
اكتشف الرئيس المؤقت والحكومة والأحزاب والإعلام الحكومي أن انتشار الأسلحة المتوسطة والثقيلة خطر على "مخرجات الحوار الوطني"!
ماذا لو لم تكن لدى السلطة مخرجات حوار؟
الاكتشاف المذهل لسلطة المبادرة الخليجية، سببه أن الحوثيين يعترضون على وثيقة ضمانات تنفيذ مخرجات الحوار، وهذه الضمانات هي مجرد تحايل على الشعب اليمني بالتمديد لكل الهيئات غير الشرعية في اليمن من الرئيس المؤقت إلى الحكومة إلى مجلس النواب ومجلس الشورى وهيئات السلطة المحلية، وكل اللجان والهيئات المنبثقة عن هذه السلطات الغاصبة للإرادة الشعبية.
لا غرابة في موقف الحوثيين فالتمديد لهذه الهيئات هو بمثابة إقصاء متعمد لهم، وهو "إقصاء حميد" يقوّض اسطورة "الإجماع الوطني"، ويساعد اليمنيين على فهم جوهر "المؤامرة" التي جرى تمريرها في موفنبيك ضدا على الآمال والتطلعات الشعبية.
يظهر الحوثيون أيضا ممانعة لمخطط تمزيق اليمن طبق معايير مذهبية ومناطقية إلى 6 دويلات لإفراغ مطالب الثورة الشبابية الشعبية في 2011 من مضامينها التقدمية، ولضرب "الحراك الجنوبي" في العمق من خلال إحداث صدع في الأرض التي يقف عليها بما يقسم الجنوب إلى شرق وغرب.
ليس من الواضح تماما دوافع رفض الحوثيين لمشروع هادي والمشترك التمزيقي. الحوثيون بشروا بالفدرالية، وانغمسوا كغيرهم في عروض موفنبيك البهلوانية. بل إنهم أسرفوا في تأييد "صناعة الإجماع" التي ازدهرت في موفنبيك وها هي تغرق اليمن بالدماء والجثث.
كان الحوثيون من المطالبين بفدرالية من "دولتين". وهم شاركوا في اجتماعات لجنة تحديد عدد الاقاليم التي قررت في ظرف أسبوع ما كان الرئيس المؤقت والإصلاح والمؤتمر الشعبي قد اتفقوا عليه سلفا؛ تقسيم الجمهورية اليمنية طبق معايير عصبوية تنسف ادعاءاتهم بالحرص على الوحدة اليمنية ومزاعمهم المفضوحة بالاستجابة إلى التحدي الجنوبي. رفض ممثل الجماعة التوقيع على قرار الرئيس المؤقت الذي تم تمريره عبر اللجنة التي اختار اعضاءها، بينما وقع ممثل الاشتراكي بضمير يقظ!
مؤخرا دعا عبدالملك الحوثي زعيم الجماعة إلى مراجعة التقسيم الاعتباطي، مشددا على ضرورة أن يكون أي تقسيم قائما على معايير علمية مدروسة.
***
الثابت أن وراء مخطط تمزيق اليمن باسم الفدرالية دوافع لأطراف دولية، بخاصة بريطانيا والولايات المتحدة الاميركية اللتان وقفتا بقوة خلف "رئيس مؤقت" لا يميل إلى اللعب خارج "الوظيفة" المقررة له خلاف سلفه الذي كان يعزف منفردا من وقت إلى آخر.
يتساكن مشروع التقسيم وتصورات نمطية غربية للعالم العربي لا ترى فيه إلا قبائل وطوائف تعتاش على الغزو وتقتتل على "المياه" و"الغنائم". كذلك هي اليمن في وثيقة "جمال بنعمر" وتلاميذه المنضبطين في "يمن" موفنبيك، شعوب وقبائل يتوجب ترسيم الحدود فيما بين مضاربها حتى لا تكون فتنة!
إلى هذا يتساوق التقسيم "العلمي" ومنهج المستعمر التقليدي للخليج والمشرق العربي، فهو يستحيي مشروع بريطانيا لتقسيم اليمن بين شمال وجنوب أولا. ثم، ثانيا، تقسيم الجنوب إلى محمية شرقية ومحمية غربية. وهو، ثالثا وأخيرا، يعتمد المنهج البريطاني في الفصل بين الموارد (المحتملة) والسكان. نظرة خاطفة إلى خريطة المستعمر الوطني متمثلا بـ"الرئيس المؤقت" وحلفائه الحزبيين في اليمن، والمستعمر الغازي متمثلا بـ"المبعوث الدولي" وسفيري "المستعمر التقليدي والمستعمر الجديد"، تكشف عن "عنصرية" عميقة وحقد دفين داخل وأسفل خطوط الطول والعرض المناطقية والطائفية للدويلات الـ6.
***
المشروع التمزيقي بات جاهزا بعد تمريره في موفنبيك في سياق حملة علاقات عامة استخدمت فيها كل "المحرمات"، من الإفساد وشراء الولاءات إلى القتل وقصف التجمعات السكانية. ولأنه مشروع غريب وشاذ فإن ارتدادات ومضاعفات عملية إقراره بدأت تظهر بشكل عفوي في غير مكان من اليمن. الواقع أن تقويض "الرابطة اليمنية" باسم الفدرالية وضدا على "فك الارتباط"، هو بمثابة فتح مناقصة على "الوطنية"، فبدلا من شمال _ جنوب، تتردد أصداء طالعة من كهوف "التاريخ" تتحدث عن "مطلع" و"منزل"، و"شوافع" و"زيود"، و"بدو" و"حضر". وبدلا من دولة يمنية تنتمي إلى العصر انغمس اليمنيون في تاريخ وحدود ممالك جنوب الجزيرة العربية الغابرة، التي لا تنطبق على التقسيم الاعتباطي العصبوي لنخبة "الخراب الوطني" رغم استعارته اسمائها.
