المرصاد نت - متابعات
شأنه شأن دونالد ترامب يبدو فلاديمير بوتين هو الآخر حريصاً على مصلحة بنيامين نتنياهو الانتخابية. لا يمكن بخلاف ذلك قراءة توقيت تسليم رفات الجندي الإسرائيلي القتيل زخاريا باومل، إلى تل أبيب. وإذا كان للخطوة في توقيتها بعد انتخابي واضح فهي في سياقها العام لا تخرج عن السياسة الروسية الحريصة على أفضل العلاقات مع الكيان العبري، ومراعاة الأخير قدر ما تستطيع. لكن وصول الأمور إلى حدّ سحب ورقة من الطرف السوري وحلفائه كان يمكن استثمارها في وجه العدو ومن دون علم القيادة السورية وفق ما أكدت الأخيرة من شأنه طرح علامات استفهام كثيرة حول انعكاسات هذه الخطوة على مستقبل العلاقة بين موسكو من جهة ودمشق وطهران وحلفائهما من جهة أخرى.
حافلاً بدا الاستقبال الروسي لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يوم أمس. في وزارة الدفاع الروسية وبرفقة رئيس هيئة الأركان العامة الروسية فاليري غيراسيموف، وضع نتنياهو زهوراً على نعش يفترض أنه يحتوي بقايا جثة الجندي الإسرائيلي زخاريا باومل الذي قتل خلال اجتياح إسرائيل للبنان عام 1982.
كذلك التقى الضيف الإسرائيلي الرئيس فلاديمير بوتين، الذي أظهر غبطة واضحة خلال اللقاء، بقوله «(إننا) سعداء لأن باومل سيحصل على مرتبة الشرف العسكرية... وهناك جانب إنساني لهذه الحالة، وهو أن عائلة الجندي ستكون قادرة على وضع الزهور على قبره». ودٌّ سرعان ما بادر نتنياهو إلى مقابلته بأكثر منه لافتاً إلى ردّ بوتين «الإيجابي» حين طلب منه قبل عامين «المساعدة في البحث عن رفات جنودنا» متوجهاً إلى الرئيس الروسي بالقول: «نحن ممتنون لكم لصداقتكم الشخصية وموقفكم وموقف روسيا التي تشارك هذه القيم (استعادة رفات المفقودين) مع إسرائيل».
وعاد بوتين ليشرح أنه «تم إجراء جميع الاختبارات الجينية ولا تزال لدينا البقايا التي سنرسلها في وقت لاحق اليوم إلى إسرائيل بحضورك ووفقاً للتقاليد العسكرية»، متابعاً أن مهمة «البحث عن الرفات... كانت مهمة صعبة لمجموعة القوات الخاصة المعنية» ليردّ نتنياهو بالقول: «لقد أخبرنا عائلة زخاريا عن كرم الجنود الروس الذين خاطروا بحياتهم لاستعادة رفاته».
هذا المشهد الاحتفائي ظهر واضحاً أنه يصبّ مباشرة في مصلحة نتنياهو الذي تعمّد بوتين تقديم خدمة شخصية له بما يساعده انتخابياً في مواجهة خصومه. تجلّى ذلك في الحرص على أن تتم عمليات تسليم الرفات قبل أيام معدودة من إجراء الانتخابات العامة، وأن يترافق الإعلان عنها مع زيارة لرئيس وزراء العدو إلى موسكو بدا الأخير في عقبها مع ما رافقها من ترحيب وتكريم مبالغ فيهما كما لو أنه عائد من عملية عسكرية أدت الى تحرير أحد الجنود الإسرائيليين.
وهي صورة ستظلّ حاضرة حتى يوم الانتخابات وخصوصاً أن نتنياهو سرعان ما أتبعها باستعجال عودته من موسكو إلى القدس المحتلة للمشاركة في مراسم دفن الجندي التي تمّت أمس حيث توجّه إلى الرأي العام بكلمات عاطفية من قبيل: «أحسست بقشعريرة عندما علمت بأن زخاريا بات معنا مجدداً وبأنه جرى التعرف إلى رفاته وبأننا سنتمكن من دفنه». مراسم وكلمات سيكون لها حتماً وقعها على الوجدان الشعبي وبالتالي تأثيرها على اختيارات الجمهور حتى لو أدت «المساعدة الروسية» إلى استثارة اتهامات لموسكو بمحاولة التأثير في الانتخابات إلا أن المشكلة التي ستواجه منافسي نتنياهو هي أن قضية باومل تمسّ وجدان الجمهور الإسرائيلي وهو ما قد يساهم في الحدّ من الانتقادات.
