المرصاد نت - متابعات
لم تخرج القمة الإسلامية التي عقدت في اسطنبول بأكثر مما خرج به الاجتماع الوزاري العربي: كلام كثير حول جرائم إسرائيل وتعهد باللجوء إلى الأمم المتحدة. على أن العلامة الفارقة في هذه القمة تمظهرت في مستوى أعلى من التلميحات التركية ضد السعودية بما يعزز الطابع الاستعراضي التنافسي لتحركات أنقرة
على رغم أن القدس وغزّة شكّلتا المحور الرئيس للخطاب التركي الذي رافق انعقاد القمة الإسلامية الثانية من نوعها في غضون خمسة أشهر في اسطنبول إلا أن السعودية بدا حضورها واضحاً في خلفيات ذلك الخطاب الذي تعمّد أصحابه توجيه رسائل مبطنة إلى الرياض مستفيدين من الأجواء المناهِضة لخطوات المملكة «التطبيعية» والتي عزّز الحديثَ عنها رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو بقوله مساء الخميس إن «هناك تطورات إيجابية مع العرب لا يعرفها الرأي العام». وفي وقت كان الإسرائيليون يشدّدون على ضرورة استمرار العلاقات مع أنقرة بمعزل عن التوتر المستجد بين الجانبين كان الرئيس رجب طيب أردوغان يكيل الهجمات الكلامية على تل أبيب مستغِلاً تطورات الأسبوع الجاري لإظهار عدم أهلية السعودية لـ«قيادة العالم الإسلامي».
وفي كلمته التي ألقاها أمس أمام حشد من أنصاره في اسطنبول قبيل انطلاق فعاليات القمة الإسلامية قال إن «القدس ليست مجرد مدينة بل رمز وامتحان وقبلة فإذا لم نستطع حماية قبلتنا الأولى فلا يمكننا النظر بثقة إلى مستقبل قبلتنا الأخيرة مكة» في اتهام مضمر للسعودية بالتخلي عن حماية المقدسات. اتهامٌ لاح أيضاً في حديثه عن أن «المسلمين بقدر ما هم أشداء على بعضهم في صراعاتهم الداخلية فإنهم لا يتحلون بالشجاعة أمام خصومهم»، مُلمِحاً بذلك إلى ما تراه أنقرة «حصاراً غير عادل» مفروضاً على حليفتها الدوحة.
وفي الاتجاه نفسه أسف وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو أثناء افتتاحه الاجتماع الوزاري الذي سبق القمة لكون «بعض دول منظمة التعاون الإسلامي لا تدعم القضية الفلسطينية» فيما شدد رئيس الوزراء بن علي يلدريم على أن «فلسطين قضية تركيا وقضية شعبنا» بعدما ألحّت السعودية أخيراً على أن «القضية الفلسطينية هي قضية المملكة الأولى».
هذه المواقف التركية «عالية النبرة» إزاء السعودية التي تمثّلت في القمة بوزير خارجيتها عادل الجبير (في حين اكتفت الإمارات بإرسال وزيرة الدولة فيها ميثاء سالم الشامسي)، رافقها تصعيدٌ خطابي إضافي ضد إسرائيل، التي أسبغ عليها أردوغان صفات «قطع الطرق والوحشية وإرهاب الدولة»، فيما صبّ عليها رئيس وزرائه «اللعنة بشدة». لكن، في الوقت نفسه، وللمفارقة، كانت إحصاءات صادرة عن صندوق النقد الدولي تظهر أن إسرائيل كانت عاشر أكبر سوق للصادرات التركية عام 2017، حيث اشترت سلعاً بحوالى 3.4 مليار دولار تقريباً. إحصاءات تظهر حجم العلاقات الاقتصادية «الممتازة» بين الجانبين على حد توصيف وزير المالية الإسرائيلي موشي كاخلون الذي أجاب أمس على سؤال لـ«إذاعة إسرائيل» حول ما إذا كان ينبغي لتل أبيب قطع علاقاتها بأنقرة بالقول إن «هذه العلاقات شديدة الأهمية للجانبين».
من هنا يتضح أكثر فأكثر الطابع الاستعراضي والتنافسي للقمة التي دعا إليها أردوغان والتي لم تخرج - على المستوى العملي - بأكثر مما خرج به الاجتماع الوزاري العربي الذي عقد أول من أمس في القاهرة. إذ وبعدما أعلن «العرب» نيتهم التوجه إلى مجلس الأمن لطلب تشكيل لجنة تحقيق في أحداث غزة، ومن ثم إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة في حال استُعمل «الفيتو» الأميركي داخل المجلس أعلن أردوغان عزمه على الخطوة عينها قائلاً إن «كل خطوة تجري لإحقاق العدل في مجلس الأمن تقابَل بفيتو أميركي» مضيفاً: «(أننا) سنحيل القضية مجدداً إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة وسنحصل على دعم الدول الإسلامية وأصحاب الضمائر». وهو ما يذكّر بما جرى أواخر شهر كانون الأول/ ديسمبر الماضي، عندما وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة على مشروع قرار كانت تقدمت به تركيا، يرفض أي تغيير في الوضع القانوني لمدينة القدس المحتلة من دون أن يردع ذلك إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب عن القيام بنقل سفارة الولايات المتحدة في إسرائيل إلى القدس.
