المرصاد نت - نور أيوب
في حدث تصدّر المشهد السياسي العراقي وصل أمس زعيم «التيّار الصدري» مقتدى الصدر إلى السعودية حيث حلّ ضيفاً على ولي العهد محمد بن سلمان وعرض معه «العلاقات السعودية ــ العراقية وعدداً من المسائل ذات الاهتمام المشترك» وفق الإعلان السعودي الرسمي
ألقى مقتدى الصدر قنبلة سياسية من العيار الثقيل حين حلّ ضيفاً على أرفع المسؤولين السعوديين في زيارة يقول العارفون في تفاصيل السياسة العراقية إنّها «تُخرِج إلى العلن» علاقة كانت «سرية» حتى يوم أمس.
وبرغم أنّ تحضيرات الزيارة أُحيطت بكثير من التكتم على مرّ الأيام الماضية حتى «داخل البيت الصدري خشية التسريبات» كما تقول مصادر منه إلا أنّ الحدث «ليس محض صدفة». ووفق هؤلاء «هي تكلل جهوداً طويلة من التنسيق بين الرياض والحنانة» في إشارة إلى مكان إقامة الصدر في النجف.
ولا يحمل الصدر صفة رسمية إنما يجري زيارته بصفته «زعيماً عراقياً». وإذا سارع البعض إلى مقارنتها بالزيارة الأخيرة لرئيس الوزراء حيدر العبادي للسعودية (قبل نحو شهر)، فإنّ المفارقة أنّ زيارة العبادي جاءت «بالتنسيق مع جميع الأطراف الإقليمية وسعت إلى تكريس رؤيته التي تقول إنّ بغداد لا تنحاز لأي طرف على حساب آخر في ظل الاشتباك الإقليمي». التساؤل بشأن هذا الأمر يدفع بمصادر عراقية رفيعة المستوى إلى الإجابة: «إنّ عنوان الزيارة هو وداعٌ صدرِيٌّ لطهران».
ولعل من المهم الإشارة إلى أنّ العبادي الذي شرّع الباب أمام العلاقات السعودية ــ العراقية جاءت زيارته لـ«الدولة الجارة» بالتنسيق مع طهران وتشجيعها لدوره الإيجابي المتفاعل مع محيطه العربي. ووفق معلومات أراد الصدر تنسيق زيارته مع المعنيين الإيرانيين طلب موعداً مستعجلاً لحظة وصول أحد المسؤولين الإيرانيين إلى «عاصمة الرشيد» لكنه سمع جواباً حاسماً: «الزيارة مرفوضة وغير مبررة». ارتأى «السيّد» تنفيذ وجهة نظره أما طهران فقد حسمت موقفها من أن الرجل قد خرج من سرب القوى المتحالفة معها ويريد البحث عن حليفٍ إقليمي يقوّي حظوظه في تحقيق مشروعه السياسي والذي سيكون أول امتحاناته الانتخابات النيابية المقبلة (نيسان 2018).
لقاءات السبهان
قبل عامين نادى أنصار الصدر في وسط العاصمة بغداد بشعار «إيران برّا برّا» سريعاً سافر الرجل إلى طهران لتبرير «جهل» بعض أنصاره إلا أنّ السفير السعودي السابق لدى بغداد ثامر السبهان انتظر عودته مليّاً لـ«نسج علاقةٍ طيبةٍ مع ابن الصدر».
أمس حين حطّت الطائرة في «مطار الملك عبد العزيز الدولي» في جدّة كان في استقباله وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج العربي ثامر السبهان بعدما عُيِّن في هذا المنصب قبل نحو عام إثر «طرده» من العراق.
ويعكس الاستقبال الحارّ الذي حظي به الصدر علاقة «طيبة» بين الرجلين وظهورٌ علني لها. ومن الجدير ذكره أنّ لقاءاتهما السريّة بدأت في العراق وتوطّدت في بيروت (أثناء زيارة الصدر الأخيرة للعاصمة اللبنانية منذ أشهر) حيث أجرى الطرفان سلسلة اجتماعات في السفارة السعودية في العاصمة اللبنانية. تُضاف إلى ذلك زيارات الوفود «الصدريّة» للسفارة السعودية في العاصمتين العربيتين للتنسيق بين الرياض والحنّانة.