ولا تقتصر عملية التوظيف الانتخابي على مراسم الدفن بل إنه بالنظر إلى آلية صناعة القرار في الكيان العبري والهامش الذي يملكه المستوى السياسي في مثل هذه القضايا، يمكن القول إنه لا يوجد شك في أن اختيار توقيت الإعلان كان وفق ساعة الانتخابات، وبما يخدم نتنياهو. لا يعني ذلك أن عمل الأجهزة الأمنية مرتبط بالبعد الانتخابي، وإنما هو نشاط عملاني ومهني تقوم به الأجهزة منذ سنوات، ولكن كما في الكثير من القضايا فإن المستوى السياسي قادر على التحكم بالوتيرة والتوقيت واختيار السياق الملائم لتظهير الموضوع إلى الإعلام، وتحويله إلى حدث سياسي له نتائجه الداخلية.
وتضاف هدية بوتين لنتنياهو إلى هدية أخرى كان قد أسداها إليه الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بتوقيعه الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان السوري المحتل. وإذا كانت خطوة ترامب مرتبطة بما يحضّر له الطرفان ــــ بالتعاون مع الشركاء العرب ــــ للمنطقة تحت عنوان «صفقة القرن» فإن خطوة بوتين تنسجم والسياسة العامة التي تنتهجها موسكو حيال تل أبيب والقائمة على الحرص على أحسن العلاقات الثنائية. وهي تؤكد في الوقت نفسه حقيقة المسافة التي تفصل بين موسكو ومحور المقاومة في الموقف من إسرائيل، وأن لكل منهما رؤيته وخياره وموقفه وأولوياته التي تتقاطع أحياناً وتتباين أحياناً أخرى. وعليه قد تكون الخطوة الروسية الأخيرة مفاجئة بمعايير محددة، لكنها تتلاءم مع أداء موسكو على الساحة السورية حيث تحاول الجمع بين تقاطعاتها مع محور المقاومة في مواجهة الإرهاب والضغوط الأميركية وبين علاقاتها بتل أبيب.
وفي ما يتعلق بالنقطة الأخيرة تحديداً يتوقع كل من طرفي العلاقة من الآخر أن يراعي مصالحه رغم الاختلافات. إذ ترى تل أبيب في موسكو بوابة إلزامية لأي ترتيب سياسي ــــ أمني على الساحة السورية وكذلك ضمانة لعدم الانزلاق نحو مواجهة عسكرية واسعة مع محور المقاومة. في المقابل، تحاول موسكو رسم معادلات ومسارات للطرف الإسرائيلي ــــ بقدر ما ــــ بما ينسجم ومصالحها على الساحة السورية.
وفي هذا الإطار لفت معلق الشؤون الأمنية في صحيفة «معاريف» يوسي ميلمان إلى أنه «بالنسبة إلى الرئيس الروسي لا يوجد شيء مجاني» وعاجلاً أو آجلاً سيجبي بوتين الثمن مقابل المساعدة التي قدمتها أجهزة الاستخبارات الروسية، هذا إذا لم تكن إسرائيل قد دفعت إلى الآن.
وفي سياق متصل التقى رئيس الأركان الروسي أمس كبار قادة الجيش الإسرائيلي خلال زيارة نتنياهو لموسكو. ولفتت تقارير إعلامية إلى أن موسكو طلبت خلال اللقاء «وقت إنذار أطول قبل العمليات الإسرائيلية في الساحة السورية» لكن الطرفين لم يتوصلا إلى اتفاق. كما تضمن اللقاء نقاشاً حول صفقة «أس 300» مع سوريا.
وبحسب مصادر إسرائيلية فإن الهدف الأساسي للزيارة هو ترميم العلاقات بين الجيشين. إلى ذلك، أكد مصدر سياسي في محيط نتنياهو أن الأخير ناقش مع بوتين سبعة مواضيع، وأنه لم يتم التوصل إلى تفاهمات نهائية بخصوص معظمها. ولفت المصدر إلى أن إسرائيل «تتحدث مع الروس حول الموضوع (الجندي) منذ عامين وقد عرضنا معلومات استخبارية ذات جودة ونقلناها إليهم ومنذ ذلك الحين التقى الرئيسان 4 مرات وطرح الموضوع في كل اللقاءات». وفي محاولة لتسويق دور نتنياهو في العلاقات الدولية التي تخدم إسرائيل أضاف المصدر إن «العلاقات المباشرة بين بوتين ونتنياهو تخدمنا أيضاً مقابل إيران وحزب الله، وأيضاً في مواضيع دولية أخرى العلاقة أوصلتنا بعيداً».
دمشق: لا علم لنا بموضوع «زخاريا»
قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس خلال استقباله رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو إن «شركاءنا السوريين ساعدوا في العثور على رفات (الجندي الإسرائيلي القتيل) زخاريا باومل».
