الجيش يتقدم في جنوبي حلب واجتماع لمجلس الأمن حول سوريا!

المرصاد نت - متابعات

استعاد الجيش العربي السوري عدة مناطق وبلدات في طوق مدينة حلب الجنوبي الغربي، بعد وقت قصير على دخوله مدينة معرّة النعمان ومحيطها في ريف إدلب الجنوبي ودخلت وحدات الجيش Syria Army2020.1.29اليوم منطقة «الراشدين 5» وهي ضاحية سكنية ملاصقة لمدينة حلب إلى جانب معراتا ومستودعات الوقود ورحبة التسليح ومستودعات خان طومان إلى الجنوب من «الراشدين 5» والشرق من الطريق الدولي حلب ــ حماة.
وتوازياً مع التقدم كثف الجيش قصفه المدفعي والصاروخي للمناطق المحاذية لخط التماس غربي الطريق الدولي وصولاً إلى بلدة كفرناها. وأعلن الجيش العربي السوري اليوم سيطرته على معرة النعمان ثانية أكبر مدن محافظة إدلب مقترباً خطوة إضافية مهمة من استعادة السيطرة على الطريق الدولي حلب ــ حماة. وكانت وحداته دخلت المدينة أمس، بعد تطويقها وانسحاب جزء كبير من المسلحين إلى خارجها.

اتهامات تركية لموسكو!
تشمل عمليات الجيش العربي السوري الأخيرة مواقع عديدة تضم نقاط مراقبة تركية، انتشرت بموجب «اتفاق أستانا»؛ ورغم حصار بعض تلك النقاط وارتفاع حدة القصف على محيط بعضها الآخر، فإن أنقرة لم تسحب أياً من جنودها منها.

ومع ارتفاع زخم تحرك الجيش اتّهم الرئيس التركي رجب طيب إردوغان اليوم موسكو بعدم احترام الاتفاقات المبرمة بشأن منطقة «خفض التصعيد» في شمال غرب سوريا ولا سيما مع مشاركة سلاح الجو الروسي في الطلعات الجوية فوق تلك المنطقة. وقال إردوغان، وفق ما نقلت عنه وكالة أنباء «الأناضول» الرسمية: «أبرمنا مع روسيا هذه الاتفاقات (...). إذا كانت روسيا لا تحترمها إذاً سنفعل الأمر نفسه. للأسف، في الوقت الحالي روسيا لا تحترمها».

غير أن معلومات ميدانية تفيد بأن الجانب التركي تواصل عبر القنوات العسكرية مع موسكو، في محاولة لضمان عدم استهداف نقاط المراقبة خلال العمليات العسكرية الجارية في ريفي إدلب وحلب.

مجلس الأمن يلتئم
يجتمع اليوم أعضاء مجلس الأمن الدولي في جلستين لبحث الوضع في سوريا كانتا مقرّرتين غداً، من دون أن يتضح سبب تغيير الموعد المفترض. وستخصّص الجلسة الصباحية الأولى لبحث الملف الإنساني وتطوراته ولا سيما في ضوء العمليات العسكرية المستمرة في شمال غرب سوريا. على أن تبحث الجلسة التي تعقد بعد الظهر (بتوقيت نيويورك) الوضع السياسي ومسار «التسوية» المتعثّر في جنيف.

بيدرسن في دمشق

توازياً مع التطورات الميدانية، استقبل وزير الخارجية السوري وليد المعلم اليوم في دمشق مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن حيث جرى بحث العملية السياسية وفق بيان صادر عن وزارة الخارجية السورية. وأكد الطرفان وفق البيان «أهمية الالتزام بقواعد وإجراءات عمل لجنة مناقشة الدستور للحفاظ على قرارها السوري المستقل من دون أي تدخل خارجي من أي جهة كانت».

