ساقت الاقدار فخامة الرئيس هادي الى سدة الحكم في ظروف غاية في التعقيد , وليجد نفسه بين التزامين متضادين اولهما هو وجوب فرض تغيير حقيقي في البلد والاخر الحفاظ على حالة توافق بين قوتين كانتا هما السبب في ما وصلت اليه البلد من التردي , وضاعف من مصاعبه انه استلم دولة بكاملها شُكّلت بعين " النظام السابق " لا تستجيب اوعيتها له بالقدر الكافي . ويمكن القول انه بدأ مهمته الصعبة بشخصه عائما عكس التيار تماما كرحلة العودة لسمك السردين الى موطنه .
لم يكن المستوى الذي وصلته احداث ال 2011م ولا حالة انقسام النظام منذ تلك الاحداث ولا المبادرة الخليجية ولا ما تم من هيكلة للجيش ولا مؤتمر الحوار الوطني كافية لوضع البلد امام فرصة حقيقية للتغيير باعتبار ان كثير من شئون الدولة والحكومة ضلت تتأثر بتدخلات قوى النفوذ التي توجهها ما استطاعت باتجاه مضاد لتطلعات الوطن والشعب في تغيير حقيقي يفضي الى انتشال البلد من حالة التردي التي كانت هي المتسبب فيها ابتداء .
مع كل تلك المصاعب تمكن فخامة الرئيس من ان يمضي قدما ويسهم جوهريا في تفكيك قوى النفوذ ووصولا الى القضاء على نفوذها في ال 21 من سبتمبر 2014 م , فقد تصرف فخامته بما يمليه عليه الواجب الوطني وسلب قوى النفوذ اهم اسلحتها المتمثل في استخدامها للجيش لفرض تفردها ورغباتها التسلطية و قمع اي قوة تختلف معها وهو ما ساعد بقدر جوهري في تخليص الوطن من شرها .
شخصيا كثيرا ما اشدت ولفت الانتباه في كتاباتي ومقابلاتي مع وسائل الاعلام المختلفة لهذا الدور الطلائعي لفخامته , وقلتها مرارا انه بمواقفه تلك تجاه سلسلة الصراع مع قوى النفوذ من ال 2011م وحتى ال 2014 م اسهم جوهريا في تحرير البلد من قبضة قوى النفوذ , ولا يجب ان نجحد الرجل حقه ويجب ان نعترف له بفضل مواقفه ونثمنها عاليا .
نتيجة لحالة التناغم في الاداء التي سادت ما بين فخامة الرئيس وبين الثوار وفي مقدمتهم انصار الله اصبح البلد الان امام فرصة حقيقية للتغيير لم تتهيأ للبلد من قبل , والواجب على الجميع هو اقتناصها واستثمارها الاستثمار المطلوب في سبيل خلاص هذا البلد من حالة التردي التي يراوح فيها منذ عقود , وفي مقدمة ما هو مطلوب من الجميع التعاون لتوفير طاقم مختار بعناية يتولى ادارة الدولة والحكومة في هذه المرحلة يكون قادرا على ان يعبر بالبلد الى واقع جديد .
لم تكن الخطوة التي اقدم عليها فخامة الرئيس موفقة على الاطلاق , وهي خطوة غير مقبولة تماما وهو ما سيلمسه حتما من مختلف الفعاليات والشعبية خصوصا , فتكليف احمد عوض بن مبارك لتشكيل حكومة في ظرف حساس كهذا تقف فيه كل شئون البلد اقتصادا واجتماعا ووحدة ودولة وامنا وخدمات وتنمية ومعالجات واستقرار في اخر فرصة لها للتصحيح هي خطوة غير محسوبة جيدا , والامر هنا ليس شخصيا مع بن مبارك وانما لان المهمة تتطلب عناية اكثر بكثير في اختيار من يتولون ادارة الحكومة في هذه المرحلة وهذا الامر من جهة .
اما من جهة ثانية فان اعلان فخامة الرئيس قرار تكليف بن مبارك دون حصوله على توافق الجميع بحسب ما اتفق عليه في اتفاق السلم والشراكة يمثل خطوة غير مشجعة , فاغلب المشكلات التي يعاني منها الوطن منطلقة من نقطة عدم الالتزام بالاتفاقات هذه بالذات , وكان المفترض بفخامته ان يقف ضامنا للاتفاق ويمنع غيره من الخروج عليه ومحاولة فرض شخصية لا تحظى بتوافق الجميع وان يدفع هو باتجاه مزيد من التدارس للوصول الى شخصية يرضاها الجميع ومن ثم يقوم بتبنيها ودعمها لا ان يقوم هو بالعكس .