ولعلّ الرياض أرادت من استقبال السبهان للصدر قبل توجه الأخير للقاء ابن سلمان استفزاز إيران وإعطاءها إشارة إلى أنّ العراق دخل مرحلة تريد السعودية الحضور فيها تحت شعار «الحضور العروبي في مواجهة إيران».
ومن المرجّح أن يناقش الصدر مع المسؤولين السعوديين القانون الانتخابي بعدما أبرم تحالفاً مع إياد علّاوي ــ المقرّب من الرياض ــ على إمرار القانون الداعم للدوائر الانتخابية الصغرى؛ وهو ما يريده الرجلان لتحقيق أكبر عددٍ من المقاعد عدا عن أن الصدر بدأ بالبحث جديّاً عن مصدر لتمويل مشروعه وهو أمرٌ سيلقى صداه في المملكة التي لن تحبس جهداً عن «رجل شيعي» يحظى بحضورٍ قويٍّ في الشارع العراقي هدفه كسر «الشوكة» الإيرانية، فـ«ابن النجف» يتلاقى بقوّة مع المشروع السعودي: إيران بلا عراق... وبلا «حشدٍ شعبي».
لماذا الآن؟
تطرح الزيارة تساؤلاً: لماذا الآن. بعض القيادات العراقية لم تستغربها رأتها طبيعية فقد «آن للطبخة أن تستوي» فيما آخرون، فوجئوا بها بسبب توقيتها، لتزامنها مع هجمة القوات السعودية على مدنيي العوامية شرق البلاد، واستمرار المسؤولين السعوديين بمهاجمة قوات «الحشد» التي ساهمت في استعادة العديد من المناطق من تنظيم «داعش».
كذلك، لا يمكن مقاربة توقيت الزيارة من موقع الصدر فحسب، بل من باب زيارات المسؤولين العراقيين خارج البلاد. فبعد زيارة نائب رئيس الجمهورية نوري المالكي لروسيا، ولقائه الرئيس فلاديمير بوتين وتأكيد موسكو وفق مصادر المالكي أن الأخير «لا يزال حاضراً بقوة في المشهد السياسي» أراد الصدر التأكيد أن «داعميه» ليسوا من المحور الإيراني أو حلفائه إنما المحور العربي بقيادة السعودية بالتزامن ــ أيضاً ــ مع موجة تمهد لضرب المشاريع «الإسلامية» للأحزاب والقوى الموالية لطهران لمصلحة القوى المدنية والليبرالية، والتي ستكون السعودية حاضنتها، تحت شعار «القومية والعروبة».
ووفق معلومات فإن خطاب الصدر عند عودته سيكون «نارياً» تجاه حلفاء إيران أي المالكي وفصائل «الحشد» إضافةً إلى تحضير حراكٍ شعبي بعناوين رنانة يطالب فيها «بضرب المفسدين» و«حل الحشد وفصائله باعتبارها ميليشيات» (يضم الحشد فصيلاً تابعاً للتيّار، ويسمى سرايا السلام).
ويسعى الصدر في خطوته إلى «التفوّق» على أيٍّ من «المنفتحين الجدد» أو «الخارجين من الخيمة الإيرانية» في إشارةٍ إلى زعيم «تيّار الحكمة الوطني» عمّار الحكيم الذي انشق عن «نفسه» الأسبوع الماضي، ذلك أن معلوماتٍ تسري في الأوساط العراقية أن الحكيم في صدد التحضير لزيارةٍ خليجية لعرض مشروعه الجديد، وتحصيل «رُعاة» إقليميين له.
في المحصلة «بات الشعب ضحيةً لزعماء لا يملكون نضوجاً سياسياً كافياً»، بوصف مصدر عليم في أوضاع العراق. «فتنة بغداد باتت حاضرة، وأدواتها جاهزة تبدأ من طلاق طهران وتنتهي بعودة داعش سياسي يمحو كل إنجازٍ بُذل في العراق»، يضيف.