معرّة النعمان بيد الجيش السوري: سراقب وأريحا هدفان تاليان
بات الإعلان الرسمي عن سيطرة الجيش العربي السوري على مدينة معرّة النعمان في ريف إدلب الجنوبي مسألة وقت فقط، إذ تمكّنت قوات الجيش من الدخول إليها فعلياً فيما يجري تمشيطها حالياً قبل إعلانها خالية من المسلحين. ومن المتوقع أن تتواصل العمليات على امتداد الطريق الدولي «M5» مع تدشين محاور أخرى في اتجاه طريق «M4». وانطلقت أمس جهود تفاوضية بغية عقد اتفاق مع المجتمع المحلي في مدينتَي سراقب وأريحا بما يتيح عودة العلم السوري إليهما من دون عمليات عسكرية برية. على خطّ موازٍ يواصل المبعوث الأممي غير بيدرسون جهوده بغية بثّ الروح في مسار «اللجنة الدستورية».

لا تبدو معرّة النعمان سوى محطة في سياق عمليات الجيش العربي السوري وحلفائه، على طريق إحلال خريطة سيطرة جديدة في أرياف حلب وإدلب واللاذقية. وعلى رغم أن العمليات البرية لم تُدشّن فعلياً في ريف حلب الغربي، إلا أن تغيير خريطة السيطرة على هذا المحور يبدو أمراً لا مناص منه، قبل إعادة إحياء الطريق الدولي حماه ــــ حلب (M5). أما في ريف إدلب فتوحي المعطيات المتوافرة بأن القوات المتقدّمة لن تتوقف عند مدينة معرّة النعمان الاستراتيجية، ولا حتى لالتقاط الأنفاس، بل ستواصل خطّ سير العمليات المقرّر سلفاً، وعلى محاور عدّة. وخلافاً لما كان المشهد عليه في المرحلة السابقة من العمليات، فإن بنك أهداف المرحلة الحالية لم يعد مقتصراً على ما تبقى من نقاط على الأوتوستراد الدولي «M5» (حلب، دمشق) خارج سيطرة دمشق وأهمّها مدينة سراقب.

إذ بات من شبه المحسوم أن بوصلة العمليات تؤشّر نحو مسارات أخرى على رأسها مدينة أريحا جنوب مدينة إدلب، والتي تُعدّ مفتاحاً للطريق الدولي حلب ــــ اللاذقية (M4). وحتى الآن، لا يزال محور التقدم شمالي معرّة النعمان صالحاً لقطع مزيد من الخطوات نحو سراقب بوتيرة متسارعة، ومن دون الحاجة إلى انتظار استكمال عمليات التمشيط والتثبيت في معرة النعمان، ولا سيما إذا ما أتيح للجيش أن يسيطر سريعاً ــــ كما هو متوقع ــــ على قرية خان السبل التي تبعد أقلّ من 15 كلم، جنوبي سراقب. في الوقت نفسه يبدو الانطلاق من معرّة النعمان باتجاه الشمال الغربي مساراً إضافياً مرجّحاً، في مسعى للوصول إلى «M4» عبر بوابته الجنوبية ما قد يؤدي إلى تطويق عشرات القرى والبلدات في ريف إدلب الجنوبي (أبرزها كفرنبل)، ويمهّد للتفرغ لمعركة قد تكون الأصعب، وهي معركة جسر الشغور.

وتتحدث مصادر سورية واسعة الاطلاع عن هدفين أساسيين للعمليات الراهنة أوّلهما «تطبيق التوافقات المعطّلة بسبب تنصّل أنقرة من تنفيذ التزاماتها (في إشارة إلى اتفاق سوتشي الخاص بإدلب)، وثانيهما مواصلة دحر الإرهاب وصولاً إلى تحرير كامل التراب السوري». ويؤكد مصدر عسكري رفيع أن «التوقف المؤقّت الذي شاب العمليات في المرحلة السابقة، جاء بغية إتاحة فرصة أخيرة لأنقرة، كي تسحب إرهابييها من هذه المناطق أما الآن فالتوقف لم يعد وارداً». يرفض المصدر الخوض في تفصيلات كثيرة، على رأسها مستقبل نقاط المراقبة التركية، ويقول إن «هذه الأمور متعلقة بالملف السياسي، وقرارها عند القيادة نحن نعمل على الأرض، وجاهزون للتحرير بمجرد ورود الأوامر، ولا يوقفنا عن ذلك لا أتراك ولا غيرهم». ويشكل مصير نقاط المراقبة التركية ركناً أساسياً من أركان المرحلة المقبلة، سواء في الشقّين الميداني أو السياسي.

