المرصاد نت - متابعات
انتهجت الحكومات اليمنية المتعاقبة خلال العقدين الأخيرين نهج الاقتراض غیر محسوب العواقب، وذلك لتغطیة العجز في الموازنة العامة للدولة.ووصل إجمالي الدين العام خارجیاً وداخلیاً إلى أكثر من 25.6 ملیار دولار عام 2017م بعد أن كانت المديونية العامة لليمن قبل تسعة أعوام من الآن في حدود 10.5 مليارات دولار حسب موقع إیكونومیست.
ووفقا لتقریر موجز یرصد الأوضاع الاقتصادیة صادر من مجموعة البنك الدولي في شتاء 2019م فقد بلغت نسبة إجمالي الدین العام 94% من إجمالي الناتج المحلي للبلاد، كما يؤكد التقرير ذاته أن الدین الخارجي لليمن بلغ خلال الفترة نفسها 4.742 تریلیونات ریال بما یساوي نحو 9.5 ملیارات دولار بحساب "خمسمئة ریال تساوي دولارا واحدا".
وتتمثل جهات الدين الخارجية لليمن بمؤسسات التمویل الدولیة مثل البنك الدولي والصندوق العربي للتنمیة الاجتماعیة والاقتصادیة وصندوق النقد الدولي بالإضافة إلى بعض الدول كروسیا والسعودیة والیابان في حين تمثلت الديون الداخلية المتراكمة بإصدار أذون خزانة مملوكة لمستثمرین محلیین وبنوك تجارية محلية.
مصير الأموال
ووفقاً للباحث الاقتصادي اليمني عبد الواحد العوبلي فقد كانت تلك القروض تخصص لتغطیة النفقات التشغیلیة للدولة دون أي اعتبار للآثار المستقبلیة، كما كانت تعجز الحكومات الیمنیة عن سداد القروض، وتفشل في تغطیة نفقاتها لتلجأ إلى مزید من القروض كما إنه لم یحدث في یوم من الأیام أن قامت الحكومة اليمنية بتطبیق سیاسة تقشفیة في نفقات طواقمها الباذخة ومسؤولیها الذین لم یتوقفوا حتى عن ممارسة الفساد أو التخفیف على اقتصاد بلد هش أساساً.
ما حدث من تدهور لقیمة الریال الیمني أمام العملات الأجنبية لم یكن بسبب الحرب بشكل كامل، بل نتيجة للقروض التي سبق للحكومات التي أدارت الیمن اقتراضها، ولم تتمكن من سدادها.
وعلى المنوال نفسه تعمل الحكومة الحالیة على وقف تدهور الریال الیمني عبر مزید من الاقتراض المتمثل في الودیعة السعودیة البالغة ملیاري دولار والتي ستظهر آثار استنزافها على سعر الریال بمجرد نفاذها، لتذهب الحكومة نحو الاقتراض مجدداً بدل العمل على وقف الفساد وخفض النفقات والعمل على توريد إيرادات الدولة السيادية إلى صندوق الدولة المتمثل في البنك المركزي.
ولتفنيد أسباب لجوء اليمن إلى الإفراط في الاقتراض خلال الأعوام الأخيرة أوضح الخبير الاقتصادي عبد الحافظ الصاوي أن الوضع الاقتصادي كان في الواقع يعاني من تراجع كبير خلال فترات حكم نظام الرئيس السابق علي عبد الله صالح، الذي كان قائماً في الأساس على فساد إداري ومؤسسي كبير جداً.
ويؤكد الصاوي أنه خلال ما قبل ثورة الشباب اليمنية عام 2011 لم توجد مشاريع تنموية وهو الأمر الذي أدى إلى اعتماد اليمن على الديون كمصدر من مصادر تمويل الموازنة العامة للدولة دون أي رقابة حقيقية واستمر الفساد نفسه حتى خلال ما بعد الثورة.