السيناريو نفسه يبدو أنه سيتكرر اليوم مع تقدم الكويت بمشروع قرار إلى مجلس الأمن يُفترض أن يناقشه الأخير الاثنين المقبل، يدين استخدام إسرائيل القوة ضد المدنيين الفلسطينيين، ويدعو إلى نشر «بعثة حماية دولية» في الأراضي المحتلة. إذ من المرجح، بحسب دبلوماسيين، استخدام الولايات المتحدة حق النقض ضد القرار، بعدما كانت منعت الاثنين الماضي صدور بيان صاغته الكويت يعبّر عن «الغضب العارم والأسف لقتل مدنيين فلسطينيين» ويطالب بإجراء تحقيق شفاف ومستقل في ما شهده أخيراً قطاع غزة.
وما يؤكد استخفاف واشنطن بردود الفعل العربية والإسلامية واطمئنانها إلى أن ثمة من هو ماضٍ جدياً في إرساء «صفقة القرن» على رغم كل الضجيج في العلن هو ما نقلته أمس صحيفة «وول ستريت جورنال» عن مسؤولين رفيعي المستوى في إدارة ترامب، حيث أعرب هؤلاء عن اعتقادهم بأن «هذا الغضب سوف يبرد في نهاية المطاف». وقال أحدهم: «ثلاثون عاماً من قرارات جامعة الدول العربية لم تجلب السلام» فيما شدّد آخر على أن «على الجميع أن يدرك أن نقاط الحوار المعتمدة منذ سبعين سنة ماضية لم تحقق السلام» مؤكداً أن الإدارة الأميركية ماضية في التحضير لإعلان «خطة نعتقد أنها واقعية وعادلة» في ظل استبعاد لإعلان بنودها قبل نهاية شهر رمضان الذي يستمر حتى منتصف حزيران/ يونيو المقبل.
المزيد في هذا القسم:
- البريكست: الكلمة النهائية باتت للبرلمان البريطاني المرصاد نت - متابعات صوّت أمس أعضاء مجلس اللوردات البريطاني الذين يتم تعيينهم لا انتخابهم لمصلحة السماح للبرلمان بمنع الحكومة من الانسحاب من الاتحاد الأوروبي ...
- مجلس الشيوخ البرازيلي يعزل رئيسة البلاد ديلما روسيف المرصاد نت - متابعات قرر مجلس الشيوخ البرازيلي الأربعاء 31 أغسطس/آب عزل رئيسة البلاد ديلما روسيف بعد تصويت بأغلبية الثلثين. وصوت 61 عضوا لصالح قرار العزل ف...
- إردوغان بعد الانتخابات المحلية.. حسابات الداخل والخارج! المرصاد نت - علي فواز فيما تعيد الانتخابات المحلية التركية تشكيل الخارطة السياسية في الداخل يتعرض حكم إردوغان إلى المزيد من الضغوط الخارجية في إطار علاقته الم...
- هافنغتون بوست: بيع أرامكو والتعديل الوزاري .. هل هما بداية النهاية للسعودية ؟ المرصاد نت - متابعات كشف تقرير في موقع “هافنغتون بوست” عن خطوات المملكة السعودية نحو الانهيار عقب قيام الرياض ببيع أسهم “أرامكو”. و...
- فرانس برس: الفلوجة تحت رحمة داعش المرصاد نت - متابعات أكد مواطنون عراقيون أن جماعة داعش الإرهابية اعتقلت نحو مئة رجل من مناطق متفرقة وسط مدينة الفلوجة بعد اشتداد الخناق عليهم بفعل تقدم الق...
- حماس: إذا لم يفهم نتانياهو مطالبنا بالسياسة فنعرف كيف نجبره ونتانياهو يأمر الوفد المفاوض ... هدد الناطق باسم حركة المقاومة الإسلامة "حماس" فوزي برهوم باتخاذ إجراءات بديلة لإفهام رئيس وزراء العدو الإسرائيلي بنيامين نتانياهو مطالب المقاومة إن لم يفه...
- تركيا: الاستفتاء على استقلال كردستان العراق يهدد أمننا القومي المرصاد نت - متابعات قالت تركيا إنّ الاستفتاء في استقلال إقليم كردستان العراق "خطأ جسيم وهو غير قانوني وغير مقبول" ودعت أنقرة عقب اجتماع لمجلس الأمن القومي بر...
- السيسي يرفض البديل: المخابرات تبقى لعباس كامل المرصاد نت - متابعات حسم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مستقبل جهاز المخابرات العامة عبر تعيين مدير مكتبه عباس كامل رئيساً للجهاز في خطوة تعزز من سيطرته على ...
- ترامب يرفع منسوب التوتّر مع إيران... وابتزاز الخليج ! المرصاد نت - متابعات ادت واشنطن وأكدت إرسال تعزيزات جديدة إلى المنطقة بينها 1500 جندي بعد ساعات من استبعاد دونالد ترامب مطلب البنتاغون. يأتي ذلك في وقت تتكثّف...
- الجزائر : مشاورات رئاسية هزيلة .. عبد القادر بن صالح معزولاً! المرصاد نت - محمد العيد في قاعة شبه فارغة أجرت الرئاسة الجزائرية أمس مشاوراتها بخصوص الانتخابات الرئاسية التي تعتزم تنظيمها في شهر تموز/ يوليو وذلك بعد إعلان ...