وعلى امتداد الشهور الماضية، أسفرت معارك إدلب، بمراحلها المختلفة، عن تطويق الجيش العربي السوري اثنتين من نقاط المراقبة التركية في مورك وأم الصرمان، قبل أن تنضمّ إليهما أخيراً «نقطة معرحطاط». وأصدرت وزارة الدفاع التركية، أمس، بياناً لوّحت فيه بـ«الردّ على أيّ محاولة لتعريض أمن نقاط المراقبة العاملة في نطاق اتفاقات أستانا، وسوتشي (للخطر) دون أي تردد». جاء ذلك عقب أنباء عن إنشاء نقطة تركية جديدة في صوامع الحبوب جنوبي مدينة سراقب على رغم كون الأخيرة وجهة حتمية لعمليات الجيش السوري. ومن المرجح أن عمل النقاط التركية سيعاد تفعيله مستقبلاً مع إعادة تموضع لبعضها بموجب اتفاقات تُعلَن في حينها، وبما ينسجم مع التغيرات الميدانية، حال عودة الطريقين الدوليين «M4» و«M5» إلى الخدمة.

وعلى أهمية كلّ المستجدات الميدانية المتسارعة بحدّ ذاتها، غير أن الأهمية الأكبر تتجلى في تزامن هذه المستجدّات مع تكثيف المبعوث الدولي، غير بيدرسون، جهوده على طريق إعادة لمّ شمل «اللجنة المصغرة» المنبثقة عن «اللجنة الدستورية». وتقدم الصورة الكلية مشهداً فريداً، خلاصته أن تقدّم الجيش السوري وحلفائه في إدلب هو المفتاح الفعلي لعودة الحرارة إلى مسار «الدستورية» في جنيف. وكان بيدرسون قد وصل إلى دمشق أمس في زيارة تطمح إلى التوافق على موعد تقريبي جديد لبدء الجولة الثالثة من جولات «اللجنة المصغّرة» والتي يُفترض بها أن تكون منطلقاً فعلياً لأعمال اللجنة. وتقول مصادر دبلوماسية اطّلعت على كواليس زيارة قام بها بيدرسون قبل أيام إلى موسكو إن المبعوث «نُصح هناك بتركيز جهوده على التفاصيل المرتبطة بعمل الدستورية فقط وعدم التطرّق إلى العمليات العسكرية أو المطالبة بوقفها». وإذا ما كُتب لزيارة المبعوث الأممي إلى دمشق النجاح، فمن المرجح أن يدعو قريباً إلى جولة جديدة في الأسبوع الأخير من شهر شباط المقبل.

بدء وساطات لتسليم المدن
في سباق مع العمليات العسكرية، دُشّن، أمس، مسار تفاوضي يفتح الباب أمام التوصّل إلى تسويات في كلّ من مدينتَي سراقب وأريحا. ويتصدّى لمهمة الوساطة الشيخ عمر رحمون عضو «هيئة المصالحة الوطنية». وسبق لرحمون أن أدّى دوراً في التسوية النهائية لأحياء حلب الشرقية، وكان قريباً من النجاح في وساطة في شأن معرّة النعمان قبل شهر من الآن، قبل أن ينهار المسار التفاوضي . وقال رحمون إنّه تواصل مع كثير من الفاعلين في المدينتين و«عرض عليهم الصلح بشكل جدي» من دون أن يتلقى ردّاً حتى مساء أمس. وينصّ العرض الأوّلي الذي قدّمه رحمون لأهالي المدينتين على قيامهم بـ«طرد المسلّحين ورفع العلم السوري». ويؤكد رحمون أن وساطته مدعومة بـ«ضوء أخضر من دمشق وموسكو».

المزيد في هذا القسم:

المزيد من: الأخبار العربية والعالمية