المرصاد

كتب: عبدالباسط الحبيشي
لا ينظر إلينا العدو إلا كما ننظر نحن الى عملية طبخ العصيد، فتخيلوا بأن اليمنيين هم العصيد في القِدر، وتحالف دول العدوان هو العّصاد بالوكالة، والمكونات السياسية وسلطات الأمر بالقوة لاسيما الإنتقالي و "الشرعية" هم (المعصُد) او (المجحي) اي العصا التي تضرب العصيد! ويمكن القياس على ذلك نسبياً في بقية الدول العربية وبشكل واضح مايحدث في لبنان وسوريا ومصر وليبيا والسودان وتونس والجزائر والى حدٍ ما دول الخليج.
ولِمن لديه خِبره في العصد او قد رأى كيف تُطبخ العصيد لا شك انه سيُكَوِن فكرة عن ما سأقول. يتم خلط الدقيق بالماء وإضافة الملح ثم يبدأ التحريك والتقليب حتى يختلط الماء بالدقيق تماماً وبعد ذلك يتم وضع المكون الجديد على صفيح ساخن فوق النار، تُترك فترة قصيرة ثم تُضرب العصيد بقوة وفي كل الإتجاهات ،، ثم يتم إبعادها عن النار قليلاً وتثبيت الوعاء من كل جانب ويُهوى عليها بالعصا او بالعِصي لإشباعها ضرباً وخبطاً وتمتيناً ذهاباً واياباً وتقليبها في كل الإتجاهات ثم إعادتها على النار مرة اخرى ليتم ضربها وقلبها من جديد وهكذا.
ومن يراقب الأحداث في اليمن بشكل دقيق لابد وان يتذكر العصيد كونه يمُرُ بنفس المرحلة من العصد منذُ عقود طويلة ولم تنضج العصيد لتصبح صالحة للأكل والمرط او البلع او الزرط على عكس دول أخرى كالسعودية على سبيل المثال لا الحصر التي تم بلعها بسهولة في بداية القرن الماضي بكل ماعليها من بشر وثروات ومقدسات بما في ذلك الحرمين الشريفين اللذين يتم إدارتهما من الخارج.
يتم عصد اليمن كل هذه الْمُدَة لأنه عصيٌ على البلع والهضم. ولذلك لا تُثيرني ابداً مسرحية الشرعية/الإنتقالي التي تُبث من الرياض بكل مشاهدها الهزلية الرثة وغيرها الكثير من المسرحيات الهزلية القاتلة التي تؤدي الى مُر البكاء عندما ينتهي كل مشهد بسفك دماء اليمنيين. كما لا تثيرني تمثيليات بقية المكونات السياسية كالإصلاح والحوثيين وبقية اللقاء المُشترِك في المهزلة الدرامية الدموية الشاملة التي يقومون بتنفيذها. لأن سيناريو عصد اليمن بهذه المجاحي بهدف بلعهِ بات واضحا. وإلا ما أسهل إتفاق هذه المكونات على الثوابت والمشتركات الوطنية او إتاحة الفرصة لغيرهم للقيام بذلك، لكن المشكلة ان هذه المكونات ماهي إلا مجاحي او معاصد مهترئة بيد العصاد الوظيفي المتخلف الغليظ تُنفذ لعبة القوى الكبرى بكل دِقة وحرفية.
في تغريدة له في تويتر ذكر أحد الأصدقاء "متى يعاد لنا الاعتبار عشرين عام من التشرد والاغتراب وعندما سقط النظام اعتقدت ان الوقت قد حان لإعادة لنا الاعتبار ولكن للاسف اكتشف ان لصوص عفاش هم من يحكمون اليمن اليوم ويتم اعادة الاعتبار للجلادين وناهبي ثروة اليمن اما نحن سوف نظل دائما من ضحايا النظام ولافرق مابين الامس واليوم كلنا ضحايا الا انتم يا اولاد ال.......!!!؟"
صديقي هذا من المشردين المنفيين مثلي لأنه لم يكن يوماً تابعاً لأحد المعاصد او المجاحي التي تعصد البلاد المذكورة آنفاً ورغم تاريخه النضالي الطويل ليس فقط انه لم يتم رد له إعتباره وحسب بل انه فوق ذلك مُهدد ومطارد حتى وهو في الخارج وينتابه الحزن والأسى والإستغراب بنفس الوقت كلما رأى عودة أحد من ذلكم النفر الذين قضوا حياتهم يحاربون اليمن وقاموا بدعم العدوان والحصار عليه واشتركوا في عصده من صعدة الى سقطرى يراهم يعودون معززين مكرمين. فيتسائل كيف يكون ذلك؟ وماذا عني انا وأمثالي الذين إن قررنا العودة نُهَدد بالتصفية !!! بل أنه قد تم فصله من الجامعة بينما كان من يعمل ضد الوطن ويدعم العدوان من زملاءه صار رئيساً للوزراء .. فماالذي يحدث ؟ الذي يحدث ياصديقي هو انه قد صدر قرار العفو مراراً عن كل من شارك في تدمير الوطن لأنهم جميعاً زُملاء يشتركون في إطار لعبة واحدة بطريقة مباشرة او غير مباشرة، اما انت بطبيعتك مثل كل الأحرار الشرفاء لا تقبل بأن تكون مجحي أو معصُد يعصدوا بك اليمن لأنك تنتمي لكل ثوابته ومشتركاته الوطنية، ولو أنك كنت كذلك او تابع لأحدهم لرحبت بك الرياض او ابوظبي او غيرها ناهيك عن صنعاء او عدن، لذلك مُت يتيماً فأنت مرفوض.