لفخامة الرئيس اقول ما فعلته الفترة الماضية من توليك لسدة الحكم في البلد ليس بالقليل ويمثل رصيدا وطنيا لك ان تعتز به , وواجبك اليوم هو ان تحافظ عليه وان تستكمل المشوار بما يفضي بهذا البلد الى الخير , وكما طالبنا الاخرين من قبل ان لا يجحدوا دورك في تخليص البلد من قوى النفوذ الان نطالبك انت ان لا تجحد نفسك ودورك وان لا تهدر رصيدك .
يا فخامة الرئيس عد عن هذا القرار الخاطئ , ولا اضنك ستكابر في خطاء , والامل فيك لازال قائما ان تمنح بلدك وشعبك فرصة حقيقة وحكومة مؤهلة كفؤة نزيهة جادة صادقة واسعة القبول تعمل معك ومع كل الخيرين للنهوض بهذا البلد الذي عانا طويلا .
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
المزيد في هذا القسم:
- قمة القمامه العربية في نواكشط ! بقلم : صلاح القرشي المرصاد نت ماذا تنتظرون من جامعة عربية ومن قمتها واغلب الحاضرين فيها والمهيمنين على مخرجات قراراتها انظمة حكم متحالفة مع اسرائيل وامريكا والغرب ؟؟؟ وماذا ت...
- لن نركع لكم ولن نستسلم ! بقلم : أحمد سيف حاشد المرصاد نت متورمون بالنفط والمال .. يعيشون التخمة والبذخ.. يمتلؤون بالكبر والغطرسة.. غارقون بهجة وزهو وفرح.. مهوسون بالخيلاء والتعالي ويوغلون بشرور البداوة ا...
- يفضحون أنفسهم من حيث لا يشعرون ! بقلم : أمة الملك الخاشب المرصاد نت كنت قد كتبت مقالا سابقا بعنوان أحيانا يخدمك العدو دون أن يشعر واليوم وبعد تصريح سفير ال سعود في واشنطن.. وجوابه بإستهتار وتكبر وعنجهية ووقاحة على ...
- ماهو النصف الأخر من أسلحة العدوان ؟ بقلم : ماجد السياغي المرصاد نت في زمن نضوج العولمة والتطور التكنولوجي العنيد اصبح للتقنية والمعلومة بشقيها المادي والمعرفي دوراً هاماً في صناعة الرأي العام وإنتاجه على المستويين ...
- ستعود اليمن بعد أن تنتهي هذه الحرب إلى عام 1919م! المرصاد نت من سخريات الاقدار ومكر التأريخ باليمن أن كل هذه الحروب والبحار من الدماء التي سالت والطاقات التي أستنزفت ودمرت وشجاعات الرجال اليمنيين الأبطال اللذ...
- ابناء حاشد " رهائن " عند " انصار الله " ( قالت مصار قبلية إن جماعة الحوثي المسلحة طلبت من مشايخ في حاشد تسليم رهائن من ابنائهم . وأكدت المصادر للأهالي نت أن جماعة الحوثي طلبت من مشايخ من قبيلة حاشد ...
- " القاعدة " ليست تنظيما لا شك ان تحديد طبيعة العدو الذي نواجه هو احد اهم عوامل الانتصار عليه , اذ انه في ضوء فهم وتحديد طبيعته يمكن وضع الخطوات السليمة والناجعة للمواجهة &n...
- اليمن تحت سيوف العشيره والمسيره وأصحاب البصيره المرصاد نت 1 - عدن على أعتاب صراع ثلاثي جنوبي جنوبي إماراتي مع الإنفصال وضد الإنفصال أبطاله الطغمه والزمرة ...الإمارات دخلت بأوامر ولن تخرج إلا بأوامر عندما ت...
- ذوباب .. والزحوفات الذهبية ! بقلم : علي جاحز المرصاد نت في مثل هذا اليوم قبل عام قال المهفوف محمد بن سلمان ان معركة تحرير تعز بالكامل بدأت وسيشرف عليها بنفسه .. طبعا تعز من المخا وذوباب غربا الى ماوية شر...
- بالمختصر المفيد.. عام الحسم البالستي بامتياز المرصاد نت (نحن أيضاً في مراحل الحسم يجب أن نشد العزم وأن نشحذ الهمم لمواجهة هذا التصعيد ويأتي بإذن الله تعالى تدشين عام الحسم من هنا من محافظة ذمار وإلى بقية...