***
صارت أسلحة الحوثيين عائقا يحول دون التنفيذ السلس لمشروع التمزيق، خصوصا بعد سلسلة من القفزات "الحوثية" باتجاه العاصمة بدءا من دماج في صعدة وصولا إلى همدان المتاخمة للعاصمة صنعاء.
في الموازاة تشيد "سلطة المبادرة" سياجا من الصمت حول "الحراك الجنوبي"، معتمدة حياله سياسة "الإنكار" بعد أن انتحلت صفة تمثيله في موفنبيك، وتواصل سياسة "التهوين" من خطر "القاعدة" بما هي الرابح الأول من "وصفة" موفنبيك لمداواة "المريض اليماني".
***
الشاهد أن "أسلحة الحوثيين" مشكلة كبرى.
لكن نزع هذه الأسلحة بالقوة من قبل سلطة غير شرعية ولا تتوافر على الرضا الشعبي، هو بمثابة التدشين للحرب الأهلية.
على سلطة الأمر الواقع إعادة ترتيب أولوياتها قبل أن تشطح باسم "سيادة القانون" و"احتكار الدولة لوسائل الإكراه المادي". والأولوية الآن هي في "الشرعية" الغائبة منذ 21 فبراير 2014.
حتى في ظل التراتبية الراهنة للأولويات فإن السؤال الماثل عند "حديث السلاح" هو: ما هو "المانع الشرعي" الذي يحول دون حظر حمل السلاح في العاصمة ذاتها، العاصمة التي أضحت غابة سلاح في ظل حكم خصوم الحوثيين؟
المزيد في هذا القسم:
- لماذا نشبت الحرائق في كاليفورنيا وتلتها نيويورك؟ كبرى ولايات المتحدة الأمريكية من حيث عدد السكان والحداثة والعلمانية والليبرالية والخفنشارية وعبادة الشيطان. اكبر ولايتين يتحكم بها الحزب الديمقراطي الذ...
- أربعة أعوام من الصمود ! المرصاد نت تأتي الذكرى الخامسة للعدوان والشعب اليمني يتمتع بكامل عنفوانه وصموده وهناك من المؤشرات ما يدل على أن هناك من التفكك والتشظي في بنية التحالف ما يدل ع...
- الحرب على «الربيع العربي»! المرصاد نت لا شيء من لا شيء كما يقول العلم ولكن التاريخ يبدأ من الأحداث الكبيرة والعناوين الرئيسية ولا يحتفي كثيراً بالجزئيات والتراكمات الكمية.ثورة الربيع ال...
- آل سعود بين طلاق أمريكا .. وغضب الشعوب العربية ! بقلم : صادق البهكلي المرصاد نت بكائية تركي الفيصل التي أرسلها لأوباما وهو يذكره بخدمتهم المطلقة طوال 80 عام بلهجة المتمنن أشبه بإمراءة بائنة طلقها زوجها دون أي سبب وهي تذكّره ...
- شراء الثقة المفقودة ! بقلم : محمد كوحلال المرصاد نت الهدف الخفي للزيارة : زيارة ابن سلمان إلى بلاد الأمريكان مجرد تقديم البيعة و الطاعة و الحصول على كرسي الأفضلية في واشنطن نكاية بغريمه السياسي ال...
- استهداف البنك المركزي ... تحويل اليمن إلى مقبرة جماعية ! بقلم : ابراهيم محمد الهمداني المرصاد نت لم يكتفِ تحالف العدوان الإرهابي العالمي بما اقترفه ويقترفه من جرائم ومجازر بحق المدنيين الأبرياء، ولم يخفف من وقع الهزائم النكراء التي يتلقاها...
- ذكرى مجزرة الكرامة : يحتفل النظام و يبكي القتلة !! بماذا يحتفل الاصلاح و علي محسن في ذكرى جمعة الكرامة ؟!!! .. هل يحتفلون بالذكرى الثالثة لنجاحهم في تنفيذ مجزرة جمعة الكرامة .. و تحقيق الهدف منها .. أم يحتفل...
- توحدوا في وجه العدوان فالحرب لا تزال مستمرة ! بقلم : محمد المقالح المرصاد نت المفاوضات مع العدو السعودي قبل ان يوقف حربه وحصاره وتحشيد مرتزقته كان خطاء استراتيجيا ونقل المفاوضات الى السعودية سيكون خطيئة كبرى وسيكون لها ان...
- الدوران في حلقات الدماء المفرغة! المرصاد نت الدوران في حلقات الدماء المفرغة خالد بحاح،حيدر ابوبكر العطاس،عبدالكريم دماج،عبدالله الصايدي،نبيلة الزبير،هالة القرشي،عبدالملك عبدالرحمن الارياني،ع...
- قيم العدالة بين المنامة والقاهرة وصنعاء ! بقلم : صلاح القرشي المرصاد نت الحكومة البحرينية أصدرت قرارا بسحب الجنسية البحرينية عن الشيخ عيسى قاسم أكبر مرجع اسلامي في البحرين كل هذا لأنه أيد الثورة الشعبية السلمية في ال...