اليمنيون في جدل التاريخ والجغرافية

 

 

 كتب: قادري أحمد حيدر

 

اليمن عبر التاريخ تحولت إلى فكرة، وإلى قضية هوية جامعة في حالة صيرورة وطنية، يمنية صنعت في سياق الحركة التاريخية معنى الدولة كما تمظهرت في الممارسات المختلفة، في صورة دول وممالك تحكيها النقوش والآثار والأوابد التاريخية الماثلة أمام أعيننا في كل جغرافيا اليمن.

وهناك اليوم من يريدون عبثاً مصادرة واغتيال الفكرة، والتاريخ معاً، بمشاريع دويلاتهم المرسمة على مقاس مصالحهم الصغيرة التي تتوافق مع مصالح الداعمين لهم في الخارج، (المشاريع الاستعمارية الكبرى لتقسيم المنطقة)، في صورة دويلات مناطقية قروية قبلية، مذهبية/ طائفية.. إنها استراتيجية الفوضى غير الخلاقة المجدولة لنا من قبل بعض الخارج، والمطلوب منا تكريسها في واقع الممارسة. وهنا تكمن مشكلتهم الذاتية/ الخاصة (أصحاب المشاريع الصغيرة) التي معها نجد أنفسنا أمام جغرافيا تتخثر، وتاريخ يتبعثر، وبالنتيجة مبادئ وقيم كبرى تنهار.

إن حملة رأيةالمشاريع الفتنوية(القزمة كقامات البعض)، تتحرك وتسير في اتجاه معاند لحركة التاريخ، وللذاكرة التاريخية للشعب اليمني في الشمال والجنوب.

إن ما نسمعه ونطالعه ونشاهده في بعض التجليات المسرحية الهزلية (الدراماتيكية)، هو أن هناك من يحاول، وبدعم خارجي، إعادة ترسيم وتفصيل الجغرافية على مقاس مصالحهم الخاصة، بما فيه العبث الطفولي بالتاريخ، وبالذاكرة التاريخية لليمنيين، بوضعهم الجغرافية في حالة صدام وتناقض مع التاريخ، وهو قمة العبث والجهل بالتاريخ والجغرافية معاً.. والمحزن والمخجل معا،أن هناك من يسعى إلى تقسيم وبعثرت الديمغرافية اليمنية(الشعب)،إلى شعبين،لاغراض واهداف سياسية ٱنية،لخدمة مشاريع سياسية خارجية،لنجد انفسنا فجأة أمام شعب بدون هوية وطنية تاريخية في جزء من الوطن،بعد أن تم حصره وتأطيره في نطاق تسمية جغرافية(جنوب عربي)،وشعب ٱخر يسكن الضفة الٱخرى من الجغرافية،جعلوه وحده يحتكر الهوية اليمنية،وهذا ٱخر ما تفتق عنه العقل السياسي للبعض،بالعودة لتبني صيغة سياسية/ايديولوجية استعمارية،لإعادة تحديد معنى اليمن،والهوية التاريخية لليمنين .

الجغرافيا ليست خرائط، وطبوغرافيا، ليست احجاراً وودياناً وجبالاً، وليست مكانا للسكن فقط ، ولاهي أرض للبيع والشراء.

الجغرافيا كائن حي، لغة تقاوم، كل حرف فيها يتكلم بما كان في التاريخ، ذلك أن التاريخ لامعنى له بدونها.

الجغرافيا تحس وتتكلم وتغضب،"انتقام الجغرافيا"،وغضبها مزلزل لمن يتوهمون العبث بما تعنيه للناس : من كانوا، ومن يعيشون على ظهرها، ومن سيأتون من جوفها، ولا أقل من أن نسقيها بمهج القلب وبدم الروح القاني في عروقنا.

نختلف في السياسة، ونتفق، نتوحد، وننفصل، هذا شأن سياسي ،وهذا أمر طبيعي كما هو في كل التاريخ السياسي لنا كيمنيين وكما هو مع كل الشعوب الحية في العالم.. ولكن التاريخ والجغرافيا بقيا حصننا المنيع، هو من يوحدنا في لحظات تشرذمنا السياسي، ومن يدافع عنا في مراحل ضعفنا ، ويصحح أخطاء تجاربنا الفاشلة في إدارتنا للسياسة والسلطة.

إن أعتى الحكام الطغاة في التاريخ اليمني كله، بمن فيهم من استنجدوا واستعانوا بالأجنبي (الاستعمار) الحبشي، والفارسي، والعثماني، حتى من تواطؤوا لاحقا مع الاستعمار البريطاني، على أنهم في كل ذلك التاريخ الذي تخللته حروب لم تتوقف من أجل السياسة والسلطة والثروة، لم يتجرؤوا على العبث الطفولي بالتاريخ، ولم يخطر في بالهم وضع الجغرافيا في حالة حرب مع الإجتماع،ومع الثقافة، ومع التاريخ كانت لديهم خطوط حمراء.

حدد خياراتك السياسية كما تريد، وشكل النظام السياسي الذي تريده كما تشاء، ووفقاً للإرادة السياسية الحرة للناس في هذه المرحلة أو تلك، ولكن لا تلعب كالأطفال بخرائط الجغرافيا، وبالذاكرة التاريخية لليمنيين على مذبح المصالح العابرة في قطار السياسة المتغيرة.

الجغرافيا والتاريخ بقيا ثابتين جوهريين في حياة الشعب اليمني ، والمصالح السياسية هي المتغيرة، ذلك ما يعلمنا إياه التاريخ .

ونقطة على السطر.

المزيد في هذا القسم:

  • ثورة استراتيجية صحيح ان ما يجري في اليمن ثورة شعبية نقية صافية ضد نظام اهلك الحرث والنسل والانسان على مدى اكثر من ثلاثة عقود لكن الاحداث التي جرت قبلها وستجري بعدها هي احداث عم... كتبــوا
  • اسكندر رحلة الخلود! المرصاد نت ما إن أهدأ من حزنٍ حتى يداهمني حزن أشد وأعمق بموت صديق أو رفيق أو عزيز وكأن هذا الحزن يأبى أن يفارقنا.. ها هو الموت يداهمني من جديد ويفجعني بموت الص... كتبــوا
  • الإصلاح والأخرين ! لم يطرح اي طرف فاعل حتى هذه اللحظة مشروع استبعاد او استئصال الاصلاح من الشراكة الوطنية في السلطة او من اي اتفاق على طبيعة سلطة ما بعد شرعية المبادرة . لك... كتبــوا
  • سقطرى والمسخ الإماراتي المرصاد نت لعنة الله على شرعية تشرعن وتمهد الطريق أمام قوى الغزو والاحتلال لاحتلال أرضها وانتهاك سيادتها واستباحة أعراضها وتدمير كل مقدراتها .لعنة الله على كل... كتبــوا
  • أوجاع ..! المرصاد نت أنا لا أنتظر من هذا المجتمع أن يكون مثالياً بقدر ما أتمنى أن يكون طبيعياً فقط، لا يخاف الاختلاف ولا يخشى التفكير ولا ترعبه الحفلات الغنائية، ولا ترب... كتبــوا