لكن مصدراً إعلامياً سورياً أكد أنه «لا علم لسوريا بموضوع رفات الجندي الإسرائيلي» معتبراً «ما جرى دليلاً جديداً يؤكد تعاون المجموعات الإرهابية مع الموساد». وشدد المصدر على أنه «ليس لدينا أي معلومات حول موضوع الرفات برمّته ولا وجوده من عدمه».
والجدير ذكره، هنا أن هذه ليست المرة الأولى التي تدّعي فيها موسكو وجود تعاون مع دمشق على هذا الموضوع إذ سبق لوزارة الدفاع الروسية أن أعلنت في بيان العام الماضي أن قواتها العاملة في سوريا «نظّمت عملية بحث بناءً على طلب إسرائيل للعثور على رفات عسكريين إسرائيليين بعدما تم التوافق عليها مع شركاء سوريين على المستوى العملياتي». وأضاف البيان إن «البحث أجري في منطقة عمليات عسكرية داخل أراضٍ يسيطر عليها داعش... وخلالها تعرض العسكريون الروس لإطلاق نار من قِبَل الإرهابيين... ورغم ذلك كانت روسيا مستعدة لإكمال العملية».
المزيد في هذا القسم:
- 34 شهيدا وجريحا بتفجير نفذه انتحاري في الكاظمية المرصاد نت - متابعات أفاد مصدر أمني عراقي الاحد بأن الانفجار الذي شهدته مدينة الكاظمية اليوم نفذه انتحاري بحزام ناسف واشار الى أن التفجير اسفر عن استشهاد واصا...
- 222 عام من الإجرام والقتل.. أرقام وحقائق عن حروب أمريكا المرصاد نت - متابعات تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية الذي لم يتجاوز الـ 235 عام منذ نهاية حرب الاستقلال يعج بأعداد هائلة من الحروب لم يسبقه عليها أي دولة في ...
- مجلس الأمن يبحث التصعيد بين روسيا وأوكرانيا ! المرصاد نت - متابعات يعقد مجلس الأمن الدولي اليوم اجتماعاً طارئاً يبحث خلاله التصعيد العسكري الذي حصل أمس بين روسيا وأوكرانيا على خلفية احتجاز البحرية الروسية...
- الجيش العربي السوري يبدأ اليوم هدنةً في منطقة خفض التصعيد في إدلب! المرصاد نت - متابعات أعلن مصدر عسكري سوري موافقة الجيش العربي السوري على وقف إطلاق النار في منطقة خفض التصعيد بإدلب اعتباراً من صباح اليوم مع الاحتفاظ بحق الر...
- استشهاد 54 عسكرياً مصرياً في اشتباكات مع مسلحين في الجيزة المرصاد نت - متابعات ارتفعت حصيلة الاشتباكات بين الشرطة المصرية ومسلّحين من جماعة "سواعد مصر – حسم" في الواحات بالجيزة جنوب غرب القاهرة إلى 54 شهيداً من...
- السودان : المحتجّون يتجاهلون تودّد السلطات.. الاعتراف وحده لا يكفي! المرصاد نت - متابعات تتبدّل عناوين التظاهرات المندلعة في السودان للأسبوع السابع على التوالي بحسب تبدّل ممارسات نظام الرئيس عمر البشير والتي حوّلت دوافع المحتج...
- حرام الأمس حلال اليوم .. المرأة السعودية تدهس بني سعود ! المرصاد نت - متابعات حين تشير عقارب الساعة إلى الثانية عشرة صباح يوم الأحد 24 حزيران/يونيو سيتغير المشهد في شوارع مملكة النفط وستكون النساء حاضرات للجلوس خلف ...
- 5 أسباب رئيسية جديدة تؤكد مصرية تيران و صنافير! المرصاد نت - متابعات تتفاعل يوما بعد يوم المعارك السياسية بين كل من مصر و السعودية حول ملكية جزيرتي تيران وصنافير و في هذا الخصوص تتكشف معطيات جديدة تؤكد ملكي...
- سلطنة عمان: من التوازن نحو الاتزان! المرصاد نت - متابعات تعدّ سلطنة عمان أكثر دول مجلس التعاون توازناً واتزانا فقد نجحت مسقط بقيادة السلطان قابوس بن سعيد خلال العقود الماضية في تجنيب البلاد أيّ ...
- اعتقال ٣ اشخاص من المتورطين بتفجيرات كربلاء وبابل وبغداد أفادت معلومات صحفية عن اعتقال ٣ اشخاص من المتورطين بتفجيرات محافظة كربلاء وناحية الكفل بمحافظة بابل وقضاء المحمودية في بغداد. وفي سياق اخر شنت قوة من الجيش الع...