وأكثر ما ضاعف مشاكل المديونية بعد الثورة الشبابية -وفقا للصاوي- هو عدم الاستقرار الأمني والسياسي واتباع مجموع من السياسات الاقتصادية الخاطئة التي توظف الموارد القليلة في مسارات يحكمها التوجه السياسي للحكومات "الدكتاتورية"، إضافة إلى دخول البلاد لاحقاً في حالة حرب مفتوحة دُمر خلالها الاقتصاد والموارد وأدت إلى تشظي البنك المركزي اليمني بين صنعاء وعدن.
للتأكد من تفاصيل ومصروفات الدين العام لليمن قال نائب محافظ البنك المركزي اليمني التابع للحكومة الشرعية شكيب الحبيشي إنه لا يستطيع أن يفصح عن أرقام ديون اليمن التفصيلية لأنها لا تخدم توجهات وسياسة البنك المركزي خلال الفترات الراهنة. لكن الحبيشي ذكر أنه منذ بداية الحرب عام 2014م لم تقترض الحكومة اليمنية أي ديون خارجية كونها تعيش في ظروف غير مستقرة، وما تحصل عليه من مبالغ هي عبارة عن مساعدات ومنح مالية وإغاثية تقدمها بعض دول العالم وفي مقدمتها الدول الخليجية كالسعودية والإمارات.
في المقابل أوضح مسؤول يمني في إدارة القروض والمساعدات الخارجية أن الحكومات اليمنية جميعها اعتمدت على الحلول السهلة من أجل التمويل، وتغطية الموازنة العامة للدولة من مصادر تضخمية من خلال اللجوء إلى الدين العام الخارجي والدين المحلي حتى أصبحت قيمتهما اليوم أكثر من ثلاثين مليار دولار، وهو رقم أعلى من الأرقام التي تؤكدها تقارير البنك الدولي.
ويرى رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي مصطفى نصر أن أرقام الديون الخارجية لليمن لم ترتفع كثيراً خلال السنوات العشر الماضية مقارنة بمشكلة التصاعد في ارتفاع أعباء الدين المحلي (تجديد أذون الخزانة) التي وصلت عام 2015 إلى ثلث النفقات العامة للدولة.ويقول إن أرقام الديون الخارجية لليمن كانت تقدر مع بدء الحرب عام 2014 بأكثر من سبعة مليارات دولار، وذلك في حال مقارنة هذا الرقم بالدين الخارجي لليمن عام 2007 والذي وصل إلى 5.8 مليار دولار.
وذكر نصر أن الكثير مما يتم تمويله لفائدة اليمن عبارة عن مساعدات ومنح، لكن الإشكالية الكبيرة المتعلقة بالقروض المقدمة كانت تتمثل في مسألة عدم الاستفادة منها وتقسيم مصروفاتها حيث تظهر المؤشرات والأرقام أن هناك بطء شديد في الاستفادة من تلك الديون وهو ما تسبب في حرمان البلد من القروض التي كانت تحول بعضها إلى فوائد تدفعها الحكومة نتيجة تأخر سدادها.
الخبير المالي والاقتصادي أحمد سعيد شماخ وهو عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس الشورى يشير إلى أن اليمن شأنه شأن بقية دول العالم النامي ومنذ ستينيات القرن الماضي كان بحاجة إلى التنمية وإلى البنى التحتية من طرقات ومدارس ومستشفيات وبذلك لجأ إلى الاعتماد على الخارج في التمويلات الخارجية من النقد الأجنبي لتمويل المشاريع دون سياسات اقتصادية واضحة.
وكانت طريقة استخدام هذه القروض غير اقتصادية وغير سليمة - وفقا شماخ- إذ كانت تنفق في الجوانب الاستهلاكية وليست الاقتصادية والاستثمارية مثل تمويل القطاعات الاقتصادية الواعدة والإنتاجية بهدف التمكين الاقتصادي وتشجيع الصادرات وإلى التنويع في القطاعات الغير نفطية.
واستمرت السياسات الاقتصادية لليمن منذ ما بعد النصف الثاني من عقد التسعينيات في القرن الماضي في الاعتماد على تمويل العجز في الموازنة عن طريق أذون الخزانة وغيرها من السندات الحكومية التي لا زالت الحكومة حتى اليوم تدفع فوائدها.
