المرصاد نت
كم نحن بحاجة للتنمية السياسية التي فقدنا أدوتها وهي الأحزاب لتتفوق من خلالها الأفكار والرؤى والقناعات على العصبيات، لتنتج لنا استراتيجية سياسية لتؤدّي إلى تطوير حالة الضعف السياسيّ اليوم.
إذا اردنا استقرار سياسي يسهم في استقرار امني واقتصادي واجتماعي، نعزز قدرتنا على مواجهة التحديات السياسيّة الداخلية والخارجية ليتحرر القرار من سلطة الفرد للجماعة السياسية، ليكن القرار قرارنا السيادي.
اريد لنا أن نفقد أهم ركن من أركان التحول السياسي والاجتماعي لتغيير ما هو مرفوض واسي لنحقق ما نصبو لها من تطلعات وآمال وتحول منشود.
عندما وجد الهامش الديمقراطي وجد التعدد ووجدت الأحزاب السياسية، تكتل الناس على أساس أفكارهم وقناعاتهم الفكرية والسياسية، ومع حداثة الفكرة، شابها كثيرا من القصور، لكنها شقت طريقها لتفرض واقعها على الجميع، حتى المتسلطين والنافذين، عسكرين وقبليين وقوى تقليدية وقوى الحداثة، كان مخاضا طبيعيا يحدث تغييرا على الجميع التكيف معه، مع محاولات احتواء العملية برمتها لخدمة مصلحة ضيقة (التوريث) تظل محاولات لكن الواقع يفرض تغييرا، من هذا التغيير تكتل الناس على اسس وطنية، برز اللقاء المشترك من كل القوى المتناحرة والرافضة لبعض، تفاعل مهم لأفكارها وقناعاتها، بناء جسور من الثقة وروابط وثوابت وطنية وانسانية، كانت القوى التقليدية والعصبية تنازع الموت في هذا المخاض، حتى تفجرت ثورة الربيع العربي.
استنجدت تلك القوى بحلفائها، وبدأت المؤامرة، تستهدف الأفكار والرؤى، وتجفيف منابعها وهي الأحزاب لتبرز بدلا عنها العصبيات.
فرض على المجتمع التعصب بانغلاق فكري ورؤى، محاولات اغلاق كل منافذ التنفس، لتتاح نافذة واحدة منها يحقن المجتمع تدريجيا بجرعات فاسدة، كراهية وأحقاد، ثارات وانتقام، ووعود الأحلام الوردية و أوهام طوباوية في سيناريو جهنمي، فيه سحر وتوهان وأجندات الخذلان، والهدف الارتهان والتبعية.
عندما تنشط الأفكار تفرض واقعا تقبل المختلف والتعامل الواعي مع الخلاف، هذا الوعي يجعل العقل يقظ منشغل دائم التفكير بكل شاردة وواردة، يحللها ويبلورها حتى يتمكن من القدرة على اكتشاف المعقول من اللا معقول، المعقول والمنطقي في كل ما يقرأ ويسمع، لامجال في عقل نشط وفاعل للأكاذيب والاشاعات والتدليس، يميزها ويرفضها، لا ننكر أن هناك كانت نخب، وكان لها دور محوري وفاعل في مقاومة التعصب والتخلص منه جهد المستطاع، كانت الفائدة أكثر من الضرر، وكانت هناك جهود تلملم الشتات وترمم النسيج , وتعزز الهوية والوطنية.
وعندما تغتال الأفكار تنشط العصبية، بالعصبية زالت حضارات وفشلت دول وتجارب انسانية عظيمة، العصبية هو التعصب هو رفض الآخر وانحياز تام للذات، مما يصعب على المتعصب أن يرى بموضوعية، التعصب هو عمى الألوان الفكري وفقدان البصيرة الواعية للحكم على الامور باتزان.
المتعصب لا يحترم الآخرين ويغلق نوافذ الراي والحرية وتعود حواجز الصمت والخوف، فالتعصب العقائدي لا يحترم العقائد الاخرى ولا المذاهب ولا الأطياف، وهكذا التعصب السياسي يرفض قبول الراي الآخر والفكر السياسي الآخر، وهذا ما يشحن المتعصب بالعنف ضد الآخر، تجربة واضحة في التعصب في ملاعب كرة القدم إذ انفلت العيار انهارت القيم وضاقت الصدور، ولا قبول للنتيجة.