المزيد في هذا القسم:
- السقوط .. مـآل الاغبياء ! بقلم : علي جاحز المرصاد نت من يقرأ التاريخ بعيون البصيرة والحكمة يستطيع ان يقرأ الواقع بعيون الوعي والخبرة ومن يتجاهل التاريخ ودروسه يسقط امام امتحان الواقع ومنعطفاته . لا ا...
- التراب المقدس يلتهم الغزاة ! بقلم : فيصل الهطفي المرصاد نت الأرض التي فاح عبيرها لاتقبل الرجس والدنس ﻻنها طاهرة فمن أراد أن يطأ ثراها يتعثر وتتلاطم أقدامه تجعل من غزاها طعامأ للوحوش والكلاب اليمن تعرف رج...
- اليمن .. والنظام العالمي الجديد ! بقلم : أ. عبد الباسط الحبيشي المرصاد نت مقدمة : قررت القوى المهيمنة على العالم بأن تعتمد نظام إقتصادي جديد وموحد ليتسنى لها إستغلال كل ثرواته المادية والبشرية من خلال تحويل أراضيه ومحيطا...
- 14 أكتوبر وبهجة الانتصارات! المرصاد نت يختلف الاحتفال هذا العام بثورة 14 أكتوبر عن كل الاحتفالات السابقة؛ فقد حلت الذكرى في ظل الانتصارات العظيمة والحاسمة، التي شكلت المنعطف التاريخي اله...
- العلامة محمد المنصور في ذمة الله تعالى ! بقلم :علي حسين علي حميدالدين . المرصاد نت قبل أيام غادرنا نور ليلتحق بالرفيق الأعلى . رحل العلامة محمد المنصور في ظل ظروف صعبة تمر بها اليمن ، كانت أحوج ماتكون اليه بلادنا في ظل تكالب قوى ...
- رساله للمجلس السياسي الأعلي ! بقلم : أ. نايف القانص* المرصاد نت -تحركات وتصريحات ولد الشيك عمر مريبه ومخادعة ولا تخدم الا العدو .-انه يمشي ضمن سيناريو سعودي أمريكي كلما تورط العدو وضعف امام ابطال الجيش واللجان ا...
- التعصب.. الطريق الأقصر إلى الهاوية جاءت الأديان السماوية لتنقذ روح الإنسان من الوقوع في براثن الإثم والتعصب ولتمنعه من العدوان على نفسه أولاً وعلى الآخرين الذين يشاركونه العيش في أرض واحد...
- قاموس خطابات السيد الحوثي .. من افرازات خطاب السيد عبدالملك الحوثي انه دمج في خطابه قيمة الاخلاق في الادبيات السياسية المعاصرة وهو احترام كرامة الحياة الانسانية وصعودها الي اعلي هرم القاموس...
- صنعاء التاريخ تقصف ! بقلم : محمد عايش المرصاد نت -أسسها في الأسطورة سام بن نوح بعد الطوفان-وجدت، في التاريخ، كمدينة مأهولة بالبشر منذ القرن الخامس قبل الميلاد..-حكمها السبئيون وجعلوا منها عاصمتهم و...
- في صنعاء.. ! بقلم : محمد خالد عنتر المرصاد نت في صنعاء.. يخرج الصعدي الى مطعم تعزي لتناول وجبة غداء وامامه على الطاولة الاخرى شبواني يشرب شاياً عدنياً ..في صنعاء ..يشمر الشافعي سواعده للصلاة في...