الصدر: نريد علاقات مع الرياض
اختصر بيانٌ مقتضبٌ أصدره «المكتب الخاص للصدر» الهدف من زيارة السعودية والتي «جاءت تلبيةً لدعوةٍ رسميةٍ منها». إذ استبشر بما «وجدناه انفراجاً إيجابياً في العلاقات السعودية ــ العراقية» آملاً أن تكون زيارته «بداية إنهاء فكر الحدّة الطائفية في المنطقة العربية الإسلامية». الصدر الذي حوّل منزله في حي الحنّانة إلى مقرٍّ لقيادة تيّاره تؤكّد مصادره أن «الزيارة تأتي تأكيداً على أهمية إعادة العلاقات بين السعودية والعراق» مضيفةً «الصدر من رجال الدين الشيعة القلائل في العراق الذين يطالبون بضرورة إقامة علاقات متوازنة مع كل دول الجوار». ويسعى الصدر الذي يزور السعودية بعد انقطاع دام 11 عاماً عنها إلى إزالة صورة مأخوذة عن العراق بوصفه بلداً سابحاً في الفلك الإيراني وسط خلافات بين الحنانة وطهران في عددٍ من قضايا المنطقة ولا سيما الأزمة السورية بعد دعوة الصدر الرئيس بشار الأسد إلى التنحي عن منصبه.
المزيد في هذا القسم:
- ألمانيا: ارتفاع اعداد الأطفال اللاجئين المفقودين المرصاد نت - متابعات أكدت تقارير صحفية ألمانية ارتفاع عدد الأطفال اللاجئين المفقودين في ولاية براندنبورغ شرق ألمانيا إلى 206 خلال العام الحالي يحملون ال...
- السياسة الأميركيّة نحو لبنان في عصر ترامب: بومبيو في الربوع ! المرصاد نت - متابعات ليس هناك من سياسة أميركيّة نحو لبنان ولم تكن هناك سياسة أميركيّة خاصّة بلبنان إلا في مراحل معيّنة من التاريخ العربي المعاصر. لكن ليس هذا ...
- مُكافحة الإرهاب: هل يُخلي الأميركيون الساحة الأفريقية؟ المرصاد نت - متابعات في خطوةٍ لافتةٍ ومُستغرَبة أعلنت وزارة الدفاع الأميركية نيّتها خفض عديد قوات مُكافحة الإرهاب في أفريقيا بنسبة 10% بهدف تحسين بنية الجيش ا...
- اوباما يلمحّ الى تسليم غولن لتركيا او محاكمته في أميركا المرصاد نت - متابعات قال الرئيس الاميركي باراك اوباما في هانغجو بالصين اليوم الاحد إن الولايات المتحدة مصممة على احالة مخططي ومنفذي المحاولة الانقلابية الفاشل...
- الكيان الصهيوني والكيان السعودي : توام استعماري سري لماذا يتم إظهاره الان ؟ المرصاد نت - متابعات بريطانيا التي هي رائدة الاستعمار في العالم امعنت في الاستعمار الى حد التخمة ولما شاخت نقلت تجربتها الاستعمارية الى الولايات المتحدة الامر...
- انتخابات تشريعية بالبحرين اليوم في ظل قمع المعارضة السياسية ! المرصاد نت - متابعات تشهد البحرين اليوم السبت انتخابات تشريعية وسط قلق شديد من منظمة العفو الدولية بسبب قمع المعارضة السياسية في البلاد. ووفق المنظمة فقد جرى ...
- بريطانيا تتهم روسيا بالتدخل في انتخاباتها عام 2019! المرصاد نت - متابعات اتهمت الحكومةُ البريطانية جهاتٍ روسيةً بالسعي للتدخلِ في الانتخاباتِ العامةِ لعامِ 2019 من خلالِ تسريبِ وثائقَ حكومية، مشيرةً لحصولِ تلك ا...
- الرئيس التونسي: ليس هناك أي سجين رأي في البلاد المرصاد-متابعات ال الرئيس التونسي تونس ليس فيها سجين رأي سجين موقف، اك لة ا الإقامة الجبرية بجرائم تدليس للسجن حسب قوله. البت لة "مواطنون ضد الانقلاب" لاق اح...
- كيف تحول التطبيع مع "اسرائيل" من جريمة الى موقف حكومي في السودان؟! المرصاد نت - متابعات "تطبيع العلاقات مع إسرائيل يمثل خطا أحمر" كلام لطالما ردده وتغنى به الرئيس السوداني عمر البشير ولكن اليوم على مايبدو فان الحكومة السوداني...
- الرعب یخیم علی العام المیلادي الجديد وشوارع أوروبا تكتظ بالجنود المرصاد نت - متابعات فيما تعهدت المستشارة آنجيلا ميركل يوم السبت في كلمة موجهة للألمان بمناسبة العام الجديد بسنّ قوانين من شأنها تحسين الأمن تأهبت القوات الأم...