المرصاد نت - متابعات
يُتَوِّج الهجوم على مقهيَين لتدخين «الشيشة»، أول من أمس، في بلدة هاناو شرق فرانكفورت الألمانية، سلسلة من الهجمات الإرهابية التي نفّذها خلال الأعوام الماضية يمينيون أوروبيون متطرّفون في ألمانيا وغيرها. إلا أن هذا الهجوم هو «النازي» الأكبر في ألمانيا منذ أعوام، بعدما سجّل العام الماضي هجوماً في مدينة هالي في تشرين الأول/ أكتوبر، واغتيال السياسي في «الحزب الديموقراطي المسيحي» فالتر لوبكه في حزيران/ يونيو. ويبدو التهديد الأمني، الناتج من التطرّف العنصري والديني، والتغييرات الاجتماعية المتأتّية من الأزمات الاقتصادية، وتناقص أعداد السكّان الأصليين، وموجات الهجرة، والكباش الروسي ــــ الأميركي، الخطر الأول على القارة المفكّكة والمهدّدة بـ«حرب الأنابيب»، حتى باتت ظواهر الإرهاب تلخّص مجمل الأزمة الأوروبية.
لا تختلف حيثيات الهجوم، الذي وقع ليل الأربعاء ــــ الخميس، كثيراً، عن العمليات السابقة؛ إذ يخلّف المهاجم آثاراً «دعائية» يشرح فيها خلفيّاته ومنطلقاته لتنفيذ هجومه، إمّا عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أو كما فعل توبيا راجين (43 عاماً) الذي ترك خلفه رسالة مكتوبة من 24 صفحة مليئة بالخرافات العنصرية النازية والعداء لسكان الشرق بشكل عام. واللافت في رسالة راجين قوله إن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، سَرَق أفكاره. في تفاصيل الهجوم، فإن راجين اقتحم مقهى لتدخين «الشيشة» يرتاده مهاجرون، وأطلق النار على روّاده من بندقية حربية، قبل أن ينتقل بسيارته إلى مقهى مماثل قريب، ويقوم بهجومه الثاني، مُخلّفاً تسع ضحايا، بينهم خمسة مهاجرين أتراك، وأمّ لطفلين تحمل في بطنها جنيناً ثالثاً، على ما أعلنت الشرطة الألمانية. ولاحقاً، عثرت الشرطة على جثّة المهاجم وجثّة والدته، ورجّحت أن يكون قد أطلق النار عليها قبل أن ينتحر، في رواية تحتمل التشكيك.
ويمثّل الإعلام الدور الأبرز في تحديد الوجهة السياسية لتفاعلات ما بعد الهجمات، وكيفية تأثّر الرأي العام بها. فهجمات اليمين المتطرّف لا تشكّل المادة الجذّابة ذاتها للإعلام الغربي، الذي تشكّله هجمات الإرهاب من خلفية التطرّف الإسلامي، فنرى تمايزاً في حجم التغطية الإعلامية: تعتيم وتركيز على الدوافع الشخصية في الأولى، ومبالغة في تغطية الثانية مع ربطها بالدوافع الدينية في ما قد يصل الى حدّ «الإسلاموفوبيا» في بعض الوسائل. سبق لحركات اليمين الأوروبي المتطرّف أن قويت ثم خمدت في مراحل عدة طوال القرن الماضي، لكنها تنتعش هذه الأيام، بعدما تضاعفت أعدادها بشكل خطير في السنوات الأخيرة. وقبل أيام، اعتقلت السلطات في برلين مجموعة يمينية متطرّفة من 12 عضواً، كانت تنوي تنفيذ هجمات ضدّ مساجد، بخلفيات عنصرية تمزج بين التطرّف ضدّ المسلمين ورهاب المهاجرين والغرباء.
وليس سرّاً الدفع الذي منحته الحرب في أوكرانيا لحركات اليمين المتطرّف ذات الجذور النازية. وتزامن ذلك مع انفجار موجات اللجوء عبر المتوسّط وعبر تركيا من أفغانستان وسوريا والعراق وشمال أفريقيا في العقد الأخير، والهجمات الإرهابية الكبيرة التي نفذها تنظيم «داعش»، وانتشار ظاهرة «الذئاب المنفردة» المرتبطة فكرياً بالتنظيم. فغالبية هذه الحركات لها امتداد على طول القارة من أوروبا الغربية إلى الشرقية، مروراً ببولندا وأوكرانيا، وباتت تستمدّ من بروباغندا التهويل بالخطر الروسي واللجوء وعنف «داعش» وقوداً لنشر أفكارها وجذب المريدين. ولعلّ تعاظم قوّة اليمين في بولندا، والدعم الأميركي اللامتناهي لوارسو لتأسيس تحالف من ثماني دول في أوروبا الشرقية لمواجهة روسيا، سيخلق في المستقبل زخماً لليمين الأوروبي المتطرّف بشكل عام، ولا سيّما في ألمانيا، التي ترتبط حركاتها اليمينية ارتباطاً وثيقاً باليمين البولوني.
