموقراطية ــ...
- معارك جنوب إدلب مستمرة وأنقرة تضغط لتسريع إجراءات «المنطقة الآمنة» ! المرصاد نت - متابعات تتواصل المعارك في محيط مدينة خان شيخون في ريف إدلب الجنوبي بوتيرة توحي بمسار طويل من التصعيد لن يقف عند حدود المدينة وما جاورها من المناط...
- مصر : مداهمات وعمليات استباقية ضد التنظيمات الإرهابية وإحباط مخططاتها المرصاد نت - متابعات 25قتيلاً على الأقل هي حصيلة خمس مداهمات قامت بها وزارة الداخلية خلال الأيام الماضية الحملة التي شملت مدن أكتوبر الإسماعيلية وأسيوط أ...
- النظام الإماراتي مروج الخيانة المرصاد-متابعات يبذل النظام الإماراتي في هذه الفترة جهودا حثيثة لترويج إعلاميا للشيخ نائب رئيس النظام محمد بن زايد بعد أن ساق نظامه إلى هاوية التطبيع م...
- ضغوط طهران المضادة: منظومة دفاع جوي... قريباً المرصاد نت - متابعات تستمر كل من واشنطن وطهران، في تصعيد الإجراءات والإجراءات المضادة ضمن أجواء التصعيد المتفاقمة منذ إعادة العقوبات الأميركية على إيران. تسعى...
- العدوان التركي مستمر: «غصن الزيتون» برعاية الجميع المرصاد نت - متابعات لم يكن العدوان التركي على عفرين مفاجئاً بل جاء بمثابة انتهاز فرصة قدّمتها واشنطن على طبقٍ من ذهب حين أعلن «التحالف الدولي» عز...
- معهد واشنطن : هل ثمة ثورة مرتقبة في السعودية ؟ المرصاد نت - متابعات في أعقاب ثورة 25 يناير 2011 التي أطاحت بالرئيس المصري محمد حسني مبارك والتي جاءت بعد أسابيع من “ثورة الياسمين” في تونس تمل...
- الفوضى الخلاقة إلى أين؟ المرصاد نت - متابعات تشهد المنطقة تحولات جذرية ومشاريع(متعددة الجنسيات) وتظهر مصطلحات جديدة ومفاهيم وطروحات وربما كل ذلك من نتائج ( الفوضى الخلاقة) ومشروع الش...
- احراق عدد من السيارات أمام مبنى صحيفة لوباريزيان في فرنسا ! المرصاد نت - متابعات أحترقت عدد من السيارات أمام مبنى صحيفة لوباريزيان بعد إضرام النار في إحداها بالتزامن مع الأسبوع السابع من تظاهرات السترات الصفر. هذا وأغ...