ويؤكد خبراء اقتصاديون أن السياسات الخاطئة نفسها لا تزال قائمة حتى اللحظة في اليمن فقد أصبح كل مواطن وكل مولود يولد مدينا للداخل والخارج بآلاف الدولارات وهو الأمر الذي قد تتحمله وتدفع ثمنه الأجيال القادمة على حساب التنمية والنمو إذا لم تتدارك الدولة وصناع القرار هذه المشكلة.
المزيد في هذا القسم:
- العفو الدولية تتهم مليشيات هادي بالتضييق على الأطقم الطبية وتعريض المدنيين في تعز للخطر المرصاد نت - متابعات اتهمت منظمة العفو الدولية مليشيات الرئيس الفار هادي ومليشيات الاصلاح بالتضييق على الأطقمِ الطبية وتعريضِ المدنيين للخطر في محافظة تعز. ...
- الاحتلال الإماراتي يعبث بالجنوب ..إنتاج مليشيات وأستنسخ سجون تعذيب! المرصاد نت - متابعات وسّع الاحتلالُ الإماراتي دائرةَ تصعيده الميداني، فبعد أيام من تشكيل مليشيات ما يسمى "النخبة" الموالية له في محافظة المهرة يسعى اليوم لتشك...
- شبوه : قتلى وجرحى واشتباكات مسلحة اثر اعتراض قوات السلطة على مسيرة رفض مخرجات الحوار في عت... خاص : قتل جندييان وجرح ثلاثة أخرون فيما جرح ثلاثة مواطنين على إثر اشتباكات مسلحة وقعت في مدينة عتق بين كل من عناصر قوات الأمن المركزي ومسلحين ما يسمى...
- عدن : فوضى أمنية وتهريب 23 سجيناً والمرتّبات تفجّر ثورةَ غضب ضد حكومة هادي المرصاد نت - عدن اقتحم مسلحون مركز شرطة الشيخ عثمان بمحافظة عدن جنوبي البلاد وهرّبوا 23 سجيناً مدانون بقضايا جسيمة. وقالت مصادر إخبارية إن مسلحين هاجموا مس...
- صدور قرارات جمهورية بتعيينات جديده " التفاصيل " صدر اليوم قرار رئيس الجمهورية رقم (43) لسنة 2014م بشأن اللائحة التنظيمية لمجلس القضاء الاعلى. كما صدر اليوم قرار رئيس الجمهورية رقم (44) لسنة 2014م بتع...
- الامنية العليا تتخذ قرارات أزاء المستجدات الراهنة وقفت اللجنة الأمنية العليا في اجتماعها اليوم بصنعاء امام عدد من القضايا والمستجدات والتطورات الامنية الراهنة التي تمر بها البلاد ، واتخذت ازاءها عدد من ...
- إنقلاب شبواني على الإمارات ... هل تقطعت خيوط اللعبة؟ المرصاد نت - متابعات تستخدم الإمارات سياسية "فرق تسد" مع كل ارتباطاتها وعلاقاتها مع مرتزقتها ومع التشكيلات والمكونات التي أنشأتها ورعتها تحت سقف جنوب مستقل لا...
- إسبانيا تعيد العمل بصفقة القنابل الذكية للنظام السعودي المرصاد نت - متابعات بعدما أعلنت مدريد مطلع الشهر الجاري إلغاء صفقة بيع 400 قنبلة موجّهة بالليزر لمصلحة الرياض وبعدما احتفلت المنظمات الحقوقية الدولية بنجاح ا...
- معلومات صادمة تكشف حقائق يشيب لها الولدان عن تصدير النفط اليمني وأين تذهب عائداته ومن يتحك... المرصاد- متابعات كشف تقرير أعده المعهد اليمني لحرية الإعلام ” أن حجم صادرات النفط الخام خلال الفترة من 2016 إلى 2021 بلغ نحو 189مليوناً و170ألفاً و73...
- المفاوضات السعودية اليمنية: هدنة مؤقتة أم وقف للحرب؟ المرصاد نت - متابعات منذ شهر، دخل التواصل بين صنعاء والرياض مرحلة غير مسبوقة. قنوات اتصال مباشرة لم تَحتَج هذه المرة إلى وسيط عربي بين الجانبين. وعلى الرغم من...