الجريمة اليوم هي محاربة الأحزاب التي تمارس حقها القانوني والدستوري، كأفكار وقناعات ورؤى بعيدا عن العنف، العنف يفرض واقعه المتعصب كمشروع قتل واستباحة أعراض وانتهاكات وقهر وازدراء من الآخرين المختلفين، يستمد وجوده من منبع الكراهية والأحقاد والثارات وعقلية الانتقام كقاعدة للتدمير والخراب والتراكمات، هو مشروع انتحار للمتعصب نفسه ومن حوله والوطن الذي يسكنه.
ما يحدث اليوم في بلدي اليمن، ومدينتي عدن، هو نتاج تغييب نخب الوعي تلك وأدوات التنمية السياسية،ليتصدر المشهد الجهل والتعصب والعنف ومكوناتهما، حتى فقدت الثورة اهم اركانها وهو الوعي الجماهيري لتطلعات الناس في مستقبل آمن ومستقر يسوده الحب والتسامح يحقق المواطنة والكرامة ويسهل حق تقرير المصير بطرق امنه وسلسة، جهل وفراغ فكري تغلغلت منه الثورة المضادة وداعموها الاقليمون وحقن المجتمع بالتعصب واستدعاء الماضي وتغذية الخصومة الفاجرة والقطيعة، وسهل الارتهان والتبعية..
والله المستعان.
كتب: أحمد ناصر حميدان
المزيد في هذا القسم:
- أعترافات سياسي ! بقلم : أ. عبدالباسط الحبيشي المرصاد نت - خاص إعتراف رقم واحد ــــــــــــــــــــــــــــ لم أكن أعلم في الماضي بل كنتُ استغرب رغم كل مناشداتي المكثفة لماذا تم تحاشي او رفض ذكر مصطلح ...
- أطفال اليمن عذرا ! بقلم : علي حسين علي حميدالدين المرصاد نت رؤية : مع المتغيرات والحروب يفتقر الطفل اليمني للحليب والاستقرار الاجتماعي والمادي لكي يظمن عائله مستقبلا واضحا وحياة كريمة لمن يعول ،ويظل العدوان ...
- النموذج الامريكي لاحتلال اليمن ! بقلم : زيد الغرسي المرصاد نت لا تزال المحافظات الجنوبية الخاضعة للاحتلال الامريكي السعودي الاماراتي تشهد اغتيالات يومية تطال قيادات عسكرية ومدنية ومواطنين تحت عناوين عدة وتب...
- بيـــــــــان بسم الله الرحمن الرحيم إن ملتقى أبين للتصالح والتسامح والتضامن يدين العدوان السعودي الصهيوني الأمريكي على الأرض والسيادة والشعب والكرامة اليمنية في الشمال والج...
- لستم بحاجة للحوثي وعفاش لتبرروا انحطاطكم ! بقلم : محمد عايش المرصاد نت لستم بحاجة للحوثي وعفاش لتبرروا انحطاطكم .. أنتم منحطون من بيوتكم وبالولادة.. في تاريخ الأمم كلها لايعمل مع الغزاة من أبناء البلد إلا أراذل...
- خطورة الحكومات التشاركية ! بقلم : محمد محمد المقالح المرصاد نت الجماعة الطائفية او المناطقية او العرقية هي وحدها من لديها إحساس داخلي يقيني إنه لايحق لها أن تقود وحدها الوطن بمختلف تياراته ومناطقه وإنها لذلك...
- الرئيس دونالد ترمب لرئاسة أمريكا مدى الحياة ؟ كتب: عبدالباسط الحبيشي قد لا أتفق مع الرئيس دونالد ترمب في بعض القرارات الدولية من وجهة النظر العربية والإسلامية لكنني ...
- اليمن بعد 600 يوم من العدوان! بقلم : حامد البخيتي المرصاد نت 600 يوم من العدوان والجرائم البشعة التي ترتكب في حق ابناء اليمن بشكل يومي وحصار ظالم زاد من معاناة ابناء اليمن بشكل عزز من شعور كل يمني بالتفر...
- وهل استدعاء الخارج ضرورة وطنيه أيضا؟ بعد أن وصلوا إلى الحكم باسم رفع المعاناة عن كاهل المواطن اليمني، و برافعة الدفاع عن مصالح الشعب ضد الجرع والفساد و استعادة كرامته، والحفاظ على السيادة الوطنية، ...
- فليتوقف العدوان بأمر من هتلر وهولاكو ! بقلم : زيد البعوه . المرصاد نت لوكنا نقاتل هولاكو او هتلر لكانت الحرب قد انتهت بانتصار الشعب اليمني واعتراف الالمان والمغول بالهزيمة لوكان هتلر مازال حياً وقاتل الشعب اليمني ا...