ما يزيد المشهد تعقيداً، الدور الذي يقوم به الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، واستخبارات بلاده، و«حزب العدالة والتنمية»، في البلاد التي ينتشر فيها المهاجرون الأتراك وأكراد تركيا، ولا سيّما في ألمانيا التي تستصيف مليونَي تركي. إذ يتنقّل مسؤولو الحزب وضباط الاستخبارات بكلّ حرّية في ألمانيا للعمل على تنظيم المهاجرين الأتراك، واستخدامهم للتأثير في العمليات الانتخابية في داخل ألمانيا، وكذلك في استقطاب المهاجرين المسلمين بشكل عام تحت عناوين مختلفة، دينية واجتماعية.
المزيد في هذا القسم:
- بكين وموسكو تقاطعان مؤتمر المنامة: «إنهاء الأونروا» على رأس جدول الأعمال ! المرصاد نت - متابعات على مسافة شهر من الورشة الاقتصادية التي تروّج لها الولايات المتحدة الأميركية ضمن خطتها المُسمّاة «صفقة القرن» أعلنت كلّ من الصين وروسيا أ...
- بوتين يلتقي أردوغان في أنقرة وأنباء عن وقف لإطلاق النار شمال سوريا المرصاد نت - متابعات استقبل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان نظيره الروسي فلاديمير بوتين بالقصر الرئاسي في أنقرة الذي وصل تركيا في زيارة رسمية الخميس تتخللها لقا...
- جيش ميانمار وميليشياته يواصلان حرق منازل الروهينغا المرصاد نت - متابعات يواصل جيش ميانمار وميليشياته البوذية أعمال حرق منازل الروهينغا حيث لم تحدث أي تهدئة للعمليات العسكرية ضد المسلمين في ولاية أراكان غربي مي...
- فلسطين : شهيدان في رام الله وإسرائيل تخشى الضفة! المرصاد نت - متابعات بينما أفاقت الضفة على خبر استشهاد شابين في حادث لم تُعرف تفاصيله الدقيقة بعد حذّرت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية حكومتها من «استفزاز ...
- برلين توافق على صفقة أسلحة مثيرة للجدل مع السعودية المرصاد نت - متابعات أطلع وزير الاقتصاد الألماني زيغمار غابريل البرلمان الألماني (بوندستاغ) على قرار مجلس الأمن الاتحادي الذي ينعقد سرا في خطاب نُشر اليوم الأ...
- الفايننشال تايمز: مجلس التعاون الخليجي يواجه خطر التفكك والانقسام المرصاد نت - متابعات اعتبرت صحيفة الفايننشال تايمز في عددها الصادر اليوم الثلاثاء أن الأزمة القطرية تهدد بقاء وأسس مجلس التعاون الخليجي. وأشارت الصحيفة الى...
- مصر : مبارك يواجه مرسي لأول مرة في قاعة المحكمة! المرصاد نت - متابعات للمرة الأولى يواجه الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك الرئيس المصري السابق محمد مرسي داخل قاعة المحكمة. وخلال جلسة إعادة محاكمة مرسي مع أعض...
- السعودية والولايات المتحدة تفرضان عقوبات جديدة على "حزب الله" المرصاد نت - متابعات أدرج النظام السعودي والامريكي الخميس 20 أكتوبر/تشرين الأول عددا من الأشخاص في قائمتي عقوباتهما للارتباط بأنشطة "حزب الله" اللبناني المصنف...
- أزمة اللاجئين السوريين ... السياسة تتفوّق على البُعد الإنساني المرصاد نت - متابعات منذ الاندلاعات الأولى للأزمة السورية عام 2011 شجّعت الأطراف الخارجية المُناوئة للنظام السوريين على اللجوء إلى دول الجوار أملاً في استخدام...
- هدية السيسي لنتنياهو.. الغاز مقابل رئاسة آمنة المرصاد نت - متابعات رأى مراقبون أن تعليق رئيس الوزراء "الإسرائيلي" بنيامين نتنياهو على صفقة الغاز الأخيرة مع مصر بأنه يوم عيد لإسرائيل يعدّ تعبيرا صادقا عن ق...